تيكواج فيتر (*)
تُعَدُّ ثورة يناير بمثابة مرحلة انتقاليَّة في السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة نحو إقليمها الإفريقي، وقد بدأت العلاقات المصريَّة/الإفريقيَّة منذ العصر المصري القديم؛ حيث تبنَّت مصر سياساتٍ أفضت إلى تعاونٍ مصري/إفريقي في مجالاتٍ مختلفة؛ فالامتداد الأمني المصري جنوبًا (الأمن الجغرافي والأمن المائي) والأهمية الاستراتيجيَّة للقارَّة الإفريقيَّة، وما تبلور عنها في العهد الناصري من دورٍ متميز لمصر شكَّل لها مكانة إقليمية كبيرة في القارة؛ حيث دعَّمت حركات التحرُّر الوطني، وساندت الشعوب الإفريقيَّة في حقها في تقرير مصيرها؛ إذ قامت بتقديم الدعم العسكري والمالي والمعنوي، فاستخدمت الإذاعات الموجهة من أجل تحفيز الشعوب الإفريقيَّة للحصول على استقلالها وتحريرها من الاستعمار الأوروبي، وبحلول الستينيات بدأ هذا الدور في التراجع والانحسار؛ حيث فقدت مصر مكانتها الإقليمية في إفريقيا؛ بسبب انشغالها في شؤونها الداخلية، واستمر انحسار وتراجع الدور المصري في إفريقيا إلى أن قامت ثورة 25 يناير 2011م؛ حيث بدأت مصر في مراجعة سياساتها تجاه القارة الإفريقيَّة في أعقاب الثورة، خاصةً بعد أن استعادت أمنها واستقرارها الداخلي، وهو ما سيتم تناوله من خلال هذا التقرير.
أولاً: محددات السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا:
- محدِّدات داخليَّة:
يُعَدُّ الارتباط الحضاري والجغرافي والتاريخي واحدًا من أبرز المحدِّدَات الداخلية للسياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه محيطها الإفريقي، فعلى الرغم من أن جميع المؤشرات تؤكِّد على وجود تراجعٍ كبير أثَّر بشكلٍ كبيرٍ على الوجود المصريّ في إفريقيا، إلا أنَّ القيادة السياسية المصرية كانت تؤكِّد دائمًا على أهمية العلاقات المِصْريَّة الإفريقيَّة، وعلى المصير المشترك الذي يجمع بين مصر وبين الدول الإفريقيَّة، كما أكَّدت القيادة السياسيَّة المِصْريَّة والمتمثِّلة في الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاءاتٍ عديدةٍ على الانتماء الإفريقيّ الأصيل لمصر، بل إنَّ الأمر لم يتوقَّف على التصريحات السياسيَّة والإعلاميَّة للمسؤولين المصريين، وإنما امتدَّ ليصل إلى المواثيق القانونيَّة والدستوريَّة؛ حيث جاء الدستور المصري الجديد لعام 2014م ليدعم ويؤكد على الانتماء المصريّ لإفريقيا(1).
- محدِّدَات خارجيَّة:
تتمثَّل المحددات الخارجيَّة للسياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا في تغيرات البيئة الإقليميَّة والعالمية، وتأثير هذه التغيُّرات على السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة؛ حيث شهدت الفترة الناصرية دورًا قياديًّا لمصر في القارة الإفريقيَّة؛ فقد كان لمصر نصيبٌ كبيرٌ من المساهمة في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقيَّة التي تحوَّلت فيما بعد إلى الاتحاد الإفريقي، إلى جانب دورها في دعم الدول الإفريقيَّة من أجل أن تُحَقِّق استقلالها، كما قامت بتشكيل حركة عدم الانحياز التي ضمَّت دول العالم الثالث في مؤتمر باندونج عام 1955م، إلا أن هذا الدور تراجع بشكلٍ ملحوظ في فترة حكم الرئيس محمد أنور السادات؛ نتيجة لظروف الحرب والصراع مع إسرائيل وقتها، واستمر هذا التراجع طوال فترة حكم الرئيس محمد حسني مبارك(2).
ثانيًا: تطوُّر السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا:
– السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا قبل ثورة 25 يناير 2011م:
أ- فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر: تُعَدُّ هذه الفترة من أنشط فترات السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا؛ حيث اتخذت إفريقيا خلالها أهميةً بالغةً في الدوائر الرئيسية الثلاثة للسياسة الخارجيَّة المِصْريَّة؛ فقد كانت مصر خلال هذه الفترة المنبع المادي والمعنوي لانطلاق حركات التحرُّر الوطني في بعض الدول الإفريقيَّة؛ حيث كانت مصر تعتبر أن تحرير هذه الدول من الاستعمار الأوروبي بمثابة عملية استكمال لتحرير مصر(3) ، كما شاركت مصر بشكلٍ فعَّال خلال تلك الفترة في إنشاء منظمة الوحدة الإفريقيَّة باعتبارها إطارًا عامًّا وجامعًا للدول الإفريقيَّة، حتى إن القمة الأولى لمنظمة الوحدة الإفريقيَّة تم عقدها في القاهرة عام 1964م (4).
ب- فترة حكم الرئيس محمد أنور السادات: في بداية فترة حكمه استطاع أن يضمن تأييد الدول الإفريقيَّة لمصر إثر هزيمة 1967م، فقد تضامنت الدول الإفريقيَّة مع مصر، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، واستمرت هذه المقاطعة حتى وقَّعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل؛ حيث كان توقيع هذه المعاهدة أحد الأسباب التي أدَّت إلى تراجع العلاقات المِصْريَّة الإفريقيَّة، وبدأت مصر تضطلع بممارسة دَوْرٍ سلبيّ في القارة الإفريقيَّة، بل إنه كادت أن تخوض حروبًا بالوكالة في كلٍّ من إثيوبيا والكونغو وأنجولا في سبيل خدمة مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن انضمَّت إلى المعسكر الغربي في حين أن غالبية الدول الإفريقيَّة حينها كانت تتبع المعسكر الشرقي(5).
ج- فترة حكم الرئيس محمد حسني مبارك: في بداية فترة حكمه سعت مصر إلى الاتجاه نحو الدول الإفريقيَّة بعد أن كانت الدول العربية قد قامت بمقاطعتها إثر توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل تعويضًا لهذه المقاطعة(6) ، وبالفعل تمكَّنت مصر حينها من لعب دورٍ قياديّ إقليميًّا؛ من أبرزها: انتخاب مصر مرتين لرئاسة منظمة الوحدة الإفريقيَّة في عامي 1989 و1993م(7) ، كما اتجهت مصر لتقوية علاقاتها مع الدول الإفريقيَّة خلال تلك الفترة؛ من خلال توقيع عددٍ من اتفاقيات التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية(8) ، واستمر ذلك حتى محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1995م في أديس أبابا؛ حيث انحسر دور مصر في إفريقيا منذ ذلك الوقت وحتى قيام ثورة 25 يناير 2011م.
- السياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا بعد ثورة 25 يناير 2011م:
يمكن رَصْد جملة من التحركات المِصْريَّة وفقًا لسياستها الخارجيَّة تجاه القارة الإفريقيَّة بعد ثورة 25 يناير 2011م من خلال ثلاثة محاور رئيسية؛ وهي:
– محور سياسي:
في أعقاب قيام ثورة 25 يناير، وتحديدًا في 22 مايو 2015م شهدت مصر إقامة مؤتمر للحوار الوطني برعاية رئيس الوزراء السابق الدكتور/ عصام شرف، والذي تم خلاله التطرق إلى تناول علاقات مصر بالعالم الخارجي بعد الثورة بما فيها علاقاتها بمحيطها الإفريقي؛ حيث أكَّد على ضرورة اتخاذ الإجراءات التي تضمن وتحمي نصيب مصر من مياه النيل؛ من خلال آليَّات قانونية وتعاونية مع دول حوض النيل، وبناء فروع لجامعة القاهرة في الدول الإفريقيَّة، وتفعيل دور المؤسسات التعليمية وتهيئتها لتدريب الكوادر الإفريقيَّة، إلى جانب تعزيز العلاقات مع السودان وجنوب السودان نظرًا لأهميتهم الاستراتيجية للعمق الاستراتيجي المصري (9).
وبالفعل كانت هناك استجابة من القيادة المِصْريَّة؛ حيث تم إرسال عددٍ من الوفود شعبية من أجل تأكيد التوجُّه المصري الجديد بعد الثورة، والذي يقوم على إزالة التوترات، والعمل على توطيد العلاقات الطيبة بين مصر ودول حوض النيل، فاتجهت مصر جنوبًا في ثلاث زيارات لكلٍّ من أوغندا والسودان وإثيوبيا، ونجحت في إقناع أوغندا بتأجيل التصديق على اتفاقية عنتيبي، والمتعلقة بموضوع المياه إلى أن يتم انتخاب قيادة جديدة للبلاد، كما نجحت في التوصل إلى بعض الحلول المتعلقة بالنواحي الفنية لأزمة بناء سد النهضة من خلال تكوين لجنة ثلاثية تضم كلاً من مصر وإثيوبيا والسودان (10) ، إلا أنه مع تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة مصر وفي أعقاب زيارته إلى إثيوبيا التي اتضح خلالها تدهور العلاقات مرة أخرى بين مصر وإثيوبيا؛ حيث تم التغاضي عن المراسيم الرسمية المتبعة في استقبال الرؤساء؛ حيث كان في استقباله وزيرة التعدين الإثيوبي، وليس رئيس الدولة أو رئيس الوزراء، ثم إعلان البدء في بناء سد النهضة بعد انتهاء الزيارة مباشرةً (11) ، مما أكَّد على حدَّة توتر العلاقات بين البلدين خلال هذه الفترة.
وفي أعقاب تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي بعد 30 يونيو 2013م، استطاعت القيادة السياسية في مصر أن تعيد الأمور لنصابها ولو بصورة جزئية؛ من خلال القيام بعددٍ من الزيارات الرسمية، وإرسال وفودٍ مصرية رفيعة المستوى لتوضيح الصورة الحقيقية للواقع المصري، وما ترتَّب في الداخل المصري عقب 30 يونيو2013م؛ بحيث شملت هذه الزيارات العديد من الدول الإفريقيَّة، وهي (أوغندا، تنزانيا، إثيوبيا، كينيا، تشاد، نيجيريا، الجابون، غانا، السنغال، مالي، بوركينا فاسو، الكاميرون، سيشيل).
كما تضمنت العلاقات المِصْريَّة الإفريقيَّة في تلك الفترة عددًا من الزيارات المتبادلة على مستوى الرؤساء من وإلى كلٍّ من (السودان، جنوب السودان، غينيا الاستوائية، تشاد، إفريقيا الوسطى، إريتريا، جنوب إفريقيا، بوروندي، الصومال، الكنغو الديمقراطية، وتونس)، وقامت مصر بتأسيس وحدة للشؤون الإفريقيَّة داخل مجلس الوزراء كإطار مؤسَّسي للتنسيق بين المؤسسات المِصْريَّة الرسمية المعنية بالعلاقات الإفريقيَّة (12).
وبحلول عام 2014م، وإقرار الدستور الجديد، والذي يؤكد على الهوية الإفريقيَّة لمصر؛ حيث نصَّ في ديباجته على أن مصر هي رأس إفريقيا(13) ، وبالتالي اعتراف مصر بشكلٍ واضحٍ وصريح بهويتها الإفريقيَّة (14).
وشهدت علاقات مصر مع القارة الإفريقيَّة حركة نَشِطة مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر، فقد قام خلال الجولات الثلاث الأولى له بزيارة ثلاث دول إفريقيَّة هي (الجزائر، وغينيا الاستوائية، والسودان)، كما قام رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب بعددٍ من الجولات الإفريقيَّة على مستوى الحكومات الإفريقيَّة، والتي كان من أبرزها زيارته لإثيوبيا والتي عُقِدَتْ في إطارها القمة المِصْريَّة الإثيوبية على هامش القمة الإفريقيَّة، والتي تمخَّض عنها إصدار بيانٍ مشترك بين مصر وإثيوبيا بشأن ملف سدّ النهضة، والذي تضمَّن جملةً من المبادئ التي اتفقت الدولتان على الالتزام بها في هذا الشأن، والتي كان من أبرزها: التأكيد على وجوب احترام كلّ دولة لمصلحة الأخرى، والاستفادة المشتركة والمتبادلة بشأن استخدام مياه النيل (15).
– محور عسكري وأمني:
تُعَدُّ مصر واحدة من أكثر الدول مشاركةً بعدد قوات في بعثات حفظ السلام في القارة الإفريقيَّة؛ حيث تساهم وتشارك مصر بحوالي 2585 فردًا في منظمة الأمم المتحدة وبعثات حفظ السلام (16) ، وقد قامت مصر بعقد عددٍ من الدورات التدريبية التي شارك فيها 578 متدربًا من 30 دولة إفريقيَّة للتدريب على كيفية المشاركة في فضّ النزاعات وحفظ السلام في القارة الإفريقيَّة (17).
وتُعَدُّ مشاركة مصر في المنتدى الوزاري في كوبنهاجن واحدة من أبرز مشاركات مصر في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تخصُّ الشئون والأوضاع الأمنية في إفريقيَّة؛ حيث تناول هذا المؤتمر الأوضاع الأمنية في الصومال، وقامت مصر من خلاله بعرض خطة للتعاون وتحقيق الاستقرار في الصومال، كما أكَّدت مصر على أهمية تأمين الحدود في منطقتي الساحل والصحراء(18).
وبحلول عام 2017م شهدت مصر تطوُّرًا جديدًا في علاقاتها الخارجيَّة مع الدول الإفريقيَّة؛ تمثل في تقديم الدعم العسكري، وتصدير المعدات العسكرية لاثنين من الدول الإفريقيَّة هما تشاد والجابون، بالإضافة إلى الدعم الفني وإرسال عددٍ من الخبراء المصريين في المجال الأمني والعسكري إلى عددٍ من دول وسط وغرب إفريقيا، وبحث سُبُل وأُطُر التعاون العسكري مع الخرطوم (19).
– محور اقتصادي:
التبادل التجاري بين مصر والدول الإفريقيَّة: تراجع حجم النشاط التجاري بين مصر والدول الإفريقيَّة في أعقاب ثورة 25 يناير 2011م؛ ففي عام 2009م ارتفع حجم التبادل التجاري من 2.86% إلى 3.54%، وبحلول عام 2011م وصل حجم التبادل التجاري إلى 6.4%، إلا أنه تراجع مرةً أخرى بحول عام 2012م ليصل إلى 5.2% (20).
أما فيما يخصُّ الواردات المِصْريَّة من إفريقيا، فقد كانت منخفضة تمامًا خلال الفترة ما بين (2009-2012م)، وكان الاعتماد المصري على الدول الإفريقيَّة كمستورد لمنتجاتها بنسبة 1.5% فقط، وهو ما أدَّى إلى تراجع الميزان التجاري بين مصر وإفريقيا مسجلاً قيمة سالبة، تقدر بحوالي 6,523 مليون جنيه فقط (21).
ويُعَدُّ التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل ضعيفًا جدًّا، فقد بلغت الصادرات المِصْريَّة إلى دول حوض النيل 1.73% خلال عام 2011م بعد أن كانت 2.39% في الفترة السابقة لثورة 25 يناير، وبنهاية عام 2011م بلغت نسبة الواردات المِصْريَّة من دول حوض النيل 0.91% بعد أن كانت 0.96% عام 2009م، أي: أنها انخفضت بمعدل 0.05% (22) ، وبالنظر إلى ترتيب دول حوض النيل من حيث تبادل النشاط التجاري مع مصر يتضح أن السودان تقع في المرتبة الأولى، تليها كينيا وإثيوبيا على التوالي (23).
عضوية مصر في المنظمات الاقتصادية الإقليمية: تتمتع مصر بعضوية عدد من التكتلات الاقتصادية الإفريقيَّة، وقد قامت مصر بتوقيع عددٍ من الاتفاقيات التجارية الثنائية والجماعية؛ حيث شاركت في القمة العربية الإفريقيَّة المنعقدة في الكويت عام 2013م (24) ، وفي نفس العام قامت وزارة التجارة والصناعة المِصْريَّة بتوقيع اتفاقية للتعاون مع بنك التنمية الإفريقي؛ حيث تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الإفريقيَّة؛ من خلال مساندة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتبادل الخبرات بين مصر والدول الإفريقيَّة في إطارٍ من التكامل الإقليمي (25).
وفي ذات السياق شاركت مصر في قمة الكوميسا التي عُقِدَتْ في كينشاسا عام 2014م، وفي القمة الوزارية لتجمُّع الساحل والصحراء التي عُقِدَتْ بالخرطوم في ذات العام، كما شهدت شرم الشيخ في يونيو 2015م استضافة القمة الاقتصادية لثلاثة تكتلات اقتصادية إفريقيَّة، وهي الإياك والكوميسا والسادك (26) ؛ حيث كانت تهدف هذه القمة إلى تنفيذ عملية تحرير التعريفة الجمركية بين الدول الإفريقيَّة من 85 -100% عبر مرحلتين؛ تبدأ المرحلة الأولى “بخفض التعريفة الجمركية وإنشاء اتحادٍ جمركي مشترك، بينما تبدأ الثانية بتحرير التجارة في الخدمات وحقوق الملكية، وتشجيع المنافسة، ووضع أُسُس لتحقيق الاندماج بين التكتلات الثلاثة(27) .
– الاستثمارات المِصْريَّة في إفريقيا: تستثمر أكثر من 23 دولة إفريقيَّة في مصر، وقد قُدِّر حجم هذه الاستثمارات في عام 2011م بحوالي 93 مليون دولار (28) ، وفي المقابل يوجد العديد من الشركات المِصْريَّة التي تمارس أنشطة اقتصادية في الدول الإفريقيَّة، وتستثمر في المجالات المختلفة من أبرزها (29) :
شركة أوراسكوم تيليكوم، والتي تعمل في دولة زيمبابوي في مجال خدمات التليفون المحمول، وتسعى الشركة حاليًا إلى تأسيس فروع لها في كلٍ من مالي وغينيا الاستوائية.
شركة السويدي للكابلات، وقد بدأت الشركة نشاطها في إفريقيا عام 1999م، وهي تعمل في مجال الطاقة والكهرباء في كلٍّ من (غانا وزامبيا، وكينيا ونيجيريا، وسيراليون وأوغندا).
شركة المقاولون العرب والتي تعمل في إفريقيا منذ 1960م في مجال البناء والتشييد، والتي تمتلك مقراتٍ رئيسية في نيجيريا وغانا وبتسوانا.
شركة القلعة والتي تعمل في مجالاتٍ مختلفة ومتعدِّدة، ويُعَدُّ مشروع شبكة السكك الحديد القومية في كلٍّ من كينيا وأوغندا من أبرز إنجازات هذه الشركة.
خاتمة:
في إطار ما سبق، يتَّضح أن هناك وجودًا واضحًا للسياسة الخارجيَّة المِصْريَّة تجاه إفريقيا، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه السياسة لا تُشكِّل فاعليةً أو تأثيرًا ملموسًا على المصالح المِصْريَّة في إفريقيا، والتي من أبرزها وأهمها على الإطلاق: مصالح مصر المائية في دول حوض النيل، فقد جاءت ردود أفعال دول حوض النيل بشأن موقف مصر من اتفاقية عنتيبي، وأزمة بناء سدّ النهضة سلبية تمامًا، كما أن مصر تفتقر إلى التأييد الشعبي مِن قِبَل الشعوب الإفريقيَّة، وذلك على الرغم من الدور الكبير الذي تَضطلع به في مجال التعليم؛ حيث تُقَدِّم مصر الكثير من المِنَح الدراسية للوافدين من الدول الإفريقيَّة، والتي يمكن أن تكون واحدة من أكثر السياسات المِصْريَّة التي يمكن من خلالها تعزيز وتوسيع دائرة الدبلوماسية الشعبية لتشمل كافة الدول الإفريقيَّة، بدلاً من التركيز على دول حوض النيل، إلى جانب دعم المؤسسات والمراكز المتخصصة في الشأن الإفريقي؛ نظرًا لما تقوم به من دورٍ فعَّال في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الهُوِيَّة الإفريقيَّة لمصر.
ويمكن القول: إن توجيه الاهتمام بالتجارة مع الدول الإفريقيَّة، وتشجيع الاستثمار فيها بصورة أكبر وفقًا لمبدأ المصالح المتبادلة من شأنه تقوية العلاقات المِصْريَّة الإفريقيَّة، كما أن الوساطة المِصْريَّة في دعم عمليات التسوية السياسية في الدول الإفريقيَّة التي تشهد نزاعاتٍ وصراعاتٍ سياسية يمكن أن يكون له دورٌ إيجابيّ في استعادة مكانة مصر الإقليمية في إفريقيا؛ من خلال تصحيح المفاهيم والمدركات الخاطئة وبثّ خطاب إعلامي إيجابي يدعم العلاقات مع الدول الإفريقيَّة، ويمنحها ثقلاً شعبيًّا، بالإضافة إلى دعم المبادرات الشبابية، وتشجيع الاتحادات الطلابية في الجامعات المِصْريَّة المختلفة على الاحتكاك مع الطلاب الأفارقة وفتح مجالات للتعاون معهم.
الاحالات والهوامش:
(*) باحث ماجستير، معهد البحوث والدراسات الإفريقيَّة، جامعة القاهرة – جنوب السودان.
(1) صلاح الدين عبد الصادق، “العلاقات المصرية- الإفريقية عقب ثورة 30 يونيو”، في آفاق إفريقية، (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، المجلد 12، العدد 43، 2015م)، ص7.
(2) د. جمال محمد السيد الضلع، الدور المصري في إفريقيا المتغيرات والتهديدات، (القاهرة: المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية, 2016م)، ص2
(3) عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، “العلاقات المصرية-الإفريقية: الماضي والحاضر وآفاق المستقبل”، في آفاق إفريقية، ص ص 13-14.
(4) د. أيمن شبانة، “الدور المصري في إفريقيا الواقع الراهن وآليات التفعيل”, في د. نجلاء مكاوي (محرر)، واقع وآفاق علاقات مصر الإقليمية بعد 25 يناير، (القاهرة: مركز النيل للدراسات الاستراتيجية، الطبعة الأولى، 2012م)، ص ص100-101.
(5) المرجع السابق، ص 102.
(6)المرجع السابق، ص103.
(7) المرجع السابق نفسه.
(8) المرجع السابق، ص ص 103-105.
(9) نانيس عبد الرازق فهمي، “سياسة مصر الخارجية بعد ثورة 25 يناير وتأثيرها في محيطها الإفريقي” في آفاق إفريقية، (المجلد 10، العدد 35، 2012م)، ص ص 150-151.
(10) د. أيمن شبانة، مرجع سبق ذكره، ص ص141-142.
(11) د. مازن حسن، عودة الدولة تطور النظام السياسي في مصر بعد 30 يونيو، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، الطبعة الأولى، 2015م)، ص ص 51-66.
(12) صلاح الدين عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص ص 8-10.
(13) جمهورية مصر العربية، دستور مصر الصادر عام 2014م، الديباجة، ص 3.
(14) صلاح الدين عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص ص 7-8.
(15) د. مازن حسن، مرجع سبق ذكره، ص305.
(16) صلاح الدين عبد الصادق، مرجع سبق ذكره، ص 10.
(17)المرجع السابق، ص8.
(18) المرجع السابق، ص ص 20-21.
(19) د. أماني الطويل، حصاد جولة السيسي الإفريقية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية,20/08/2017م:
– http://acpss.ahram.org.eg/News/16378.aspx
(20) د. نهلة أحمد أبو العز، “العلاقات الاقتصادية بين مصر وإفريقيا 2012-2013م”، في د. صبحي قنصوه، د. نادية عبد الفتاح (محرر) التقرير الاستراتيجي الإفريقي 2012-2013م، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الإفريقية، مركز البحوث الإفريقية، جامعة القاهرة، الإصدار التاسع، يوليو2014م)، ص103.
(21) المرجع السابق، ص 104.
(22) المرجع السابق، ص107.
(23)المرجع السابق نفسه.
(24) د. أيمن شبانة، مرجع سبق ذكره، ص 9.
(25) د. نهلة أحمد أبو العز، مرجع سبق ذكره، ص114.
(26) د. أيمن شبانة، مرجع سبق ذكره، ص 9.
(27) دياب علي محمد علي، “تجربة مصر في تعزيز العلاقات الاقتصادية العربية الإفريقية في مجال التجارة والاستثمار”، (طرابلس: ورقة مقدمة إلى منتدى رفيع المستوى حول التعاون العربي الإفريقي في مجال التجارة والاستثمار “من أجل تعزيز الشراكة الاقتصادية العربية الإفريقية، وزارة التجارة والصناعة 25-26/9/2010م) ص33.
(28) المرجع السابق، ص 112.
(29) د. نهلة أحمد أبو العز، مرجع سبق ذكره، ص ص 110-111.