ثريا سليمان محمود (*)
تتميز منطقة القرن الإفريقي بموقع استراتيجي مهمّ جعلها محطَّ أنظار وتنافُس كثيرٍ من القُوَى الكبرى منذ فترات طويلة من الزمن، وفي الآونة الأخيرة حدث التفاتٌ عربيٌّ قويّ تجاه المنطقة، وبشكل خاص التفات دول الخليج، والذي جاء بعد اندلاع ما عُرِفَ باسم الثورة اليمنية، وما ترتَّب عليها من أحداث وبروز جماعة الحوثيين كجماعة مسلحة تُهدِّد الأمن الخليجي، خاصةً وأن اليمن تُعَدُّ منطقة نفوذ تابعة لدول الخليج، كما أنها حليف استراتيجي كبير ليس فقط لدول الخليج، وإنما أيضًا للدول الغربية الكبرى.
وبالتالي فإن ظهور الحوثيين ومن خلفهم إيران أدَّى إلى مزيد من التوتر في منطقة الخليج والقرن الإفريقي، أضف إلى ذلك الخلافات الخليجية/الخليجية، والتنافس الإماراتي/السعودي لتأمين المناطق البحرية، وتأمين حركة الملاحة البحرية، وقطع طرق الإمدادات الإيرانية على الحوثيين في اليمن عن طريق المزيد من التحالفات مع دول المنطقة، وإنشاء القواعد العسكرية، وما ترتب على ذلك من زيادة التنافس على المنطقة، والتي تعاني في الأساس من توترات داخلية مثل إريتريا وإثيوبيا، ومحاولة الصومال احتواء خلافاتها الداخلية والتخلُّص من تَبِعَات الخلافات القَبَلِيَّة التي استمرت طويلاً، وتوترات حدودية مثل التوتر الحدودي الأخير بين إريتريا والسودان من جهة، وإريتريا وإثيوبيا من جهة أخرى، أضف إلى ذلك سَحْب قطر قواتها من جزيرة دميرة المتنازع عليها بين إريتريا وجيبوتي على إثر دعم إريتريا وجيبوتي للسعودية والإمارات في خلافها مع قطر.
أولاً: النطاق المكاني لمنطقة القرن الإفريقي
“تتعدد الاتجاهات التي يتم من خلالها تحديد النطاق المكاني لمنطقة القرن الإفريقي، ويمكن تلخصيها في ثلاثة اتجاهات؛ يرتبط كلٌّ منها بمجال من مجالات العلم المختلفة، فبالنسبة إلى علماء الأنثروبولوجيا، يُحدَّد القرن الإفريقي بالأرض التي تعيش عليها القبائل الصومالية بعشائرها المختلفة، ومِنْ ثَمَّ تصبح المنطقة المذكورة محصورة في الصومال وجيبوتي؛ حيث تعيش قبائل العيسى، والجزء الغربي من إثيوبيا (إقليم أوجادين)، وأقصى شمال كينيا (إقليم الحدود الشمالية)، حيث تعيش قبائل الدارود، وكلتاهما من القبائل الصومالية الكبيرة، أما جغرافيًّا فهي تمثل 8 دول؛ إريتريا، إثيوبيا، جيبوتي، السودان، الصومال، كينيا، أوغندا، وجنوب السودان(1).
“أما من الناحية الجيواستراتيجية فهذه المنطقة (منطقة القرن الإفريقي) هي التي تمتدُّ شرقًا عبر مضيق باب المندب لتضمَّ اليمن، ويعود سبب إدراج اليمن ضمن نطاق القرن الإفريقي هو تأثره بأحداث المنطقة وتأثيره فيها (الصراع في الصومال، انفصال جنوب السودان، الحروب بين إريتريا وإثيوبيا، تدفق السلاح واللاجئين) فضلاً عما يعانيه اليمن نفسه من تفجر أمني وحركة تغيير سياسي جاءت ضمن موجة التغيير والإصلاح التي تجتاح المنطقة العربية، وتراجع اقتصادي ونزاع ذي طابع قبلي ومذهبي ومناطقية، له أبعاد إقليمية ودولية؛ حيث استوجب تدخلاً واضحًا من إيران والسعودية لا سيما في ما يتعلق بالتحرك الحوثي، علاوةً على ما يعانيه اليمن من حراك جنوبي ونشاط تنظيم القاعدة الممتد إلى الصومال وجواره، إضافةً إلى التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر تحت شعار مكافحة الإرهاب(2).
وبناءً على ما سبق، سيتم من خلال هذا التقرير تناول منطقة القرن الإفريقي من المنظور الجيواستراتيجي، وبالتالي سيتم النظر إلى اليمن باعتبارها جزءًا من منطقة القرن الإفريقي.
ثانيًا: الأهمية الجيواستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي:
تُعَدُّ منطقة القرن الإفريقي من أهم المناطق الاستراتيجية في القارة الإفريقية وجنوب غرب الجزيرة العربية، وذلك لاعتبارات عديدةٍ يأتي في مقدمتها الارتباط الوثيق بين هذه المنطقة وما يدور فيها ومدى استقرارها والبحر الأحمر والبحر العربي والدول المطلة عليهما، لا سيّما مصر، والمملكة العربية السعودية، وبلدان الخليج العربي، وقد ازدادت أهمية المنطقة مع اكتشاف النفط في الخليج العربي وإيران والعراق وشبه الجزيرة العربية، الأمر الذي جعل الجزء الجنوبي من البحر الأحمر والقرن الإفريقي موضوعًا للتنافس أو الصرع الدولي، ومحلَّ اهتمامٍ دائمٍ ومستمرٍ من القوى الدولية(3).
وتطل منطقة القرن الإفريقي على البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، كما يقع قريبًا من الخليج العربي بضفتيه العربية والإيرانية، ومن ثمَّ فهي ملتقى الطرق البحرية التي تربط بين شرق إفريقيا والجزيرة العربية وإيران والهند وجنوب شرق آسيا، وجميعها مناطق تجارية نشطة وغنية بمصادر الطاقة وبالموارد الطبيعية المهمة(4).
ومن ناحيةٍ أخرى، تتميز هذه المنطقة بأنها تُشْرِف على موقعين استراتيجيين مهمين يؤثران في المصالح الدولية تأثيرًا كبيرًا؛ مضيق باب المندب والذي يمثل المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، ومضيق هرمز الذي يمثل بوابة الخليج العربي، وينحصر باب المندب بين جيبوتي وجنوب غرب اليمن، ويصل عرضه في هذه المنطقة إلى نحو 18 ميلاً، بينما يصل أقصى اتساع له 190 ميلاً بين مينائي مُصوع في إريتريا وجيزان في السعودية، ويعتبر مضيق باب المندب والجزر الكثيرة المنتشرة شمالاً ميزة دفاعية للدول المطلة عليه، ويشكل البحر الأحمر المنفذ إلى البحر المتوسط، وذلك من خلال قناة السويس في مصر، كما أنه يُعتبر الشريان الرئيسي للتجارة الدولية ونقل النفط من الشرق الأوسط إلى الدول الغربية في أوروبا وأمريكا(5) ، لذا فقد أصبح القرن الإفريقي خلال السنوات العشر الماضية أكبر منطقة تحتضن قواعد عسكرية أجنبية في العالم؛ إذ تحتضن المنطقة قواعد عسكرية لقوى دولية وإقليمية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، الصين، المملكة العربية السعودية، وأخيرًا الإمارات العربية المتحدة(6).
ثالثًا: الاستثمارات العربية في إفريقيا:
تتمتع القارة الإفريقية بموارد اقتصادية كبيرة ومتنوِّعَة؛ طاقة، مواد خام، تربة صالحة للزراعة، ثروات معدنية وطبيعية، بالإضافة إلى الموارد البشرية وغيرها، وفي هذا الإطار سيتم التطرق إلى العلاقات الاقتصادية /العربية بشكلٍ عامّ، ثم الاستثمارات الخليجية في القرن الإفريقي بشكلٍ خاصّ، وترجع فكرة التعاون العربي /الإفريقي إلى القمة الأولى التي جمعت قادة الدول العربية والإفريقية في القاهرة عام (1977م)؛ حيث انطلقت القمة بتقديم المساعدات العربية في مجالات التنمية للدول الإفريقية، ثم تطورت إلى تعاونٍ مشترك في المجالات التجارية والاستثمارية، وأُنشئت خلال فترة السبعينيات العديد من الصناديق العربية التي تدعم مجال التنمية في القارة الإفريقية، وللتعاون العربي /الإفريقي جوانب عدة؛ منها ما هو ثنائي فيما بين دول المجموعتين، ومنها ما هو في شكل تعاونٍ إنمائي يتم من خلال مؤسسات التمويل العربي الإنمائي.
فرص الاستثمار في الدول الإفريقية:
أدخلت العديد من الدول الإفريقية إصلاحاتٍ في نظامها الإداري والقانوني بهدف توفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات، فوفقًا لتقرير”Doing Business 2009” الذي يصدر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية(FIC) قامت 28 دولة في إفريقيا بإدخال 58 عملية إصلاحية خلال عام 2007/2008م؛ حيث صُنِّفَتْ ثلاث دول إفريقية ضمن العشرة دول الأولى في العالم التي أدخلت إصلاحات لتشجيع الاستثمارات خلال العام المذكور، وهذه الدول هي السنغال وبوركينا فاسو وبوتسوانا، وتزايدت الإصلاحات أيضًا من دول خارجة من الحرب الأهلية مثل رواندا وسيراليون وليبيريا، واحتلت موريشيوس المرتبة 24 في قائمة الدول المُصنَّفة في العالم وفق معيار توفير التسهيلات المشجِّعَة للاستثمار، وهي في رأس القائمة على المستوى الإفريقي.
ومن بين الإصلاحات التي تم إدخالها وتبنَّتها العديد من الدول الإفريقية، عملية تسريع إجراءات إنشاء الشركات الاستثمارية بأحجامها المختلفة، بالإضافة إلى تخفيض رسوم تكاليف الواردات والصادرات، إلى جانب إصلاحات أخرى مهمة في مجالات حماية حقوق الملكية وحرية تحويل رؤوس الأموال ورفع القيود على الصرف الأجنبي، وتخفيف النُّظُم الضريبية، وعلى الرغم من تلك الإصلاحات الاقتصاديَّة والسياسيَّة، إلا أن الاستثمار العربي في إفريقيا لم يشهد النموَّ المنشود، على العكس من الدول الصاعدة مثل الصين والهند، والدول ذات النفوذ التاريخي في القارة مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث هناك حالة من التنافس بينهم على الاستثمار في القارة، وفي دراسة أعدها المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا حول سُبُل تشجيع الاستثمار العربي في القارة الإفريقية، اقتُرِحَتْ استراتيجية عربية قائمة على المحاور التالية(7):
أ- الاستثمارات التكامليَّة بين الدول العربية والإفريقية في قطاعات الإنتاج الزراعي؛ بما فيها توفير الموارد المائية الضرورية، والبنية التحتية المصاحبة لهذا الإنتاج، على أن تساعد هذه الاستثمارات على المشاركة في ضمان الأمن الغذائي العربي والإفريقي إلى جانب الاستثمارات الإفريقية المماثلة في الدول العربية.
ب- الاستثمارات الإنتاجية الأخرى في قطاعات البترول والتعدين والسياحة التي تسمح بوضع التجربة العربية في خدمة التنمية الإفريقية.
ج- الاستثمارات الداعمة في إطار شراكة نافعة للطرفين في البنى التحتية، ووسائل الاتصال والنقل والكهرباء، والتعليم والصحة؛ بحيث تسمح هذه الاستثمارات بمساعدة الدول الإفريقية على بناء القواعد الضرورية لجلب الاستثمار، وتحقيق عائد مالي مناسب.
وقد تزايدت الاستثمارات الخليجية بشكلٍ كبير خاصةً الاستثمارات الإماراتية في مجالات البنية التحتية والعقارات وقطاعات الضيافة، والنقل والاتصالات في منطقة القرن الإفريقي، فقد حصلت موانئ دبي العالمية على امتيازات لإدارة سلسلة من الموانئ تحت سيطرة الحكومة الوطنية في جيبوتي، وبوصاصو في بونتلاند بالصومال، وكيسمايو التابع لسلطة جوبالاند المؤقتة، وفي الآونة الأخيرة في باراوي جنوب الصومال، كما يقدم صندوق أبو ظبي للتنمية قروضًا ومِنَحًا لتمويل مشاريع البنية التحتية في الصومال وكينيا، كما أن كينيا تستورد من الإمارات الجزء الأكبر من احتياجها من النفط، وفي المقابل تُصَدِّر كينيا إلى الإمارات بعض المنتجات مثل القهوة والشاي والمنسوجات.
وبما أن الأمن الغذائي قد أصبح عنصرًا رئيسًا في الاستراتيجية الإقليمية الخليجية، فإن الأخيرة تقوم بشراء الأراضي الزراعية في القرن الإفريقي عن طريق صناديق الثروة السيادية التابعة للدول الخليجية، لذا فقد اهتمَّت السعودية منذ فترةٍ طويلةٍ بإثيوبيا، وهي دولة تتمتَّع بمقومات الاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني، أما قَطَر فتعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الواردات الغذائية، لذلك فقد قامت مؤخرًا بتوقيع عقد قيمته مليار دولار لدعم الخطط التي تقوم بها مجموعة الحصاد الغذائية في الدوحة بهدف زراعة عشرين ألف هكتار في شمال السودان.
رابعًا: أثر الأزمة الخليجية على استقرار منطقة القرن الإفريقي:
أدَّت الازمة الخليجية بين السعودية، والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، إلى ممارسة حالة من الضغط على الحكومات في منطقة القرن الإفريقي لتأييد إحدى الطرفين في الأزمة، الأمر الذي أدَّى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة التي تعاني أساسًا من عدم الاستقرار السياسي وبروز الانقسامات من جديد، مثل التوتر الحدودي بين جيبوتي وإريتريا؛ حيث تمَّ سحب المراقبين المشرفين على وقف إطلاق النار في جزيرة دميرة على البحر الأحمر؛ احتجاجًا على دعم البلدين لخصوم قطر في الخليج، وسارعت إريتريا بنشر قواتها على الجزيرة للسيطرة عليها، وهو ما يُنْذِر بإمكانية نشوب نزاعٍ مسلَّحٍ، ومن المرجَّح أن تتدخل إثيوبيا في هذا النزاع باعتبارها أحد الحلفاء الرئيسيين لجيبوتي.
ومن جهةٍ أخرى صرَّح رئيس الوزراء الإثيوبي السابق (هيلا ميريام ديسيلين) عن قلقه إزاء استمرار الأزمة في الخليج، مؤكدًا على أنه “يجب أن يتمَّ حَلُّ هذه الأزمة على وَجْه السرعة، وإلا فإنه من الممكن لها أن تزعزع الاستقرار في المنطقة، مما يسمح لإريتريا بأن تغتنم هذه الفرصة لتعزيز قدراتها العسكرية، وبالنسبة لصومال، فحتى وقتٍ قريب كانت السعودية ومصر أبرز اللاعبين والمتنافسين في الصومال، أما الآن فقد ظهرت قطر والإمارات على الساحة الصومالية، وهذه القوى تدعم السياسيين الصوماليين المتنافسين مما يُعَزِّز من ثقافة التبعية فيه.
أما المكاسب التي حققتها جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) التي انفصلت عن الصومال بعد انهياره عام 1991م من جرّاء الحرب في اليمن والأزمة الخليجية؛ فهي تعزيز أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ فقد حصلت على مجموعة من الصفقات العسكرية والتجارية وصفقات البنية التحتية مع الإمارات(8).
خاتمة:
تعتمد السياسة الخارجية للدول العربية في منطقة القرن الإفريقي بشكلٍ كبير على محددات سياسية واقتصادية وأمنية؛ حيث تعتمد السياسة الاقتصادية إلى حدٍّ كبير على الاستثمارات الكبيرة ذات الربح العالي والسريع، وأغلب الدول التي تتبع هذا النوع من الاستثمار أو على الاستثمارات ذات الطابع الخدمي هي الدول الخليجية، وعلى العكس من ذلك الاستثمارات الإيرانية المنتشرة في كثير من المجالات؛ منها الصحة والتعليم، والبنية التحتية، والطاقة والإسكان، وغيرها، ويتميز الوجود الإيراني بخطة اقتصادية واضحة المعالم على العكس من الدول العربية التي تعمل بشكل فردي في منطقة القرن الإفريقي بشكلٍ خاصّ، وعلى نطاق القارة كلها بشكلٍ عامّ وفق ما تقتضيه مصلحة كل دولة.
أما في المجال الأمني، فقد اتَّجَهت الدول الخليجية نحو الدول الساحليَّة في منطقة القرن الإفريقي على إثر الأزمة في اليمن ومن بعدها “عاصفة الحزم” لتـأمين منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب ولقطع الطريق على الإمدادات الإيرانية لجماعة الحوثيين في اليمن عن طريق بناء قواعد عسكرية في دول القرن الإفريقي، وما ترتب على وجود هذه القواعد من انتهاك لبعض حقوق المواطنين في تلك المناطق، فعلى سبيل المثال الانتهاكات الإماراتية لحقوق المواطنين في إريتريا، والتي بدأت مع إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية في ميناء عصب الإرتيري، وقد تمَّ مناقشة تلك الانتهاكات في ندوة عُقِدَتْ على هامش الدورة السابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي استؤنفت أعماله في 26 فبراير 2018م.
وشملت هذه الانتهاكات إغراق سفن الصيد، وتجريف مناطق واسعة من الشاطئ وإخلائها من سكانها، واستهداف المدنيين، بالإضافة إلى منع المواطنين من ممارسة الصيد، والعمل على استخراج الملح من الأحواض في تلك المنطقة، والتي تعود ملكيتها إلى المواطنين.
أضف إلى ذلك عسكرة المنطقة، وتزايد الاحتقان المتزايد بين الدول المتجاورة؛ مثل إريتريا وجيبوتي، وإثيوبيا والسودان، والتي تصاعدت على إثر الخلاف الخليجي /الخليجي، إلى جانب الضغط الشعبي داخليًّا، والدولي خارجيًّا من جانب الإمارات والسعودية وقطر على الصومال لتبنِّي موقف واضح وصريح، والانحياز لأحد الأطراف الخليجية، وهو ما أدَّى إلى مزيد من التوتر والانقسام الداخلي، خاصةً وأن السعودية تهدِّد بوقف الدعم المباشر للميزانية العامة، وهو ما من شأنه إلحاق ضرر كبير بالحكومة الصومالية (9).
وبالتالي؛ فإن على الدول العربية أن تتواجد بشكل تعاوني، وفي إطار مؤسسي لا تنافسي، أو حتى العمل بشكل منفرد لتحقيق أهدافها في منطقة القرن الإفريقي والقارة الإفريقية بشكلٍ عام، وهو ما يعني المزيد من الاستثمار في الموارد البشرية الإفريقية؛ من خلال التعليم والصحة، وإنشاء المراكز الثقافية العربية، خاصةً وأن منطقة القرن الإفريقي تأثرت منذ القدم بالهجرات العربية القادمة من الجزيرة العربية، وأيضًا بهجرة المسلمين إلى أرض الحبشة، كما أنه على الدول العربية الاهتمام بالجانب الدبلوماسي والثقافي والاقتصادي بصورة أكبر من الجانب الأمني؛ لأن ذلك سيعزِّز من طبيعة العلاقات العربية /الإفريقية، وجديرٌ بالذِّكْر أن مصر كانت هي رائدة العمل الثقافي والدبلوماسي في إفريقيا في فترة الستينيات، ولكن هذا الدَّوْر تراجَع في فتراتٍ لاحقة، فقد كان لمصر 18 مركزًا ثقافيًّا في الستينيات ثم انخفض هذا العدد تدريجيًّا إلى أن وصل إلى ثلاثة مراكز فقط على مستوى القارة، ويُعَوَّلُ كثيرًا على الدبلوماسية المصرية لإحداث توازن وتواجد عربي في إفريقيا يعود بثمار إيجابية للطرفين.
الإحالات والهوامش:
(*) باحثة أريترية – ماجستير كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة.
(1) صبحي عسيلة، “اليمن: دوافع التوجه نحو القرن الإفريقي”، في السياسة الدولية، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية، العدد 137، 1999م)، ص 18.
(2) عبد السلام بغدادي، “التحديات والإشكاليات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه القرن الإفريقي وشرق إفريقيا” في أحمد الأصبحي (وآخرون)، القرن الإفريقي وشرق إفريقيا: الواقع والمستقبل، في شهرية الشرق الأوسط، (عمان : مركز دراسات الشرق الأوسط، 2010م)، ص 12.
(3) صبحي عسيلة، مرجع سبق ذكره، ص 18.
(4) د. إجلال رأفت، “تقاطع المصالح القومية للدول العربية المُطلة على البحر الأحمر ودول القرن الإفريقي”، العرب والقرن الإفريقي جدلية الجوار والانتماء، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013م).
(5) طارق عبد الله الحروي، “مستقبل السياسة الإثيوبية في منطقة القرن الإفريقي”، (القاهرة: صوت القلم العربي، 2009م).
(6) د. حمدي عبد الرحمن، “سباق القواعد العسكرية في القرن الإفريقي: الفرص والمخاطر الأمنية بالنسبة لمصر”، في السياسة الدولية، (العدد 211، 2018م)، ص 122.
(7) المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا “دراسة حول سُبُل تشجيع الاستثمار العربي في إفريقيا”، موجودة في الرابط أدناه:
– http://www.badea.org/Portal/Document_Repository/125/3_investstudy–
(8) Rashid Abdi “A Dangerous Gulf in the Horn: How the Inter-Arab Crisis is Fuelling Regional Tensions” )International crisis group ,3 August 2017), p.
(9) ندوة في الأمم المتحدة بجنيف تسلط الضوء على انتهاكات الإمارات لحقوق الإنسان في إريتريا، “التلغراف العربية، موجودة على الرابط أدناه: http://arabictelegraph.net/2018/03/03/