حركة الشباب المجاهدين هي احدي الفصائل الصومالية المسلحة التي وسعت سيطرتها علي مناطق كثيرة من الصومال، قبل أن تنسحب منها نتيجة هجمات قوات حفظ السلام المتركزة في مناطق كثيرة من الصومال.
لا يوجد تاريخ دقيق لتأسيس هذه الحركة إلا أن تقاريرا سرية تشير إلى أن التأسيس كان في عام 2001 وأسس أول مركز تدريب لهم في 2002 م وهو معسكر صلاح الدين الذي انشأ على انقاض مقبرة الإيطاليين في مقديشو واتخذوه مركزا للتدريب والتجنيد.
كما أن هناك خلافًا لدى المحللين بخصوص المؤسس الحقيقي للحركة، لكن كثير من المراقبين يشيرون إلى أن مؤسس الحركة هو أحمد عبد (غودني) المعروف بـ(مختار أبو الزبير) .
لقد ظهر نجم حركة الشباب عام 2006 إثر سقوط المحاكم الإسلامية وانتشر اسمها في ذلك الوقت بعد أن تداولته وكالات الأنباء والصحف الدولية، واحتلت مكان الصدارة في الأخبار التي تتناول تطورات الأحداث في الصومال، فعرفها الجميع على أنها حركة “مقاومة” انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية لتكافح الاحتلال الإثيوبي الذي غزا الصومال في نهاية عام ٢٠٠٦، بعد رفضها الانضمام إلى تحالف إعادة تحرير الصومال الذي تم تشكيله في أسمرة العاصمة الإيريترية، متهمة المحاكم الاسلامية بالانحراف عن المنهج الإسلامي الصحيح وضمَّت بين صفوفها علمانيين.
ضمت الحركة مع بداية تأسيسها أعضاء حاليين وسابقين من تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا، وحظي المحاربون القدامى من أفغانستان بامتيازات في داخل الحركة بناء على علاقاتهم القديمة بتنظيم القاعدة، لتكون هذه هي بداية العلاقة بين الحركة والتنظيم.
وتتمتع الحركة بقوة تنظيمية بين أفرادها، وبالحفاظ أيضًا على التسلسل الهرمي للإدارة، رغم الصفعة الشديدة التي تلقتها مؤخرًا والمتمثلة بمقتل زعيمها في الأول من سبتمبر عام 2014.
لا يقتصر تهديد حركة الشاب على الصومال، والمساعي الدولية لإعادة بناء الدولة الصومالية عن طريق استهداف المسؤولين الحكومين، وزرع عبوات ناسفة لها، وشنِّ هجمات على المرافق الحكومية، وانما تشكِّل خطرًا متزايدا على دول شرق افريقيا وخصوصا كينيا المجاورة للصومال، وتحاول الحركة بشكل اساسي استهداف قطاع السياحة في كينيا واستنزاف اقتصادها ، باعتبار ان أغلب العمليات المسلحة التي شهدتها كينيا كان تستهدف السياح الأجانب والمناطق السياحية، كما تؤدي هذه العمليات إلى توجيه مخصصات أكبر لأغراض الأمن والدفاع بما يمثل استقطاعًا من الموارد التي يمكن توجيهها نحو أغراض تنموية أخرى.
نظرة علي مستقبل الحركة.
تباينت آراء المراقبين حول تأثير الضغوط العسكرية التي تواجهها حركة “الشباب المجاهدين” الصومالية على أنشطة الحركة في جنوب البلاد، ففيما ذهب بعضهم إلى أن الضغوطات العسكرية التي تجابهها الحركة، قد تضطرها إلى الانتقال من الجنوب إلى الشمال، وبالتحديد في المناطق الجبلية في بونتلاند، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أنصارها وللحفاظ على قوتها العسكرية.
رأى آخرون أن حركة الشباب ستبقى في جنوب البلاد، ولكن بعيدا عن أنظار القوات الأثيوبية والإفريقية، حيث من الممكن أن تتخذ القرى النائية والمدن البعيدة مراكز عسكرية لها، بدلاً من المدن الكبيرة، وذلك لتقليل مخاطر الغزو العسكري التي تواجهها، وحتى تتمكن من إعادة ترتيب صفوفها بشكل تدريجي.
ويرى خبراء عسكريون أنه هذه الفترة ستعجل نهاية حقبة التيار المسلح في الصومال، الذي خاض، ربع قرن، حروباً مع الداخل والخارج، فأية نهاية حتمية لحركة الشباب ستؤدي إلى إنهيار رأس جبل الجليد للمسلحين في المنطقة. كما أن الحكومة الصومالية تتمتع، حالياً، برصيد عسكري وافر بعد الضربة الأميركية، فهي المستفيدة الأكبر في الصراع، وتتحكم حالياً، أكثر من أي وقت مضى، بمصير حركة الشباب ومستقبلها، فلو وظفت سياستها وقوتها العسكرية، ستنهي وجود حركة الشباب، ميدانياً وعسكرياً، أما إذا لم توظف الحكومة عنصر الدبلوماسية في تفتيت قوة الحركة، فستواجه ولادة جديدة للحركة، وخصوصاً إذا أتيحت لها فرصة التشكل من جديد.
وفي ما يتعلق بإمكانية القائد الجديد على سيطرة خيوط التنظيم وكبت جماح المتمردين في داخل الحركة فيتوقع أن تكون لديه القدرة في تحقيق ذلك، بسبب الصفات المشتركة بينه وبين سلفه “غوداني” فكلٌّ منهما انطوائي وقليل الحديث، وقلما يختلطان بأعضاء الحركة، ويتسمان بالإقصاء في مواجهة الخصم، ومع ذلك فإن هناك صفات كان ينفرد بها “غوداني” ولا يتمتع بها “أبو عبيدة” (الأمير الحالي للحركة) ما يجعل الأخير أمام اختبار حقيقي في المرحلة القادمة. فعلى المستوى التعليمي فإن القائد الجديد ليس لديه أدني شهادة علمية لا في المجال الديني ولا المادي. وحتى الآن فإن ما يعرف عنه أنه كان في السابق معلما في خلوة الهدى لتحفيظ القرآن في مدينة كسمايو، في حين أن سلفه “غوداني” حاصل على شهادة الماجستير في المحاسبة المالية،وملم بالعلوم الشرعية، إضافة إلى ذلك إنه كان يتمتع بذكاء وصف “بالخارق” بشهادة زملائه في أيام الدراسة الجامعية في باكستان، ومن بينهم مسئولون كبار حاليا في الحكومة الصومالية كانوا رفقاء دربه في الدراسة الجامعية. وعلى كل فإن أبا عبيدة سيكون أمام اختبار حقيقي في المحافظة على سيطرة مفاصل التنظيم والمتمثلة في الأجنحة التالي
- جيش العسرة: وهو الجانب العسكري والجهادي للحركة الذي يقوم بتنفيذ العمليات العسكرية والجهادية ضد من تعتبرهم الحركة أعداء لها.
- جيش الحسبة: وهو يشكل الجانب السلمي للحركة، الذي يوفر بعض الخدمات الثانوية للمجتمع كمحاربة قطاع الطرق وغيرها من الإجراءات الإدارية والقانونية.
- المؤسسة الإعلامية: وهي من أهم ركائز عمل الحركة بجانب المال والسلاح، وهي تنقل مواقف الحركة عبر الوسائط الإعلامية المختلفة إلي الرأي العام المحلي والدولي.
- الأمنيات أو الفرق الأمنية. وهي وحدات خاصة تم تدريبها لتنفيذ العمليات الانتحارية والاغتيالات التي تقوم بها الحركة ضد أعدائها ويقدر أعدادها ما يقرب 2000 عنصر. تمثل هذه الفرق الأمنية أكبر تحدي سيواجهه أبأ عبيدة لأن هذه الفرق لها تشكيلاتها الخاصة، ويعتقد أنها كانت تابعة لــ”غوداني” مباشرة، وفي الغالب فإن ما تقوم به هذه الفرق يفاجئ القيادات الأخرى للحركة، ونظرا للطبيعة السرية لهذه الفرق فإنها قد تستهدف شخصا أو مؤسسة لم ترتكب أي جرم في نظر القيادات المحلية للحركة. ومع هذه التحديات التي أوردناها فإنه من المفترض أيضا أن يكون “أبا عبيدة” على معرفة تامة لتلك الخلايا.
مع كل هذا من الصعب جدا، التكهن بتحديد مستقبلٍ ومصيرٍ حتمي لحركة الشباب المجاهدين في الصومال، لأسباب أهمها وجود فرق الأمنيات الآن بصورة نشطة، بحيث لازالت تنفذ العمليات “الإنتحارية” والإغتيالات المنظمة داخل العاصمة مقديشو وما حولها، الأمر الذي سيضع الحكومة الصومالية تحت رحمة هجمات حركة الشباب.
في مقابل كل تلك التحليلات والآراء، ترى حركة الشباب نفسها قوية، فقد قلل الناطق الرسمي باسم حركة الشباب المجاهدين، علي طيري ، من أهمية تأثير مقتل زعيم الحركة على مشروع الحركة، بل أكد ازدياد العمليات القتالية ضراوة واشتعالا، وأشار إلى وجود آلاف المقاتلين من الأنصار والمهاجرين الذين قال إنهم مستعدون لتحقيق النصر أو الموت.
(*) باحث صومالي ، مقيم في كينيا.