مقدمة:
يُعدّ موقف جنوب إفريقيا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة موقفًا استثنائيًّا بكل المقاييس؛ إذ قادت بريتوريا خطًّا سياسيًّا ودبلوماسيًّا صريحًا ضد العدوان، وباشَرت العديد من الخطوات العملية لإدانة العمليات العسكرية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي، وتَستهدف بالأساس السكان المدنيين والبنية التحتية للقطاع، ومِن ثَم أدَّى الأمر إلى نزوح مئات الآلاف من ديارهم.
وجاء توجُّه جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، بدعوى تُطالب بوقف الحرب على الفور، وتتّهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، كنقطة تحوُّل جوهرية في تاريخ العلاقات بينها وبين تل أبيب، وهي العلاقات التي قُطعت بشكلٍ كليّ منذ بَدْء العدوان على غزة، ولم تَعُد هناك فُرَص لعودتها في ظل نظام الرئيس سيريل رامافوزا، أو في المقابل في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تضم مكونات يمينية متطرفة.
الدعوى التي قدّمتها بريتوريا لمحكمة العدل الدولية استندت إلى تصريحات موثقة أدلى بها مسؤولون رسميون في إسرائيل، طالبوا بشكل صريح وعلني بإبادة الفلسطينيين في غزة، بزعم أن جميع قطاعات الشعب الفلسطيني يُشكّلون البيئة الحاضنة لحماس، وهي الحركة التي تخوض حربًا دخلت شهرها الرابع ضد الجيش الإسرائيلي، دون أن يتمكّن الأخير من تحقيق أهدافه، الرامية لاستئصال حُكمها وتصفية بنيتها السياسية والعسكرية.
وتنظر إسرائيل وصحافتها ووسائل إعلامها المختلفة إلى خطوة جنوب إفريقيا، وتعمل على تحليلها وفهم تداعيتها، مستعينةً بآراء خبراء قانون ومحللين من ذوي الخبرة، وتعكف على تقييم المخاطر والثغرات المحتملة في الدعوى القادمة من أقصى الجنوب الإفريقي، على أمل ألا تُلقي بظلالها مستقبلًا على وَضْعها في القانون الدولي وعلاقاتها بدُوَل صديقة تدعمها، حال أصدرت المحكمة قرارًا يعترف بتوجهها الممنهج نحو إبادة الشعب الفلسطيني.
ويضع خبراء القانون في إسرائيل تصورات حول كيفية الخروج من تلك الورطة، ويُحمِّلون في الوقت ذاته المسؤولية للوزراء وأعضاء الكنيست الذين منحوا الذخيرة لجنوب إفريقيا لتستخدمها ضد تل أبيب، حين أدلوا بتصريحات في غاية التطرف، طالما حذّر منها مراقبون ومُحلّلون في الدولة العبرية، هذا قبل أن تُترجم إلى واقع ملموس، يتعلق بالدعوى المقامة من البلد الإفريقي.
وفي هذا التقرير استعراض لثلاثة مقالات لكُتّاب إسرائيليين اهتموا بالموضوع، والذي يُعدّ الشغل الشاغل حاليًّا للإعلام العبري.
يُسلّط المقال الأول الضوء على رؤية خبيرتين إسرائيليتين ركزتا على رَصْد خطورة الخطوة التي تباشرها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وكيف يمكن لإسرائيل أن تقدم دفاعًا جيدًا يحمي موقفها، في وقتٍ تستند فيه الدعوى إلى تصريحات متطرفة لوزراء بالحكومة ولرئيس الوزراء ذاته، وسط مخاوف من آثار دعوى من هذا النوع، في ظل تجارب تاريخية سابقة.
وفي المقال الثاني تركيز على محاولات إسرائيل لمواجهة خطوة جنوب إفريقيا؛ حيث تدرس دولة الاحتلال إقامة دعوى مضادة ضدّها بزعم دعمها للإرهاب، فيما يطالب الكاتب بعدم غياب إسرائيل وممثليها عن المداولات، بل المشاركة لمعرفة طبيعة الدعوى وفحواها، إضافةً إلى عدم الحكم مسبقًا على محكمة العدل الدولية، التي تضم في النهاية قضاة، بعضهم من جنسيات تؤيد إسرائيل.
أمَّا المقال الثالث فيركز على الأبعاد القانونية والأسباب التي دفعت جنوب إفريقيا للمبادرة بالتوجه إلى محكمة الدولية، ويطالب الوزراء وممثلي الحكومة بالكفّ عن التصريحات التي تُعد سندًا قانونيًّا يمكنه أن يتسبّب في إدانة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
جنوب إفريقيا تبادر بإقامة دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.. فما المغزى؟[1]
تُعلّق الكاتبتان تامي كانر وبنينا باروخ، في مقالهما المشترك بموقع معهد بحوث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، والمؤرَّخ الأول من يناير 2024م، على الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي تتّهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، وتطالب بقرار بوقف القتال على الفور.
وتقول الكاتبتان: إن جنوب إفريقيا اتهمت إسرائيل مِن قبل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، لكنّ تلك الاتهامات اكتسبت زخمًا منذ بداية الحرب.
المقالة المشتركة للكاتبتين الإسرائيليتين حاولت سرد الأبعاد القانونية للخطوة التي تباشرها جنوب إفريقيا، وقالتا: إن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لعام 1948م، والتي انضمت إليها جنوب إفريقيا وإسرائيل، مثل معظم دول العالم، تمنح المحكمة سلطة مناقشة النزاعات ذات الصلة، ومِن ثَم هناك خطوات تجري بالفعل في المحكمة بمعزل عن طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2022م للحصول على رأي استشاري بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
وذهبت الكاتبتان إلى أن الإبادة الجماعية هي أخطر جريمة بموجب القانون الدولي؛ حيث تُحدِّد الاتفاقية المشار إليها عنصرين أساسيين للإبادة الجماعية: نية تدمير جماعة قومية أو اثنية أو دينية أو عنصرية، كليًّا أو جزئيًّا، والأفعال التي تهدف إلى تحقيق هذا الهدف. وبحسب الاتفاقية، لا يُشترط تحقّق أهداف الإبادة، بل يمكن معاقبة مَن ارتكب الإبادة الجماعية، وكذلك مَن حرَّض عليها بشكل مباشر وعلني، أو سعى لارتكاب الإبادة الجماعية والمشاركة فيها.
وتقول جنوب إفريقيا في دعواها: إن حجم القتل والضرر على نطاق واسع بحق المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، وطَرْد السكان من منازلهم، وخلق ظروف من الحرمان الشديد؛ كل ذلك من الأفعال الإسرائيلية الرامية لارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وتبني حجتها على أن لدى إسرائيل نوايا لارتكاب جرائم إبادة جماعية على أساس قائمة من التصريحات الصادرة عن أعضاء بالحكومة أو شخصيات عامة أخرى، بما في ذلك اقتباس منقول عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يذكر ما حدث للعمالقة: (مصطلح توراتي يصف قبائل بين البحر الميت وسيناء حاربت بني إسرائيل لدى خروجهم من مصر، وفق المعتقد اليهودي).
كما تستند الحجة إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بفرض حصار شامل، ومنح القوات على الأرض الغطاء دون قيد أو شرط، إضافةً إلى تصريحات وزير الأمن القومي، الذي ذكر أن كل من يدعم حماس يجب إبادته؛ والعديد من الشخصيات الأخرى التي لم تتردد في القول: إنه لا يوجد أبرياء في غزة.
وتعتقد الكاتبتان أن الكلمات التي ستصدر عن المحكمة في لاهاي وتوحي بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية ستكون بمثابة الذخيرة المهمة لمن يقودون الحملة القانونية ضدّها على الساحة الدولية.
وزعمت الكاتبتان أن الغرض من هذه الحملة ليس فقط التأثير على القرارات الخاصة باليوم التالي للحرب (مصير قطاع غزة وإمكانية احتلاله)، أو محاكمة المسؤولين الإسرائيليين وفرض عقوبات على تل أبيب، بل يريد القائمون على الحملة تقويض الدعم العملي الذي تتلقاه إسرائيل من حلفائها.
وتظن الكاتبتان أن الأمر سيتأتَّى عبر ضغطهم على الحكومات، وبخاصة على الإدارة الأمريكية التي تقف في مستهل عام انتخابي، وسيعني إظهار صورة إسرائيل كمرتكبة لإبادة جماعية تقليص الدعم الأمريكي.
وختمت الكاتبتان الإسرائيليتان مقالهما المشترك بأن لدى إسرائيل هي الأخرى ادعاءات جيدة لدحض الاتهامات الخطيرة من جانب جنوب إفريقيا، وأعربتا عن أملهما بأن يتعاطى قضاة محكمة العدل، وهم قضاة محنّكون، بمهنية وعدالة.
ولكن مع ذلك، هناك مخاوف لدى الكاتبتين من أن الاستخفاف بخطوة جنوب إفريقيا أمر خطير؛ لأن تجارب التاريخ أثبتت أن قضاة المحكمة قد يتغاضون عن الواقع الأمني الصعب الذي واجهته إسرائيل، على غرار ما حدث عام 2004م، حين قدّموا خلاصة رأيهم في شرعية الجدار العازل (بالضفة الغربية).
بعد اتهامها بإبادة شعب.. إسرائيل تدرس رفع دعوى مضادة ضد جنوب إفريقيا وإيران وحماس[2]
يوضح الكاتب الإسرائيلي إيتمار آيخنر، في مقال نشره بموقع صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 3 يناير 2024م، نقلًا عن مصادر سياسية مطلعة أن إسرائيل تدرس مقاضاة جنوب إفريقيا وحماس وإيران؛ ردًّا على دعوى الأولى ضدها في محكمة العدل الدولية، وأنها تبذل جهودًا في الوقت الراهن؛ بغية حَشْد الموقف الأمريكي وموقف دول أخرى لشَجْب الخطوات التي تقودها جنوب إفريقيا.
الادعاءات الإسرائيلية -في حال تقدمت بدعوى من هذا النوع-؛ سترد بنفس الطريقة، وستزعم أن إيران وحماس ترتكبان الإبادة الجماعية؛ وفي الوقت نفسه، تنظر في إمكانية رفع دعوى مضادة ضد جنوب إفريقيا بزعم دعمها لمنظمة إرهابية.
ويشير الكاتب إلى أنه رغم أن حماس ليست عضوًا في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، التي أُنشئت على أساسها محكمة العدل الدولية، إلا أن إسرائيل تدرس إذا ما كان من الممكن قانونيًّا مقاضاتها. ويؤكد أن إسرائيل تعتزم القيام بحملة دولية للحصول على دعم الدول التي ترى أن دعوى جنوب إفريقيا باطلة ومشينة ويجب إدانتها، وستركز على الدول الصديقة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وجميع الدول الأعضاء في المعاهدة؛ لحثّهم على الإعراب عن تحفظهم بشأن ما تدّعي إسرائيل أنها طريقتها للدفاع عن النفس.
ونوّه الكاتب إلى أن أحد مطالب جنوب إفريقيا هو وقف الحرب في غزة. ومع ذلك، يمكن للمحكمة أن تقرر إصدار أمر مؤقت لا يدعو بالضرورة لوقف الحرب في غزة، بل بإجراءات أخرى، مثل مطالبة إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وإعادة سكان غزة من مكان إلى آخر، أو إصدار أمر بالامتناع عن العمليات البرية أو الهجمات الجوية، وغير ذلك.
المشكلة التي أشار إليها الكاتب هي أنه حتى لو أصدرت المحكمة قرارًا، فهو قرار غير مُلزم لإسرائيل، ولكنّ هذا القرار يمكن أن يصل إلى المناقشة والتصويت في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، في ظل وجود تقديرات بأن القرار المتعلق بالمساعدات الإنسانية قد يُتَّخَذ في غضون أيام معدودة خلال الشهر الجاري. وأضاف أن إسرائيل يمكنها أن تمتنع عن الإعلان مسبقًا عمَّا إذا كانت ستلتزم بمثل هذا القرار في حال صدوره، وأن الأمر يعود في النهاية لقرار المستوى السياسي.
النقاش الذي جرى بين خبراء اجتمع بهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ انتهى بقرار بالإجماع بأنه على إسرائيل الحضور في مداولات المحكمة في لاهاي، وإرسال ممثلين عن كل الأجهزة المهنية، بما في ذلك وزارة الدفاع والعدل والخارجية والشؤون الاستراتيجية والموساد والاستخبارات العسكرية وهيئة الأمن القومي. والسبب في ذلك هو أنه في هذه المرحلة ليس لدى إسرائيل أيّ تظلمات ضد المحكمة، وهي ملزمة بموجب المعاهدة التي أنشأت هذه المحكمة، بالاستماع للدعوى المقدّمة ضدّها من إحدى الدول الأعضاء في المعاهدة، التي انضمت إسرائيل إليها في الخمسينيات من القرن الماضي، بعد تأسيسها في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وأوضح الكاتب أنه من غير المعروف أن هناك انحيازًا سياسيًّا من جانب محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، لسبب بسيط، وهو أنها لم تتداول من قبل قضايا بشأنها، ومِن ثَم لا يفضل الحكم عليها مسبقًا، كما أنها تضم 15 قاضيًا من دول بعضها داعم لإسرائيل مثل: الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وأستراليا وغيرهم.
“أوقفوا ممثلي الحكومة بسرعة”: ادعاءات جنوب إفريقيا وصلاحيات المحكمة -والمخاوف قبل المداولات في لاهاي[3]
يقتبس الكاتب الإسرائيلي يوفال أريئيل، في مقاله المنشور بتاريخ 5 يناير 2024م بموقع “أخبار الثانية عشرة”، عن الخبيرة القانونية دافنا ريتشموند بيرك، وهي خبيرة القانون الدولي في جامعة رايخمان الإسرائيلية، وعملت متدربةً في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وأصدرت كتابًا عنها، أن خطوة جنوب إفريقيا تعني هنا أن دولة تقاضي دولة أخرى، وأن سلطة تسوية النزاعات بين الدول في محكمة العدل الدولية في لاهاي، تختلف عن سلطة المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق وتحاكم في الجرائم الشخصية التي يرتكبها أفراد، ومن هنا فإن جنوب إفريقيا استندت إلى الآلية الكلاسيكية “دولة ضد دولة”.
ووجدت الخبيرة القانونية أنه على عكس الإجراءات في المحكمة الجنائية، لا يوجد خطر بشأن دعوى جنوب إفريقيا لإجراء تحقيق جنائي واعتقال عسكريين من إسرائيل، وأنه في محكمة العدل الدولية في لاهاي توضح أطراف الدعوى مطالبها، وأن هدفها الأساسي هو المساهمة في السلام والأمن الدوليين، وتسوية النزاعات سلميًّا بين الدول، ومنع استخدام القوة.
وتقول: إنه في اللحظة التي تدّعي فيه دولة ضد أخرى يكون على محكمة العدل تنفيذ طلبات المدعي. وفي هذه الحالة، تسعى جنوب إفريقيا إلى إنهاء فوري للحرب، وحقيقة، هذا يعني أن الجهود الحربية ستتوقف، وما يحدث اليوم في قطاع غزة، سيتوقف بالفعل.
ويواصل الكاتب الاقتباس عن الخبيرة القانونية، بأن المحكمة يمكن أن تقرر أنه يجب على إسرائيل أن توقف القتال في غزة الآن؛ لأنها تخشى احتمال وقوع ضرر أو ميل إلى الإبادة الجماعية، أو الخوف من الإبادة الجماعي، وأنه من وجهة نظر قانونية، فإن إسرائيل مُلزَمة بالامتثال، لكنّ المجتمع الدولي ليس لديه قوة شرطية حقيقية لإجبارها، لافتةً إلى أن مجلس الأمن، هو أيضًا جزء من الآليات، ولو صدر قرار من محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، دون أن تلتزم به، يمكن وقتها توقّع دخول مجلس الأمن إلى الصورة.
الكاتب طرح سؤالًا بشأن الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة خطوات جنوب إفريقيا، وذكر أن الحكمة من ادعاء جنوب إفريقيا لا تكمن فقط في أنها قائمة على الإبادة الجماعية، التي تُعدّ جريمة خطيرة للغاية، وبالتالي فإن لها معنًى خطيرًا، كما أن دعوى جنوب إفريقيا تسير في مسار سريع إلى حد ما، فعندما يحدث شيء خطير يجب حَسْمه على الفور.
ورأى الكاتب أن إسرائيل ملزمة هي الأخرى بالتحرك سريعًا؛ لأن هناك حربًا مستمرة، ومشكلات لا حصر لها، فإسرائيل تحارب في جبهات عدة، ووجدت جبهة أخرى أمامها، هي جبهة محكمة العدل الدولية، داعيًا للتعاون بين وزارة الخارجية وزارة العدل، ومكتب المدعي العام العسكري، بسرعة والتنسيق على جميع المستويات، السياسي والعسكري، مقدرًا أن الأمر يتطلب الكثير من الجهد، والاستعداد العاجل، طالما أن إجراءات محكمة العدل تسير بسرعة متزايدة.
ويحذر الكاتب من استمرار ممثلي الحكومة في إطلاق التصريحات والتعبير عن أنفسهم بطريقة يمكن أن تُسبِّب المزيد من الضرر؛ لأنه في دعوى جنوب إفريقيا، هناك صفحات كاملة من تصريحات وزراء وممثلي البلاد أشاروا إلى الإبادة الجماعية، ودعا إلى التحلّي بالحيطة والحذر حتى يفهم الجميع ما تعنيه هذه التصريحات على الساحة الدولية.
وتحدث الكاتب مع الخبيرة القانونية عن الأسباب التي تدفع جنوب إفريقيا للتوجه إلى محكمة العدل الدولية، وأبلغها أن هناك مَن يشككون في أن جنوب إفريقيا لديها سبب، ومِن ثَم أجابت بأن كلاً من جنوب إفريقيا وإسرائيل وقّعتا على معاهدة منع الإبادة الجماعية، وهي اتفاقية تعود لعام 1948م، كما أنها اتفاقية متعددة الأطراف؛ حيث يوجد العديد من المُوقّعين عليها، وأن هذه هي العلاقة. لذا فقد تعهّد المُوقِّعُون بشكل مشترك بالامتثال لشروط المعاهدة، والتزموا بشكل مشترك باللجوء إلى المحكمة في حالة نشوب صراع.
ووفق هذه المعاهدة، لو ادعت دولة على دولة أخرى مُوقِّعَة، بأنها لا تفي بالتزاماتها؛ فإن الدولة الأولى قادرة على التوجه لمحكمة العدل الدولية، وأن ذريعة جنوب إفريقيا هي أن من حقها الشكوى ضد دولة أخرى تنتهك شروط المعاهدة، فضلًا عن البند الخاص بالإبادة الجماعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
[1] تامي كانر وبنينا باروخ. جنوب إفريقيا تبادر بإقامة دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب -فما المغزى؟ (معهد بحوث الأمن القومي، تل أبيب: 1 كانون الثاني/ يناير 2024م) على الرابط المختصر: https://2u.pw/PNOuzrT
[2] إيتمار آيخنر، ” بعد اتهامها بإبادة شعب، إسرائيل تدرس رفع دعوى مضادة ضد جنوب إفريقيا وإيران وحماس”، صحيفة يديعوت أحرونوت (بالعبرية)، 3 كانون الثاني/ يناير 2024م، على الرابط المختصر: https://2u.pw/weLRRTR
[3] يوفال أريئيل، “أوقفوا ممثلي الحكومة بسرعة”: ادعاءات جنوب إفريقيا وصلاحيات المحكمة -والمخاوف قبل المداولات في لاهاي”، موقع أخبار الثانية عشرة (بالعبرية)، 5 كانون الثاني/ يناير 2024م، على الرابط المختصر: https://2u.pw/jty7H4p