أحدث قرار السلطات السودانية إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، وطرد المستشار الثقافي الإيراني في الخرطوم، حالة ردود أفعال واسعة في المجتمع السوداني خاصة بعد تنامي النشاط الإيراني في البلاد فقد عبرت عدد من الجمعيات والهيئات الدينية السودانية عن ارتياحها لهذا القرار .
وكانت الخارجية السودانية قد أصدرت بيانا وضحت من خلاله ملابسات هذا القرار والدوافع من ورائه حيث أرجع البيان ، سبب إغلاق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم وفروعه في كل ولايات البلاد لتجاوزه للتفويض الممنوح له والاختصاصات التي تحدد عمله، واعتبرت أنه بذلك أصبح يشكل تهديداً للأمن الفكري والأمن الاجتماعي.
وأكدت الوزارة أن السودان ظل يتابع نشاط المركز وتأكد من أنه تجاوز التفويض والاختصاصات التي تحدد أنشطته”.
وأضاف البيان “على ضوء هذا تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالإنابة وتم إبلاغه بقرار إغلاق المركز وفروعه المختلفة وإمهال المستشار الثقافي الإيراني والعاملين في هذا المركز بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة”.
وأغلق بموجب هذا القرار أكثر من 26 مركزا ومكتبة ومدرسة ورابطة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية يوسف كردفاني إن قرار جاء نتيجة لتجاوز الملحقية الثقافية والمراكز دورها الثقافي والدبلوماسي، واستجابة لنداءات عدد من علماء الدين الإسلامي في البلاد وتحذيرهم من إمكانية حدوث فتنة مذهبية في البلاد.
وأضاف كردفاني للصحفيين أن السودان ظل متابعا لنشاط المركز الثقافي الإيراني وفروعه بالولايات السودانية المختلفة، “إلا أنه تجاوز للأسف التفويض الممنوح له، والاختصاصات التي تحدد الأنشطة التي يخول له القيام بها، وبذلك أصبح يشكل تهديدا للأمن الفكري والاجتماعي بالبلاد”.
تجاوز التفويض
وذكر أنه على ضوء ذلك تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالإنابة، وإبلاغه بقرار إغلاق المركز وفروعه المختلفة، وإمهال المستشار الثقافي والعاملين في المركز ثلاثة أيام لمغادرة البلاد.
واتهم المسؤول السوداني المراكز والمستشارية الثقافية بعدم مراعاة عملها بالشكل الدبلوماسي المطلوب “فكان لابد من اتخاذ القرار الذي يتناسب مع الأمر”.
لا مكان للنفوذ الإيراني
عضو المجمع الصوفي العام الشيخ صلاح البدوي اعتبر القرار الحكومي من أنجح القرارات التي اتخذت لمصلحة الشعب السوداني عبر إعلان أن “لا مكان للتشيع في البلاد”.
بيد أنه اعتبر أن القرار سيبقى ناقصا “ما لم تغلق كافة الحسينيات في البلاد”، وتابع “لأنها من المهددات الأمنية والعقدية والاجتماعية والسياسية”.
وطالب البدوي بخطوات أشمل وأمنع لحماية العقيدة والدين، مبديا قلق المجمع من ردة فعل قد تقود البلاد إلى ما وصلت إليه العراق وسوريا إذا واصل المد الشيعي تزايده وانتشاره، كما قال.
أما الداعية الإسلامي الشيخ عبد الحي يوسف فوصف القرار بالموفق لمجابهة ما يواجه الوحدة الفكرية والعقائدية في البلاد.
وأشار إلى أن القرار جاء متأخرا “لكنه في الاتجاه الصحيح”، معتبرا أنه بمثابة “مصالحة مع القاعدة الإسلامية العريضة في السودان”.
وقال إن الحريصين على أمن البلاد كانوا قد نصحوا الحكومة بأن هناك مهددا عقديا وفكريا وأمنيا يجتاح البلاد، “مما يستوجب التعامل معه بشيء من الحسم”، معتبرا أن “التمدد الشيعي يمثل اختراقا للمجتمعات السنية ولا يبشر بخير”.
ورأى أن نشاط الملحقية الثقافية الإيرانية بالبلاد “غير مقبول لقيامها بالاتصالات برجال الصحافة، واختراق الجامعات، مع الكشف عن بؤر فساد تتمثل بدخول كتب للمشاركة في جناح المركز الثقافي الإيراني بمعرض الخرطوم الدولي تسب الصحابة الكرام وتقدح في أهليتهم”.
وأعلن أن الدعاة سينصحون المسؤولين وينبهونهم لمكامن الخطر “حتى تتجنب البلاد ما وقع في بلدان أخرى تفتت نسيجها الاجتماعي والسياسي والأمني”.
هيئة علماء السودان
من جانبها أشادت هيئة علماء السودان بقرار الحكومة القاضي بإغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية بالخرطوم. وانتقدت الهيئة في بيان لها قيام الملحقية بأنشطة مذهبية في البلاد .
وشدد البيان أن هذا القرار جاء في وقته حتى يجنب السودان ما تعاني منه بلاد أخرى على أيدي هؤلاء مثل سوريا والعراق.
أنشطة المركز الإيراني
وافتتح أول مركز ثقافي إيراني في السودان عام 1988 في عهد حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وبعد وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى السلطة عام 1989 تزايد نشاط المراكز وأعدادها.
وتتركز أنشطة المراكز الثقافية الإيرانية على تنظيم دورات في تعلم اللغة الفارسية، كما أن لكل مركز منها مكتبة عامة مفتوحة للجمهور.
وينظم المركز الثقافي رحلات سنوية للصحافيين السودانيين لزيارة إيران، إضافة لمسابقات في مجال القصة القصيرة والرواية.
وكان تقرير أصدره المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة مطلع العام الجاري، قدّر أعداد الحسينيات الشيعية في السودان بـ15 حسينية موزعة بين العاصمة الخرطوم وولايات كردفان والنيل الأبيض ونهر النيل.
تحذيرات من التمدد الإيراني
ويدور منذ مدة جدل في الساحة السودانية حول تنامي الوجود الشيعي نتيجة للنشاط الإيراني تحت لافتة المراكز الثقافية، وحذرت منابر خطابية عديدة في المساجد السلطات من تمدد الفكر الشيعي، وعدته تطوراً خطيراً ينبغي الالتفات إليه وحسمه.
وتتهم هيئات دينية المركز بالعمل على نشر التشيع بين أبناء الشعب السوداني والعمل على نشر الخلافات المذهبية والطائفية في البلاد ، مما يهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
قال محمد علي الجزولي، “المنسق العام لتيار الأمة الواحدة: “لقد كانت لهذه المراكز أدوار معلومة في نشر التشيع بالسودان بل هذا هو الدور الرئيس الذي تقوم به وسبق أن شارك المركز الثقافي الايراني في معرض الخرطوم للكتاب بكتب تسب الصحابة عليهم من الله الرضوان وتقول بتحريف القرآن”، وتم إغلاق الجناح حينها.
وأكد الجزولي بأنه ستكون للقرار: ” تداعياته السياسية لكن انتماء السودان لمحيطه السني وارتباطاته مع الخليج العربي ستخفف من أي تداعيات”.
وكان أول ظهور علني حاشد للشيعة في السودان في العام 2009 عندما نظموا احتفالية بذكرى مولد الإمام المهدي أحد أبرز أئمة الشيعة في ضاحية جبل أولياء الشعبية أقصى جنوبي العاصمة.