نفط إفريقيا بديل أمريكا للتخلص من التبعية للنفط العربي
لولا بترول السودان الذي تؤكد شركات النفط أن هناك مخزون احتياطي ضخم منه ، وأنه من أفضل الأنواع وأرخصها ، لما تصاعدت التدخلات الدولية في السودان لحد السعي لتنفيذ خطة أمريكية تقوم علي تفتيت السودان إلي شمال وجنوب وشرق وغرب .. ولولا بترول خليج غينيا الذي تؤكد دراسات نفطية أنه يكفي لتغطية إنتاج دول نفطية كبري مثل إيران ، لما أصبحت هناك أهمية لمنطقة غرب إفريقيا في الأجندة الأمريكية .
قديما كانت إفريقيا هي البيضة التي تبيض ذهبا للاستعمار بسبب مواردها المعدنية ، واليوم بعدما ظهرت بوادر بترولية مشجعة غير الموارد المعدنية والموقع الاستراتيجي ، زاد بريق هذه البيضة وعاد ليخطف أبصار الدول الكبري ويتنافس عليه النفوذين: الأنجلوسكسوني( الأمريكي) والفرانكوفوني (فرنسا) ، والحجة هذه المرة للتدخل إما “الذريعة الإنسانية” أو “محاربة الإرهاب.
إذ تؤكد التوقعات الرسمية الأمريكية أن تعتمد الولايات المتحدة علي حوالي 20% من احتياجاتها النفطية من إفريقيا خلال العقد المقبل، ستوفر دول غرب إفريقيا 15% منها ، ويتوقع مجلس المعلومات القومي الأمريكي أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 % بحلول عام 2015م .
بل أن الإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة تؤكد عمل كافة الترتيبات لرفع نسبة الاستيراد الأمريكي من النفط الإفريقي إلى 50 % من مجموع النفط المستورد بحلول العام 2015 .
وخبراء النفط يقدرون حجم الاحتياطي النفطي في الأراضي الإفريقية بما بين 80 ملياراً و100 مليار برميل (أي ما نسبته 8 -10 في المائة من الاحتياطي العالمي الخام) ويشير (جان بيير فافانيك) الخبير في (المعهد الفرنسي للنفط) لأنه : (حتى ولو كانت كلفة استخراج النفط الإفريقي مرتفعة التكاليف قياسا بنفط منطقة الشرق الأوسط بسبب وجود مواقع بعيدة عن الساحل في البحر فإن كمياته كبيرة ويحوي نسبة ضعيفة من الكبريت ويتميز بأنه خفيف ويحوي على مزيد من الخام والغاز وهي مواد مهمة .
وهذا غير المطامع في الثروة الطبيعة الهائلة الموجودة هناك خاصة الألماس، والذهب، والنحاس، فضلاً عن المواد المعدنية التي تُستخدم في الصناعات الثقيلة والنووية كالكوبالت واليورانيوم .
تحجيم دور الإسلام
وفيما يتعلق بمحاربة الإسلام – يسمونه “الإرهاب” – يأخذ التدخل الأمريكي والفرنسي هناك طابع التكامل ، خصوصا في المناطق التي تعتبر مناطق تماس أو خط أخضر في غرب القارة الإفريقية ما بين الإسلام العربي الإفريقي في السودان (دارفور) ووسط وجنوب القارة شبه المسيحي التبشيري حيث مراكز التبشير الغربية تتركز في كينيا وتنزانيا وتشاد ،ولا مانع من الحديث عن الذرائع الإنسانية للتدخل لتزيين التدخل في شئون القارة .
حيث يسعي الأمريكيون لتحجيم دور الإسلام ومنع انتشاره من دارفور إلي الوسط والجنوب عبر مخططات لتفتيت السودان ومنع نشوء دولة إسلامية سودانية موحدة كبري قادرة علي التأثير في المحيط الإفريقي المجاور ونشر الإسلام لباقي ربوع القارة ، ويعاونهم الفرنسيون الذين يستعمرون العديد من دول الغرب الإفريقي ولهم قوات ثابتة هناك خصوصا في تشاد ، والهدف النهائي هو السيطرة علي النفط وثروات المنطقة .
ويبدو أن أحد أهدف الحملة الأمريكية في إفريقيا – بالإضافة إلى مزاعم محاربة الإرهاب، والاستحواذ على النفط الإفريقي، هو زيادة الضغط على الدول المصدرة للنفط لزيادة إنتاجها لخفض الأسعار وإيجاد حالة من الانقسام بين الدول المنتجة.
ويلاحظ هنا أن النفط الإفريقي – غالبيته في مناطق ذات أغلبية مسلمة – بات يشكل بالتالي محور الخطة الأمريكية للسيطرة ومنافسة النفوذ السياسي والاقتصادي الأوروبي الذي ظل ينعم بهذه الثروات الإفريقية قرون طويلة من الاحتلال الاستعماري الأول ، وما يزيد الأمر وضوحا هو تزايد الدراسات الأمريكية الرسمية حول مصادر الطاقة في إفريقيا ومنها تقرير صدر عن الكونجرس عن “خليج غينيا” وهو شريط ساحلي مليء بالنفط بين أنجولا ونيجيريا اعتبر هذه المنطقة “منطقة اهتمام حيوي” للولايات المتحدة بناء على المعلومات التي تفيد بغنى المنطقة الفعلي بالنفط، حيث أن إنتاج المنطقة النفطي يتعدى 5.4 مليون برميل يومياً وهي كمية تزيد على مجمل إنتاج فنزويلا وإيران والمكسيك .
الإفريقي بديل للنفط العربي
وضمن هذا التوجه للسيطرة علي النفط الإفريقي والاعتماد عليه مستقبلا – ضمن خطط التخلي عن التبعية للنفط العربي – أعلن وزير الدفاع الأميركي “روبرت جيتس” قرار استحداث قيادة عسكرية إقليمية خاصة بإفريقيا 6 فبراير 2007 . ومع أن المدخل الأمريكي لزيادة النفوذ في إفريقيا وغربها تحديدا يقوم علي حجة محاربة الإرهاب ، كمدخل أمني ، فهو ينطوي فعليا علي مداخل أخري إستراتيجية واقتصادية وسياسية هامة ، ويستهدف خلق وضع استراتيجي جديد عبر تشكيل قيادة عسكرية خاصة لإفريقيا ستكون هي رابع قيادة عسكرية أمريكية بجانب القيادات الإقليمية الثلاثة الأخرى : قيادة المنظمة الوسطى (الشرق الأوسط) وقيادة المحيط الهادي والقيادة الأوروبية .
أما الهدف فهو بوضوح إقامة ثلاث قواعد عسكرية أميركية جديدة في إفريقيا (السنغال -أوغندا, ساوتومي وبرينسيب) ، تضاف إلى قاعدة جيبوتي التي يوجد فيها نحو ألف وخمسمائة جندي منذ عام 2003 ، ليتم فيها تخزين العتاد العسكري والوقود بزعم مكافحة الإرهاب ومطاردة منظماته ، بينما الحقيقة هي السعي للبقاء الاستراتيجي في المنطقة لموقعها الاستراتيجي ومخزونها النفطي الكبير .
ويبدو أن أحد أهداف الحملة الأمريكية في إفريقيا – بالإضافة إلى مزاعم محاربة الإرهاب ، والاستحواذ على النفط الإفريقي، هو زيادة الضغط على الدول المصدرة للنفط لزيادة إنتاجها لخفض الأسعار وإيجاد حالة من الانقسام بين الدول المنتجة .
فالنفط الإفريقي يشكل محور الخطة الأمريكية للسيطرة ومنافسة النفوذ السياسي والاقتصادي الأوروبي الذي ظل ينعم بهذه الثروات الإفريقية قرون طويلة من الاحتلال الاستعماري الأول ، وما يزيد الأمر وضوحا هو تزايد الدراسات الأمريكية الرسمية حول مصادر الطاقة في إفريقيا ومنها تقرير صدر عن الكونجرس عن “خليج غينيا” وهو شريط ساحلي مليء بالنفط بين أنجولا ونيجيريا اعتبر هذه المنطقة “منطقة اهتمام حيوي” للولايات المتحدة بناء على المعلومات التي تفيد بغنى المنطقة الفعلي بالنفط، حيث أن إنتاج المنطقة النفطي يتعدى 5.4 مليون برميل يومياً وهي كمية تزيد على مجمل إنتاج فنزويلا وإيران والمكسيك .
كذلك لا يمكن نسيان أن أنجولا تعد تاسع أكبر مصدر للنفط في العالم حيث يقل الإنتاج قليلاً عن مليون برميل يومياً، كما أن دارفور بها مخزون ضخم من النفط ومعدن الكوبالت الذي يستخدم في صناعة الطائرات والمعدات العسكرية .
وقد أكد “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الجديد” في تقرير حديث له بتاريخ 10 يوليه 2007 أن “أفريكوم” – وهو أسم القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة في إفريقيا – سوف يقوم وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس بتعيين قائد خاص لها في يوليه 2007 ، وأنها ستصبح جاهزة للعمل بمشاركة ألف جندي أمريكي بحلول سبتمبر 2008، وستكون مسئولة عن كل الدول الإفريقية باستثناء مصر ، وهيا حاليا تضطلع بادوار كثيرة في إفريقيا بالفعل .
ولا تقتصر التدخلات هنا علي الجانب الاقتصادي ، فقد اتهم وزير الداخلية السوداني الزبير بشير طه المخابرات الأمريكية بتسريب أسلحة إلى دارفور والسعي إلى خلخلة التوازن بين المجموعات السكانية في الإقليم ، وكشف عن مساومات جرت مع السودان من أجل الاعتراف بإسرائيل وحرمان الدول الأسيوية من الاستثمار في النفط السوداني في مقابل إنهاء التصعيد ، وأنه عندما رفض السودان، استمرت الحملات العدائية ضد السودان .
لا جدال بالتالي أن التحركات الأمريكية المتسارعة باتجاه إفريقيا تنطوي علي علاقة وثيقة بملف النفط والسعي الأمريكي للتخلص من التبعية الأمريكية للنفط العربي .