مقدمة
ركّزت توصيات البحوث والسياسات في مجال التنمية لفترة طويلة على نقل التكنولوجيا، ولا سيما لأغراض التصنيع. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين بدأ التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وكان تحقيق زيادة كبيرة في فرص الحصول على التكنولوجيا الجديدة، ولا سيما تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مقصدًا واضحًا في الأهداف الإنمائية للألفية (المقصد 8 و). واقتصاد المعرفة هو الهدف الرئيس الذي تسعى إليه البلدان النامية. كما نص الهدف (9) من خطة عام 2030 بشأن الصناعة والابتكار والبنية التحتية على إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار. كما يندرج هذا الهدف ضمن أجندة 2063م في القارة الإفريقية.
وفي السياق التالي سوف نحاول الوقوف على حالة الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال تحليل وتفنيد تطور مؤشر الابتكار العالمي للمنطقة خلال الفترة 2016-2023م، مع التركيز على المؤشر في عام 2023م من خلال:
المحور الأول: التعريف بمؤشر الابتكار العالمي وركائزه.
المحور الثاني: تحليل مؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء في الفترة 2016-2022م.
المحور الثالث: تحليل مؤشر الابتكار العالمي في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء عام 2023م.
خاتمة.
المحور الأول
التعريف بمؤشر الابتكار العالمي
أولًا: مفهوم الابتكار العلمي
الابتكار هو القدرة على تقديم أكبر عدد ممكن من المنتجات الجديدة وبسرعة أكبر قياسًا بالمنافسين، وبما يحقق زيادة في الحصة السوقية للمنظمة، كما يمثل القدرة على الربط بين الأفكار بأسلوب غير تقليدي وبشكل متوافق بينهما، ويساهم إما بتقديم منتج جديد أو دخول أسواق جديدة أو تطوير مصادر جديدة لتجهيز المواد الخام. أي أنه كل شيء مرتبط بأفكار جديدة؛ إذ إنَّ تقديم السلع والخدمات الجديدة يُشكّل نقلة نوعية في مسيرة كل من المؤسسات الإنتاجية والتسويقية، فضلًا عن تأثيرها في الأنماط الحياتية للمستهلكين المستهدفين، فبالنسبة للمنظمات الإنتاجية والتسويقية يمثل تقديم الجديد من السلع والخدمات ضمانة كبيرة لبقائها، وبالنسبة للمستهلكين يمثل تقديم السلع والخدمات الجديدة إشباعًا متزايدًا لحاجاتهم الشخصية والاجتماعية وتحديدًا نوعيًّا في أنماطهم المعيشية التي تتغير بسبب المستجدات البيئية المتلاحقة من حولهم.
كما أنه مجموعة من الأفكار التي يتوصل إليها الفرد أو يمتلكها، ثم يقوم بتحويلها إلى أعمال ملموسة، وذلك عبر استخدام مداخل البراعة وتشجيع الخيال وتطوير المناخ الملائم للابتكار، وهو عملية تحسين المنتج من خلال عملية تطوير فكرة جديدة أو احتمال إنتاج نموذج جديد، وفي بعض الأحيان تشتمل هذه العملية على الأبحاث الأساسية حول مبدأ علمي جديد إلى جانب تطوير فكرة بهدف تطبيقها([1]).
ثانيًا: دور الابتكار في تطوير الاقتصاد
هنالك عدة جوانب مهمة للابتكار العلمي، والتي تساهم في تطور الاقتصاد، وهي كالتالي([2]):
- تقليل كلف الإنتاج من خلال تحسين العملية الإنتاجية.
- زيادة الأرباح والمبيعات.
- تحسين صورة وعمل المؤسسة الإنتاجية، وجعلها جاذبة للمستهلكين.
- تحسين إنتاجية المؤسسة من خلال تحقيق الكفاءة والفاعلية في الأداء وإنجاز الأهداف واستخدام الموارد المادية والبشرية.
- تحسين خدمات المستهلكين والتكيُّف مع رغباتهم وحاجاتهم وإشباعها.
فمع وتيرة التغير السريعة في بيئات الأعمال أصبح الإبداع والابتكار ضروريًّا من أجل البقاء، ولأن بقاء المنظمة أو المؤسسة الاقتصادية هدف رئيس، فالمنظمة التي لا تمتلك القدرة على الإبداع والابتكار في مجال عملها ستُواجه تحديات كبيرة ومنافسة شرسة. لهذا فإن الإبداع والابتكار من أولويات اهتمام المنظمات في جميع المجالات. ولقد حظي الإبداع والابتكار بدراسات كثيرة في النصف الثاني من القرن العشرين، فهو من أهم الصفات الإنسانية التي تغير التاريخ؛ فالمجتمع لا يمكن تغييره تغييرًا نوعيًّا عبر التخطيط، بل عبر أعمال المبدعين. ولذلك فإن الموهوبين والمبدعين الآن هم الأمل الأكبر في حلّ المشكلات التي تُهدّد البشرية التي تعددت كمًّا ونوعًا، وهم الثروة القومية والطاقة الدافعة نحو الحضارة والرقي. وقد أدركت الدول المتقدمة التحديات التي تفرضها الظروف المتجددة للمجتمع العالمي؛ حيث لم تَعُد العادات المألوفة كافية لمواجهة المواقف الجديدة([3]).
ثالثًا: مؤشر الابتكار العالمي
تم إطلاق مؤشر الابتكار العالمي global innovation index (GII) سنة 2007م على يد الأستاذ Soumitra Dutta. ومنذ ذلك التاريخ إلى سنة 2021م مَرَّ المؤشر بمراحل عديدة أسهمت في تحسينه، وقد تحول المؤشر من اعتماده ثماني ركائز عام 2007م إلى اعتماده سبع ركائز عام 2021م من أبرزها؛ رأس المال البشري في البحث العلمي، وتطور الأسواق والأعمال، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، والإبداع والابتكار اللامادي. وكان الهدف من إطلاقه إيجاد المقاييس والأساليب التي يمكنها التقاط صورة كاملة لواقع الابتكار في الدول وتحديد ملامحه. وكان وراء هذا الهدف ثلاثة دوافع رئيسة([4]):
- اعتبار الابتكار مُحرِّكًا مهمًّا لدفع اقتصاد المعرفة والتقدم الاقتصادي والقدرة التنافسية في تطوير العالم للدول المتقدمة والنامية على حَدٍّ سواء.
- توسيع تعريف الابتكار؛ ليتجاوز ما تنتجه مختبرات البحث والتطوير، وما توفره الأوراق العلمية المنشورة، حتى يشمل الجوانب الاجتماعية ونماذج الأعمال والجوانب التقنية والابتكار المادي واللامادي، وبهذا يكون الابتكار أكر شمولية وأفقية واستجابة لاحتياجات الإنسان.
- الاعتراف بالابتكار في الأسواق الناشئة واعتبار الاحتفاء به والتسويق له أمرًا بالغ الأهمية لإلهام الناس، وخاصة الجيل القادم من رواد الأعمال والمبتكرين.
وهذ المؤشر الذي وضعته جامعة كورنيل والعهد الأوروبي لإدارة الأعمال والمنظمة العالمية للملكية الفكرية من أكثر القواعد شمولًا، ويُستخدم لمقارنة ملامح الابتكار بين البلدان. وهو دليل مركب يتألف من مؤشرين فرعيين يركز الأول على مدخلات الابتكار والثاني على مخرجاته كما يتألف من سبع ركائز للابتكار؛ وهي: المؤسسات، والتعليم، والبنية التحتية، وتطور السوق، وتطور بيئة الأعمال، والمخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية. وتنقسم تلك الركائز إلى عدة ركائز فرعية مع مؤشرات لكل منها، ويُنقّح هذا الإطار سنويًّا([5]).
ويتناول الدليل مع مؤشراته الفرعية الطبيعة الشاملة لقضايا الابتكار ما عدا النواحي الاقتصادية والاجتماعية، غير أن قاعدة البيانات محدودة، ولا يمكنها تقييم رؤية الابتكار على أعلى المستويات الحكومية، ولكنها تشتمل على عناصر نُظُم الابتكار الوطنية المختلفة، وتتيح إجراء مقارنة بين البلدان. ولتحليل ملامح الابتكار استنادًا إلى دليل الابتكار العالمي من الضروري تحديد عناصر ملامح الابتكار في إطار هذا الدليل وبيان التقاطعات بينهما، ويبيّن الجدول (1) عناصر الابتكار التي ينبغي تحديدها مع عناصر الملامح التي تتقابل مع ركيزة واحدة أو أكثر باللون الأسود أو تلك المتعلقة جزئيًّا بالركائز الفرعية باللون الرمادي([6]).
جدول (1) ملامح الابتكار وركائز مؤشر الابتكار العالمي
اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، ملامح الابتكار في البلدان العربية: تحليل نقدي (بيروت: الأمم المتحدة، 2017) ص8.
وقد أدرج الاقتصاد غير النظامي في إطار الابتكار في البلدان الإفريقية، كما أُنشئ مرصد إفريقي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، لتحليل سياسات الابتكار بالقارة، وهو يقيّم الإنتاج الوطني للابتكار والتعاون بين البلدان الإفريقية ويتفاعل مع خطة عام 2063م([7]).
المحور الثاني
تحليل مؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة (2016-2022)
سنتناول في السياق التالي تحليل تطور مؤشر الابتكار العالمي في اقليم إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة من عام 2016 وحتى 2022م.
أولاً: تحليل مؤشر الابتكار العالمي لعام 2016م: “جني الأرباح من الابتكار العالمي”:
عالميًّا انضمت الصين إلى قائمة الاقتصادات الأكثر ابتكارًا، في حين احتلت سويسرا والسويد والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفنلندا وسنغافورة صدارة تصنيفات عام 2016م. والتقدم المُحرَز مِن قِبَل الصين إنما يُبيِّن تحسُّن أداء الصين الابتكاريّ فضلًا عن اعتبارات منهجية أخرى مثل تَحسُّن مقاييس الابتكار في المؤشر. وعلى الرغم من ذلك لا تزال هناك “فجوة ابتكارية” قائمة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية وسط تزايد وعي واضعي السياسات بالأهمية التي يكتسيها تعزيز الابتكار بالنسبة إلى اقتصاد يتَّسم بالنشاط والتنافس. والمعروف أن الابتكار يقتضي استثمارات متواصلة. فقبل أزمة عام 2009م، كانت نفقات البحث والتطوير تنمو بوتيرة سنوية قدرها 7%. ويشير مؤشر 2016م أن تلك النفقات لم تنمُ على الصعيد العالمي سوى بنسبة 4% في عام 2014م([8]).
وبالنسبة لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء؛ جاءت موريشيوس في الصدارة (المرتبة 53)، متبوعة بجنوب إفريقيا (المرتبة 54)، وكينيا (المرتبة 80)، ورواندا (المرتبة 83)، وموزامبيق (المرتبة 84). ومنذ عام 2012م، تجاوزت إفريقيا جنوب الصحراء كل المناطق الأخرى من حيث عدد البلدان المندرجة في مجموعة “منجزي الابتكار”؛ البلدان التي لديها أداء يفوق ما هو متوقع منها استنادًا إلى مستواها الإنمائي. وفي عام 2016م برزت كينيا ومدغشقر وملاوي وموزامبيق ورواندا وأوغندا.
ومكَّن تحسُّن الترتيب، على أساس المعايير الخاصة بالمؤسسات وتطور الأعمال والحصائل المعرفية والتكنولوجية، المنطقة من الالتحاق بمنطقة وسط وجنوب آسيا وتجاوز منطقة شمال إفريقيا وغرب آسيا.
ويشير متوسط أداء المنطقة إلى مواطن قوة من حيث سهولة بدء مشروع أعمال، وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات، واستحداث نماذج الأعمال، والإنفاق النسبي على التعليم، وإلى مواطن ضعف من حيث اضطلاع الشركات بأنشطة البحث والتطوير، والصادرات من المنتجات التكنولوجية البالغة التطور، وجودة الجامعات المحلية، وعدد المنشورات العلمية. وأوصى المؤشر بالحرص الدائم على احتفاظ تلك المنطقة بزخمها الابتكاري الحالي، والاستمرار، في الوقت ذاته، في تنويع الاقتصادات خارج إنتاج النفط وعائدات السلع([9]).
ثانيًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي 2017م “الابتكار يُطعم العالم”:
احتلَّت سويسرا والسويد وهولندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة صدارة أكثر البلدان ابتكارًا، وتتفوق مجموعة من البلدان؛ منها: الهند وكينيا وفيتنام على نظيراتها من البلدان المماثلة لها في مستوى التنمية، ويشير مؤشر الابتكار العالمي 2017م في إصداره العاشر إلى استمرار الفجوة في القدرة الابتكارية بين البلدان المتقدمة والنامية، ومعدلات النمو الاستثنائية لأنشطة البحث والتطوير على مستوى الحكومات والشركات على السواء. وحققت إفريقيا جنوب الصحراء أعلى الدرجات في المؤسسات وتطور السوق؛ إذ تبدي اقتصادات مثل موريشيوس وبوتسوانا وجنوب إفريقيا وناميبيا ورواندا وبوركينا فاسو أداء يوازي أو يفوق أداء بعض أقرانها من حيث مستوى التنمية في أوروبا وجنوب شرق آسيا، وشرق آسيا. ومنذ عام 2012م، تجاوزت إفريقيا جنوب الصحراء كل المناطق الأخرى من حيث عدد البلدان المندرجة في مجموعة “محققي الابتكار”. وبرزت كينيا ورواندا وموزامبيق وأوغندا وملاوي ومدغشقر والسنغال كمحققي ابتكار عام2017م، وعدة مرات في السنوات السابقة. ودخلت كل من بوروندي وتنزانيا قائمة محققي الابتكار([10]).
ثالثًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي لعام 2018م “الابتكار يمد العالم بالطاقة”:
انضمت الصين لقائمة أفضل 20 اقتصادًا في العالم؛ وسويسرا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة وسنغافورة والولايات المتحدة تحتل المراتب الأولى. وكان أداء عدد من الاقتصادات ذات الدخل الضعيف والمتوسط في مجال الابتكار أفضل بكثير من المتوقع من بلدان في مستوى تقدمها. وقد ضمت قائمة “البلدان المحققة للابتكار” في 2018م عشرين بلدًا، أي بزيادة ثلاثة بلدان مقارنة بتصنيف 2017م. وتنتمي ستّ دول منها إلى إفريقيا جنوب الصحراء. وتصدرت جنوب إفريقيا ترتيب الاقتصادات في إفريقيا جنوب الصحراء، تليها موريشيوس وكينيا. وقد نجح عدد من اقتصادات المنطقة، خلال الدورات الأخيرة لمؤشر الابتكار العالمي، في تحقيق أداء جيد نسبيًّا فيما يتعلق بالابتكار مقارنة بمستوى تقدم الاقتصاد: ([11]) ([12])
- حيث احتلت جنوب إفريقيا هذه السنة المرتبة (58). وقد تميز الاقتصاد الجنوب إفريقي في العديد من المؤشرات من سبيل تطور سوق وقطاع الأعمال. كما حققت أداء جيدًا في مؤشرات النفاذ إلى القروض، ورسملة السوق، وأوجه التعاون البحثي بين الجامعات والشركات، وتطوير مجموعات البحث والتطوير، وتسديد رسوم الملكية الفكرية. وتحسن أداء الدولة في مؤشر جودة الورقات البحثية والجامعات.
- واحتلت موريشيوس المرتبة الثانية في المنطقة، بفضل قوة مؤشر البيئة السياسة وبيئة الأعمال والقروض. وتميزت بأدائها الجيد في مؤشرات الاستقرار السياسي والأمن، وتمويل الحكومة لطلاب المدارس الثانوية، وفعالية استخدام الطاقة وتبادلها.
- وواصلت كينيا منذ عدد من السنوات تحقيق مستويات ابتكار عالية جدًّا مقارنة بمستوى تقدم الاقتصاد. وتتمثل مواطن قوة الاقتصاد الكيني في مؤشرات النفاذ إلى القروض (خاصة قروض التمويل الصغرى)، وسهولة ربط العلاقات في مجال الابتكار، وصادرات الخدمات الإبداعية، ومنها أنشطة البحث والتطوير الممولة من خارج البلد، وفعالية القوة العاملة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المطبوعة وغيرها.
رابعًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي لعام 2019م “التأسيس لحياة صحية – مستقبل الابتكار الطبي”:
تربعت سويسرا على عرش أكثر البلدان ابتكارًا في العالم، تليها السويد، ثم الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا والمملكة المتحدة، والذي يحدّد أيضًا الهند وجنوب إفريقيا وشيلي وسنغافورة والصين وفيتنام ورواندا كبلدان رائدة إقليميًّا ومترأسةً لمجموعاتها من حيث الدخل. ورغم علامات تباطؤ النمو الاقتصادي، فإن الابتكار يستمر في الازدهار، ولكنَّ الضغوط تلوح في الأفق بسبب الاختلالات التجارية والحمائية؛ إلا أن التخطيط الحكومي المستنير فيما يتعلق بالابتكار أمر حاسم لتحقيق النجاح.
ولا تزال مدخلات الابتكار ومخرجاته مركّزة في عدد قليل جدًّا من الاقتصادات. كما أن الفجوات لا تزال قائمة أيضًا في مدى فعالية الاقتصادات في الحصول على عائد على استثمارها في مجال الابتكار. وتتمكن بعض الاقتصادات من تحقيق الكثير بالقليل([13]).
وكانت الاقتصادات رائدة الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء عام 2019م كلّ من كينيا وجنوب إفريقيا ورواندا وموزامبيق. وتتصدر جنوب إفريقيا (63) ترتيب الاقتصادات في المنطقة، تليها كينيا (77) ثم موريشيوس (82). وتستفيد جنوب إفريقيا من سوق ائتمان واستثمار متطور نسبيًّا، على نحو ما تبيّنه مؤشرات مثل الائتمان المحلي للقطاع الخاص ورسملة السوق. ومن المؤشرات الأخرى التي حققت جنوب إفريقيا أداء جيدًا فيها نذكر مدفوعات الملكية الفكرية وجودة المنشورات. وأحرزت رواندا هذا العام تقدمًا ملحوظًا لتحتل المرتبة 94، متقدمة بخمسة مراكز مقارنة بعام 2018م. وهي أكبر اقتصاد في فئة الدخل المنخفض، فقد سجلت أداء جيدًا من حيث تكوين رأس المال، وسهولة الحصول على القروض، والشركات التي تقدم دورات تدريبية رسمية، وواردات التكنولوجيا الفائقة([14]).
خامسًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي لعام 2020م: “من سيموّل الابتكار؟”
ألقت جائحة كورونا بضغط هائل على الارتفاع طويل الأمد في الابتكار العالمي، ومن المرجح أن يعرقل ذلك بعض الأنشطة الابتكارية ويحفز الابتكار في أماكن أخرى، لا سيما في قطاع الصحة. ويُظهر المؤشر وجود استقرار عام على مستوى القمة، ولكنه يبرز تحوّلًا تدريجيًّا نحو الشرق. وتحتل سويسرا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وهولندا المراتب الأولى، وقد ضربت جائحة كوفيد-19 مشهد الابتكار في وقت كان فيه الابتكار مزدهرًا. ففي عام 2018م، نما الإنفاق في البحث والتطوير بنسبة 5.2%، أي بمعدل أسرع بكثير من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ووصل رأس المال الاستثماري واستخدام الملكية الفكرية إلى أعلى مستوياتهما. وتشير إحدى نتائج مؤشر الابتكار العالمي إلى أن الأموال اللازمة لتمويل المشاريع الابتكارية آخذة في النضوب. إذ تتراجع صفقات رأس المال الاستثماري بشكل حاد عبر أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا. وسيكون أثر هذا النقص في تمويل الابتكار غير متساوٍ، وستبرز الآثار السلبية بشكل أكبر على المشاريع الرأسمالية حديثة العهد والشركات الناشئة المعتمدة على البحث والتطوير والبلدان خارج بؤر رأس المال الاستثماري. وقد حفّزت أزمة كوفيد-19 الابتكار في العديد من القطاعات الجديدة والتقليدية، مثل الصحة والتعليم والسياحة وتجارة التجزئة([15]).
وبالنسبة لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء قادت موريشيوس (52) وجنوب إفريقيا (60) وكينيا (86) وجمهورية تنزانيا المتحدة (88) هذه المنطقة. وتحتل موريشيوس -التي تمتاز بمؤسسات عالية الجودة وسوق نشطة- المرتبة التاسعة في قائمة أكثر البلدان المتوسطة الدخل ابتكارًا في العالم. ومع ذلك، فإن مؤشر عام 2020م لموريشيوس متباين بشكل كبير في البيانات مقارنة بالعام 2019م. ويفسر مزيج من توافر البيانات الجديدة وتنقيحات البيانات على صعيدي المصدر والأداء، صعود موريشيوس في الترتيب.
والسوق الداخلية المتطورة هي أقوى مجالًا في جنوب إفريقيا؛ إذ تحتل المرتبة الأولى في رسملة السوق والمرتبة التاسعة في الائتمان المحلي للقطاع الخاص. وتبرز كينيا كأحد الاقتصادات التي حققت إنجازات باهرة في الابتكار لمدة عشر سنوات متتالية، وذلك بفضل ورودها في المراتب الخمس الأولى في مؤشرات مثل سهولة الحصول على القروض ونفقات البحث والتطوير الممولة من الخارج. وتستفيد تنزانيا من نظام ابتكار مترابط نسبيًّا وتواصل دولي جيد، وتحتل مكانة بين أفضل 25 اقتصادًا من حيث تكاليف الفصل والتسريح وإجمالي الاستثمار الرأسمالي. وحسّنت رواندا (91) تصنيفاتها هذا العام بشكل كبير، ويعود الفضل في ذلك جزئيًّا إلى تحسين تغطية البيانات. وتحتل مرتبة بين أفضل 15 اقتصادًا من حيث سهولة الحصول على القروض وقروض التمويل الصغرى ونمو الإنتاجية ([16]).
سادسًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي للعام 2021م: “تبّع الابتكار خلال أزمة كوفيد-19”:
أظهر المؤشر أن الحكومات والشركات في أجزاء كثيرة من العالم زادت من استثماراتها في الابتكار في ظل الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة الناجمة عن جائحة كورونا. ولا تزال سويسرا والسويد والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تتصدر ترتيب الابتكار. وكانت أبرز النتائج أن الاستثمارات في الابتكار وصلت إلى أعلى مستوًى لها على الإطلاق قبل الجائحة مع تقدم البحث والتطوير بمعدل استثنائي بلغ 8.5 في المئة في عام 2019م.
وسجَّلت الاعتمادات التي خصَّصتها الحكومات في ميزانياتها للإنفاق على البحث والتطوير، والتي تتوفر بياناتها، زيادة مستمرة في عام 2020م. فقد زادت الشركات الأولى عالميًّا من حيث الإنفاق على البحث والتطوير تلك النفقات بنحو 10% في عام 2020م، مع إبلاغ 60% من تلك الشركات الكثيفة من حيث البحث والتطوير عن زيادة نفقاتها. وزاد عدد صفقات رأس المال المخاطر بنسبة 5.8% في عام 2020م، بما يتجاوز معدل الزيادة المتوسط على مدى العقد الماضي. وعوّضت الزيادة الكبيرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بل تجاوزت الانخفاضات في أمريكا الشمالية وأوروبا. وسجلت إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي أيضًا زيادات تجاوزت 10%. وتشهد بيانات الفصل الأول من عام 2020 على النشاط الحيوي لمشاريع رأس المال المخاطر في عام 2021. وارتفع نشر المقالات العلمية في جميع أنحاء العالم بنسبة 7.6% في عام 2020([17]).
أما إفريقيا جنوب الصحراء؛ فقد تصدرت موريشيوس (52) وجنوب إفريقيا (61) وكينيا (85) والرأس الأخضر (89) وتنزانيا (90) هذه المنطقة. ولم ترسخ سوى كينيا وتنزانيا مكانتهما ضمن البلدان المئة الأولى، وحسَّنتا أداءهما بمرور الوقت. ووصلت الرأس الأخضر إلى المرتبة (89)، صعودًا من المرتبة (103) التي كانت تحتلها في عام 2013. وارتفع ترتيب تسعة اقتصادات أخرى منها ناميبيا (100)، وملاوي (107)، ومدغشقر (110)، وزمبابوي (113)، وبوركينا فاسو (115). واستعادت رواندا (102) مركز الصدارة بين الاقتصادات المنخفضة الدخل. وتتولى موريشيوس مركزًا رائدًا في صفقات رأس المال المخاطر. وتحتل ناميبيا الصدارة في الإنفاق على التعليم، وجنوب إفريقيا في رسملة السوق. وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي المنطقة التي يوجد بها أكبر عدد من الاقتصادات العالية الأداء في مجال الابتكار (6)، مع تصدر كينيا البلدان العالية الأداء لمدة أحد عشر عامًا متتالية([18]).
سابعًا: تحليل مؤشر الابتكار العالمي للعام 2022م: “ما مستقبل النمو القائم على الابتكار؟”
تصدرت سويسرا والولايات المتحدة والسويد والمملكة المتحدة وهولندا التصنيف باعتبارها الأكثر ابتكارًا في العالم لعام 2022م. بينما تقف الصين على أعتاب المراكز العشرة الأولى. كما تُظهر الاقتصادات الناشئة أداءً قويًّا ثابتًا. وبعد الخروج من جائحة كورونا ومع خروجنا من الجائحة، وقف الابتكار عند مفترق طرق. ففي حين ارتفعت الاستثمارات الابتكارية بقوة في عامي 2020 و2021م، يشوب التوقعات لعام 2022م الغموض، ولا يُعزَى ذلك لحالة عدم اليقين التي تُخَيِّم على العالم فحسب، ولكن لاستمرار ضعف الأداء في الإنتاجية المدفوعة بالابتكار([19]).
وقد نمت الاستثمارات في البحث والتطوير على مستوى العالم في عام 2020م بمعدل 3.3%، ولكنها تباطأت مقارنة بالارتفاع التاريخي في معدل نمو البحث والتطوير الذي سُجّل 6.1% في 2019م. وأظهرت مخصصات الميزانيات الحكومية بالاقتصادات الأكثر إنفاقًا على البحث والتطوير نموًّا ضخمًا في 2020م. وبالنسبة للميزانيات الحكومية في البحث والتطوير لعام 2021م، كانت الصورة أكثر تباينًا. وشهدت صفقات رأس المال الاستثماري طفرة كبيرة؛ حيث نمت بنسبة 46% في 2021م، مُسجّلة مستويات مماثلة لسنوات ازدهار الإنترنت في أواخر التسعينيات. كما تشهد مناطق أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وإفريقيا أكبر نموٍّ لرأس المال الاستثماري. ومع ذلك، فإن توقعات رأس المال الاستثماري لعام 2022م أكثر واقعية؛ إذ سيؤدي تشديد السياسات النقدية والتأثير على رأس المال المخاطر إلى تباطؤ في رأس المال الاستثماري. وقد ارتفعت توقعات الأداء الابتكاري للعديد من الاقتصادات النامية مقارنة بمستوى تنميتها الاقتصادية، بما فيها البلدان الوافدة حديثًا، وهناك ثمانية بلدان يفوق أداؤها المتوقع في مجال الابتكار، منها بلدان من إفريقيا جنوب الصحراء، مع وجود كينيا ورواندا وموزمبيق في الطليعة([20]).
ويرسم مؤشر الابتكار العالمي 2022 إمكانية ظهور موجتين جديدتين من الابتكار: موجة ابتكار في العصر الرقمي مبنية على الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي والأتمتة، توشك على إحداث تأثيرات إنتاجية كبيرة في جميع قطاعات ومجالات البحث العلمي، وموجة ابتكار متمحورة حول العلوم العميقة المبنية على اختراقات في التكنولوجيات الحيوية وتكنولوجيات نانو والمواد الجديدة وغيرها من العلوم، التي تحدث ثورة في الابتكارات في أربعة مجالات ذات أهمية رئيسية للمجتمع، وهي: الصحة والغذاء والبيئة والتنقل.
ويبين الجدول رقم (2) ترتيب بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022م؛ حيث تصدرت موريشيوس المرتبة (45)، وجنوب إفريقيا المنطقة (المرتبة 61)، تليها بوتسوانا (المرتبة 86) وكينيا (المرتبة 88). وارتفع ستة عشر اقتصادًا في المنطقة في تصنيفات المؤشر. وبالإضافة إلى موريشيوس وبوتسوانا، أدخلت غانا (المرتبة 95) والسنغال (المرتبة 99) وزيمبابوي (المرتبة 107)، وإثيوبيا (المرتبة 117) وأنغولا (المرتبة 127) تحسينات ملحوظة على ترتيبها في المؤشر ([21]).
جدول (2)
مؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء عام 2022م
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2022 What is the future of innovation-driven growth?15Th Edition (Geneva: WIPO,2022)p.19.
كما يبين الجدول رقم (3) مراتب الدول حسب ركائز مؤشر الابتكار لعام 2022م؛ حيث تتصدر جنوب إفريقيا في رأس المال السوقي، بينما تؤدي بوتسوانا أداءً جيدًا في عدة مؤشرات، مثل القروض من مؤسسات التمويل الأصغر، ومدفوعات الملكية الفكرية. كما تتصدر ناميبيا (96) عالميًّا في الإنفاق على التعليم، بينما يتجاوز أداؤها بكثير المتوسط الإقليمي في رأس المال البشري والبحوث. أما إفريقيا جنوب الصحراء، فهي المنطقة التي تضم أكبر عدد من الاقتصادات ذات الأداء المتفوق في مجال الابتكار (8 اقتصاداتٍ)، مع احتفاظ كينيا بسجل الأداء المتفوق لمدة اثني عشر عامًا متتالية. كما تفوقت رواندا (المرتبة 105) وموزمبيق (المرتبة 123) على الدوام. وتعود بوروندي (المرتبة 130) إلى مؤشر الابتكار العالمي هذا العام، بفضل تحسن توافر البيانات، بينما تنضم موريتانيا (المرتبة 129) إلى مؤشر الابتكار العالمي لأول مرة([22]).
جدول (3)
الركائز السبعة لمؤشر الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2022م
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2022 What is the future of innovation-driven growth?15Th Edition (Geneva: WIPO,2022)pp,50-51.
المحور الثالث
تحليل مؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء للعام 2023م
“الابتكار في مواجهة عدم اليقين”
يتعقب مؤشر الابتكار العالمي 2023م اتجاهات الابتكار العالمية في ظل حالة عدم اليقين الناجمة عن بطء التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، وارتفاع أسعار الفائدة والصراعات الجيوسياسية، مع التفاؤل بوجود موجتين للابتكار؛ موجة العصر الرقمي وموجة العلوم العميقة، إلى جانب التقدم التكنولوجي. وبعد الطفرة التي شهدتها الاستثمارات في الابتكار في عام 2021م، أظهرت هذه الاستثمارات أداءً متباينًا في عام 2022م. واستمرت المنشورات العلمية وأنشطة البحث والتطوير وصفقات رأس المال الاستثماري والبراءات في الزيادة إلى مستويات أعلى. ورغم ذلك، فإن معدلات النمو كانت أقل من الزيادات الاستثنائية التي شهدها عام 2021م. كما انخفضت قيمة استثمارات رأس المال الاستثماري وشهدت إيداعات البراءات الدولية ركودًا في عام 2022م، وبشكل عام([23]):
- لا تزال مؤشرات التقدم التكنولوجي في مجالات تكنولوجيا المعلومات والصحة والطاقة تُظهر تقدمًا؛ فموجتا الابتكار المتمحورتان حول العصر الرقمي والعلوم العميقة جاريتان على قدمٍ وساقٍ. وأصبحت الحواسيب الفائقة أسرع وأكثر ترشيدًا في استخدام الطاقة. وتُعدّ تكلفة تكنولوجيات التسلسل الجينومي والطاقة المنخفضة الانبعاثات، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، آخذة في التناقص. ونظرًا لتقلب أسعار المدخلات المطلوبة، ارتفعت تكلفة البطاريات الكهربائية بشكل حاد في عام 2022م، على الرغم من أن الاتجاه طويل المدى لا يزال تنازليًّا.
- يتطور اعتماد التكنولوجيا بشكل إيجابي، مع وجود حالة استثنائية واحدة: فقد أصبح الصرف الصحي الآمن، والاتصال، والروبوتات، والمركبات الكهربائية الآن أكثر انتشارًا، على الرغم من أن انتشار بعض التكنولوجيات لا يزال منخفضًا كالسيارات الكهربائية، ولا يزال اعتماد العلاج الإشعاعي للسرطان غير كافٍ في العديد من البلدان.
- لا يزال التأثير الاجتماعي والاقتصادي للابتكار عند أدنى مستوياته للعام الثاني على التوالي، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى التأثير قصير المدى للجائحة. وتعد إنتاجية العمل حاليًّا في حالة جمود. وانخفض متوسط العمر المتوقع للعام الثاني على التوالي، في حين تباطأت الزيادة في متوسط العمر المتوقع الصحي. وارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بقوة في عام 2021م، ولكن بشكل أقل في عام 2022. ورغم أن الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023م تشير إلى ارتفاع متواضع في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؛ فإن الانبعاثات مستمرة في الزيادة.
وقد احتلت سويسرا للعام الثالث عشر على التوالي المرتبة الأولى في مؤشر 2023م. وتحتل السويد المرتبة الثانية والولايات المتحدة المرتبة الثالثة وتليها المملكة المتحدة ثم سنغافورة، واحتلت الصين التي لا تزال الاقتصاد الوحيد متوسط الدخل ضمن قائمة المراتب الثلاثين ودخلت جنوب إفريقيا (المرتبة 59) قائمة البلدان الستين الأولى. وفي السنوات الأربع الماضية (2019-2023م)، ومنذ بدء الجائحة، كانت موريشيوس المرتبة (57) من بين خمسة بلدان الأكثر صعودًا في الترتيب([24]).
وفي إفريقيا جنوب الصحراء، يبين الجدول (4) أن موريشيوس حلت في المرتبة (57)، وجنوب إفريقيا في المرتبة (59)؛ وهما فقط في قائمة البلدان الستين الأولى؛ إذ دخلت جنوب إفريقيا هذه القائمة بعد أن ارتقت مرتبتين منذ العام الماضي. وثمة ستة اقتصادات أخرى في الإقليم صُنّفت ضمن الاقتصادات المائة الأولى على مستوى العالم، وهي بوتسوانا المرتبة (85) والرأس الأخضر المرتبة (91) – التي عادت إلى مؤشر الابتكار العالمي في عام 2023م-، والسنغال المرتبة (93) وناميبيا المرتبة (96) وغانا المرتبة (99) وكينيا المرتبة (100).
وارتقت 9 اقتصادات في الإقليم تصنيف المؤشر -من أصل 28 شملها التقرير-، ومنها جنوب إفريقيا، والسنغال، ورواندا – قائدة فئة الدخل المنخفض المضي قدمًا -المرتبة (103) وتوغو المرتبة (114) وموريتانيا المرتبة (127)، وواصلت بوتسوانا المرتبة (85) المضي قدمًا؛ إذ ارتقت مرتبة واحدة عالميًّا واحتفظت بالمرتبة الثانية إقليميًّا. وكانت جنوب إفريقيا المرتبة (59) – التي ارتقت مرتبتين، ضمن البلدان الستين الأولى ومدغشقر المرتبة (107)، وبوروندي المرتبة (130) من ذوي الأداء المتفوق في مجال الابتكار هذا العام.
ومن بين البلدان التي شهدت تحسنًا ملحوظًا في الإقليم نيجيريا –التي قفزت قفزتين من أكبر القفزات إلى الأمام- المرتبة (109) وتوغو المرتبة (114) وبنين المرتبة (120) وغينيا المرتبة (128)، وباستثناء اقتصادات الجزر، أصبحت السنغال ثالث أكثر الاقتصادات ابتكارًا في الإقليم في عام 2023م([25]) ([26]).
جدول (4)
مؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2023 Innovation in the face of uncertainty 16Th Edition (Geneva: WIPO,2023)p.19.
كما يبين الشكل رقم (1) أن أداء العديد من الاقتصادات النامية يفوق التوقعات فيما يتعلق بالابتكار مقارنة بمستوى التنمية الاقتصادية لديها؛ حيث حقق ما مجموعه 21 اقتصادًا أداء متفوقًا في الابتكار مقارنة بمستوى التنمية، وتقع تلك الاقتصادات في معظمها في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا وشرق آسيا. مع عودتين ملحوظتين وهما السنغال ومقدونيا الشمالية المرتبة (54)([27]).
الشكل رقم (1)
الاقتصادات المتفوقة في أداء الابتكار، مقارنة بتنميتها الاقتصادية
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2023 Innovation in the face of uncertainty 16Th Edition (Geneva: WIPO,2023)p.60.
ويبين الجدول رقم (5) الاقتصادات المتفوقة في أداء الابتكار لعام 2023م في إفريقيا جنوب الصحراء وفئة الدخل التي تنتمي إليها، والسنوات التي قضتها في التفوق؛ وهي: رواند ومدغشقر والسنغال وجنوب إفريقيا وبورندي.
جدول رقم (5)
الاقتصادات المتفوقة في أداء الابتكار في عام 2023م في إفريقيا جنوب الصحراء
وفئة الدخل التي تنتمي إليها، والسنوات التي قضتها وهي متفوقة في أداء الابتكار
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2023 Innovation in the face of uncertainty 16Th Edition (Geneva: WIPO,2023)p.56.
وعلى النقيض من ذلك، كان أداء 37 اقتصادًا أقل من المتوقع على مستوى العالم، وكان نصيب إفريقيا جنوب الصحراء (9) دول من بينها؛ ساحل العاج المرتبة (112) وبنين، المرتبة (120). والكاميرون المرتبة (123)، وموريتانيا المرتبة (127) وأنغولا المرتبة (132) ([28]).
وبالمقارنة بعام 2022، بدل 23 اقتصادًا مجموعة أدائه. وانتقلت سبعة اقتصادات من أداء أقل من المتوقع إلى أداء ضمن التوقعات على مستوى العالم أيضًا، من بينها ناميبيا المرتبة (96)، ونيجيريا المرتبة (109) وزامبيا المرتبة (118) ([29]).
ويبين الجدول رقم (6) أداء الابتكار حسب مستويات الدخل ومستوى التنمية؛ حيث تفوقت جنوب إفريقيا والسنغال ورواند ومدغشقر وبورندي على مستوى تنميتها فيما يتعلق بمجال الابتكار.
جدول رقم (6)
أداء الابتكار حسب مستويات الدخل لعام 2023 في إفريقيا جنوب الصحراء
المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2023 من سيمول الابتكار (جنيف: مركز الويبو،2023) ص4.
ويبين الجدول رقم (7) نصيب إقليم إفريقيا جنوب الصحراء من المراتب العشرة الأولى حسب فئة الدخل في العالم 2023م.
جدول رقم (7)
نصيب إقليم إفريقيا جنوب الصحراء من العشرة الأولى حسب فئة الدخل في العالم 2023م.
المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2023 من سيمول الابتكار (جنيف: مركز الويبو،2023)، ص16.
حيث احتلت موريشيوس المركز العاشر عالميًّا في فئة الدخل المتوسط في شريحته العليا على مستوى العالم، بينما كانت المراكز العشرة الأولى في الترتيب العالمي في فئة الدخل المنخفض من نصيب إفريقيا جنوب الصحراء كاملة.
وعلى مستوى الركائز السبع لمؤشر الابتكار العالمي في إفريقيا جنوب الصحراء وكما يوضّح الجدول رقم (8). حلّت موريشيوس في المرتبة الأولى في الإقليم من حيث المؤسسات المرتبة (26) ورأس المال البشري والبحوث المرتبة (64) وتطور الأسواق المرتبة (24) والمخرجات الإبداعية المرتبة (57) وهي تتصدر العالم من حيث مستثمري رأس المال الاستثماري في المرتبة الأولى. وحلّت في المرتبة (5) من حيث رأس المال الاستثماري المستلم.
وتصدرت الرأس الأخضر الإقليم من حيث البنية التحتية المرتبة (64)، وحققت أداء جيدًا من حيث تكوين رأس المال الإجمالي المرتبة (3) والإنفاق على التعليم المرتبة (13) وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المرتبة (17).
واحتلت بوتسوانا الصدارة من حيث تطور الأعمال المرتبة (56)، وكان أداؤها جيدًا من حيث القروض المقدمة من مؤسسات التمويل المتناهي الصغر المرتبة (12).
وتصدّرت جنوب إفريقيا الإقليم من حيث مخرجات المعرفة والتكنولوجيا المرتبة (56)، وذلك بفضل أدائها الجيد من حيث الإنفاق على البرمجيات المرتبة (28) والبراءات حسب المنشأ المرتبة (34) والبراءات الصادرة بموجب معاهدة التعاون بشأن البراءات المرتبة (40)، وتقدير شركتيها أحاديتي القرن([30]) المرتبة(37)؛ وهما شركة Promasidor Holdings للسلع الاستهلاكية والتجزئة، وشركة Cell C للهواتف المحمولة والاتصالات.
وأخيرًا، ارتقت السنغال ست مراتب هذا العام؛ إذ شهدت تحسنًا ملحوظًا من حيث مخرجات المعرفة والتكنولوجيا المرتبة (63)، وقد حلّت في المرتبة الأولى عالميًا من حيث تقدير شركتها أحادية القرن Wave للتكنولوجيات المالية، وتقاسمت المرتبة الأولى مع اقتصادات ذات الدخل المرتفع. وحققت أداءً جيدًا من حيث تكوين رأس المال الإجمالي المرتبة (8) والقروض المقدمة من مؤسسات التمويل المتناهي الصغر المرتبة (10)، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المرتبة (13) ورأس المال الاستثماري المستلم المرتبة (19) ([31]).
جدول رقم (8)
الركائز السبعة لمؤشر الابتكار في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023م
Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2023 Innovation in the face of uncertainty 16Th Edition (Geneva: WIPO,2023)pp.58-59
خاتمة:
ثمة العديد من الرؤى الهامة المنبثقة من تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023م. حيث يتغير مشهد الابتكار العالمي بشكل عام وفي بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بشكل خاص تحت تأثير الجائحة والتعافي منها والاضطرابات الجيوسياسية، ونتيجة لذلك، فإن بعض التغييرات في ترتيب مؤشر الابتكار العالمي هذا العام قد تُعبّر جزئيًّا عن اتجاهات قصيرة المدى وليست طويلة المدى. وكانت أبرز التغييرات في مشهد الابتكار في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، أن تصدّرت موريشيوس وجنوب إفريقيا إقليم إفريقيا جنوب الصحراء، فهما تتمتعان بمكانتين قويتين ضمن الاقتصادات الستين الأولى في مؤشر الابتكار العالمي، وتفوقت خمسة اقتصادات في الإقليم في أداء الابتكار، وكانت رواندا البلد الذي دام تفوقه لأطول فترة.
وعلى غرار العام الماضي، وباستثناء تلك الاقتصادات المذكورة للتوّ؛ تحتاج المزيد من الاقتصادات في المنطقة إلى مزيد من التحسين المنهجي والتدريجي لهيكل نظامها الإيكولوجي للابتكار وأدائه. وأكثر من أي وقت مضى، لا بد من اتباع عمليات رصد وثيق لآثار الجائحة، والضغط النزولي على رأس المال المخاطر، وارتفاع أسعار الفائدة ومستويات الديون، إلى جانب آثار تعطيل سلاسل التوريد العالمية على أنظمة الابتكار الناشئة في تلك الاقتصادات. والهدف من ذلك هو الحفاظ على التغييرات الإيجابية العديدة التي حدثت خلال العقدين الماضيين من حيث إدراج أنظمة الابتكار وسياساته في جداول أعمال واضعي السياسات والمشرعين والجهات الفاعلة في مجال الابتكار في تلك البلدان. ويُعدّ رصد تطور الابتكار عن كثب أمرًا أساسيًّا أيضًا في سياق أهداف التنمية المستدامة.
………………………………..
[1]) إنمار غالب كليب، وبشري عبد الباري أحمد، وقتيبة ماهر محمود، “أثر الإنفاق على البحث والتطوير في مؤشر الابتكار العالمي لعينة من بلدان مختارة للمدة (2013-2015م)”، مجلة الجامعة العراقية (بغداد، الجامعة العراقية، ع 49، ج 2،2016)، ص457.
[2]) المرجع السابق، ص458.
[3]) د. نيفين حسين محمد، دور الإبداع والابتكار المستمر في ضمان المركز التنافسي للمؤسسات الاقتصادية والدول” دراسة حالة دولة الإمارات (دبي: وزارة الاقتصاد، 2016) ص ص9-10.
[4]) سليم أحمد المصمودي، “مؤشر الابتكار ومقوماته: نحو ابتكار يُنَشّط أمننة المجتمعات”، أوراق السياسات الأمنية (دبي: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 2022) ص ص 2-3.
[5]) اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، ملامح الابتكار في البلدان العربية: تحليل نقدي (بيروت: الأمم المتحدة، 2017)، ص: 7.
[6]) المرجع السابق، ص: 8.
[7]) المرجع السابق، نفس الصفحة.
[8]) مركز الويبو الإعلامي، مؤشر الابتكار العالمي 2016م. متاح على الرابط:
https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2016/article_0008.html
[9]) المرجع السابق.
[10]) Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2017 Innovation Feeding the World Tenth Edition (Geneva: WIPO,2017)
[11]) _____________________________________________________, The Global Innovation Index 2018 Energizing the World with Innovation 11Th Edition (Geneva: WIPO,2018)
[12]) مركز الويبو الإعلامي، مؤشر الابتكار العالمي 2018م. متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2018/article_0005.html#rankings
[13]) المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2019م التأسيس لحياة صحية: مستقبل الابتكار الطبي (جنيف: مركز الويبو، 2019م) ص ص: 2-17.
[14]) مركز الويبو الإعلامي، مؤشر الابتكار العالمي2019، متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2019/article_0008.html
[15]) المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2020 من سيمول الابتكار(جنيف: مركز الويبو ،2020) .
[16]) مركز الويبو الإعلامي، مؤشر الابتكار العالمي 2020، متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2020/article_0017.html
[17]) المرجع السابق، متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2021/article_0008.html
[18]) المرجع السابق.
[19]) مركز الويبو الإعلامي، مؤشر الابتكار العالمي 2022، متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2022/article_0011.html
[20]) المرجع السابق.
[21]) Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2022 What is the future of innovation-driven growth?15Th Edition (Geneva: WIPO,2022) p.52.
[22]) Soumitra Dutta, Bruno.Op.cit.p.52.
[23]) المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2023 من سيمول الابتكار (جنيف: مركز الويبو، 2023). ص ص6-7.
[24]) المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2023م، م.س.ذ. ، ص: ص7-8.
[25]) Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent(eds), The Global Innovation Index 2023 Innovation in the face of uncertainty 16Th Edition (Geneva: WIPO,2023)p.63.
[26]) الويبو، مؤشر الابتكار العالمي 2023، متاح على الرابط: https://www.wipo.int/pressroom/ar/articles/2023/article_0011.html
[27]) Soumitra Dutta,Op.cit, p.60.
[28]) المنظمة العالمية للملكة الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي 2023م، م.س.ذ. ص: 18.
[29]) المرجع السابق، ص: 19.
[30]) حيث تضمنت نسخة 2023 من مؤشر الابتكار العالمي مؤشرًا جديدًا يتعلق بالتقدير المجمّع لقيم الشركات أحادية القرن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. والشركة أحادية القرن هي شركة ناشئة مملوكة للقطاع الخاص تُقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار أمريكي، وتشهد الشركات أحادية القرن نموًّا سريعًا. وهي غالبًا ما تزعزع الأوضاع السائدة في الصناعات من خلال تقديم منتجات أو خدمات أو نماذج أعمال مبتكرة لديها القدرة على إعادة تشكيل قطاعات بأكملها.
[31]) الويبو، مؤشر الابتكار العالمي 2023، م.س.ذ.