حمل الرئيس السنغالي ماكي سال مسؤولية ما يحدث في القارة الإفريقية من صراعات وانقلابات عسكرية إلى أطراف خارجية، مما يقلل من تأثير الاتحاد الإفريقي إذا قرر اتخاذ إجراءات صارمة لكونه يصطدم غالبا بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.
ورفض القول إن ما يحدث في القارة السمراء يمثل ردة عن الاستقرار السياسي، ووصف الاتحاد الإفريقي بأنه مظلوم في ظل ما سماه “الواقع المرير”. ولفت إلى تجميد قرارات متخذة لحل الأزمات بعد اللجوء إلى مجلس الأمن، كاشفا أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والاتحاد الإفريقي تم تحييدهما بفعل التدخل الخارجي.
وعن موجة الانقلابات الأخيرة في إفريقيا، قال سال لبرنامج “المقابلة” بتاريخ (2023/10/1) إن إيكواس تفهمت في البداية ما جرى في مالي في ظل التهديدات الإرهابية والمشكلات الأمنية والأزمات الاقتصادية، لكن الأمور تطورت لتصل إلى غينيا وبوركينا فاسو ثم النيجر وأخيرا الجابون، واصفا ما حدث بـ”الوباء”.
وبحسب سال، فإن ما يحدث في القارة السمراء تقف خلفه “أيادٍ خارجية” تعبث بإفريقيا، وهي القوى التي تتحرك عندما يكون هناك صراع أو دعم لطرف ما، أو الجهات التي تعرقل قرارات مجلس الأمن، منددا كذلك بتفاقم الأوضاع في السودان وليبيا.
ووفق قناعته، يؤمن الرئيس السنغالي بأن الجيوش غير مدربة على إدارة الدول وإنما للدفاع عن البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها، ولفت إلى أن الانقلابات العسكرية ليست حلاً للمشكلات، مطالبا بحشد كافة الموارد لمكافحة الإرهاب، وعدم ترك المسؤولية لدولة واحدة.
وتطرق إلى حالة النيجر، مؤكدا على موقف إيكواس بقرار التدخل العسكري لإجبار الجيش النيجري على التنحي عن السلطة، لكنه ربط اللجوء إليه في حال فشل كافة المساعي الدبلوماسية، واستدل بالتدخل الذي حدث في غامبيا عام 2017 وقبلها في غينيا بيساو وسيراليون وليبيريا.
ولم يستسغ القول إن إيكواس ترددت في التحرك بعد انقلاب النيجر كما حدث مع غامبيا، مشيرا إلى ضرورة التعامل مع كل بلد على نحو منفصل، “فكل فترة تتطلب تقييما خاصا”.
وأوضح أن غامبيا كانت مجاورة للسنغال، في حين هناك دول متاخمة للنيجر وعليها أن تكون في الطليعة، ثم يمكن للبلدان الأخرى التي تتفق معها الانضمام إليها لتقديم الدعم اللازم إذا كان الخيار العسكري هو الأمثل.
وفي حالة الجابون، بيّن الرئيس السنغالي أن لكل انقلاب شكله الخاص مع النتيجة نفسها، حيث تحرك الجيش بعد عملية انتخابية رأى أنها ستجر البلاد لوضع صعب، ثم احتجز الرئيس علي بونجو، وأطلق سراحه، مجددا إدانته لكل الانقلابات.
وبينما قال إن المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الوسطى (إيكاس) هي المعنية بالتعامل مع انقلاب الجابون، رفض تحميل الدول التي دربت قادة الانقلابات المسؤولية عن حدوثها، وذلك في معرض رده على سؤال حول ما ذكره كاتب صحفي من أن التمرد بالنيجر هو رقم “11” الذي يقوده ضباط تلقوا تدريبا بالولايات المتحدة.
واستهجن الرئيس السنغالي إبراز النظرة السلبية حول إفريقيا في وقت يمكن فيه ذكر 30 دولة في القارة تسير لديها الأمور على نحو جيد للغاية، ولفت إلى أن نظرة العالم لإفريقيا ليست دائمة إيجابية بعدما مرت بالعبودية ثم الاستعمار والمرحلة التي تلته، وشدد على أن المعركة تتمثل في تغيير هذه النظرة.
وانبرى سال للدفاع عن فرنسا في ظل الموجة المناهضة لها، والتي قال إنها تتلخص في تدمير صورتها بالقارة الإفريقية، مطالبا باريس بضرورة التعلم من الأخطاء وتحسين صورتها ومحاولة فهم إفريقيا، وشدد على أن الأفارقة يرفضون طريقة التخاطب “كما لو كانوا أطفالا”.
واستعرض مزايا القارة السمراء من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية، وقال إنها قارة شابة وديناميكية، وتمتلك قدرة على مساعدة العالم على التحول في مجال الطاقة بسبب الموارد المعدنية الأساسية في ظل ندرة المعادن والأراضي في العالم.
وعرج في ختام حديثه على علاقات السنغال القوية اقتصاديا وتجاريا مع فرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، نافيا وجود امتيازات عسكرية حدثت مؤخرا مع واشنطن، لكنه أشار إلى تبادل معلومات استخبارية.
وأكد أن إفريقيا تنأى بنفسها عن الصراع الروسي الغربي الذي تفاقم بعد غزو أوكرانيا، وشدد على موقف القارة السمراء باحترام مبادئ الأمم المتحدة وعدم تغيير الحدود الدولية، ولهذا -بحسب قوله- جاءت المبادرة الإفريقية بشأن حرب موسكو وكييف.