مقدمة:
من المُنتظَر أن تُوجّه زامبيا الدعوة لإسرائيل؛ للمشاركة في قمة التكنولوجيا المالية الإفريقية بعد المقبلة، أي النسخة الحادية عشرة، والتي ستستضيفها العاصمة لوساكا في عام 2024م، وهي القمة التي ستكون الثانية على التوالي التي يستضيفها البلد الواقع في الجنوب الإفريقي، عقب القمة المرتقبة في مطلع نوفمبر المقبل.
هذا التعهُّد قطعه الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما على نفسه، أمام نظيره الإسرائيلي “يتسحاق هرتسوغ”، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب؛ إذ أبلغه أنه يَعتزم دعوة بلاده للمشاركة في القمة إلى جوار الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا، في وقتٍ يحمل فيه هذا المنتدى أهمية قصوى لبلدان القارة الإفريقية كافةً، وسط طموح كبير لتعزيز قطاع التكنولوجية المالية والخدمات المالية الرقمية والشمول المالي في أرجاء القارة.
السوق الزامبية للتكنولوجيا المالية عَرفت طفرات ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية، يصفها مراقبون بـ”الثورية”، رفعت من سقف طوح لوساكا، ليس فقط من أجل التحوّل إلى مركز إفريقي رائد في هذا الحقل، ولكن لقيادة القارة الإفريقية نحو تطوير الخدمات المالية الرقمية وتعزيز عمليات الشمول المالي، ووضع القارة على خريطة الأعمال الدولية للتكنولوجيا المالية.
ويتضاعف أعداد الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا المالية في زامبيا من عامٍ إلى آخر بشكل ملحوظ، ويتزايد معها عدد مستخدمي الخدمات المالية الرقمية عبر الهواتف النقالة وتطبيقات الإنترنت، لتصبح سوق التكنولوجيا المالية في زامبيا هي السوق الأكبر للاستثمار الرقمي في هذا البلد في الوقت الراهن.
ومن هذا المنطلق، وُضِعَ ملف التعاون الاقتصادي، ولا سيما في قطاع التكنولوجيا المالية، على رأس أجندة الرئيس الزامبي خلال زيارته إلى تل أبيب، في بداية أغسطس الماضي، في وقتٍ يشهد فيه سوق الابتكار في إسرائيل نموًّا ملحوظًا، وبات الاقتصاد الإسرائيلي يَعتمد على التكنولوجيا الفائقة وصادرات هذا القطاع التي تشكل قرابة 50% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، ومِن ثَم يبدو أن التعاون بين لوساكا وتل أبيب لدفع قطاع التكنولوجيا المالية في البلد الإفريقي قادم لا محالة.
العلاقات الإسرائيلية-الزامبية هي علاقات قديمة، تأسَّست منذ عام 1964م، إلا أنها شهدت تراجعًا، مثلها مثل علاقات تل أبيب بدول إفريقية عديدة، متأثرة باحتلال إسرائيل لأجزاء من دول عربية عقب حرب عام 1967م، إلا أنها عادت بعد ذلك مطلع تسعينيات القرن الماضي، وأخيرًا شجَّعت التطورات الإقليمية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، في منتصف سبتمبر 2020م، وتوقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، دولًا إفريقية للمضي نحو تعزيز علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.
أولًا: التكنولوجيا المالية كسوق مزدهرة في زامبيا
بحسب دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة لتنمية رأس المال (UNCDF) في شهر مايو 2023م، شهد قطاع التكنولوجيا المالية (Financial technology) في زامبيا تطورات ملحوظة خلال السنوات الخمس الأخيرة، ونشطت في الفترة بين أعوام (2018-2023م) 25 شركة محلية في زامبيا على الأقل داخل النظام البيئي للتكنولوجيا المالية، وحدَّد صندوق الأمم المتحدة للمشروعات الإنتاجية 57 شركة للتكنولوجيا المالية تعمل حاليًا في زامبيا، وسط توقعات بزيادة أعداد الشركات العاملة في هذا الحقل.
وتعمل الشركات المحلية ذات الصلة بقطاع التكنولوجيا المالية في زامبيا على تعزيز ورفع كفاءة خدماتها المتنوعة، والتي تعتمد في الوصول إلى الجمهور على تطبيقات الهواتف المحمولة، ومنصات الإنترنت، والتقنيات الأحدث، مثل تقنية سلسلة الكتل (Blockchain) اللامركزية؛ بغية توفير منتجات وخدمات مالية للعملاء بوسائل حديثة.
وعلى الرغم من ذلك وجدت الدراسة أن قطاع التكنولوجيا المالية يواجه تحديات تتعلق بمدى كفاءة استخدام البنية التحتية للمدفوعات الإلكترونية الحالية. ومن بين تلك التحديات -على سبيل المثال-: الكُلفة المرتفعة نسبيًّا للمعاملات، ومحدودية سيولة الوكلاء، وأوقات التوقف المتكررة للمنصات التي تعتمد على خوادم الطرف الثالث للمعاملات بين مقدمي الخدمات، ومدى قدرة العملاء على التعامل مع التقنيات الحديثة، في وقتٍ يُعدّ فيه تحسين تجربة المستخدمين والعملاء والأعمال في استخدام المدفوعات الرقمية محليًّا وإقليميًّا أمرًا بالغ الأهمية لنمو سوق التكنولوجيا المالية في زامبيا[[1]].
وبوجه عام، التكنولوجيا المالية التي تُعرَف اختصارًا بـFin Tech))؛ هي كل ابتكار يُوظَّف في الخدمات المالية الرقمية؛ بغية التأثير على الأسواق والمؤسسات وتقديم الخدمات المالية بصورتها الحديثة، وتعد نتاجًا طبيعيًّا لتقاطع العمليات المالية مع استخدامات التكنولوجيا الحديثة، وتستهدف تحسين عمليات إدارة الخدمات المالية؛ من خلال اقتراح حلول تقنية وفقًا لمواقف العمل المختلفة، وقد تؤدي الأفكار المبتكرة أيضًا إلى نماذج أعمال جديدة. وتشمل التكنولوجيا المالية الشركات التي تُطوّر خدمات ومنتجات مالية مبتكرة مثل: الدفع الإلكتروني، والمَحافِظ الإلكترونية، وتحويل الأموال، والتأمين، والاقتراض والتمويل، وخدمات الاستثمار، ومنصات التداول، عبر الاعتماد على الاستخدام المكثّف لتكنولوجيا المعلومات[[2]].
وتقدر شركة ستاتيستا (Statista) الألمانية المختصة ببيانات السوق والمستهلكين، أن تصبح سوق التكنولوجيا المالية في زامبيا بحلول نهاية العام الجاري 2023م، أكبر سوق للاستثمار الرقمي في البلاد، في وقت من المقدّر أن يشهد سوق الأصول الرقمية نموًّا في الإيرادات بنسبة 34,9٪ في عام 2024م[[3]].
وشهدت زامبيا طفرات كبيرة في أنظمة الشمول المالي الرقمي وسوق التكنولوجيا المالية والخدمات المرتبطة بهذا القطاع، وعلى سبيل المثال، بعد أن كان 2% فقط من البالغين في زامبيا في عام 2014م لديهم حسابات نشطة للتمويل الرقمي، أصبح قرابة 44% من السكان البالغين لديهم حسابات من هذا النوع في غضون عام 2019م، وقبل هذا التاريخ كان النظام البيئي هناك مختلفًا بشكل جذريّ، لكنَّه شهد ثورة حقيقية في غضون خمس سنوات فقط، وتجاوز كل التوقعات، سواء المحلية منها أو الدولية.
ولم يعد هذا القطاع يقتصر فقط على التحويلات المالية عبر الهاتف المحمول، بل تطور استخدام الخدمات المالية الرقمية من الجيل الأول من التحويلات، والذي يشمل التحويل من شخص إلى شخص، ومعاملات السحب والإيداع النقدي ومشتريات الإنترنت، إلى الجيل الثاني من المنتجات الرقمية، والذي يشمل المنتجات والتحويلات الدولية والمدفوعات التجارية والقروض الرقمية، فيما يُقدّر مراقبون أن السوق الزامبية جاهزة للموجة التالية من ابتكارات التمويل الرقمي الشاملة[[4]].
ثانيًا: قمة التكنولوجيا المالية الإفريقية – لوساكا تتأهب
في غضون ذلك، تجري الاستعدادات بالعاصمة الزامبية لوساكا على قدمٍ وساقٍ، تمهيدًا لاستضافة قمة التكنولوجيا المالية الإفريقية (The Africa FinTech Summit) في نسختها العاشرة، والتي من المقرر عقدها في الفترة من 2 إلى 3 نوفمبر 2023م، بمشاركة رواد أعمال ومؤسسات ومنظمات عاملة في مجال التكنولوجيا المالية من جميع أنحاء إفريقيا والعالم؛ لإجراء محادثات ومشاورات بشأن بناء وتطوير النظام البيئي لتلك الصناعة.
ويُشار إلى أن تلك القمة تُعقَد مرتين سنويًّا، وتجمع بين المبتكرين والمُنظّمين والمستثمرين وغيرهم من المشاركين في مشهد التكنولوجيا المالية في إفريقيا؛ بغية تبادل الأفكار واستكشاف فرص الشراكات المختلفة.
ومنذ انطلاقها للمرة الأولى في العاصمة الأمريكية واشنطن، في عام 2018م؛ نجحت تلك القمة في تحقيق نتائج إيجابية تشمل –على سبيل المثال- حشد أكثر من 100 مليون دولار لصالح جهود زيادة رأس مال الشركات الإفريقية الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وأسهمت في انفتاح هذه السوق على الشركات متعددة الجنسيات التي تسعى إلى دخول سوق التكنولوجيا المالية الإقليمية، وجلبت معها إطلاق شراكات استراتيجية وأعمال تجارية جديدة، ووضع مبادئ توجيهية للسياسات.
وقد وقع الاختيار على لوساكا انطلاقًا من التقديرات بأن الحديث يجري عن بلدٍ قادرٍ على التحول إلى مركزٍ إفريقي رئيسٍ للتكنولوجيا المالية، وذلك بالتزامن مع دخول العديد من الشركات الرقمية السوق الزامبية، بما في ذلك شركات التكنولوجيا المالية وشركات التجارة الإلكترونية وغيرها.
وفي الوقت نفسه، شهدت شركات التكنولوجيا المالية المحلية في زامبيا المزيد من النمو في السنوات الأخيرة، واتخذت الحكومة الزامبية خطوات جادَّة لدفع التحول الرقمي والشمول المالي في البلاد وإنشاء بيئة قانونية صديقة للأعمال، الأمر الذي مهَّد لتحسين مستوى العمليات المرتبطة بالتكنولوجيا المالية، ومنها: انتشار المدفوعات والتحويلات عبر الهاتف المحمول، وغير ذلك.
وتُواصِل وزارة التكنولوجيا والعلوم في لوساكا العمل من أجل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، وتُعوِّل على القمة المرتقبة من أجل النهوض بالشمول المالي والتنمية الاقتصادية المستدامة عبر صناعة التكنولوجيا المالية، على أمل أن تلعب دورًا رئيسًا في دفع التحول الرقمي ليس فقط في زامبيا، ولكن أيضًا في جميع أنحاء القارة الإفريقية[[5]].
ثالثًا: زيارة هيشيليما إلى إسرائيل – ما المغزى؟
في ظل المعطيات المُشار إليها، جاءت زيارة الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، إلى تل أبيب، مطلع أغسطس 2023م، لتشهد حديثًا مكثفًا عن تعزيز أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين، والبحث عن فُرَص في مجال الابتكار، ولا سيما في قطاع التكنولوجيا المالية؛ إذ اقترح هيشيليما على نظيره الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ مشاركة كلٍّ من تل أبيب وواشنطن في القمة الإفريقية الحادية عشرة للتكنولوجيا المالية في عام 2024م.
وخلال الاجتماعات العديدة التي عقدها رئيس الدولة الواقعة في الجنوب الإفريقي، طُرحت ملفات، على رأسها تعزيز أسس التعاون بين لوساكا وتل أبيب وواشنطن في مجالات أساسية على رأسها التكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا المالية وتوليد الطاقة، وأعرب عن اعتقاده بأن تعزيز التعاون في هذه المجالات يحمل بين طياته زخمًا وإمكانات هائلة تحقق المنفعة المتبادلة.
وبعيدًا عن التكنولوجيا المالية؛ تباحث وزيرا خارجية البلدين بشأن ملفات التعاون في مجالات الطب والثقافة والاتصالات والزراعة، وتطرَّقا أيضًا إلى موقف إسرائيل كمراقب لدى الاتحاد الإفريقي، والذي يبقى مطروحًا للمناقشة منذ طرد الدبلوماسية الإسرائيلية شارون بارلي من اجتماع الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا في فبراير 2023م.
وفي أعقاب الاجتماعات، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لوسائل الإعلام بأنه ناقش العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تحسين العلاقات بين البلدين بشكل أكبر لصالح الشعبين، وكذلك من أجل عودة إسرائيل إلى إفريقيا، ونُقِلَ عنه القول: “إسرائيل تعود إلى إفريقيا، وإفريقيا تعود إلى إسرائيل”[[6]].
واستخدم نتنياهو عبارات قوية لوصف علاقات بلاده مع لوساكا، مثل أن قال: إنه “يُثمِّن الصداقة العظيمة بين زامبيا وإسرائيل”، وعقد في مقره الرسمي في الشطر الغربي من مدينة القدس اجتماعًا موسعًا مع الرئيس الزامبي، استهله بالقول: “يسعدني أن ألتقي الرئيس هاكيندي هيشيليما هنا في القدس، سنعمل على تحسين علاقاتنا بشكل أكبر لصالح شعبينا، وكذلك لصالح عودة إسرائيل إلى إفريقيا، وهذا سيكون في صالح الجميع”. كما ثمَّنَ نتنياهو ما أسماه “وقوف زامبيا إلى جانب إسرائيل”.
وشهدت الاجتماعات حديثًا موسعًا عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، وتشجيع الاستثمارات الإسرائيلية في زامبيا وزيادتها؛ بغية الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية، في وقت تُعدّ فيه زامبيا حاليًّا لاعبًا إقليميًّا مهمًّا في القارة الإفريقية. ومن جانب آخر، ناقش الوفد الزامبي مع مسؤولين إسرائيليين سُبُل التعاون الاقتصادي، ورغبة لوساكا في التعرف على الخطوات التي قطعتها تل أبيب في الاقتصاد والابتكار والتكنولوجيا[[7]].
رابعًا: ملامح العلاقات بين لوساكا وتل أبيب
أسَّست إسرائيل وزامبيا علاقات دبلوماسية بعد وقت قصير من إعلان زامبيا استقلالها في عام 1964م، وخلال منتصف الستينيات، زار آلاف الخبراء الإسرائيليين في مجالات عدة -مثل الجيش والاستخبارات والأمن والتخطيط الإقليمي والزراعة- الدول الإفريقية. كما زار العديد من القادة الأفارقة إسرائيل؛ للاطلاع على جهود التنمية في البلاد بشكل مباشر.
وفي أعقاب حرب عام 1967م، قطعت زامبيا وما يقرب من عشرين دولة إفريقية علاقاتها مع إسرائيل. وأعادت زامبيا وإسرائيل العلاقات في عام 1991م. ولدى زامبيا حاليًّا سفارة في تل أبيب، وفي الوقت نفسه، تعمل سفيرة إسرائيل لدى زامبيا، عوفرا فرحي، كسفيرة متجولة في زامبيا وناميبيا وبوتسوانا وزيمبابوي.
ويُعد مجال الزراعة على رأس مجالات التعاون بين البلدين؛ إذ تعاونت إسرائيل مع زامبيا في مشروعات زراعية عديدة تستهدف تحسين الأمن الغذائي والممارسات الزراعية في البلد الواقع في الجنوب الإفريقي، كما قدمت إسرائيل مساعدات فنية لزامبيا في مختلف القطاعات، بما في ذلك إدارة المياه والتكنولوجيا والرعاية الصحية، أضف إلى ذلك تبادل الخبرات والتقنيات الإسرائيلية لمواجهة التحديات التي تواجهها زامبيا[[8]].
وفي الوقت الراهن، تبلغ قيمة الصادرات الزامبية إلى إسرائيل قرابة 2,33 مليون دولار سنويًّا، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، تشمل الحديد والصلب، الذي يحتل المركز الأول بقيمة 1,14 مليون دولار، ثم الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة واللؤلؤ بقيمة 1,01 مليون دولار، والأخشاب المُصنَّعة وغير المُصنَّعة بقيمة 60 ألف دولار، والبلاستيك بقيمة 48 ألف دولار، وأخيرًا سلع متنوعة مثل المعدات الكهربائية والإلكترونية، والحيوانات الحية، والملابس، والألعاب والمستلزمات الرياضية، والزجاج والأواني الزجاجية، والخضروات الصالحة للأكل والبذور، والأثاث، والحوائط الجاهزة للتركيب[[9]].
ومن الأمثلة على الاستثمارات الإسرائيلية الأحدث في زامبيا، ما تم الإعلان عنه في بداية شهر أغسطس الماضي، بالتزامن مع زيارة الرئيس الزامبي لإسرائيل؛ حيث أعلن المدير التنفيذي ورئيس شركة “جيجابايت جلوبال” الإسرائيلية، جوزيف أبراموفيتش، أنه بصدد ضخّ استثمارات تبلغ قيمتها 100 مليون دولار في مشروعات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في زامبيا، وذلك على هامش (منتدى الأعمال الإسرائيلي-الزامبي 2023م) الذي عُقد في القدس تحت شعار “فرص الاستثمارات الزراعية لضمان الأمن الغذائي”.
وسوف تطوّر الشركة مشروعًا هجينًا للطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح بقدرة 71 ميجاوات في مدينة تشيبومبو في المقاطعة الوسطى من زامبيا، واتفق البلد الإفريقي مع تلك الشركة على أساس أنها كانت قد قامت ببناء أول مشروع للطاقة الشمسية متصل بالشبكة في شرق إفريقيا، وهو محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 8,5 ميجاوات في رواندا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع المقرر تدشينه في زامبيا، كان يُفترَض أن يُنفَّذ في عام 2018م، لكنه ظل عالقًا بسبب غياب البنية التحتية للطرق وتحديات عديدة، إلى أن ذلَّلت زيارة الرئيس الزامبي لإسرائيل أخيرًا تلك العقبات، ووقَّعت وزارة الطاقة في لوساكا على اتفاق مع الشركة الإسرائيلية، وهي الشركة التي حصلت أيضًا على رخصة الاستثمار من (ZDA) وكالة التنمية الزامبية[[10]].
تقدير الموقف:
1- تتحول زامبيا من عام إلى آخر إلى مركز مهم للتكنولوجيا المالية في جنوب القارة الإفريقية، ومن ثَم تجذب أنظار دول غربية لديها نية للاستثمار في هذا القطاع، وتُعد إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من بين المهتمّين الأساسيين للاستثمار هناك.
2- تمتلك لوساكا طموحًا لتصبح عاصمة التكنولوجيا المالية في الجنوب الإفريقي، ويرتفع سقف طموحها كلما أحرزت تقدمًا، ومن ثَم تُركّز على تطوير هذا القطاع؛ بغية التحول إلى عاصمة للتكنولوجيا المالية في إفريقيا (جنوب الصحراء).
3- المراقبون لديهم تقديرات بأن السوق الزامبية جاهزة بالفعل لاستقبال الموجات التالية من الابتكار، وأن البنية التحتية المتوفرة مكَّنَتَها من الانتقال بسلاسة من الجيل الأول إلى الثاني في الخدمات المالية الرقمية، وفي سنوات معدودة فقط، ومِن ثَم يمكن استشراف جاهزية زامبيا لموجات جديدة من الابتكارات في هذا القطاع، وهو الأمر الذي لاحظته إسرائيل في الغالب، ويبدو أنها لن تُفوّت الفرصة.
4- تُعدّ قمة التكنولوجيا المالية الإفريقية العاشرة والتي تليها في لوساكا، نقطة تحوُّل مهمة على صعيد تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في زامبيا، التي ستظهر أمام دول القارة كعاصمة للتكنولوجيا المالية الإفريقية، تحرص على النهوض بالشمول المالي والتنمية الاقتصادية المستدامة، وتقوم بدور رئيسٍ في دَفع التَّحوُّل الرقمي في جميع أنحاء القارة.
5- من زاوية إسرائيل، يحقق تعميق التعاون مع زامبيا ميزات استراتيجية مهمة، بصرف النظر عن المكاسب الاقتصادية التي لا يُستهان بها، والتي لا يُستثنَى منها تزويدها بتكنولوجيا وابتكارات تُعزّز قطاع التكنولوجيا المالية والخدمات المقدمة للجمهور هناك، لتصبح زامبيا منطلقًا لإسرائيل إلى دول هذه المنطقة. كما يحقق لها مكاسب سياسية، ويتَّسق مع استراتيجيتها الرامية لاستقطاب أكبر عدد من دول إفريقيا لبناء علاقات دبلوماسية واسعة، ومِن ثَم تحييد مواقف هذه الدول في المحافل الدولية بشأن ملف الصراع في الشرق الأوسط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
[1]. انظر:
The UN Capital Development Fund, Zambia FinTech Landscape Study: Trends, Challenges & Opportunities for Growth observed in the Zambian FinTech Ecosystem (New York, U.S: August 11, 2023): https://www.uncdf.org/article/8320/zambia-fintech-landscape-study
.[2] د. هشام حمزة. التكنولوجيا المالية: مفهوم، تطور، مخاطر (المعهد المصرفي المصري، القاهرة: 23 أكتوبر 2022م)، على الرابط المختصر: https://2u.pw/Xpl5P6s
[3]. انظر:
FinTech -Zambia, Statista (Hamburg, Germany: Apr 2023): https://www.statista.com/outlook/dmo/fintech/zambia
[4]. انظر:
UN Capital Development Fund (UNCDF). Growing Digital Financial Inclusion in Zambia (New York, US: December 2019), P3: https://finca.org/wp-content/blogs.dir/1/files/2014/02/28.11.2019.MM4P.Growing-Digital-Financial-Inclusion-in-Zambia.English.pdf
[5]. انظر:
“Lusaka, Zambia set to host the Largest FinTech Event in Africa Happens this November”, Tech Cabal (Lagos, Nigeria), Aug 22, 2023: https://techcabal.com/2023/08/22/lusaka-zambia-set-to-host-the-largest-fintech-event-in-africa-happens-this-november/
[6]. انظر:
American Jewish Committee, Is Zambia the Next Big Frontier in Israel-Africa Relations? (Atlanta, U.S: September 7, 2023): https://www.ajc.org/news/is-zambia-the-next-big-frontier-in-israel-africa-relations
[7]. انظر:
“Netanyahu thanks Zambian president for warm friendship, standing by Israel’s side”, i24NEWS (Tel-Aviv), August 02, 2023: https://www.i24news.tv/en/news/israel/diplomacy/1690989365-netanyahu-thanks-zambian-president-for-warm-friendship-standing-by-israel-s-side
[8]. انظر:
American Jewish Committee, Is Zambia the Next Big Frontier in Israel-Africa Relations?, Op. cit.
[9]. انظر:
Trading Economics. Israel Imports from Zambia (New York, US: September 2023): https://tradingeconomics.com/israel/imports/zambia
“Israeli firm plans to invest $ 100 million in Zambia’s solar and wind energy”, Lusaka Times (Lusaka, Zambia), August 3, 2023: https://www.lusakatimes.com/2023/08/03/israeli-firm-plans-to-invest-100-million-in-zambias-solar-and-wind-energy/