مقدمة:
يُعدّ الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقّدة تؤثر على جميع البلدان. فهو يُقوِّض المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية، ويساهم في انعدام الاستقرار الحكومي. كما يهاجم أسس المؤسسات الديمقراطية، ويخلق مستنقعات بيروقراطية فاسدة.
هذا وقد اختُلِفَ في وضع تعريف محدد للفساد بسبب اختلاف أشكاله وأنماطه ومؤشرات قياسه، وآثاره.
ويُعتبر مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وعلى الرغم من بعض أوجه القصور فيه، فهو من أهم المؤشرات التي ترسم صورة الفساد ومن أكثرها موثوقية.
وقد رسم تقرير عام 2022م لمؤشر مدركات الفساد صورة مقلقة للعالم، ويسلط الضوء على الصلة بين الفساد والصراع، والتهديد الذي يُشكّله الفساد على السلام والأمن. كما أبرز أن التعافي من جائحة كوفيد -19، وأزمة المناخ، والتهديدات الأمنية المتزايدة؛ هي أصل موجة جديدة من عدم اليقين، وزيادة عدم الاستقرار في العالم.
وقد خفَّضت نتائج التقرير من التفاؤل بأن الجهود المبذولة للتخفيف من حدة الفقر في إفريقيا جنوب الصحراء فعَّالة بفعل الفساد، وأن الديمقراطية والتنمية في تلك الدول تعرَّضت في عام 2022م لسلسلة من التحديات؛ كالاضطرابات الأمنية، ووباء كورونا، وتغيُّر المناخ. ونتيجة لذلك، تحقق القليل من الحركة الإيجابية في مكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية. ومنه سوف نتناول المحاور التالية:
المحور الأول: الفساد.. المفهوم والقياس مع التركيز على مؤشر مدركات الفساد.
المحور الثاني: الصورة العالمية لمؤشر مدركات الفساد لعام 2022م مقارنةً مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
المحور الثالث: تحليل مؤشر مدركات الفساد في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء للعام 2022م.
المحور الرابع: محور ختامي.
المحور الأول
الفساد.. المفهوم والقياس مع التركيز على مؤشر مدركات الفساد
سنعرض في هذا المحور الفساد مفهومًا وقياسًا، مع تسليط الضوء على مؤشر مدركات الفساد.
أولًا: مفهوم الفساد
لا يزال هناك عدم اتفاق بين الكُتّاب والباحثين والأكاديميين على تعريف موحّد لمفهوم الفساد رغم اتفاق الجميع على أنه ظاهرة واسعة الانتشار([1]). ويمكن ذكر أهم تعاريف الفساد كالتالي([2]):
- تعريف منظمة الشفافية الدولية: “استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة”.
- تعريف منظمة الأمم المتحدة: لم تذكر للفساد تعريفًا في المشروع النهائي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، غير أنه تمَّت الإشارة إلى صُوَره مثل الرشوة، المتاجرة بالنقود، إساءة استغلال الوظيفة، الإثراء غير المشروع، الرشوة في القطاع الخاص… إلخ”.
- تعريف البنك الدولي: “الفساد هو إساءة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة”.
- تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “إساءة الاستخدام النشط أو السلبي لصلاحيات الموظفين العموميين (المعينين أو المنتخبين) لتحقيق منافع خاصة مالية أو غيرها”.
- تعريف صندوق النقد الدولي: “علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة والمستفيدة لشخص واحد أو مجموعة أشخاص”.
ثانيًا: أسباب الفساد
لقد خلصت العديد من الدراسات التي أُجريت حول تأثيرات الفساد على النمو والاستثمار والنفقات الحكومية، إلى أن الفساد له سبعة أسباب هي([3]):
- القيود التجارية.
- دعم الدولة لبعض السلع.
- الرقابة على الأسعار.
- تعدُّد أسعار صرف العملة.
- انخفاض الأجور والمرتبات المدنية.
- التلاعب في تسويق الموارد الطبيعية.
- عوامل اجتماعية، المحاباة، المظاهر، الحياة الاجتماعية.
ثالثًا: قياس الفساد
هناك أنماط وأشكال مختلفة للفساد، ومؤشرات مختلفة لقياسها، ورغم تعدُّد المؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية التي تتناول قضايا الفساد؛ إلا أنها لا تُمثِّل تكرارًا لبعضها؛ فهي تختلف من حيث ما تقيسه([4]). وسوف نُركِّز في هذه الدراسة على مؤشر مدركات الفساد.
مؤشر مدركات الفسادCorruption Perceptions Index (CPI)
هو تقرير سنوي تُصدره منظمة الشفافية الدولية، ومقرها برلين، منذ عام 1995م، وترصد فيه مستويات الفساد في القطاع العام في (180) دولة، وما طرأ عليها من تحسُّن أو تراجُع.
ويمكن تعريف المؤشر بأنه تقرير أو مؤشر مدركات، وليس إحصائيات، وهو أقرب ما يكون إلى الحقيقة، وتستقي فيه المنظمة معلوماتها من (13) مصدرًا خارجيًّا، منها: البنك الدولي، والمنتدى الاقتصادي الدولي، وشركات الاستشارات وحسابات المخاطر، والمرجعيات الفكرية، والخبراء ورجال الأعمال، فضلاً عن مكاتب المنظمة حول العالم. ومن هنا يحوز المؤشر على قدر كبير من الموثوقية والمصداقية، تجعله الأفضل من بين عدَّة تقارير ومؤشرات تصدرها هيئات ومنظمات عالمية أخرى([5]).
وهو عبارة عن مؤشر تجميعي يعمل على الجمع بين البيانات المستمدَّة من عدد مختلف من المصادر، ولكي تدخل الدولة في عملية التصنيف فلا بد أن تكون مشمولة ضمن ثلاثة مصادر مسحية على الأقل من مصادر مؤشر مدركات الفساد.
إن عملية الإدراج في المؤشر لا تعني بالضرورة وجود فساد بالدولة المُدرَجَة، وإنما يعتمد ذلك على مدى توفُّر معلومات عن الفساد فيها. ومنذ إصدار المؤشر لأول مرة في العام، 1995م، وحتى نسخة 2011م، كان يعتمد على معلومات مستمدَّة من إحصائيات خلال السنتين الماضيتين للسنة التي يُراد حساب المؤشر لها؛ حيث معلومات آخر سنتين يجب أن تكون متوفرة.
وإن مؤشر مدركات الفساد حتى عام 2011م كان يُحْسَب بترجمة البيانات على مقياس عام موحد بتدرج (0-10)؛ حيث تعادل الدرجة (0) أعلى مستوى من مستويات الفساد المدرك؛ أي: تصور القطاع العام للدولة باعتباره (فاسدًا للغاية)، في حين تعادل الدرجة (10) أدنى مستوى من مستويات الفساد المُدرَك؛ أي: تصور القطاع العام للدولة باعتباره (نظيفًا تمامًا).
أخيرًا يتم تحديد الدرجات على مؤشر مدركات الفساد من خلال احتساب المتوسط لجميع القيم الموحدة لكل دولة، وفي العام، 2012م، تم تغيير الأسلوب المُتَّبع في حساب المؤشر، وقد جرى تطوير هذه المنهجية بحيث تتضمَّن هذه الطريقة وجود البيانات الخاصة بعام واحد فقط من كل مصدر من مصادر البيانات؛ حيث إن هذه الطريقة ستجعل من الممكن مقارنة درجات الدولة مع مرور الوقت، ومنهجية حساب المؤشر في عام 2012م، والسنوات القادمة تكون بترجمة البيانات على مقياس بتدرج من (0-100)؛ حيث تعادل الدرجة (0) أعلى مستوى من مستويات الفساد المدرك؛ أي تصور القطاع العام للدولة باعتباره فاسدًا للغاية، في حين تعادل الدرجة (100) أدنى مستوى من مستويات الفساد المدرك؛ أي تصوّر القطاع العام للدولة باعتباره نظيفًا تمامًا.)[6](
ويركِّز المؤشِّر على البيئة التشريعية والإجراءات والبيئة السياسية والاقتصادية ومستويات الحوكمة، ويستخلص الباحثون من المصادر المعتمدة البيانات المتعلقة بالفساد والتي تُغطِّي الجوانب الآتية([7]):
- الرشوة.
- اختلاس المال العام.
- استغلال المسؤولين المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية دون مواجهة العواقب.
- قدرة الحكومات على الحد من الفساد وفرض آليات لتكريس مبدأ النزاهة في القطاع العام.
- عِبْء الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المُبالَغ فيها والتي من شأنها زيادة فُرَص ظهور الفساد.
- التعيينات القائمة على الكفاءة والتعيينات القائمة على المحاباة والواسطة في الوظيفة العمومية.
- ملاحقات قضائية وجنائية حقيقية للمسؤولين الفاسدين.
- توفر قوانين كافية تتعلَّق بالتصريح بالممتلكات الخاصة والذمة المالية ومنع تضارب المصالح في صفوف كبار الموظفين العموميين.
- مدى توفر الحماية القانونية للمُبَلِّغين عن الفساد والصحفيين والمحققين.
- السيطرة على الدولة مِن قِبَل أصحاب المصالح الشخصية الضيقة.
- قدرة المجتمع المدني على النفاذ إلى المعلومة فيما يتعلَّق بالشؤون العامة.
- الوصول إلى المعلومات بحُرّية وسهولة، ومستوى الإفصاح والشفافية.
- احترام الدول لحقوق الإنسان.
ويعتمد المؤشر على مصادر البيانات التي يتم الحصول عليها مِن قِبَل مؤسسات دولية مستقلة وذات كفاءة عالية؛ حيث تعمل منظمة الشفافية الدولية على مراجعة المنهجية الخاصة بكل مصدر من مصادر البيانات التي تتلقاها لبناء أيّ مؤشر، وتتمثل في ثلاثة عشر مؤشرًا، وهي([8]):
- تقييم سياسات ومؤسسات الدول CPI.
- مؤشرات الحوكمة المستدامةSGI .
- مؤشر التحول TI.
- تصنيف المخاطر في البلدانCRS .
- تقارير عن الدول التي تمر بمرحلة انتقالية.
- مؤشر المخاطر والأوضاع الاقتصاديةBCRI .
- الكتاب السنوي للتنافسية CYB.
- مؤشر تحليل المخاطر السياسية والاقتصادية لبلدان آسيا.
- الدليل العالمي للمخاطر على الدول CRG.
- تقييم الأداء السياسي والمؤسساتي للبلدان CPIA.
- استطلاعات رأي المسؤولين التنفيذيين في قطاع الأعمال EOS.
- مؤشر سيادة القانون RLI.
- مؤشر مشاريع تنوّع الديمقراطية VDP.
رابعًا: النقد الموجَّه للمؤشر
يثير استخدام المؤشر للبيانات المستقاة من تقييمات الخبراء والدراسات الاستقصائية الأخرى أسئلة حول التحيُّزات في منهجيته. وقد تعرَّض المؤشر لانتقادات بسبب استبعاد المواطنين العاديين وضحايا الفساد من المجموعة المستطلعة آراؤهم.
وفضلًا عن أن بعض تقييمات الخبراء التي يعتمد عليها المؤشر إنما تستند إلى مقابلات مع أصحاب مصلحة ليسوا من الدولة المعنية، كأن يتم سؤال رجل أعمال أوروبي عن الفساد في بلد إفريقي([9]).
مِن ثَمَّ لا يغطي المؤشر الجوانب التالية([10]):
- تصورات المواطنين أو تجاربهم مع الفساد؛ حيث يقيس فقط تصورات الخبراء ورجال الأعمال.
- التدفقات المالية غير المشروعة.
- أدوار مُيَسِّري الفساد، المحامين، المحاسبين، المستشارين الماليين،… إلخ.
- غسيل الأموال.
- فساد القطاع الخاص.
المحور الثاني
الصورة العالمية لمؤشر مدركات الفساد للعام 2022م
مقارنةً مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
صدر في يناير 2023م مؤشر مدركات الفساد للعام 2022م، وفي السياق التالي نحاول في تحليل الخارطة العالمية للمؤشر وموقع منطقة إفريقيا جنوب الصحراء منها بشكل مختصر.
أولًا: أبرز الملامح العالمية:
يكشف المؤشر عن إحراز تقدم ضئيل في مكافحة الفساد، ومع ازدياد العنف في العالم لا تزال مستويات الفساد في حالة جمود للعام الحادي عشر على التوالي؛ ويُظهِر المؤشر أن معظم دول العالم لا تزال تُخفق في مكافحة الفساد؛ حيث حقّقت 95% من البلدان تقدمًا ضئيلًا، أو لم تحقق أي تقدّم على الإطلاق منذ عام 2017م. ولا يزال المتوسط العالمي لمؤشر مُدرَكات الفساد دون تغيير عند 43 درجة، ويُعاني أكثر من ثلثي بلدان العالم من مشكلة خطيرة مع الفساد؛ حيث سجّلت تلك البلدان درجاتٍ أقل من (50).
ويُظهِر مؤشر السلام العالمي أن السلام في العالم لا يزال في تدهور. فهناك علاقة واضحة بين العنف والفساد، فالدول التي سجّلت أدنى مرتبة في هذا المؤشر حصلت أيضًا على درجاتٍ منخفضة جدًّا في مؤشر مُدرَكات الفساد)[11](.
تصدّرت الدنمارك (90) المؤشر، تلتها عن كَثَب فنلندا ونيوزيلندا؛ حيث سجّل كلٌّ منهما 87. كما أن المؤسسات الديمقراطية القوية واحترام حقوق الإنسان جعل هذه البلدان من أكثر البلدان سِلمًا في العالم وفق مؤشر السلام العالمي. لا تزال جنوب السودان (13) وسوريا (13) والصومال (12)، وكلها متورطة في صراع طويل الأمد، في أسفل مؤشر مُدرَكات الفساد. سجّل 26 بلدًا -من بينها المملكة المتحدة (73) قطر (58) وغواتيمالا (24)- أدنى مستوياتها التاريخية هذا العام ([12](.
منذ عام 2017م، تراجعت عشرة بلدان بشكل ملحوظ في درجاتها على مؤشر مُدرَكات الفساد. وكان الخاسرون البارزون هم: لوكسمبورغ (77) وكندا (74) والمملكة المتحدة (73) والنمسا (71) وماليزيا (47) ومنغوليا (33) وباكستان (27) وهندوراس (23) ونيكاراغوا (19) وهايتي (17). تحسنت ثمانية بلدان في مؤشر مُدرَكات الفساد خلال نفس الفترة: أيرلندا (77) وكوريا الجنوبية (63) وأرمينيا (46) وفيتنام (42) وجزر المالديف (40) ومولدوفا (39) وأنغولا (33) وأوزبكستان (31) ([13](.
ثانيًا: الفساد والصراع والأمن
يرتبط الفساد والنزاع والأمن بشكل وثيق. يمكن أن يؤدي سوء استخدام الأموال العامة أو اختلاسها أو سرقتها إلى حرمان المؤسسات المسؤولة عن حماية المواطنين وفرض سيادة القانون والحفاظ على الموارد التي تحتاجها تلك المؤسسات للوفاء بهذا التفويض.
غالبًا ما تتلقّى الجماعات الإجرامية والإرهابية العون من خلال تواطؤ الفَسَدة من المسؤولين الحكوميين، وسلطات إنفاذ القانون، والقضاة، والسياسيين، ما يسمح لها بالازدهار والعمل، مع إفلاتها من العقاب.
كان الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022م بمثابة تذكيرٍ صارخ بالتهديد الذي يُشكِّله الفساد وغياب المساءلة الحكومية على السلام والأمن العالميين؛ فجاءت روسيا رقم (28) في المؤشر، وتسبب الصراع في جنوب السودان (13) بأزمة إنسانية كبيرة. وكانت تركيبة الفساد والاستبداد والانكماش الاقتصادي متقلبة بصورة خاصة في البرازيل (38)، حتى في البلدان التي لديها تدابير قوية نسبيًّا لمكافحة الفساد، غالبًا ما يظل قطاع الدفاع سريًّا؛ ما يفتح الباب أمام نفوذٍ غير مُبرّر وأشكال أخرى من الفساد. وفقًا لمؤشر النزاهة في منظومة الدفاع الحكومية، من بين 85 بلدًا جرى تقييمها وُجد أن مخاطر الفساد كانت منخفضة أو منخفضة للغاية لدى 9 بلدان فقط. هذا أمر مقلق بشكل خاصّ نظرًا لأن العديد من الحكومات تستعد لزيادة إنفاقها العسكري استجابةً للتهديدات الناشئة وللحرب في أوكرانيا كما في حالة ألمانيا (79) أنشأت الحكومة صندوقًا جديدًا بقيمة 100 مليار يورو لتجديد جيشها، ولكن مثل هذه العمليات المُبسَّطة للشراء تفتح مخاطر كبيرة للفساد ([14](.
ثالثًا: موقع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في المؤشر مقارنة بدول العالم
ظلت بلدان إفريقيا جنوب الصحراء تراوح مكانها، عند 32 درجة على مؤشر مدركات الفساد خلال الفترة من 2017م حتى صدور آخر تقرير في يناير 2023م، وهو تقريبًا نفس السلوك العالمي الذي ربط عند الدرجة 43 على مقياس المؤشر. بل وتراجع المؤشر في المنطقة بمقدار 0,12 نقطة عن عام 2022م. كما يوضح ذلك الجدول رقم (1) والشكل رقم (1)، حيث أخذ منحنى تطور المؤشر شكل الخط المستقيم خلال الفترة المذكورة.
جدول رقم (1)
متوسط مؤشر مدركات الفساد خلال الفترة 2017-2022م
والتغير فيه عن عام 2021م في إفريقيا جنوب الصحراء والعالم
المصدر: إعداد الباحث من خلال بيانات منظمة الشفافية الدولية/ مؤشر مدركات الفساد 2022م.
Transparency International, Corruption Perceptions Index 2022. at: https: //www. transparency. org/en/cpi/2022?gclid=EAIaIQobChMIw6yLyLL4gAMVpYRoCR3-SQUFEAAYASAAEgLkc_D_BwE
شكل رقم (1)
متوسط مؤشر مدركات الفساد في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء والعالم خلال الفترة 2017-2022م
المصدر: إعداد الباحث من بيانات الجدول رقم (1)
ويشير متوسط الدرجة الإقليمية البالغ 32 من 100 إلى عام آخر من الركود في مؤشر مدركات الفساد في إفريقيا جنوب الصحراء. فما زالت 44 دولة من أصل 49 دولة، يحصلون على درجات أقل من 50. وتؤكد نتائج المؤشر كيف تآكلت المسارات المتشابكة للديمقراطية والأمن والتنمية بسبب الفساد ([15]).
أدت تحديات الصراع والأمن إلى زيادة إضعاف المؤسسات وتقويض قدرة الدول على الاستجابة بشكل حاسم للفساد. وهذا يعني أيضًا القليل من الإجراءات أو عدم اتخاذ أي إجراء في منع هروب رأس المال -المقدر بعشرات المليارات من الدولارات كل عام- من المنطقة.
كما تعرضت شخصيات المعارضة أو النشطاء للترهيب أو التشهير أو الاعتقال في بعض الأحيان تحت ذريعة حملات مكافحة الفساد وتمكينها من قبل أنظمة قضائية مسيسة. كما أثَّر الوباء على سبل عيش الناس، وزاد من عدم المساواة وزاد من مخاطر الكسب غير المشروع في جميع أنحاء المنطقة. ليس من المستغرب أن يكون الفساد قضية أساسية في العديد من انتخابات عام 2022م. كما ظلت نزاهة التصويت نفسها مصدر قلق. في كينيا (32)، أبرزت الانتخابات الحاجة المُلِحَّة للتدقيق العام في التمويل السياسي. وستكون القضية نفسها في دائرة الضوء خلال انتخابات 2023م في نيجيريا (24) وغانا (43) في عام 2024م([16]).
المحور الثالث
تحليل مؤشر مدركات الفساد في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء للعام 2022م
سوف نتناول في المحور الحالي، تحليل للمؤشر بشكل عام، ثم التطرق إلى الأفضل والأسوأ أداءً، ثم التعرف على العلاقة بين الفساد والسلام والأمن.
أولاً: تحليل مؤشر مدركات الفساد لعام 2022م لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء بشكل عام
بتحليل الجدول (2)؛ جاءت سيشيل (70) في صدارة المنطقة، فيما حلّت كل من الرأس الأخضر وبوتسوانا في المركز الثاني بـ60 درجة لك منهما. وسجّلت بوروندي (17) وغينيا الاستوائية (17)، وجنوب السودان (13) والصومال (12) هي الأدنى في المنطقة. وسجلت ليسوتو (37) وإيسواتيني (30) والجابون (29) وليبيريا (26) وجزر القمر (19) أدنى مستوياتها التاريخية هذا العام. منذ عام 2017م، وحققت أنغولا (33) فقط تحسنًا ملحوظًا. ([17])
ثانيًا: الأفضل والأسوأ أداءً
بشكل عام ظلت 20 دولة من أصل 49 ذكرها تقرير الأونكتاد راوحت 20 دولة مكانها في المؤشر مقارنةً بعام 2021م، في حين تراجعت 18 دولة أبرزها موريشيوس (4) درجات، وكل من نامبيا وأوغندا (3) درجات. في حين تقدمت 11 دولة؛ أبرزها: بتسوانا (5) درجات، وأنجولا (4) درجات مقارنةً بعام 2021م. كما يتضح من الجدول (3).
كانت بوتسوانا من بين أفضل البلدان مرتبة لعدة سنوات، وأفضلها أداءً في المنطقة بسبب نظام ديمقراطي قوي تم فيه تحسين الأطر التشريعية والسياسية. وبتعزيز أحزاب المعارضة سمح بتنفيذ تدابير مكافحة الفساد، وعلى الأخص قانون المبلغين لعام 2016م، الذي تلاه قانون إعلان الأصول والخصوم لعام 2019م([18]).
وعلى النقيض، ظلت غينيا الاستوائية تعاني من الاستغلال على أيدي عائلتها الحاكمة؛ حيث خضعت الأنظمة السياسية والاقتصادية والقانونية في البلاد لسيطرة الرئيس “تيودورو أوبيانغ نغويما” وأقاربه وأعوانه لما يقرب من أربعة عقود. في (نوفمبر) 2022م، تم تأكيده أطول زعيم في العالم لولاية سادسة بنسبة 95% من الأصوات. وفي يناير 2023م، تم القبض على أحد أبنائه بتهمة الفساد بسبب بيعه المفترض طائرة تابعة لشركة الطيران الوطنية.
ولا يزال جنوب السودان يواجه تحديات عديدة؛ حيث أدَّى تفشي وباء كورونا إلى تفاقم الوضعين الاقتصادي والإنساني؛ حيث يعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحادّ؛ حيث كشف تقرير أن الأموال المخصَّصة للطعام والوقود والأدوية قد سُرقت في مخطط احتيال واسع النطاق من خلال شبكة من السياسيين الفاسدين، بعضهم لهم صلات بأسرة الرئيس.
كما عادت الصومال إلى قاع المؤشر؛ حيث كانت البلاد غارقة في دائرة من العنف وعدم الاستقرار لأكثر من ثلاثة عقود، مع عدم توفر الوسائل للحد من الفساد. وفي أكتوبر 2022م، حلَّ الرئيس حسن شيخ محمود هيئتين رئيسيتين لمكافحة الفساد؛ بعد اتهامهما بالفساد وإساءة استخدام السلطة في الماضي([19]).
وللعام الثالث على التوالي، تم تصنيف دولة زامبيا بدرجة 33؛ قد تكون هذه النتيجة بمثابة مفاجأة للكثيرين الذين توقعوا رقمًا أفضل بعد ما يقرب من عامين من حكومة مدنية جديدة ادعت علانية أنها تحارب الفساد. ولكن يبدو أن لجنة مكافحة الفساد لديها منظور “نصف الزجاج المملوء”.([20])
أظهرت أنغولا (33) تحسنًا كبيرًا خلال السنوات الماضية؛ حيث حصلت على 14 نقطة منذ عام 2018م. يظهر التزام الرئيس “جواو لورينسو” باستئصال الفساد وآثاره. وقد طلب المدعي العام مؤخرًا من الإنتربول إصدار مذكرة توقيف ضد “إيزابيل دوس سانتوس”، ابنة الرئيس السابق، وأمرت المحكمة العليا بمصادرة أصولها. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق من أن تحقيقات الفساد لها دوافع سياسية، وأن الحزب الحاكم ربما يستهدف المعارضة.
واتخذت سيشيل خطوة إلى الأمام من خلال تعديل قانون مكافحة الفساد في عام 2019م، لكنَّ لجنة الأخلاقيات للموظفين العموميين لا تتمتع بسلطات التحقيق([21]). حتى حصدت المرتبة الأولى في منطقة جنوب الصحراء للسنة الخامسة على التوالي، وحافظت الدولة الجزيرة على تصنيفها أو حققت درجات أعلى كل عام، من أدنى مستوى بلغ 36، إلى عام 2021م عندما وصلت إلى 70، وهي درجة مكررة في التقرير الحالي. ونفذت الدولة المزيد من الاعتقالات في جرائم تتعلق بالفساد، وقدمت المزيد من القضايا إلى النيابة العامة”.([22]) حيث صعدت الدولة 18 مرتبة على المؤشر منذ 2012م. أما السنغال، التي جاءت في المرتبة 43، فقد ارتفعت 7 منذ 2012م. إثيوبيا وتنزانيا اللتين حصلتا على 38 درجة، حققتا أيضًا تحسنًا كبيرًا مؤخرًا في القوانين والممارسات التي تحارب الفساد. أما كينيا، فقد حصلت على 32، أعلى بست نقاط من تصنيفها لعام 2016م. لكن منظمة الشفافية الدولية تقول: إن نيروبي لا تزال تفتقر إلى قانون قوي لحماية المُبلِّغين عن المخالفات. وجاءت ليبيريا في المركز 26 هذه المرة، ولكن هذا أقل من 37 في عام 2016م([23]).
من ناحية أخرى، شهدت العديد من البلدان انخفاضًا كبيرًا في المؤشر على مدار السنوات الماضية؛ مثل ليسوتو، التي انخفضت من 49 إلى 37 نقطة منذ عام 2014م. ويمكن تفسير ذلك من خلال تدخل السلطة التنفيذية في المؤسسات المستقلة، بينما كانت هناك خطوة إيجابية نحو الفصل بين المؤسسات في إنشاء هيئة الإصلاح الوطني، إلا أن آثارها لم تظهر بعد([24]).
في حين أن جنوب إفريقيا (43) فإن الفساد يمثل مشكلة خطيرة. من خلال سلسلة من فضائح الفساد التي تورط فيها الرئيسان السابق الحالي. في يونيو 2022م، قدمت لجنة قضائية النتائج النهائية لتحقيق استمر ثلاث سنوات في تقرير مؤلف من 5000 صفحة أشارت إلى تورط الرئيس السابق “جاكوب زوما”. ومع ذلك، يتعامل الرئيس الحالي “رامافوزا” حاليًّا مع فضيحة فساد معرفة باسم “فارمغيت”. وعلى الرغم من المؤشرات الأولية التي تشير إلى أنه قد يستقيل، إلا أنه تهرب من التصويت على الإقالة في البرلمان، بل وأُعيد انتخابه كزعيم للحزب الحاكم في ديسمبر 2022م([25]).
جدول رقم (2)
مؤشر مدركات الفساد في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة 2017-2022م
Transparency International, Corruption Perceptions Index 2022. at: https: //www. transparency. org/en/cpi/2022?gclid=EAIaIQobChMIw6yLyLL4gAMVpYRoCR3-SQUFEAAYASAAEgLkc_D_BwE
جدول رقم (3)
متوسط مؤشر مدركات الفساد والترتيب العالمي للفترة 2017-2022م
والتغير عن عام 2021م في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
المصدر: إعداد الباحث بعد إجراء عمليات حسابية على البيانات الخام الصادرة عن موقع منظمة الشفافية الدولية.
ثالثًا: الفساد والسلام والأمن
علاوة على الأزمات العالمية من تغير المناخ إلى الحرب في أوكرانيا وأزمات تكلفة المعيشة التي تؤثر بشكل مباشر على آفاق المنطقة، عانَى عدد من البلدان في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء من تحديات أمنية في شكل انقلابات عسكرية، والتطرف والهجمات الإرهابية والجرائم المتزايدة. يوضح العديد من هذه السياقات كيفية ارتباط الصراع بالفساد. وفقًا لمؤشر السلام العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام لعام 2022م؛ فإن جمهورية إفريقيا الوسطى (24) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (20) والصومال (12) وجنوب السودان (13) والسودان (22) هي خمسة من أقل عشر دول سلمية على مستوى العالم. كما يضعهم المؤشر بين الدول الثلاثين الأدنى من حيث مدركات الفساد في القطاع العام. وتزعزع الجماعات المسلحة استقرار البلدان، كما يتضح من حركة 23 مارس، وبتنظيم الدولة، وميليشيا الشباب. بفعل ذلك انخفضت درجة مالي (28) سبع نقاط من ذروتها البالغة 35 في عام 2015م([26]).
وعصفت أعمال العنف التي تمارسها الجماعات المسلحة بجمهورية الكونغو الديمقراطية (20)؛ حيث يسمح الفساد بين المسؤولين الحكوميين لمثل هذه الجماعات بنهب الموارد الطبيعية، وتمويل وحْشيّتها، وترك الحكومة بدون موارد، والشعب بدون الضروريات الأساسية. وفي منطقة الساحل، يُؤجِّج العنف المستمر عدم الاستقرار ويسهّل الفساد. واكتسبت الجماعات الإرهابية الدعم جزئيًّا من خلال استغلال السخط العام من الحكومات. كما أثار الصراع المستمر انقلابات متعددة، مع اثنين في بوركينا فاسو (42) فقط في عام 2022م وواحد في مالي (28) في العام السابق. وتتيح هذه السيطرة العسكرية الاستبدادية بدورها مساحة للفساد لكي يتفاقم([27]).
ومع ذلك، فإن عدم وجود نزاع مسلح لا يعني بالضرورة الاستقرار السياسي. في العديد من البلدان غير المتأثرة بالحرب، لا تزال الحكومات تُعتبر نشطاء مكافحة الفساد أعداءً للجمهور. يمكن ملاحظة ذلك في مدغشقر (26)؛ حيث يواجه رئيس مجلس إدارة الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية تُهمًا جنائية بعد الدعوة إلى إجراء تحقيقات في الشركات المتورطة في أعمال تجارية غير مشروعة؛ حيث إن تشريعات حماية المُبلِّغين ضعيفة، ولا توجد لدى العديد من البلدان، مثل كينيا، قانون لحماية المُبلِّغين. وفي البلدان التي لديها مثل نيجيريا، بها ثغرات أو ينقصها التنفيذ بشكل خطير([28]).
المحور الرابع
محور ختامي
إن القضاء على الفساد يمكن أن يمنح أهداف التنمية المستدامة دفعة بقيمة ثلاثة تريليونات دولار؛ حيث إنه يستنزف أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. فمن بين ما يقرب من ثلاثة عشرة تريليون دولار من الإنفاق العام العالمي، يتم فقدان ما يصل إلى 25% بسبب الفساد. وإن الاستجابة الحازمة للفساد، والتي ترتكز على الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة، من شأنها أن تُمهِّد الطريق لتقريب طموح خطة 2030م إلى الواقع. وتكاليف الفساد ليست مالية فقط، فهو يساهم في فقدان الموارد الطبيعية، وتفاقم الفقر وعدم المساواة، ويؤدي إلى تآكل الثقة والتماسك الاجتماعي، ويُقوِّض الاستقرار الاقتصادي والسياسي([29]).
ولسوء الإدارة والفساد تأثير سلبي على النمو الاقتصادي. فهي تُشوِّه الإنفاق العام وتُقوِّض تعبئة الإيرادات المحلية، وهو ما يُقدَّر بنحو تريليون دولار من خسائر الإيرادات الضريبية على مستوى العالم([30]).
وفي الفترة من عام 2000م إلى عام 2015م، بلغت الأموال غير المشروعة التي غادرت إفريقيا 836 مليار دولار، أي حوالي 3,7% من ناتجها المحلي الإجمالي([31]). كما تسبب الفساد في خسائر مالية للقارة الإفريقية وفقًا لتقديرات بنك الإفريقي للتنمية قيمتها 148 مليار دولار.
وتشير تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في ما يخص الأموال المهربة بطريقة غير شرعية خارج القارة الإفريقية التي قدّرتها بـ89 مليار دولار سنويًّا، أي ما يوازي 3,7% من الإنتاج الاقتصادي للقارة الإفريقية. وأغلب الأموال المهربة تكون حصيلة تصدير المواد الأولية مثل الذهب والألماس، وتضخيم الفواتير. وتماثل هذه القيمة المهربة بطريقة غير شرعية نصف ما تحتاج إليه الدول الإفريقية لتمويل العجز المالي السنوي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المقدرة بـ200 مليار دولار سنويًّا ([32]).
بتحليل مؤشر مدركات الفساد، ليس هناك ما يستحق الاحتفال به في التقرير الجديد الخاص بإفريقيا جنوب الصحراء، والتي تظهر باعتبارها المنطقة ذات أدنى الدرجات في العالم. والمكاسب التي حققتها بعض البلدان طغت عليها الانخفاضات الكبيرة التي حققتها الأغلبية. والبلدان ذات الدرجات المنخفضة ظلت غير قادرة على تحقيق تقدُّم كبير، وسط أزمات متعددة تُهدِّد الأمن والاستقرار والديمقراطية وحقوق الإنسان. فعلى مدى عقود، رحَّبت تلك البلدان بالأموال القذرة من الخارج، مما سمح للحكام الفاسدين بزيادة ثرواتهم وسلطتهم وطموحاتهم الجيوسياسية، وأصبحت العواقب الكارثية المترتبة على تواطؤ الاقتصادات المتقدمة في الفساد العابر للحدود واضحة بشكل مؤلم. ووفقًا للرئيس التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية، “دانييل إريكسون”، فمن الممكن تمامًا لقادة أيّ بلد أن “يحاربوا الفساد ويعززوا السلام في آنٍ واحدٍ”؛ حيث يسمح الفساد “للنُّخَب” بممارسة نفوذ غير مشروع، وزرع بذور عدم الاستقرار، وتقويض المؤسسات الحكومية. بل إن الفساد يُستخدم أحيانًا “كسلاح في السياسة الخارجية” لتقويض الديمقراطية في بلدان أخرى([33]).
كانت تداعيات جائحة كوفيد -19 تحديًا مستمرًّا؛ حيث أثَّرت بشدة على سبل العيش، وعمَّقت عدم المساواة، وزادت مخاطر الفساد في جميع أنحاء القارة. تشمل بعض القواسم المشتركة الأخرى في جميع أنحاء المنطقة نقص قدرة الدولة على مكافحة الفساد، والتي تفاقمت بسبب انعدام الأمن، وضعف المؤسسات، وتقلص مساحة المجتمع المدني، وحملات التخويف والاعتقالات التي يتعرَّض لها شخصيات أو ناشطون معارضون تحت ستار حملات مكافحة الفساد، فضلًا عن الأنظمة القضائية المُسيَّسة، ووكالات إنفاذ القانون غير الكافية وغير الفعَّالة. مما دعا منظمة الشفافية الدولية لإثارة هذه المخاوف، ودعوة الاتحاد الإفريقي إلى تكثيف التزاماته في مكافحة الفساد، وحماية نشطائه، وتسريع استراتيجيات مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة.
هذه المستويات العالية من الفساد جعلت الحكومات ضعيفة، بدون موارد أو دعم عام، وغير قادرة على منع الصراع. وفي المقابل، يؤدي العنف وعدم الاستقرار، من الانقلابات العسكرية إلى التطرف والإرهاب والجريمة إلى زيادة تأجيج الفساد.
ولإحراز تقدم ملموس في مكافحة الفساد يتعين على الدول:
- إعطاء الأولوية لإصلاحات الحكم الرشيد المعلَّقة، بما في ذلك تدابير حماية الحريات الأساسية. والنزاهة في السياسة ضرورية أيضًا لضمان استخدام الموارد العامة للصالح العام.
- يجب على الدول أيضًا حماية المجتمع المدني حتى تتمكن من مساءلة الحكومات.
- تحتاج الحكومات في المنطقة إلى إيلاء اهتمام خاص لتدابير مكافحة الفساد أثناء حالات الطوارئ، مثل تلك المرتبطة بالنزاع أو الصحة العامة أو الكوارث الطبيعية. لذلك يجب عليها أن تجعل أنظمة المشتريات العامة الخاصة بها أكثر شفافية.
- بذل المزيد من الجهد لوقف مليارات الدولارات التي يتم تهريبها للخارج كل عام.
- يجب أن تكون المؤسسات المسؤولة عن الإشراف ومكافحة الفساد مستقلة، وأن تتمتع بإمكانية الوصول إلى التمويل الكافي. وتحسين الضوابط المؤسسية للحد من احتمالية الفساد في قطاعي الدفاع والأمن.
[1] ) د. منال جابر مرسي محمد، “أسباب الفساد في مصر، دراسة قياسية خلال الفترة (2000 – 2017م)”، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة (سوهاج، جامعة سوهاج، 2017م)، ص ص646-647.
[2]) عبد الحفيظ بوخرص، وسمير بن محاد، “دراسة تحليلية لظاهرة الفساد في الجزائر حسب مؤشرات منظمة الشفافية الدولية”، مجلة البحوث الاقتصادية المتقدمة (الجزائر: المجلد السابع، العدد الأول، جامعة الوادي، 2022م)ص249.
[3]) عبد الحفيظ بوخرص، وسمير بن محاد، م.س.ذ، ص250.
[4]) محمد محمود فتح الله عبد العزيز، دراسة تحليلية للعلاقة بين الفساد والتنمية الاقتصادي بالتطبيق على الاقتصاد المصري (القاهرة: رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الزقازيق، 2016م) ص ص: 15-37.
[5]) محمد الشريف، قراءة في مؤشر مدركات الفساد، متاح على الرابط:
https://www.al-jazirah.com/2023/20230216/ar5.htm
[6]) غزوان رفيق عويد، دراسة تحليلية لمؤشرات منظمة الشفافية الدولية مع الإشارة إلى حالة العراق (بغداد: دائرة البحوث والدراسات، 2016)، ص ص 173-174.
[7]) د. باسم علي خريسان، العراق في مؤشر مدركات الفساد العالمي2021م (بغداد: مركز البيان للدراسات والتخطيط، 2022م) ص3-4.
[8]) د. ضويفي حمزة، ود. بوكرديد عبد القادر، “دراسة تحليلية لمؤشرات مدركات الفساد في القطاع العام مع الإشارة إلى حالة الجزائر (2012 – 2018)”، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية (الجزائر: الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، المجلد 12، العدد 2، 2020م) ص ص: 50-51.
[9]) مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، قياس الفساد، متاح على موقع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، على الموقع : https://www.unodc.org/e4j/ar/anti-corruption/module-1/key-issues/measuring-corruption.html
[10]) جمعية الشفافية الكويتية، بيان صحفي بشأن نتائج مؤشر مدركات الفساد 2022م (الكويت: جمعية الشفافية الكويتية، 2023) ص: 4.
[11]) https://www.transparency.org/ar/press/2022-corruption-perceptions-index-reveals-scant-progress-against-corruption-as-world-becomes-more-violent
[12]) Idem.
[13]) Idem.
[14]) https://www.transparency.org/ar/press/2022-corruption-perceptions-index-reveals-scant-progress-against-corruption-as-world-becomes-more-violent
[15]) Transparency, CPI 2022 for Sub-Saharan Africa: Corruption Compounding Multiple Crises,at:https://www.transparency.org/en/news/cpi-2022-sub-saharan-africa-corruption-compounding-multiple-crises
[16]) Idem
[17]) Transparency, 022 Corruption Perceptions Index Reveals Vicious Cycle of Corruption, Violence and Instability Across Sub-Saharan Africa.at: https://www.transparency.org/en/press/2022-corruption-perceptions-index-reveals-vicious-cycle-of-corruption-violence-and-instability-across-sub-saharan-africa
[18]) Afro,Sub-Saharan Africa ranked as most corrupt region in the world.at:
Sub-Saharan Africa ranked as most corrupt region in the world
[19]) Transparency, CPI 2022.Op.cit.
[20]) Idem.
[21]) Idem.
[22]) Carmel Rickard, Op.cit.
[23] (Voaafrica,Sub-Saharan Africa “Stagnated” – New Corruption Report.at:
https://www.voaafrica.com/a/sub-saharan-africa-stagnated—new-corruption-report/6941424.html
[24]) Transparency, CPI.Op.cit.
[25]) Idem.
[26]) Transparency, CPI 2022.Op.cit.
[27]) Idem.
[28]) Idem.
[29] (United nations, Stamping out corruption can give SDGs $3 trillion boost,at: https://news.un.org/en/story/2023/05/1136282
[30]) IMF, Sub-Saharan Africa Reveals Lessons for Governance,at: https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/06/22/CF-SSA-Lessons-for-Governance
[31]) https://undp.medium.com/the-cost-of-corruption-a827306696fb
[32]) د. مصطفى سايج، الفساد عائق التنمية في إفريقيا ويهدر 148 مليار دولار سنويًّا، أي 25% من الناتج المحلي، آراء، مركز الخليج للأبحاث، 2021م. متاح على الرابط:
https://araa.sa/index.php?option=com_content&view=article&id=5664:148-25&catid=4454&Itemid=172
[33]) Carmel Rickard, Huge corruption challenge for sub-Saharan Africa – latest Transparency International index.at: