دعا المجلس العسكري في مالي الجماعات المسلحة في الشمال إلى إعادة إحياء الحوار واتفاق السلام المتعثر، وسط مخاوف من تجدد الأعمال العدائية بعد انسحاب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ويبدو على وشك الانهيار اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2015 أو ما يسمى اتفاق الجزائر بين الحكومة المالية وتنسيقية حركات أزواد، وهو تحالف يضم جماعات تطالب بالاستقلال والحكم الذاتي ويهيمن عليه الطوارق.
ومنذ أشهر يتصاعد التوتر في مالي، حيث اتهمت تنسيقية حركات أزواد مقاتلات الجيش بقصف مواقعها في منطقة كيدال دون وقوع أي أضرار، لكن الوزير المسؤول عن اتفاق السلام الكولونيل إسماعيل واغو قال في بيان صحافي إنه يريد “دعوة” الموقعين على الاتفاق “للعودة إلى طاولة المفاوضات”.
وأضاف إن “الحكومة لا تزال ملتزمة بالاتفاق” وأيضاً بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام السابق. وأعلن الجيش المالي لاحقا في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أنه “استهدف مجموعة من الجماعات الإرهابية المسلحة” و”حيّد” عددا من مقاتليها. ونفذت مقاتلات الجيش المالي طلعات جوية فوق كيدال، معقل الطوارق، مرتين على الأقل هذا العام.
ويخشى خبراء في الأمم المتحدة أنه في حال انهيار اتفاق الجزائر أن تعيد الجماعات المسلحة “إعادة سيناريو عام 2012″، في إشارة إلى عمليات التمرد والانفصالية في الشمال التي أودت بحياة الآلاف.
وأمام بعثة الأمم المتحدة في مالي أو “مينوسما” مهلة حتى 31 ديسمبر للانسحاب بعد عقد من الزمن عملت فيه على تحقيق الاستقرار الأمني في البلاد وسط حركات تمرد انفصالية.
وصدرت أوامر للبعثة المكونة من 13 ألف جندي بالانسحاب في وقت سابق من هذا العام بناء على طلب المجلس العسكري الحاكم في مالي، وبعد انسحاب القوات الفرنسية عام 2022. وشهدت مالي انقلابين عسكريين متتاليين في أغسطس 2020 وأيار 2021. وفي وقت سابق هذا الشهر، أصيب أربعة جنود تابعين للأمم المتحدة في هجوم استهدفهم خلال تنفيذهم عملية انسحاب من قاعدة “بير” في شمال البلاد.
في غضون ذلك، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما) أن المرحلة الأولى من خطة انسحاب البعثة تمت بنجاح في الوقت المحدد لها. وفي مقابلة حصرية مع أخبار الأمم المتحدة ناقش القاسم وان خطة الانسحاب، الذي يتم بناء على طلب السلطات المالية، وشدد على أن الأمم المتحدة ستظل باقية في مالي لدعم جهود تحقيق الاستقرار.
وتحدث القاسم وان أمام مجلس الأمن الدولي أيضا صباح الاثنين، مشدداً على أن إغلاق بعثة تم بناؤها على مدى عقد من الزمن خلال فترة ستة أشهر هو مسعى “معقد وطموح”.
وفصّل وان – في إحاطته لمجلس الأمن – المشاق والتحديات التي واجهتها البعثة خلال هذه المرحلة، بما في ذلك السياسية منها. وأشار إلى الخلاف الواقع بين السلطات المالية والحركات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة حول مصير معسكر بير بعد رحيل بعثة مينوسما.
وأكد وان أن انسحاب البعثة يأتي في سياق يتسم بالشلل أصاب هياكل مراقبة اتفاق السلام، والتي لم تجتمع منذ نوفمبر الماضي، وانعدام خطير للثقة بين الأطراف.
ومع الشروع بالمرحلة الثانية للانسحاب التي من شأنها أن تكون أكثر تعقيدا، دعا رئيس البعثة الأطراف إلى تحويل حسن النية إلى تدابير ملموسة، “من أجل تجنب أزمة خطيرة وغير مرحب بها، وتعزيز قضية السلام والمصالحة في مالي، بناءً على التقدم الذي تم إحرازه خلال السنوات الثماني الماضية، بما في ذلك إنهاء الأعمال العدائية المسلحة”.
وفي مقابلة حصرية مع أخبار الأمم المتحدة، تحدث القاسم وان عن خطة انسحاب البعثة، وشدد على أن الأمم المتحدة ستظل باقية في مالي لدعم الشعب والسلطات في تحقيق الاستقرار من خلال وكالاتها وبرامجها وصناديقها.