المصدر: بي بي سي أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
دعَّم تحالف مجموعات المجتمع المدني، المناهض لفرنسا في النيجر، المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم في أواخر يوليو الماضي.
وقد عارض “الاتحاد المقدس لحماية سيادة وكرامة الشعب”، المعروف باسم m62 منذ إنشائه في أغسطس 2022م، سياسات بازوم؛ بما في ذلك التعاون مع القوات الفرنسية.
وطالما حظرت السلطات مظاهرات الحركة، واعتقلت زعيمها عبد الله سيدو، تسعة أشهر على خلفية انتقاده عمليات الجيش في بلدة تامو بجنوب غرب البلاد؛ حيث قُتل مدنيون، واتَّهم بازوم سيدو بـ”الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة”.
والملاحظ أن m62 تم تنشيطها بعد الإطاحة بالرئيس محمد بزوم مِن قِبَل المجلس العسكري المسمى المجلس الوطني لحماية الوطن (CNSP) بقيادة العميد عبد الرحمن تشياني.
ومنذ ذلك الحين، احتشدت العديد من مجموعات المجتمع المدني الأخرى حول جهودها، ونظمت سلسلة من المسيرات على مستوى البلاد؛ لدعم المجلس العسكري، وحشد الدعوات إلى مغادرة 1500 جندي فرنسي للنيجر.
ولوَّح بعض المشاركين بالأعلام واللافتات الروسية التي تتبعها مرتزقة فاغنر التي تستهدف عمليات موسعة في منطقة الساحل.
النضال من أجل سيادة النيجر:
في مقابلة مع الأيرلندية تايمز في فبراير الماضي، قال سيدو: “إن m62 ليست تابعة لروسيا، ونحن نناضل من أجل سيادة النيجر، لذا فنحن لسنا مع دول أجنبية شريكة”.
ورغم ذلك، فقد تم اختيار خطاب الحركة مِن قِبَل مجموعات المجتمع المدني الموالية لروسيا في مالي وبوركينا فاسو التي شهدت كلٌّ منهما انقلابين عسكريين منذ عام 2020م.
وعلى غرار جيرانهم؛ أنهى المجلس العسكري النيجري اتفاقيات التعاون الأمني مع فرنسا، وعلق نشاط الإعلام الفرنسي وإذاعة فرنسا الدولية وفرنس 24 في البلاد.
فيما شرع الجنرال تشياني في تشكيل حكومة مؤقتة؛ في تحدٍّ واضح لعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والإدانة الدولية للانقلاب.
كما سعى إلى إقامة تحالفات مع مالي وبوركينا فاسو الملتزمتين بالدفاع عن النيجر ضد التدخل العسكري المخطَّط له مِن قِبَل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
وفي 10 أغسطس الجاري، قام زعماء غرب إفريقيا بتفعيل قوة احتياطية لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، وهي مبادرة تدعمها فرنسا والولايات المتحدة, فيما عزَّزت قرارات تشياني أنشطة حركة m62 المناهضة لكل من الإيكواس وفرنسا.
الأحداث البارزة:
تتكون حركة m62 من 15 منظمة مجتمع مدني، تم إطلاقها في 3 أغسطس 2022م؛ حيث احتفلت النيجر بمرور 62 عامًا على استقلالها عن فرنسا. وعلى الرغم من وجود مقرّها في نيامي إلا أنها نشرت على صفحتها على منصة فيسبوك صورًا لاحتجاجات m62 في أجزاء مختلفة من النيجر، شملت
كلًّا من زيندر، ومَرادي، وأغاديس، ودوسو، مما يشير إلى أنها تتمتع بشعبية كبيرة.
شعارها “موتونتشي-بورتشينتاري” يعني “الكرامة” في لغتي الهوسا والزرما. وبدأ التنظيم في التحريض ضد ارتفاع أسعار الوقود ونقص الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي أول مظاهرة للحركة في سبتمبر 2022م -وهي المرة الأولى التي يتم فيها السماح بمظاهرة في النيجر منذ عام 2017م- دعت m62 إلى اعتقال الرئيس السابق محمدو يوسفو بتهمة “الخيانة العظمى”؛ كجزء من فضيحة بناء السكك الحديدية.
ومع تزايد القلق بشأن وجود القوات الفرنسية في النيجر، زادت m62 الدعوات لمغادرتها على الفور. واتهمت الحركة قوات “برخان” بارتكاب “اغتيالات متعددة” للمدنيين، و”المساس بالسيادة الوطنية، وزعزعة استقرار منطقة الساحل”.
كما اتهمت الحركة “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” بأنها موضع “استغلال” مِن قِبَل فرنسا في بيان صدر في أكتوبر 2022م.
بعد الانقلاب على بازوم، كثَّفت حركة m62 دعواتها لمغادرة فرنسا للنيجر، وجددت مطالبها باعتقال الرئيس السابق؛ بسبب الفضائح المالية والسياسية التي استشهد بها المجلس الوطني لحماية الوطن (CNSP) كأحد أسباب استيلائه على السلطة.
تحولت المظاهرات التي نظَّمتها حركة m62 في 30 يوليو إلى أعمال عنف عندما هاجم بعض المشاركين مقر السفارة الفرنسية في نيامي.
ونفت الجماعة حثّ أنصارها على السير في مسيرة للسفارة “لأخذ رهائن جميع الفرنسيين المقيمين في النيجر”، ورغم ذلك، قالت: “إن إجلاء الرعايا الغربيين من النيجر يجب أن يتم مع مغادرة القوات العسكرية الأجنبية على الفور”.
وجهات نظرهم الخاصة:
أما عن وجهة نظر حركة m62 ورؤيتها لمشكلات النيجر فقد لخَّصها عبد الله سيدو، 18 سبتمبر 2022م؛ بقوله: “كانت النيجر ذات يوم مسالمة ومزدهرة ومحترمة، وكان الناس يعيشون في شراكة من القلوب والعقول. لكن اليوم، بعد عقد من الإدارة الفوضوية، الشبيهة بالمافيا، والفساد الإداري في سلطات الدولة مِن قِبَل الاشتراكيين الزائفين، واللصوص، والتجاريين، والبلطجية، وغير المحترفين، وتجّار الأراضي؛ تجد النيجر نفسها في حالة من البؤس غير المسبوق، على الرغم من مواردها الطبيعية الهائلة”.
مضيفًا “بالنظر إلى القرار الجائر الذي اتخذته فرنسا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بدعم من حفنة من أعيان النظام المخلوع، بالتدخل عسكريًّا في النيجر؛ اعتبرت الحركة أن هذه المحاولة لإجلاء فرنسا على وجه السرعة تشهد على تدخلاتها الحقيقية عسكريًّا في النيجر لحماية مصالحها وليس لحمايتنا، حتى لو كان ذلك يعني قتل الآلاف من الناس في النيجر”.
وأضاف “في مواجهة العداء الواضح لبعض الدول والمنظمات تجاه قادتنا الجدد وشعب النيجر، الذين يشهدون أخيرًا السيادة التي طال انتظارها لبلدهم؛ فإن شعب دوسو لن يتوقف عند أي شيء للدفاع عن وطنه”؛ بحسب تصريحات المنسق الإقليمي لحركة m62، حسن زادة، في يوم 1 أغسطس 2023م.
نحن ننظر إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على أنها كتلة إقليمية للمصالح المشتركة ووجهات النظر. عبَّر ماهاماني السنوسي، نائب رئيس m62 في 3 أغسطس 2023م عن ذلك بقوله: “إننا نرفض جميع العقوبات الصارمة المفروضة على المجلس العسكري الجديد في النيجر، ونحن مصمِّمون جدًّا على دعم عبد الرحمن تشياني في طموحه”؛ على حد قوله.
وجهات النظر الآخرين:
بينما اعتقد النيجريون أنه بعد تنازل الأحزاب السياسية وبعض الفاعلين الاجتماعيين؛ فإن حركة m62 التي تم إنشاؤها مؤخرًا يمكن أن تحمل شُعلة نضال المواطنين؛ لا بد أنهم أدركوا، من خلال إعلانها الأول عن التظاهر، أن هذه الحركة محدودة الأنشطة والتحركات، وأنهم لا يستطيعون الاعتماد عليها لتجديد النضال.
فعلى مدى عدة سنوات تم حظر جميع التظاهرات في البلاد بشكل منهجي، ومع ذلك لا تستطيع m62 التفكير في تنفيذ استراتيجيات جديدة للنضال تكون أكثر فاعلية في جعلها مسموعة. هذا ملخص بيان تم نشره على شبكة الإنترنت لتجمُّع مقره بلجيكا يضم أهل النيجر في الشتات بتاريخ 27 أغسطس 2022م.
إن “حركة تجمع منظمات المجتمع المدني مختلفة، وتريد أن تكون مناهضة للإمبريالية ومعادية للفرنسيين. وقد يفسِّر ذلك وجود الأعلام الروسية في المواكب”؛ على حد تعبير رحمان إدريسا، باحث بجامعة ليدن، 28 يوليو 2023م.
_______________________________
رابط المقال
https://www.bbc.com/afrique/region-66510969