دينا فتحي جمعة عبد العظيم
باحثة ماجستير – مهتمة بالشأن الاستراتيجي والأمني
يعد مفهوم القوة أحد أهم المفاهيم التي تُضفي ثِقَلًا على الدولة، وتُحدِّد هويتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية. كما أنها بفضل تلك القوة العسكرية تقوم بتوجيه سياساتها الخارجية ورسم مواقفها من القضايا الرئيسة في العالم، سواء بسياسة انكماشية أو توسُّعية.
كما تُعدّ القوة العسكرية هي جوهر وميزان مفهوم القوة بالنسبة لأيّ دولة في العالم؛ لأنه من خلال النظر إلى قوتها العسكرية يُحْكَم عليها بكونها قوة كبرى أو صغرى، أو بكونها طرفًا فاعلًا أو طرف يقوم بردّ الفعل فقط، أو دولة صاحبة قرار أو مجرد دولة تُصدِّق على القرارات التي يأخذها غيرها من القوى الكبرى. وهذه القوة العسكرية تسهم في رسم معالم قوة الدولة، وتساعدها على مواجهة أي تحديات سياسية واقتصادية وعسكرية وغيرها.
من جهة أخرى يهدف مؤشر قوة النار العالمي لتحديد قوة الدولة العسكرية، والإسقاط على الملفات الفرعية المرتبطة بالعامل العسكري للدولة، وتلك العناصر على المدى البعيد، تُحدِّد القوة العسكرية للدولة ومدى قدرة جيشها.
ولما كانت إفريقيا جنوب الصحراء المستهدَف من هذا البحث والتحليل فيما يخص المؤشرات والتقارير الدولية؛ سيتم قراءة موضع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار العالمي؛ من خلال رصد قوة الدول العسكرية، والملفات المختلفة التي تخدم هذا الغرض، ومنه تحديد موضع الدولة في ميزان القوة والضعف وفقًا لقوتها المسلحة؛ من خلال ما سيأتي ذِكْره.
أولًا: مؤشر قوة النار العالمي: “دراسة في المنهجية والمفهوم”:
يعد مؤشر قوة النار العالمي من أبرز المؤشرات التي تقدم تحليلًا تفصيليًّا للقوة العسكرية لقرابة 145 دولة وفقًا للبيانات المُدرَجة ضمن هذا الشأن، ولا يأتي تقييم قوة النار للدول بناء على المعدات والأسلحة العسكرية، ولكن كذلك يُسلِّط الضوء على الإمكانات والقدرات غير العسكرية باعتبارها أداة تساعد على تعزيز قوة الدولة العسكرية من بين القُوَى المُناظِرة لها، كما يعتمد في تصنفيه للدول على مدى قدرة وإمكانية الدولة على صنع وخوض الحرب في البر والبحر والجو.
لذا عند البحث عن تعريف “مؤشر قوة النار العالمي”، نجد أنه عبارة عن “تصنيف وتقييم سنوي يهدف لتحديد مدى قدرة الدولة على اللجوء للحرب بمختلف ساحاتها برًّا وبحرًا وجوًّا، وفق ما تمتلك من قدرات عسكرية، وقدرات أخرى غير عسكرية، ولكنها تخدم بالأساس قوة النار للدولة”.
ويتضمن المؤشر 60 عاملًا فرعيًّا لعددٍ من المؤشرات الفرعيَّة المُستخدَمة في التقييم النهائي لقوة النار للدول العالميـة، ويسمح هذا المؤشر بقَدْر من التنافسية بين الدول الصغرى من حيث القوة العسكرية، ولكنها تمتلك تكنولوجيا متقدمة، مع الدول الكُبرى صاحبة القوة العسكرية الأكبر، ولكنها ليست بذات التقدم التكنولوجي مثل تلك الدول الصغرى.
منهجية مؤشر قوة النار العالمي:
يعتمد تصنيف قوة النار العالمي لوضع التقييم النهائي على عدة عوامل ومؤشرات فرعية تتضمن 60 عنصرًا يتم جمع البيانات والمعلومات الخاصة بكل عنصر على حِدَة، وتحديد موقع الدول خلالها، ثم تحديد الترتيب والتصنيف النهائي للدولة، يتم الجمع والحصر للعناصر الفرعية المكونة للمؤشرات الفرعية، ومنه لاستخلاص القيمة النهائية لقوة النار العالمي، والتي تأتي وفق ثلاث تقييمات “زيادة”، “ثابت”، “تراجع”؛ حيث تشير الأولى لارتفاع تقييم الدولة في المؤشر العام وتقدّم مرتبتها ويُعبّر عنه في الدراسة باللون الأخضر، في حين أن الثاني يشير لثبات الأداء العام للدولة بين العام الماضي والحالي لسنة الرَّصْد والمتابعة للتحليل، ويُعَبَّر عنه في الدراسة “بوضع خط تحت رقم التقييم النهائي“، أما الثالث فيوضّح التقييم والترتيب المنخفض للدولة، ويُعَبر عنه في الدراسة باللون الأحمر.
جدير بالذكر أن المؤشر لهذا العام ركَّز على الموارد الطبيعية للدول كاحتياطات الغاز الطبيعي والنفط، إضافةً لعنصر الحدود المشتركة بين الدول، وتحديد إجمالي عدد الدول المجاورة للدولة الواحدة، ثم إنه تم إضافة عدد ثلاث دول جديدة ضمن تقييم وتصنيف هذا العام، وتتمثل في “بليز”، و”السنغال”، و”بنين”.
وفيما يلي عرض لأبرز المؤشرات الفرعية، التي يتم على أساسها التقييم النهائي، ومِن ثَم تصنيف الدول في مؤشر قوة النار العالمي، وجميعها تأتي في إطار خدمة العامل العسكري، وتتضمن ست مؤشرات فرعية، يمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
1- القوة العاملة العسكرية:
يتم قياس هذا المؤشر الفرعي من خلال عددٍ من العناصر التي تقيس مجموع السكان، والقوات شبه العسكرية، والاحتياطات النشطة، إضافة للخدمة الفعَّالة، وعنصر بلوغ سن الخدمة العسكرية سنويًّا، وعدد الأفراد الصالحين للخدمة، والقوة العاملة المتاحة، ويمكن توضيحها على النحو الآتي بيانه:
مجموع السكان: يتم الاستعانة بمجموع عدد السكان من الأعلى للأدنى، وذلك كأداة لتقييم كافة العناصر الأخرى المرتبة بها، سواء القوة العاملة النشطة، والقوة العاملة المتاحة للخدمة العسكرية، والصالحة للخدمة العسكرية، ويُلاحظ أنه كلما زاد عدد السكان؛ ترتب عليه زيادة القوة العسكرية القتالية “الجنود، والتعبئة العسكرية”.
القوات شبه العسكرية وفقًا للدولة: يتم ترتيب القوة شبه العسكرية المتاحة حسب الدولة من أعلى لأدنى؛ حيث عرفت المنظمات والكيانات شبه العسكرية، باعتبارها قوات شبه عسكرية تُشكِّل بدورها ثقلاً قتاليًّا وعسكريًّا للدولة في ساحة المعركة، ويتم الاستعانة بقيمة وعدد تلك القوات في مؤشر قوة النار، لأجل تحسين الإمكانات والقدرات العسكرية الإجمالية للدولة. ويشير المؤشر إلى أن هناك دولًا قادرة على تشكيل احتياطي عسكري من تلك القوات، في حين أن هناك دولاً أخرى غير قادرة على تشكيل تلك الكيانات، وهنالك نموذج آخر من الدول لا تحتفظ بها ولا توافق على تشكيلها ظاهريًّا، ولكن تستعين بها لأجل تنفيذ عمليات عسكرية معينة خارج حدودها.
الاحتياطات النشطة: تتضمن إجمالي احتياطات القوة العاملة العسكرية، وهي اختيارية بين القوى العسكرية عالميًّا، وتشمل الأفراد الذين يتم تصنيفهم تحت طائلة الاحتياطات النشطة للخدمة العسكرية، ويكونون جاهزين للخدمة العسكرية في أي لحظة، وتم اعتبارها كيانات شبه عسكرية لأنها لا تتبع الاحتياطات النشطة منذ عام 2021م وفق بيانات قوة النار العالمية.
خدمة فعَّالة: يتم تقييم ترتيب إجمالي القوة العاملة العسكرية النشطة والمتاحة للخدمة، من خلال الأفراد الذين يتم تصنيفهم واعتمادهم تحت مظلة “الخدمة النشطة”، ويتم اعتبارها قوة جاهزة للقتال على مدار الساعة وفي أيّ توقيت.
بلوغ سن الخدمة العسكرية سنويًّا: يتناول هذا المؤشر الفئة السكانية، ذات العمر المناسب للخدمة العسكرية، ويُستخدم للنظر في إجمالي القوة البشرية العسكرية الإجمالية لدولةٍ ما، ولا يمكن الجزم بأن العدد الكبير للقوات المسلحة بأنه عامل مميز لها في نطاق القتال العسكري إذا لم يكن مشفوعًا بالتدريب العسكري المُتقن.
نسبة السكان الصالحين للخدمة العسكرية: يتم التعويل عليهم كأداة حاسمة لتحقيق الانتصار في الحروب التقليدية؛ وذلك لأنه يركز على فئة السكان المتاحين للخدمة العسكرية والمناسبين للمشاركة بمجهودهم في القتال العسكري، إضافةً لصلاحيتهم للمشاركة في الحملات العسكرية الطويلة، وكما أن هدفًا آخر لهذا العنصر يتضمن زيادة فاعلية القوة العسكرية للدولة وفقًا لما يرصده مؤشر قوة النار، أثناء التقييم النهائي لقِيَم الدولة في هذا المقام.
القوة العاملة المتاحة: تشكل القوى العاملة المتاحة أداة حاسمة كذلك في الصراعات العسكرية ولا سيما النزاعات الطويلة، كما أن هناك عددًا من الدول تستغل القوة السكانية الكبيرة لديها لأجل تعزيز القدرات القتالية العسكرية لها، وزيادة عدد القوات المسلحة، وتوزيعها على العناصر المرتبطة بالخدمة الفعَّالة، والقوات الاحتياطية، وما إلى ذلك، كما تفعل كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والهند.
2- المعدات العسكرية:
يعد هذا المؤشر أحد أهم المؤشرات الفرعية لتقييم قوة النار العالمية لدولةٍ ما، كونها تُسلط الضوء على إجمالي القوة العسكرية لدولة ما، بقياسها خلال أسطولها البري، والبحري والجوي، وما ينضوي عليه من عناصر فرعية، تُشكل في مضمونها الثِقل العسكري للدولة في ساحة المعركة، لذا يمكن إيجازها على النحو الآتي:
أ- الأسطول الجوي: يحتوي قوة أسطول الطائرات على طائرات مقاتلة/معترضة، إضافة لكل من طائرات الجناح الثابت، وأساطيل المدربين، وفرقة المهمات الخاصة، وقوة أسطول الناقلات، وأخيرًا أساطيل طائرات الهيلوكوبتر، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
قوة أسطول الطائرات العسكرية: يركز مؤشر قوة النار العالمي على قياس قوة الخدمة الجوية كأساس في اعتماد تصنيف الدول ضمن القوى العسكرية، وتشمل فروع الخدمة الجوية: الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، والطائرات ذات الأجنحة الدوَّارة؛ أي طائرات الهليكوبتر، وتشملها فروع القوات الجوية، وطيران الجيش، وطيران البحرية، وتشمل كذلك أنواع الطائرات المقاتلة “متعددة المهام، الصواريخ المعترضة، كذلك طائرات المدربين الأساسيين والمتقدمين، ووسائل النقل “ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات”، والقاذفات المخصَّصة والمهاجمين الأرضيين.
الطائرات المقاتلة/ المعترضة: تشمل ترتيب قوة الطائرات المقاتلة والطائرات المعترضة لهجمات العدو. وأشار لأهمية المقاتل المدافع لأيّ قوة عسكرية في العالم، ولا سيما مقاتلات الجيل الخامس، وتعمل بالتوازي كذلك مع مقاتلات الجيل “4”، والجيل “4.5”، وأضاف كذلك أنه تم تزويد تلك الطائرات بأحدث تقنيات الرادارات المتقدمة والمطورة باقترانها بصواريخ جو- جو، وذكر أنواع الطائرات التي تدخل ضمن نطاق طائرات المقاتلين والمعترضين، منها؛ المقاتلات الأمريكية (F, F-16, F-15, F-22, A-18)، المقاتلات الروسية ((SU-27/35, Mikoyan MiG-29, the Eurofighter Typhoon ، والمقاتلة الفرنسية (the French Dassault Rafale)، والمقاتلة السويدية (Saab Gripen.27/35).
قوة أسطول الطائرات الهجومية: يقيس هذا المؤشر قوة الأسطول الذي يوجّه ضرباته الأرضية، ويعد أحد فروع الطائرات المقاتلة أو المعترضة، وتخصّص ضرباتها للأهداف الأرضية، مدعومة كذلك بذخائر جو–أرض، ومن أمثلتها: المهاجِمة الروسية (Sukhoi Su-24 ‘Fencer’، والمهاجِمة الأمريكية (Lockheed Martin F-35 ‘Lightning II)، والقاذفات المخصصة كبيرة الحجم (the Boeing B-52)، وحلول الضربات الخفيفة مثل النموذج البرازيلي (EMB-314 ‘Super Tucano’).
قوة أسطول طائرات النقل “الجناح الثابت“: تعد طائرات النقل ثابتة الجانحين “المحركات والهزازات” الأساس للقوة العسكرية الحديثة. ويعتمد المؤشر هذه الطائرات كونها تعطي ثقلاً للدولة المالكة لها، وإمكانية إدارة نظامها عبر مسافات طويلة، وتتضمن العديد من الأنواع الاستراتيجية أمثلة (Boeing C-17 ‘Globemaster III’, Airbus CN-235, and Cessna 208 forms).
أسطول طائرات المدربين: يستهدف المؤشر هذه الطائرات؛ كونها أساس قوة القوات الجوية، حيث تعتبر عناصر التدريب والخبرة، وتُقدم خدماتها التدريبية للطائرات المقاتلة، والطائرات الهجومية، والمعترضة، وطائرات الهليكوبتر.
قوة أسطول طائرات المهام الخاصة: وهي عبارة عن الطائرات التي تقوم بتنفيذ طلعات جوية تكتيكية في ساحة المعركة، ويتم تزويدها بمعدات عسكرية متقدمة. ومن أمثلتها أنظمة الإنذار المُبكر المحمولة جوًّا (AEW)، وطائرات الدوريات البحرية ((MBA، ومنصات الحرب الإلكترونية (EW).
قوة أسطول الناقلات: تعد الناقلات الجوية أحد أهم أساطيل الطائرات الجوية، لأهميتها في عمليات نقل الإمدادات الجوية من وقود ودعم لوجستي أثناء التدريب.
قوة أسطول طائرات الهليكوبتر العمودية: تعد طائرات الهليكوبتر العمودية أحد أهم مفاتيح القوة العسكرية لدولة ما، وذلك لأهميتها التكتيكية في ساحة الحرب؛ لما تقوم به من مهمات خاصة مرتبطة بالبحث والإنقاذ (MEDEVAC)، وتقديم الدعم الفني للطائرات، واكتشاف أماكن المدفعية، وتستخدم في المناورات التدريبية والدورات البحرية، إضافة للنقل والهجوم، وتشمل العديد من الأنواع؛ الطائرات الروسية (Mi-17 ‘Hip’)، الطائرات الأمريكية (Sikorsky UH-60 ‘Black Hawk’ lines).
قوة أسطول طائرات الهليكوبتر الهجومية: نوع من الطائرات المتخصصة في مساندة ودعم قوات الجيش والقوات الجوية أثناء المعركة، ومزودة بخط ناري لدعم القوات البرية، ومواجهة قوات المدرعات المناظرة، وتشمل عددًا من الأنواع؛ من أهمها: (the Boeing AH-64 ‘Apache’, Eurocopter ‘Tiger’, Kamov Ka-52 ‘Alligator’/Mi-28 ‘Havoc’).
ب- الأسطول البري؛ يتضمن هذا القسم قوة أسطول الدبابات القتالية، إضافةً لمركبات القتال المُصفَّحة، والمدفعية ذاتية السحب، ثم سحب المدفعية، وأخيرًا أجهزة عرض الصواريخ، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
قوة أسطول الدبابات القتالية “قوة الخزان“: يتتبَّع مُؤشّر قوة النار، أنظمة المدرعة القتالية للدولة، باعتبارها أحد أهم أعمدة القوة العسكرية للدولة، ولا سيما الدبابات وتصميماتها المختلفة، وتتضمن عددًا من الأنواع؛ منها: الدبابات الروسية (Russian T-90 Main Battle Tanks) (MBTs)، والدبابات القتالية الألمانية (‘Leopard 2′) (pictured)، وأخيرًا أنظمة الدرجة الخفيفة (Stingray’ Light Tank of Thailand).
قوة المركبات القتالية المدرعة: يتتبع قوة النار العالمي المركبات القتالية من النوع (AFV/APC)، باعتبارها امتدادًا للقوات البرية، وتتضمَّن كافة أنواع المركبات الأمامية والخط الثنائي، ومركبات الدعم اللوجستي بما تتضمنه من مركبات (نقل الجنود والمدرعات، والهندسة، والمرافق، و(IFVs, MRAPs)، ولعل أبرز أنواعها؛ المركبات الأمريكية (M2 Bradley)، والمركبات الروسية (Soviet BMP/BTR series، والدبابات المقاومة للألغام والكمائن، وأخيرًا ناقلات الهاون.
قوة المدفعية ذاتية الدفع؛ يتيح هذا النوع من المركبات عنصر قوة وتفوق للقوات البرية؛ كونه يوفر خط نيران غير مباشر من خلال الأنواع المختلفة للمقذوفات بما فيها الكيميائية والنووية على حد سواء، ولعل أبرز الأمثلة لها مركبات نظام التتبع الأمريكي (M109).
قوة مدفعية السحب؛ يتسم هذا النوع بقدمه وعدم حداثته، إلا أنه ما يزال يمثل سلاحًا حيويًّا للعديد من الجيوش، فهي مدفعية مقطوعة، تتيح مدًى من النيران غير المباشرة بما تتضمنه من أنواع مختلفة من المقذوفات.
أجهزة عرض الصواريخ المعروفة باسم أجهزة (MLRS)، ويطلق عليها كذلك المركبات ذات الإطلاق المتعدد ذاتية الدفع، تضيف تلك الأجهزة عمقًا استراتيجيًّا وتكتيكيًّا في ساحة المعركة، كما أنها تستهدف الوصول لارتكازات العدو من خلال النيران غير المباشرة من مسافات بعيدة، ولعل أبرز أمثلتها:.M142 HIMARS and BM-21
جـ- الأسطول البحري: يرصد مؤشر قوة النار العالمي عددًا من الأسلحة في هذا القسم، ولعل أهمها: قوة الأسطول البحري، إضافة لحاملات الطائرات، وحاملات طائرات الهليكوبتر، والغواصات، وكذلك المدمرات، والفرقاطات، والطرادات، وزوارق دورية ساحلية، وأخيرًا ألغام الحرب الحرفية، ويمكن تناولها كالآتي:
قوة الأسطول البحري: يتتبع مؤشر قوة النار العالمي إجمالي ترتيب عدد السفن والغواصات التي تمتلكها الدولة، إضافة لعناصر سطح الماء وما تحت الماء، وتتضمن جميع أنواع السفن الحربية، سواء حاملات الطائرات، والغواصات، وناقلات طائرات الهليكوبتر والطرادات، والفرقاطات، والأنواع الساحلية، وسفن الهجوم، وسفن الدعم البرمائية وسفن المساعدات.
قوة أسطول حاملات الطائرات: وتشمل إجمالي عدد السفن الحربية لحاملات الطائرات حسب كل دولة على حِدَة؛ حيث تعد تلك السفن أبرز أعمدة الأسطول البحري، وتشمل كل أنواع حاملات الطائرات ما عدا طائرات الهليكوبتر فلها تصنيف مستقل.
قوة أسطول حاملات طائرات الهليكوبتر: توفر تلك الحاملات للدولة قدرة قتالية فريدة من نوعها، كونها أصغر حجمًا وأقل تكلفة في عملية الشراء، وتشمل حلول الأجنحة الدوارة، إضافة للإمداد والبحث والمساعدة (SAR, MEDEVAC)، وصيد الغواصات، وإدخال وإخراج القوات، والاستكشاف العام، ومراقبة ساحة المعركة. أما عن الدول المشغِّلة لتلك الحاملات فهي كل من فرنسا، ومصر واليابان، وأستراليا ودول أخرى.
قوة أسطول الغواصات: وتشمل الغواصات الهجومية، التي تتَّسم بالقدرات الهجوية الحديثة والقادرة على توجيه هجمات برية وبحرية، من خلال الأسلحة التقليدية والنووية، وتستخدم بشكل مباشر لدعم العمليات الخاصة، ومهام الاستطلاع، وتأمين المياه الإقليمية.
قوة أسطول المدمرات: عبارة عن سفينة سطحية متعددة المهام ومتطورة، مجهّزة بمجموعة من الأسلحة والمعدات الحسية، التي تتَّسم بقدرتها على مُجابهة التهديدات الجوية وما فوق سطح البحر، وما بعمقه، كما يتم تزويدها بالأنظمة الهجومية والدفاعية على حدّ سواء، ونظرًا للتكاليف الباهظة لشراء السفن المدمرة، فإن هناك عددًا قليلاً من الدول التي تملكها وتُشغلها.
قوة أسطول سفن الفرقاطات: وهو عبارة عن سفن متعددة المهام، تعمل في المحيط لأجل تأمين السفن الحربية، إضافةً لتأمين المحيط الإقليمي للدولة من الهجمات الجوية، كما تم تجهيزها بأنظمة تقنية ذكية، وأجهزة حسية متطورة لإعطائها ميزة تتبُّع سفن العدو ومطاردتها.
قوة أسطول سفن الطرادات “كورفيت”؛ تتسم تلك السفن بأنها أصغر من سفن الفرقاطات، كما أنها توفر مزيجًا متوازنًا من القوة النارية والمهام الخاصة بدعم الأجنحة الدوارة، وتحقيق مزايا اقتصادية للأسطول البحري.
قوة أسطول الزوارق الدورية البحرية: يتم تتبع إجمالي عدد سفن الدوريات البحرية، والزورق الصاروخي، والطائرات القتالية النهرية، ويتم استدعاء سفن الدورية لأجل للدفاع عن المناطق البحرية الاستراتيجية من تهديدات العدو، كما أنها في أوقات السلم تُستخدَم لمحاربة عمليات التهريب غير المشروعة للمخدرات. أما في أوقات الحرب فتُستخدم للدفاع عن الممرات المائية والمواقع البحرية المهمة، وتشمل زوارق الدوريات وسفن الدوريات وسفن الدوريات البحرية ومراكب الهجوم السريع والزوارق الحربية وقوارب الصواريخ/ الطوربيد.
قوة أسطول حرب الألغام الحرفية: تعتبر الألغام أحد أبرز التهديدات للسفن الحربية وسفن الشحن، كما تقوم الدول بنشر أسطول حرب الألغام لمكافحة الألغام، وتحييد حقولها، كما تستخدمها الدول كذلك لوضع حقول الألغام في المياه الاستراتيجية، وتشمل سفن التدابير المضادة للألغام، وسفن الكشف عن الألغام.
3- العوامل الجغرافية:
تتضمَّن العوامل الجغرافية: مساحة الأرض المُربَّعة، ثم تغطية الممرات المائية، وتغطية الحدود، وتغطية الساحل، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
مساحة الأرض المُربعة: عادة ما تعكس مساحة الأرض المربعة لدولةٍ ما إجمالي قوّتها العسكرية، كونها تسمح بالتنوع في الموارد الطبيعية للدولة، ومنه استغلال تلك المساحات لتعزيز الدعم اللوجستي للقوات المُسلحة لدولة ما، وكلما زادت تغطية مساحة الأرض المُربَّعة للدولة؛ استدعى ذلك تأمين تلك المساحات، والدفاع عنها عسكريًّا. وأضاف المؤشر أن هنالك دولتين لا تعكس مساحة الأرض المربعة قوتها العسكرية، وهما إسرائيل والمملكة المتحدة؛ فالأولى مساحتها صغيرة لكنها تمتلك قوة عسكرية جيدة، في حين أن الثانية تمتلك مساحة كبيرة ولكنها ليست بالقوة العسكرية الكبيرة.
تغطية الممرات المائية: يتتبع مؤشر قوة النار العالمي كل مساحة مائية داخل الدولة وتكون صالحة للاستخدام، كما تستخدم تلك الممرات عادةً للتجارة في أوقات السلم، في حين أنها تُستخدَم في أوقات الحرب كطرق استراتيجية للإمدادات والخدمات اللوجستية، والمعدات العسكرية، كما أنها تُشكِّل عمقًا استراتيجيًّا للدولة في حال اتَّسمت بِنْيتها التحتية بالهشاشة.
تغطية الحدود المشتركة: عرفها مؤشر قوة النار العالمي بأنه تغطية المسافة الكاملة للحدود المشتركة بين الدول، وتمثل محور ارتكاز رئيسًا في تحديد نطاق تحالفات الدولة مع غيرها، بل إنها تُحدِّد حركة مرور السلع والخدمات والتجارة، كما أنها تُمثِّل عمقًا استراتيجيًّا للدولة في حالة الحرب؛ حيث إن الحدود الطويلة تُعد عبئًا على الدولة في مسألة تأمينها والدفاع عنها، في حين أن الدولة ذات الحدود الطبيعية غير الطويلة لا تُشكِّل عبئًا عليها. وذكر مثالًا للدولة الجزرية بأنها لا تعاني مخاطر الحدود المشتركة، ولكنها تتعرض لمخاطر طول السواحل والمخاطر البحرية.
تغطية السواحل: هي عبارة عن تغطية المساحة الكاملة من الأرض وصولًا لعمق المياه المفتوحة؛ أي ما يطلق عليها البحار، وتُعدّ السواحل على غرار الحدود الطويلة التي تمثل ضغطًا على الدولة، لتأمينها، ولا سيما في حالات الحرب، لذا طوَّرت العديد من الدول قوات برمائية وزوارق دورية ساحلية لأجل مراقبة السواحل على امتداد طولها، والحد من المخاطر المتوقعة من مركز أو عمق البحر، وتُعدّ الدول الجزرية أكثر الدول تعرضًا للهجمات الساحلية، كأستراليا.
4- المؤشر المالي:
يقيس هذا المؤشر عددًا من العناصر المتجاورة مع القوة العسكرية ولا سيما إذا ما كانت هناك أهمية من رَصْد ميزانيات الدفاع، ومنه للتعرف على موقع الدولة من احتياطات النقد الأجنبي، إضافةً لتعادل القوة الشرائية، وأخيرًا حجم الدَّيْن الخارجي للدولة، فمن خلاله يتضح مدى تأثيره على قوة الدولة ومكانتها، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
ميزانيات الدفاع: تُقدر ميزانية الإنفاق العسكري سنويًّا حسب كل دولة من الأعلى للأدنى، وتلك الأموال مخصصة من الحكومة لتلبية نفقات القوات المسلحة للدولة، سواء لشراء صفقات الأسلحة أو صيانة المعدات؛ لضمان الجاهزية القتالية للعناصر، إضافةً لالتزامات للمرتبات والمعاشات التقاعدية، وغيرها من النفقات العسكرية ذات الصلة.
احتياطات النقد الأجنبي والذهب: تأتي أهمية تتبُّع تلك الاحتياطات، في أنها تُمكِّن الدولة في حال توفرها من سدّ احتياجات مواطنيها في حال الأزمات وأوقات الطوارئ، وإنعاش اقتصادها المحلي، وسداد الدَّيْن الخارجي إن وُجِدَ. وذكر المؤشر أن كلاً من الصين واليابان، وتايوان، وكوريا الجنوبية وهونج كونج يَمتلكن قرابة ثلثي احتياطات العالم من النقد الأجنبي والذهب.
تعادل القوة الشرائية: يتتبع مؤشر قوة النار تكافؤ القوى الشرائية؛ وذلك لأنه عامل رئيس في التأثير على أسعار الصرف في السوق المحلية، إضافةً لحركة تبادل السلع والخدمات، كما أنها ذات تأثير سلبي أو إيجابي على حركة العرض والطلب، لذا يعد عنصرًا مهمًّا للاقتصاد المحلي.
الدَّيْن الخارجي: عرّف المؤشر الدَّين العام باعتباره عامًّا أو خاصًّا بأنه دين واجب على الدولة مستحق الدفع لصالح الدول الخارجية، وبالأخص مؤسسات التمويل الدولية، سواء بتبادل السلع الاستهلاكية أو الطرق المتفق عليها لضمان عملية السداد، وعادة ما تستعين الدول بتلك القروض لأجل المشروعات التنموية وتلبية احتياجات مواطنيها في حال الزيادة السكانية الكبيرة، أو حتى النفقات العسكرية للتسليح أو الإنفاق على التدريبات.
5- الخدمات اللوجستية
تتضمن قياس وتغطية ست عناصر لضمان تحقق الدعم اللوجستي للقوات المسلحة؛ من أهمها: تأمين الطرق، وتأمين السكك الحديدية، وتأمين القوة البحرية التجارية، إضافةً لرصد الموانئ والمحطات الرئيسة، وأخيرًا كل من عناصر وقوة القوى العاملة في المطارات والموانئ، ويمكن إيجازها على النحو الآتي:
تأمين وتغطية الطرق: يتتبع مؤشر قوة النار العالمي إجمالي تغطية الطرق الصالحة للاستخدام والمرور، فكلما اتسمت الطرق بالصلاحية؛ انعكست جيدًا على بِنْيتها التحتية، وبالتالي تأمينها لطرق الوصول للصناعات الثقيلة والمحطات، إضافة للموانئ التي تُعدّ الأساس للتعبئة العامة أثناء فترات الحرب.
تأمين وتغطية السكك الحديدية: تتيح تغطية السكك الحديدية مرونة تكتيكية لأوقات الحرب والسلم؛ حيث تخدم الأولى خلال التعبئة العامة المجندين وتُتيح الوصول للمناطق الاستراتيجية، ونقل المعدات الثقيلة، أما في وقت السلم فيتم استخدامها لنقل البضائع واستخدامها في التجارة الداخلية، وتأمين احتياجات الصناعات الثقيلة من الحديد والصلب، والإسمنت.
قوة الأسطول البحري التجاري: وتتضمن القوة التجارية للسفن الواقعة تحت الإدارة المدنية في أوقات السلم، كما أنه في أوقات الحرب تقوم إدارة السُفن البحرية بزيادة الفئة القتالية لها، والدعم البحري لخدمات القوات البحرية، من خلال زيادة القدرة القتالية لسطح تلك السفن لاستيعاب الجنود والمعدات، والإمدادات اللوجستية للدولة المالكة لها، كما أن الدول غير الساحلية تفتقد تلك السمة، برغم قدرتها على إدارة أسطول بحري في دول أخرى صديقة.
الموانئ والمحطات الرئيسة؛ يتتبع مؤشر قوة النار العالمي العدد الإجمالي للمحطات والموانئ التجارية لكل دولة، ويعد هذا الملف أداة مهمة لقياس القوة الاقتصادية للدولة؛ من حيث القدرة على نقل وإرسال واستقبال البضائع، إضافة لنقل الإمدادات العسكرية، وإجراء عمليات الصيانة للسفن عليها، كما أن هناك عددًا من الدول تقوم بتأجير السفن والمحطات التجارية للدول الحبيسة لأجل التنفس وإبقاء قواتها في وضع الاستعداد.
قوة القوى العاملة: يقيس مؤشر قوة النار حجم القوة العاملة داخل الدولة؛ لأنها ذات تأثير مباشر على نتائج الحرب؛ كونها ترتبط بالصناعات العسكرية بداية من الأسلحة الثقيلة والذخيرة، والقنابل، مرورًا بالزي الرسمي وقطع الغيار، وصولًا للمعدات العسكرية الميدانية والأدوية اللازمة أثناء فترات الحرب والصراع.
المطارات: يتم تتبع إجمالي عدد المطارات الصالحة للاستخدام؛ حيث إنها ذات ثِقَل للدولة؛ من حيث دعم الاقتصاد المحلي، والخدمات اللوجستية، كما تساعد الجيوش في أوقات الحرب لنقل الإمدادات والجنود، والأدوية لمواقع الصراع، لذا تُعدّ الهدف الأول الذي تستهدفه الدول المعادية، أثناء بدء حملاتها العسكرية.
6- الموارد الطبيعية
تستهدف قياس ثلاثة ملفات جوهرية للقوة الاقتصادية للدولة، وبالتالي لتحديد أهميتها العسكرية بالنسبة للدول، وتتمثل في ملف الفحم، وملف الغاز الطبيعي، وملف النفط، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه؛
أ- الفحم؛ حيث يتم تتبع احتياطاته، وخط إنتاجه، إضافة لاستهلاكه، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
احتياطات الفحم المؤكدة: تتحدد احتياطات الفحم المؤكدة من خلال العمليات الهندسية، والاكتشافات الجيولوجية، والهندسية أثناء البحث عن القيمة التخزينية للغاز الطبيعي، ويتم استخدامه أثناء الهجمات العسكرية لدولة ما، ويتوازى مع خط إنتاجه واستهلاكه.
خط إنتاج الفحم: يتم الاستعانة بالفحم في مؤشر قوة النار العالمي لأهميته في إنتاج الطاقة عالميًّا وحاجة الجيوش لها، وتحديد حجم القيمة الاستهلاكية له.
استهلاك الفحم؛ يتم استخدام استهلاك الفحم كأداة لمعاقبة الدول، لا سيما تلك صاحبة الاستهلاك الأعلى، وبالتالي يتأثر المجهود الحربي من الاستهلاك المتزايد لاحتياطات الفحم، لذا لا بد من موازنة قيمة الإنتاج مع قيمة الاستهلاك مع قيمة الاحتياطات المؤكدة له، لتكون ميزة أكثر منها عقوبة.
الغاز الطبيعي؛ يتضمن كلًّا من احتياطاته المؤكدة، وإنتاجه، إضافةً لقِيَم استهلاكه، ويتم تناولها كالتالي:
احتياطات الغاز المؤكدة: على غرار طرق ومنهجيات الفحم في عملية استخراجه، يأتي نفس النهج في الغاز الطبيعي، من خلال البرامج الهندسية والجيولوجية.
خط إنتاج الغاز الطبيعي: ركّز مؤشر قوة النار العالمي على أهمية الغاز الطبيعي ووصف الغاز بأنه سلاح الحروب، وتم ضرب مثال بالغزو الروسي 2022م لأوكرانيا واستخدام الغاز الطبيعي كأداة لمعاقبة دول أوروبا على الوقوف ضد التحرك الروسي.
استهلاك الغاز الطبيعي: الدولة ذات الاستهلاك الأكبر للغاز الطبيعي يتم معاقبتها، لا سيما إذا ما كان خط إنتاجها منخفضًا مقارنةً باستهلاكها.
جـ- النفط: يتضمن كذلك كلًّا من احتياطاته المؤكدة، وخط إنتاجه إضافةً لاستهلاكه، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
احتياط النفط المؤكدة: تتحدد احتياطات النفط المؤكدة من خلال العمليات الهندسية، والاكتشافات الجيولوجية والهندسية.
خط إنتاج النفط: وأوضح المؤشر أنه يمكن معرفة حجم القيمة الإنتاجية له من خلال القيمة الاستهلاكية وحجم التصدير.
استهلاك النفط: الدولة ذات الاستهلاك الأكبر للنفط يتم معاقبتها، لا سيما إذا ما كان خط إنتاجها منخفضًا مقارنةً باستهلاكها.
ثانيًا: قراءة لموقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار العالمي 2023م:
يأتي هذا الموضع ليتم من خلاله رَصْد وتتبُّع موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار المهتم بتناول ترتيب القوة العسكرية للدولة؛ من خلال تقييم عام لمؤشر قوة النار، إضافةً لتقييمها في عدد من المؤشرات الفرعية، المرتبطة بشكل أو بآخر بالقوة العسكرية للدولة، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
الجدول (1)
ترتيب دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
من خلال ما سبق عرضه من بيانات توضح تصنيف دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار المستهدف القوة العسكرية للدولة، يتضح أنه يمكن تقسيم دول المنطقة لثلاث مجموعات؛ دول متقدمة في التصنيف، وأخرى متوسطة للجدول، وثالثة متراجعة، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
أولًا: الدول المتقدمة:
وتحتل تلك القائمة كلّ من جنوب إفريقيا ونيجيريا، إضافة لكل من: إثيوبيا، وأنجولا، والكونغو الديمقراطية، حيث إن الأولى تتسم بقوتها العسكرية الكبيرة مقارنةً بدول إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث إنها صاحبة المرتبة الأولى ضمن دول المنطقة، والمركز الثالث على مستوى القارة، والمركز 33 على مستوى دول العالم بتقييم “0.4885” متراجعًا عن تصنيفها للعام الماضي.
ثم تليها نيجيريا والتي تمتلك من الإمكانات والموارد الطبيعية ما ينعكس على اقتصادها من جانب، وقوتها العسكرية على مستوى القارة من جانب آخر؛ حيث إنها الثانية ضمن منطقة جنوب الصحراء الكبرى، في حين تحتل المرتبة الرابعة على مستوى القارة، والمرتبة الـ”36″ عالميًّا؛ أي أنها ضمن أفضل 36 قوة عسكرية دوليًّا على مستوى “145” دولة يستهدفها المؤشر والتصنيف بتقييم ثابت من العام الماضي للحالي مقداره “0.5587″، وسيتم تفصيل إمكاناتها في المؤشرات الفرعية التابعة لقوة النار العالمي.
ثم إثيوبيا صاحبة المرتبة الثالثة ضمن منطقة جنوب الصحراء وفق الإمكانات العسكرية، والخامسة إقليميًّا على مستوى القارة، في حين المرتبة 49 دوليًّا كأحد أفضل “49” قوة عسكرية دوليًّا، متقدمة بذلك عن تصنيفها للعام الماضي بتقييم مقداره “0.7979”.
وأخيرًا أنجولا صاحبة المركز الرابع ضمن منطقة جنوب الصحراء الكبرى، والسادس إفريقيًّا والـ55 عالميًّا بتقييم اتسم بالتقدم عن العام الماضي مقداره “0.8732”.
ثانيًا: الدول المتأخرة:
والتي تُعدّ أكثر الدول تأخرًا في مؤشر قوة النار العالمي، ليس فقط على مستوى دول المنطقة والقارة، بل على مستوى دول العالم، وذلك بتقييمات تخطَّت حاجز الأربع نقاط، وهي بذلك تعد ضمن القوى الأضعف عسكريًّا وـتأتي في مقدمتها: دولة بنين بترتيب عالمي “144” متذيلةً الترتيب بتقييم ثابت من العام الماضي للحالي مقداره “4.1269”، تليها الصومال بترتيب “142” دوليًّا، والمرتبة “37” إفريقيًّا، وتحتل المرتبة “31” ضمن منطقة جنوب الصحراء، في أداء متراجع عن تصنيفها للعام الماضي بتقييم مقداره “4.0196”، ثم دولة ليبيريا بترتيب عالمي “141”، كما تحتل المرتبة “29” على مستوى القارة، والمرتبة “31” على مستوى إفريقيا جنوب الصحراء، وبمجموع درجات “4.0006”، وعلى غرارها تأتي كل من سيراليون وإفريقيا الوسطى.
ثالثًا الدول متوسطة الجدول:
وهي الدول التي تقع ما بين تقييم “1” وما أكثر وحتى تقييم 3 فيما أقل، وتشمل الدول الواقعة ما بين المرتبة السادسة وحتى المرتبة “28”، وتتسم بأداء متباين ما بين الوقوع في المراتب المتقدمة للقوة العسكرية، مثل: أوغندا، وكينيا، وزامبيا، وزيمبابوي، وما بين متوسط مثل: الكاميرون وتنزانيا، وساحل العاج، وغانا ومالي وموزمبيق. ثم الفئة الثالثة والواقعة في المنطقة المائلة نحو الانخفاض لتقترب لفئة الدول المتراجعة في ترتيب القوة العسكرية.
الجدول (2)
ترتيب دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر القوة المعاملة الفرعي لمؤشر قوة النار 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار العسكري 2023م
يتضمن هذا الجدول كافة البيانات المرتبطة بالقوة العاملة العسكرية، سواء الاحتياطات النشطة للقوات المسلحة، والقوات المسلحة داخل الخدمة الفعَّالة، والجاهزة للقتال، ثم بتعداد السكان لعدد المواطنين المناسبين لسن الخدمة العسكرية، والقوات الصالحة للقتال، إضافةً للقوة العاملة العسكرية المتاحة، ومجموع السكان لكل دولة، وأخيرًا القوات شبه العسكرية التي تقع ضمن نطاق الدولة، ولكن ما يمكن الإشارة له من خلال قراءة ملفات هذا المؤشر الفرعي، كل مِن ملف القوات شبه العسكرية، وملف الاحتياطات النشطة، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
1- القوات شبه العسكرية:
تشمل الكيانات شبه العسكرية، والتي لا تدخل ضمن تكوين القوات المُسلحة للدولة، ولكن تستعين بها الدولة لإضافة قوة لقوتها. وتعد دولة “جنوب إفريقيا” أكثر الدول الإفريقية امتلاكًا للقوات شبه العسكرية بإجمالي “180” ألف مقاتل، تليها “نيجيريا” بواقع “80” ألف مقاتل، ثم الكاميرون بواقع “12,5” ألف مقاتل، وكل من “أنجولا”، “الكونغو الديمقراطية”، “وزيمبابوي” بواقع 10 آلاف مقاتل، وسبعة آلاف مقاتل “لساحل العاج”، وخمسة آلاف مقاتل لكل من “تشاد”، و”موريتانيا”، “وناميبيا”، وثلاثة آلاف مقاتل للنيجر، وألفي مقاتل لكل من “الجابون”، “ومالي”، “والكونغو”.
وذلك يدلّ على أن دول إفريقيا جنوب الصحراء، تتسم بوجود قوات شبه عسكرية على أرض المعركة في ظل حروب ومعارك لا تناظرية، لتحقيق أهداف سياسية معينة لصالح النخبة السياسية، وهو ما يرفع من بؤرة الصراعات المُسلحة داخل القارة، لا سيما أن تلك المنظمات شبه العسكرية، لا يتم اعتبارها ضمن القوات النظامية. وهناك بعض الدول لا تمتلك مثل تلك القوات، ولكنها قد تستعين بقوات خارجية لتحقيق أغراض سياسية محددة.
2- الاحتياطات النشطة الفعَّالة:
تشمل كافة القوات العاملة العسكرية التي تقع ضمن الاحتياطات النشطة الجاهزة للقتال، وبالتطبيق على الحالة الإفريقية، لمنطقة جنوب الصحراء الكُبرى، يتَّضح أن “إريتريا” تعد أكثر الدول امتلاكًا للاحتياطات النشطة بواقع “200” ألف مقاتل، تليها “موريتانيا” بواقع “65” ألف مقاتل، و”40″ ألف مقاتل لتنزانيا، وعشرة آلاف مقاتل احتياطي في أوغندا، و”12,5″ ألف مقاتل احتياطي في جنوب إفريقيا، وأخيرًا بوركينا فاسو بواقع “4,5” ألف مقاتل احتياطي، وصفر مقاتل احتياطي للدول الإفريقية المتبقية، لتشير لتدنّي ترتيبها ضِمن القوة الاحتياطية الفعالة، وبالتالي انعكاسه على تصنيفها العام في مؤشر قوة النار العالمي 2023م.
الجدول (3)
موقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر المالية المتفرع من قوة النار العالمي 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر القوة المالية لقوة النار العالمي 2023م
من خلال ما سبق عرضه؛ فإن المؤشر الفرعي للقوة المالية والاقتصادية، يتضمن أربعة ملفات متضمنة احتياطات النقد الأجنبي والذهب، إضافة لتعادل القوة الشرائية وملف الديون الخارجية، وملف ميزانيات الدفاع، وما يمكن تسليط الضوء عليه ملف ميزانيات الدفاع باعتباره أحد العناصر المؤثرة بشكل مباشر على موقع الدولة وتصنيفها العسكري.
لذا في إطار مؤشر قوة النار العالمي تبلغ ميزانيات الدفاع لدى دول جنوب الصحراء الكبرى -والتي تُنفق لتلبية نفقات القوات المسلحة للدولة، سواء صفقات الأسلحة أو حتى صيانة المعدات؛ لضمان الجاهزية القتالية للعناصر، إضافة لالتزامات المعاشات التعاقدية-، يتضح أن دولة “نيجيريا” الأكثر إنفاقًا على قواتها المسلحة بميزانية “3.8” مليار دولار، تليها دولة “جنوب إفريقيا” بواقع “2.61” مليار دولار، ثم كل من “أنجولا”، و”كينيا” بميزانية بلغت المليار دولار، في حين أن دولة “ليبيريا” تعد الأقل إنفاقًا على قواتها المُسلحة بما يزيد عن “11” مليون دولار، تليها دولة “سيراليون” بميزانية بلغت “19” مليون دولار.
ولكن بالنظر للدول الأكثر إنفاقًا وتلك الأقل إنفاقًا هناك دول تتفاوت ما بين دول تسعى لتطوير معداتها العسكرية، ومنه لزيادة ميزانيتها العسكرية، وأخرى تتهاوى نحو الهشاشة والسيولة في قواتها المُسلحة، ولكن هذا يعكس الفتور في تطوير القوة العسكرية داخل إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث بتجميع تلك الميزانيات يتضح أنها تبلغ “8.439193” مليار دولار، وهي ضعيفة بالمقارنة مع حجم التحديات التي تعانيها القارة، والصراعات المُسلحة التي تعانيها، ويفيد بأن القارة ذات تصنيف متدنٍّ وفق مؤشر المالية، ولا سيما ملف ميزانيات الدفاع.
الجدول (4)
موقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الخدمات اللوجستية لقوة النار العالمي 2023م
الجدول تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المُدرجة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
تناول الجدول السابق الخدمات اللوجستية، والتي تعد عاملاً جوهريًّا ضمن القوة العسكرية؛ كونها مرتبطة بتغطية الطرق والسكك الحديدية، وقوة الأسطول البحري التجاري، وعدد الموانئ والمحطات الرئيسة، وإجمالي عدد المطارات، وقوة القوة العاملة، وتلك العناصر تعد أساس القوة العسكرية للدولة؛ لأنها تخدم القوات المسلحة وتعطيها عمقًا لوجستيًّا أثناء فترات الحرب والسلام على حدٍّ سواء، وما يمكن ملاحظته في هذا الشأن ما يلي:
تعد دولة “جنوب إفريقيا” الدولة الإفريقية الأكثر تغطيةً لمساحة الطرق بإجمالي “750,000 كم” في جنوب الصحراء الكُبرى، وفي حين تُعد دولة “سيراليون” الأقل تغطية للطرق بإجمالي “11700” كم، ضمن دول المنطقة.
حققت كذلك دولة “جنوب إفريقيا” الترتيب الأول في إجمالي ترتيب السكك الحديدة ضمن دول منطقة جنوب الصحراء الكُبرى بإجمالي مساحة “20,986 كم“، في حين أن دولة “ليبيريا” تعد الأقل تغطية لمساحة السكك الحديدة بإجمالي مساحة “429” كم، في حين حققت العديد من الدول المجموع الصفري لتغطية المساحة الكلية كأمثال؛ “الصومال”، و”سيراليون”، و”إفريقيا الوسطى”، و”الجابون”، و”النيجر”، و”تشاد”.
كما تُعد دولة “ليبيريا” صاحبة النقاط الأكبر ضمن إفريقيا جنوب الصحراء، في قوة الأسطول البحري التجاري، تليها دولة “سيراليون”، و”نيجيريا” بمجموع نقاط “791”، وعلى الجانب الآخر تأتي دولة النيجر كأقل الدول الحصول على نقاط بشأن قوة الأسطول البحري التجاري بنقطة واحدة، كما حقَّقت عدة دول المجموع الصفري ضمن نقاط قوة الأسطول البحري التجاري، كأمثال كل من: “أوغندا”، و”تشاد”، و”زيمبابوي”، و”إفريقيا الوسطى”، و”بوتسوانا”، و”بوركينا فاسو”، و”جنوب السودان.
تُعدّ دولة “الكونغو الديمقراطية” الدولة الإفريقية الأكثر في جنوب الصحراء امتلاكًا للموانئ بإجمالي عدد “11” ميناء ومحطات مائية، وتليها كل من “أنجولا”، و”جنوب إفريقيا” بإجمالي عدد موانئ “6” موانئ، في حين لا تمتلك دولة “بوتسوانا”، و”النيجر”، و”جنوب السودان”، و”بوركينا فاسو”، و”تشاد”.
تعد دولة “جنوب إفريقيا” الأكثر امتلاكًا للمطارات بإجمالي عدد “407” مطارات، تليها دولة “الكونغو الديمقراطية” بإجمالي عدد مطارات “198” مطارًا، في حين أن دولة بنين تعد الأقل امتلاكًا للمطارات بعدد “6” مطارات، ودولة سيراليون بإجمالي “8” مطارات.
الجدول (5)
موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الموارد الطبيعية المتفرع من قوة النار العالمي 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات الصادرة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
يتناول الجدول السابق، إجمالي احتياطات، وإنتاج واستهلاك الموارد الطبيعية لدى دول إفريقيا جنوب الصحراء، سواء للغاز الطبيعي أو النفط أو الفحم، لذا ما يمكن تناوله في هذا الإطار الآتي:
1- ملف الغاز الطبيعي:
تعد منطقة جنوب الصحراء من المناطق الغنية بالغاز الطبيعي، وتعد دولة “نيجيريا” الأكثر إنتاجًا للغاز الطبيعي داخل إفريقيا جنوب الصحراء، بمقدار 46.296 مليار متر3، ويبلغ إجمالي استهلاكها من هذا المورد نحو “18.787602” مليار متر3، كما تمتلك الدولة إجمالي احتياطات عامة للغاز الطبيعي قرابة “5.760883“، تليها دولة أنجولا بإجمالي إنتاج “6.7677” مليار متر3، واستهلاك مقارب لنحو “860.887” مليون متر3، أما عن احتياطات الغاز الطبيعي لها فقد فاقت نيجيريا بإجمالي احتياطات بلغت “343.001” مليار متر3، ثم تأتي دولة “موزمبيق” كثالث أكبر إنتاج للغاز الطبيعي ضمن دول المنطقة، بإجمالي إنتاج “5.423828” مليار متر3، واستهلاك بلغ “1.397604” مليار متر3، واحتياطات عامة بلغت “2.831680” تريليون متر3. ووفقًا لإحصاءات مؤشر قوة النار العالمي حققت عدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء تعادلاً في إنتاج واستهلاك واحتياطات الغاز الطبيعي كـ “ليبيريا”، و”سيراليون”، و”إفريقيا الوسطى”، و”بوتسوانا”، و”بوركينا فاسو”، و”النيجر”، و”جنوب السودان”، و”إريتريا”، و”مالي”، و”زيمبابوي”، و”زامبيا”، و”تشاد”، و”كينيا”.
2- ملف النفط:
حققت دولة “نيجيريا” التفوق في ملف الغاز الطبيعي من حيث الإنتاج؛ كما حافظت على تقدمها كذلك في ملف النفط، بإجمالي إنتاج “1.647” مليون برميل، واحتياطات نفطية عامة بلغت “37.450” مليار برميل، كأكثر دولة في جنوب الصحراء إنتاجًا للنفط، تليها دولة “أنجولا” بإنتاج “1.2” مليون برميل، وإجمالي احتياطات عامة “9.523” مليار برميل، كما تبلغ احتياطات دولة “جنوب السودان” نحو “3.75” مليار برميل، إضافة لقيمة “2” مليار برميل لدولة الجابون، و”1,5″ مليار برميل لدولة “تشاد”، و”1,6” مليار برميل لجمهورية الكونغو، وأوغندا نحو “2,5” مليار برميل. لذا تعد تلك الدول أكثر دول جنوب الصحراء امتلاكًا لاحتياطات النفط في المنطقة، وذات تأثير واضح على العامل العسكري، وهو ما يُمكِّن الدولة من تطوير قوتها العسكرية، ولا سيما إذا ما كانت ذات تأثير مباشر على سوق النفط العالمي.
3- ملف الفحم:
تعد دولة “جنوب إفريقيا” الدول صاحبة الاحتياط الأكبر للفحم في منطقة جنوب الصحراء، بإجمالي احتياطات “9.893 مليار قدم3“، تليها دولة “موزمبيق” باحتياطي للفحم بلغ “1.792 مليار متر3“، ثم دولة “بوتسوانا” بإجمالي احتياطات بلغت “1.66 مليار قدم3“، كما حققت كل من دولة “أنجولا”، و”الصومال”، و”ليبيريا”، و”سيراليون”، و”الجابون”، و”موريتانيا”، و”بوركينا فاسو”، و”إريتريا”، و”مالي”، و”ساحل العاج”، و”الكاميرون” تعادلاً بين كل من الإنتاج والاستهلاك والاحتياطات العامة للنفط.
الجدول (6)
ترتيب إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر العوامل الجغرافية المتفرع من مؤشر قوة النار العالمي 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار 2023م
تتميز دول إفريقيا جنوب الصحراء الكُبرى، بجغرافيتها الطبيعية، وامتيازها بأن معظم دولها تقع على سواحل البحار والمحيطات، وتغطيها عدد كبير من السواحل والممرات المائية الطبيعية الحيوية، وهي عنصر من عناصر مرونة التجارة العالمية، ولما كانت الجغرافيا الطبيعية بما تتضمنه من طرق وسواحل وممرات مائية تمثل نقط تهديد مباشر لأمن الدولة القومي في مرحلة السلم قبل الحرب؛ فقد سَلّط مؤشر قوة النار العالمي الضوء على إجمالي ما تغطيه الدولة، وتؤمنه قواتها المسلحة من تلك المساحات، وما تمثله من عبء عليها أثناء الحروب والصراعات المُسلحة. ومن خلال ما سبق طرحه من بيانات يمكن ملاحظة الآتي:
تبلغ إجمالي المساحة التي تُغطيها دولة “الكونغو الديمقراطية” نحو “344741 مليون كم” كأكبر مساحة تُغطيها الدولة في منطقة جنوب الصحراء الكُبرى، وهو ما يُشكل عبئًا على الدولة أثناء تأمينها لتلك الحدود الشاسعة، في فترات السلم قبل الحرب، كما تعتبر دولة “سيراليون” الأقل في جنوب الصحراء، تغطيةً لإجمالي المساحة المربعة من الأرض، بإجمالي “0.07174” كم، وبالتالي لا تشكل مساحة الأرض الخاصة بها عبئًا عليها في فترات الحرب والسلم.
تعد دولة “الكونغو الديمقراطية” الأكثر تغطية للممرات المائية بإجمالي مساحة “15000” كم، تليها دولة “نيجيريا” بإجمالي مساحة “8500” كم، وبالتالي تُشكل عبئًا على أسطولها البحري لتأمينها ضد هجمات القرصنة من جانب، أو في حالات الحرب من جانب آخر، وعلى الجانب الآخر حققت كل من “الصومال”، و”ليبيريا”، و”موريتانيا”، و”بوتسوانا”، و”ناميبيا”، و”بوركينا فاسو”، و”جنوب السودان”، و”إريتريا”، و”مالي”، و”تنزانيا”، و”الكاميرون”، و”تشاد”، و”زيمبابوي”، و”جنوب إفريقيا”، و”إثيوبيا”، المجموع الصفري للتغطية مساحة الممرات المائية وتأمينها.
على صعيد تأمين وتغطية الحدود المشتركة، تعد دولة “الكونغو الديمقراطية” الدول الأكثر تغطية للحدود المشتركة مع جيرانها، بإجمالي “10841 كم”، وهي بذلك كما عبء تغطية مساحة الأرض المُربعة، تشكل الحدود المشتركة عبئًا تأمينيًّا لقواتها المسلحة في فترات الحرب والسلم كذلك، في حين أن “سيراليون” تعد الأقل تغطية للحدود المشتركة بإجمالي مساحة “1093” كم.
تعد “الصومال” أكثر دولة إفريقية تغطية لإجمالي مساحة الساحل بنحو “3025” كم، وهو ما يُشكِّل عبئًا على الدولة لتأمينها، لا سيما في ظل الهشاشة التي تُعانيها، ومخاطر السيولة الأمنية، وعلى الجانب الآخر تعد الكونغو الديمقراطية أقل الدول تأمينًا للساحل بإجمالي “37” كم، وذلك على الرغم من تحقيقها للمرتبة الأولى في تأمين مساحة الأرض المربعة، والحدود المشتركة. وبعض الدول لا تقوم بتأمين السواحل البحرية؛ لأنها دول حبيسة؛ مثل كل من: “إفريقيا الوسطى”، و”بوتسوانا”، و”بوركينا فاسو”، و”النيجر”، و”جنوب السودان”، و”إريتريا”، و”مالي”، و”زيمبابوي”، و”زامبيا”، و”تشاد”، و”وأغندا”، و”إثيوبيا”.
الجدول (7)
موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر المعدات العسكرية الفرعي لمؤشر قوة النار 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
يتناول الجدول السابق، البيانات المرتبطة بقوة الأسطول الجوي، بما يتضمّنه ذلك من عدد طائرات الهليكوبتر، وطائرات الناقلات، وطائرات المهمات الخاصَّة، وطائرات أسطول المدربين، وطائرات النقل ذات الجناح الثابت، وطائرات الهجوم والضرب، والطائرات المقاتلة المعترضة للعدو، وقوة أسطول الطائرات، وطائرات الهليكوبتر الهجومية، وما يمكن ملاحظته في هذا الملف بالنسبة لدول إفريقيا جنوب الصحراء ما يلي:
إن ناقلات الطائرات حققت مجموعًا صفريًّا في دول جنوب الصحراء الكُبرى؛ حيث لا تمتلك أي دولة إفريقية في المنطقة لهذا النوع من حاملات الطائرات، وغالبًا ما قد يكون السبب إما للتكلفة الباهظة التي تتضمنها أسطول تلك الطائرات، أو أنه للتقدم التقني لهذا السلاح وعدم إمكانية الحصول عليه وامتلاكه بسبب الدول الكبرى عسكريًّا.
حققت دولتي “ليبيريا”، و”الصومال”، المعادلة الصفرية في أسطولها الجوي، بمعنى أنها لا تمتلك أسطولاً جويًّا على الإطلاق؛ لعدم امتلاكها لأي نوع من الطائرات أو حتى أساطيل المدربين، وطائرات الهليكوبتر، وقد يكون ذلك إما بسبب سيولة الدولة وهشاشتها، أو عدم إمكانيتها لتكبُّد التكاليف الباهظة لهذه الطائرات، وذلك بسبب المشكلات الداخلية من جانب، وضعف الموارد والإمكانات المادية من جانب آخر، وقد يكون بسبب تراكم ديونها الخارجية، وعدم إمكانية الاستفادة من مواردها الطبيعية بسبب صراعاتها المُسلحة.
حققت كل من دولة “بنين”، و”سيراليون”، و”إفريقيا الوسطى”، المعادلة الصفرية في أسطولها الجوي ما عدا؛ الأولى، بامتلاكها طائرتين في سلاح الطائرات ذات الجناح الثابت، وقوة أسطول الطائرات، والثانية، بامتلاكها لأربع طائرات هليكوبتر، وواحدة هجومية، إضافة لأربع طائرات ضمن أسطول الطائرات التي تمتلكها الدولة، والثالثة؛ بامتلاكها لطائرة هليكوبتر واحدة، وطائرتين ضمن فئة الجناح الثابت، وثلاث طائرات ضمن أسطول الطائرات.
تفوقت دولة “أنجولا” عسكريًّا في أسطولها الجوي، على حساب دول إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بامتلاكها أكبر أسطول طائرات ضمن دول المنطقة، بواقع “117” طائرة هليكوبتر، وطائرتين للمهمات الخاصة، إضافة لـ”61″ طائرة ضمن أسطول طائرات المدربين، و”33″ طائرة ضمن طائرات الجناح الثابت، و”18″ طائرة ضمن فئة الهجوم، و”71″ طائرة مقاتلة ومعترضة للأهداف، و”302″ طائرة ضمن أسطول الطائرات الحربية، ونحو “15” طائرة هليكوبتر هجومية، وحققت كذلك المرتبة الأولى في أسطول الطائرات، إضافة لعدد طائرات الهليكوبتر التي تمتلكها، وطائرات الجناح الثابت، والطائرات المقاتلة والمعترضة، وطائرات الهليكوبتر الهجومية.
احتلت “جنوب إفريقيا” المرتبة الثانية ضمن التفوق العسكري لأسطول الجو مقارنة بدول القارة، وذلك من خلال ما تمتلكه من طائرات في سلاح الجو لديها؛ حيث تمتلك “91” طائرة هليكوبتر، ونحو سبع طائرات للمهام الخاصة، و”88″ طائرة ضمن فئة أسطول طائرات المدربين، و”23″ طائرة جناح ثابت، و”17″ طائرة مقاتلة، و”226″ طائرة ضمن أسطول الطائرات، و”12″ طائرة هجومية، وحققت المرتبة الأولى في سلاح طائرات المهمات الخاصة، وأسطول طائرات المدربين، كما حققت المجموع الصفري في سلاح الطائرات الهجومية.
الجدول (8)
موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر المعدات العسكرية الفرعي لمؤشر قوة النار 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
يتضمن الجدول السابق، قوة الأسطول البري لدول إفريقيا جنوب الصحراء، بما تتضمّنه من مخزون أسطول الدبابات، وأجهزة إطلاق الصواريخ، وسحب المدفعية، إضافة للمدفعية ذاتية الدفع، ومركبات القتال المصفحة، ويمكن تناول الملفات الأربع الأولى على النحو الآتي:
1- قوة مخزون أسطول الدبابات:
يمكن تقسيم دول المنطقة وفقًا لهذا السلاح لدول متقدمة بامتلاكها لمخزون دبابات قوي مقارنةً بما تحتويه دول المنطقة، ودول متوسطة القوة، وأخرى محدودة للغاية. أما عن الأولى، فتأتي دولة “إريتريا” بإجمالي عدد 1756 دبابة كأكثر دول المنطقة امتلاكًا لهذا السلاح، وتليها دولة “إثيوبيا” بإجمالي عدد “468” دبابة، ثم الكونغو بنحو “214” دبابة، إضافة لدولة “جنوب إفريقيا بنحو “195” دبابة.
أما مجموعة الدول الثانية، متوسطة القوة فتأتي “موزمبيق” في مقدمتها بإجمالي “186” دبابة، وأوغندا بنحو “180” دبابة، ونيجيريا “177”، وكذلك أنجولا “156” ، وجنوب السودان “120” دبابة” وكينيا “111” دبابة، في حين أن النموذج الثالث المتمثل في الدول المحدودة، وتلك التي تمتلك عددًا من الدبابات تقل عن المائة دبابة، وتأتي في مقدمتها “تشاد” بنحو “70” دبابة، وزامبيا بنحو “40” دبابة، وكلّ من مالي والكونغو بنحو “50”، و”53″ دبابة على التوالي، و”تنزانيا” بنحو “42” دبابة، وزيمبابوي بنحو “40”، وغيرها من الدول الأقل والأقل حتى يتم الوصول للدول ذات المجموع الصفري والقوة العسكرية المحدودة للغاية، مثل “الصومال”، و”بنين”، و”ليبيريا”، و”بوتسوانا”، و”الجابون”، و”موريتانيا”، و”السنغال”، و”النيجر”، و”بوركينا فاسو”.
2- أجهزة إطلاق الصواريخ:
تُقسم إفريقيا جنوب الصحراء بامتلاكها لسلاح إطلاق الصواريخ، لدول متقدمة مقارنة بدول المنطقة، وأخرى متوسطة، وثالثة محدودة ومحدودة للغاية.
أما عن الأولى، فتتقدمها دولة إريتريا ” بنحو 219 جهازًا، وتليها دولة “إثيوبيا” بنحو “183” جهاز إطلاق، ثم “أنجولا” بإجمالي “165” جهاز إطلاق، و”جنوب إفريقيا بنحو “101” جهاز إطلاق. أما الدول متوسطة القوة فتتقدمها دولة “الكونغو الديمقراطية” بإجمالي “57” جهاز إطلاق، تَعْقبها دولة “زامبيا” بإجمالي “50” جهاز إطلاق، ودولة “مالي” بنحو “45” جهاز إطلاق، ودولة “نيجيريا” بإجمالي “37” جهاز إطلاق.
وأخيرًا عن الدول المحدودة فيأتي في مقدمتها ” الكونغو” بإجمالي “30” جهاز إطلاق، ودولة “الجابون” بنحو “28” جهاز إطلاق، و”أوغندا” بنحو “26” جهاز إطلاق، وعشرين جهاز لكل من “بوتسوانا”، و”تشاد”، و”الكاميرون”، وخمس عشرة دبابة لكل من “جنوب السودان”، و”غانا”، وعشرة أجهزة لناميبيا، وبالوصول لدول المجموع الصفري، فتحتلها كل من “الصومال”، و”بنين”، و”ليبيريا”، و”سيراليون”، و”موريتانيا”، و”إفريقيا الوسطى”، و”النيجر”، و”موزمبيق”، و”تنزانيا”، و”زيمبابوي”، و”كينيا”، وبالتالي تفوقت إريتريا في امتلاكها للعدد الأكبر من هذا السلاح في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.
3- سحب المدفعية:
يمكن تقسيم الدول وفق هذا السلاح لدول متقدمة، وأخرى متوسطة، وثالثة محدودة، ورابعة صفرية. أما عن الأولى؛ فتتقدمها دولة “نيجيريا” بنحو “339” مدفعية، ثم دولة “إثيوبيا” بنحو “319” مدفعية سحب، وتليها دولة “إريتريا” بنحو “156” مدفعية سحب، إضافة “للكونغو الديمقراطية” بنحو “125” مدفعية.
في حين أن الدول المتوسطة تتقدمها “جنوب إفريقيا” بنحو “82” مدفعية، ثم “كينيا” بنحو “53”، وتليها “الكاميرون” بنحو “52”، وأخيرًا “زامبيا” بنحو “42” مدفعية.
أما الدول المحدودة، فتتقدمها كل من “بوتسوانا” بنحو “36” مدفعية، و”ناميبيا” بإجمالي “35” مدفعية، وأوغندا بإجمالي “27”، وكل من “السنغال”، و”الكونغو” بنحو “20”، و”23″ على التوالي، وخمس عشرة مدفعية لمالي. أما عن الدول ذات المجموع الصفري فتأتي على رأسها كل من “بنين”، و”الصومال”، و”ليبيريا”، و”إفريقيا الوسطى”، و”سيراليون”، و”موريتانيا”، و”النيجر”، و”جنوب السودان”، و”موزمبيق”، و”تنزانيا”، و”زيمبابوي”، و”أنجولا”، والواضح أن نيجيريا صاحبة التفوق العسكري ضمن دول المنطقة في هذا السلاح مقارنة بغيرها من الدول المناظرة.
4- المدفعية ذاتية الدفع:
لم تختلف كثيرًا في ترتيب الدول عن السلاح السابق، ولكن يمكن ملاحظة أن “إثيوبيا” احتلت المرتبة الأولى بإجمالي “100” مدفعية، تليها “إريتريا” بنحو “54” مدفعية، وفي المرتبة الثالثة تأتي “جنوب إفريقيا” بنحو “39” مدفعية”، و”نيجيريا” بنحو “30” مدفعية، في حين أن الدول المحدودة في امتلاكها لهذا النوع من السلاح تمثلت في “الكونغو” بنحو “3” مدفعيات، وأوغندا، وزامبيا بنحو ست مدفعيات، وازدادت عدد الدول ذات المجموع الصفري للمدفعية لتشمل كلاً من “بنين”، و”الصومال”، و”ليبيريا”، و”إفريقيا الوسطى”، و”سيراليون”، و”موريتانيا”، و”النيجر”، و”جنوب السودان”، و”موزمبيق”، و”تنزانيا”، و”زيمبابوي”، و”أنجولا”، و”السنغال”، و”الجابون”، و”ناميبيا”، و”تنزانيا”، و”مالي”، و”ساحل العاج”.
الجدول (9)
موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر المعدات العسكرية الفرعي لمؤشر قوة النار 2023م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر قوة النار العالمي 2023م
يرصد الجدول السابق قوة الأسطول البحري، كجزء من المعدات العسكرية كمؤشر فرعي لقوة النار العالمي، ويتضمن هذا المؤشر عددًا من العناصر الفرعية، المرتبطة بالأسطول والعتاد البحري، ويمكن قراءتها بالنسبة لإفريقيا جنوب الصحراء على النحو الآتي:
1- عدد السفن والغواصات الحربية:
تأتي “نيجيريا” على قمة ترتيب المنطقة، كأكثر الدول امتلاكًا للسفن والغواصات الحربية، بإجمالي “137” غواصة وسفينة، تليها دولة “الكاميرون” بإجمالي عدد 90 سفينة وغواصة، ثم جنوب إفريقيا بواقع “47” سفينة وغواصة، وأنجولا بواقع “40” سفينة وغواصة، ثم كينيا بنحو “23” سفينة وغوصة، وغانا وإريتريا بنحو “20” سفينة وغواصة، وتنزانيا بنحو “19” سفينة وغواصة، والكونغو الديمقراطية بنحو “16”، وغيرها من الدول التي تمتلك عشر سفنًا وغواصات كـ”سيراليون”، و”الجابون” و”ساحل العاج”، وأقل من عشر لكل من “بنين”، و”الصومال”، “وموريتانيا”، و”السنغال” و”ناميبيا”. بينما لا تمتلك الدول التالية أيّ سفن غواصات، وهي كل من “إفريقيا الوسطى”، و”النيجر”، و”بوتسوانا”، و”تشاد”، و”زيمبابوي”، و”مالي”، وهي تتناسب مع طبيعة القارة الجغرافية، سواء المحيط الهندي، أو البحر الأحمر، والبحر المتوسط، في حين أن الدول الحبيسة لا تمتلك هذه القدر من السفن والغواصات؛ لأنها لا تطل على مسطحات مائية.
2- حاملات الطائرات وطائرات الهليكوبتر:
تعد حاملات الطائرات أحد أهم أعمدة الأسطول البحري، كونها تسهم في تعزيز القوات البحرية بالطائرات المختلفة، لتضيف قوة للدولة أثناء تأمينها لحدودها البحرية، وبالتطبيق على دول جنوب الصحراء الكُبرى، يتضح أنها لا تمتلك أي حاملات طائرات؛ حيث إن العدد صفري لكل دول المنطقة.
3- الغواصات:
وفقًا لما تم عرضه من بيانات، يتضح أن دولة “جنوب إفريقيا” تمتلك نحو ثلاث غواصات، وفي ظاهرة تبدو غريبة أنه لم يتم رصد أي غواصات حربية للدول الإفريقية الساحلية سوى جنوب إفريقيا. ويمكن أن يكون السبب الأنسب لذلك أن التكلفة الملائمة لشراء هذا النوع من السلاح البحري مُكلفة للغاية، بما لا يتناسب مع إمكانات دول القارة الهشة، والتحديات الداخلية التي تجابهها، وتجعلها تصرف نظر عن التطوير العسكري لتلبية جزء من احتياجات الداخل.
4، 5 – قوة أسطول المدمرات والطرادات:
تلك الأسلحة مهمة للرصد والتتبع وتدمير أهداف العدو، والتصدي للهجمات التي يشنّها العدو من عمق البحر. ولكن الملاحظ عدم امتلاك الدول المنطقة لهذا النوع من السلاح، وهذا يشير إلى مخاطر قد تتعرض لها من عمق حدودها البحرية من جانب، وضعف الإمكانات المادية لتطوير سلاح الهجوم البحري لديها من جانب آخر.
6- قوة أسطول الفرقاطات؛
تعد كلّ من جنوب إفريقيا ونيجيريا الدولتين الوحيدتين اللتين تمتلكان سلاح الفرقاطة البحرية، الأولى بنحو “4”، والثانية بفرقاطة واحدة.
7- عدد سفن حروب الألغام:
تعد دول إفريقيا جنوب الصحراء من أقل المناطق في العالم امتلاكًا لسفن حروب الألغام بعدد “2” سفينة لكل من جنوب إفريقيا وأنجولا ونيجيريا. وأما باقي دول المنطقة فلا تمتلك سُفنًا من هذا النوع.
8- زوارق دورية الساحل:
يُعدّ هذا النوع من العتاد البحري الأكثر امتلاكًا للزوارق الساحلية، وتأتي أهمية هذا السلاح في الإنقاذ والمراقبة والرصد البحري، ضمن تدابير حماية الساحل، وتمتلك أغلب دول المنطقة هذا النوع من السلاح، باستثناء كل من “بنين”، و”بوتسوانا”، و”إفريقيا الوسطى”، و”جنوب السودان”، و”بوركينا فاسو”، و”إثيوبيا”، و”تشاد”، و”زامبيا”، و”زيمبابوي”، و”مالي”؛ حيث لا تمتلك أي عدد من تلك السفن؛ وذلك لأنها دول حبيسة. وبرغم ما تمتلكه دول إفريقيا جنوب الصحراء من تلك الزوارق، إلا أنها لا تُعدّ فعَّالة في حال الاشتباك البحري، لذا من خلال ما سبق طرحه يتضح أن كلاً من جنوب إفريقيا ونيجيريا هما الأكثر تفوقًا مقارنة بدول المنطقة في قوة الأسطول البحري من حيث السلاح والمعدات الدقيقة.
ختامًا:
في ختام رصد موقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار العالمي 2023م، وترتيبها في القوة العسكرية، وفقًا لإمكانات وقدرات الدول؛ يمكن ملاحظة عدد من النتائج؛ من أهمها ما يلي:
– -تعدّ إفريقيا جنوب الصحراء، ضمن أقل المناطق ترتيبًا في مؤشر قوة النار العالمي 2023م؛ وذلك بسبب ضعف الإمكانات والقدرات العسكرية لدى دول القارة، وعدم تحقيق التفوق العسكري في سلاح الجو والبحر والبر.
– تفوقت دولة “إريتريا” في مؤشر المعدات العسكرية الفرعي، ضمن أسطول البر، بامتلاكها لأكبر مخزون للدبابات، وسلاح المدفعية، مقارنة بالدول المُناظِرة لها في نفس المنطقة.
-تفوقت دولة “نيجيريا” بقوتها في مؤشر المعدات العسكرية المتفرع من قوة النار العالمي، في قوة أسطول البحر، بامتلاكها لأكبر عدد من الغواصات والسفن، والزوارق الساحلية.
-تفوقت دولة “أنجولا” عسكريًّا في أسطولها الجوي، على حساب دول إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك بامتلاكها أكبر أسطول طائرات ضمن دول المنطقة، بواقع “117” طائرة هليكوبتر، وطائرتين للمهمات الخاصة، إضافةً لـ”61″ طائرة ضمن أسطول طائرات المدربين، و”33″ طائرة ضمن طائرات الجناح الثابت، و”18″ طائرة ضمن فئة الهجوم، و”71″ طائرة مقاتلة ومعترضة للأهداف، و”302″ طائرة ضمن أسطول الطائرات الحربية، ونحو “15” طائرة هليكوبتر هجومية.
-تعدّ دولة “الكونغو الديمقراطية” الدولة الأبرز في إفريقيا جنوب الصحراء، الأكثر تغطية للمساحات الجغرافية، والممرات المائية، وتغطية الحدود المشتركة، وأقلها دولة “سيراليون“.
-دولة “نيجيريا” هي الأكثر إنفاقًا على قواتها المسلحة بميزانية “3,8” مليار دولار، تليها دولة “جنوب إفريقيا” بواقع “2,61” مليار دولار، ثم كل من “أنجولا”، و”كينيا” بميزانية بلغت المليار دولار، في حين أن دولة “ليبيريا” تُعدّ الأقل إنفاقًا على قواتها المُسلحة بما يزيد عن “11” مليون دولار، تليها دولة “سيراليون” بميزانية بلغت “19” مليون دولار.
-بتجميع تلك الميزانيات يتضح أنها تبلغ “8.439193” مليار دولار، وهي ضعيفة بالمقارنة مع حجم التحديات التي تعانيها القارة، والصراعات المُسلحة التي تعانيها، ويفيد بأن القارة ذات تصنيف متدنٍّ وَفْق مؤشر المالية، ولا سيما ملف ميزانيات الدفاع.
مزايا مؤشر قوة النار العالمي:
تم رصد عدد من المزايا ضمن مؤشر قوة النار العالمي 2023م، ويمكن تناولها على النحو الآتي بيانه:
-التعرف على حجم إمكانات دول إفريقيا جنوب الصحراء العسكرية، لا سيما المعدات العسكرية لسلاح الجو وأسطول البحر والبر.
-قام مؤشر قوة النار العالمي بربط التصنيف العسكري للدولة وفقًا لإمكانياتها المُناظِرة؛ حيث إنه حدَّد موقع الدولة في كافة الملفات التي تخدم القوة العسكرية بشكل أو بآخر سواء الخدمات اللوجستية وتأمينات الطرق والسكك الحديدية، وكذلك العوامل الجغرافية من تأمين للساحل والحدود المشتركة، وتحديد أهميتها بالنسبة للدولة في فترات السلم والحرب.
-من خلال ترتيب إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر قوة النار العالمي؛ اتضح أن دول القارة تمتلك من الموارد الطبيعية ما يُمكّنها من السيطرة على سوق النفط والغاز الطبيعي والمعادن في العالم، ولكن هذا لم يكن سببًا كافيًا لأجل امتلاك دولها للأسلحة العسكرية الكفيلة بتعزيز قوتها المسلحة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
-أداة جيدة للمتابعة الدورية لتصنيفات الدول الإفريقية بالنسبة للقوة العسكرية، والملفات المناظرة لها، سواء الخدمات المالية واللوجستية، والموارد الطبيعية، وتحديد نقاط القوة التي تمتلكها الدولة، ومن الممكن أن تستغلها لأجل إحداث الفارق في قوتها العسكرية، ودعم سياساتها وتوجهاتها في الملفات المرتبطة بهذا السبق.
عيوب مؤشر قوة النار العالمي:
هنالك عدد من المآخذ التي تم رصدها أثناء قراءة مؤشر قوة النار العالمي، المستهدف للقوة العسكرية، من أهمها ما يلي:
-إنه لم يتم ذِكْر المصادر التي اعتمد عليها المؤشر في رَصْد بياناته بشأن تصنيفات الدول وتقييمها، إضافةً إلى أن موقع مؤشر قوة النار العالمي لم يذكر أي معلومات عن الجهات الصادر عنها المؤشر، ما تم ذكره سنة البدء في الرصد والإحصاء.
-لم يتم ذِكْر المنهجية المتبعة في استخلاص التقييمات المرتبطة بقوة النار العالمي، وإن ما استخلصته الباحثة يُعد استنتاجًا لما تم عرضه من بيانات وفقًا لكل عنصر على حدة.
-لا سيما موارد الغاز الطبيعي والنفط والفحم- أن يتم الإشارة لمصدر تلك البيانات وجهة الحصول عليها.
ما يمكن الاستفادة منه في إطار هذا المؤشر؟
يمكن الاستعانة بالبيانات المرتبطة بالقوة العسكرية، سواء القوة العاملة العسكرية أو الاحتياطات النشطة أو قوات الخدمات الفعّالة، إضافةً لبيانات الأسلحة وأساطيل الجو والبحر والبر؛ لأجل تطوير إمكانات الدولة العسكرية، والاستفادة من حجم مواردها الطبيعية كأداة للاستفادة المادية؛ لرفع ميزانية الدفاع لديها، وشراء الأسلحة التقنية الحديثة، والتي تُمكِّن الدولة من مُناظرة الدول المجاورة لها، والوقوف أمام التحديات المختلفة، ويمكن الاستفادة من إحصاءات السكان المختلفة، وبيانات الخدمات اللوجستية، لأجل تطوير البنى التحتية للدولة، وتأمين مواقعها من خلال إجراء مسح شامل وتغطية للمساحات والحدود المشتركة، وتحصين موقعها ضد أي هجمات محتملة.