تتجه انظار العالم إلى مدينة جوهانسبرج الجنوب إفريقية حيث تلتئم قمة مجموعة بريكس (22-24 أغسطس الجاري) بأجندة حاشدة تتقاطع فيها الملفات الاقتصادية الملحة بقضايا سياسية بالغة الخطورة وسط عالم بات يوصف بأنه “متعدد الأقطاب” رغم عدم وصول “التنافس” الأمريكي الصيني إلى خطوط المواجهة المفتوحة بين البلدين والاكتفاء بمحاولة تسجيل نقاط في منطقة أو دولة ما، وتعزيز التحالفات التقليدية وغير التقليدية لحماية المصالح الاقتصادية التي يبدو أنها تخرج رويدًا رويدًا من فكرة “تقسيم العمل الدولي”.
ويمكن القول أن إفريقيا حضرت في القمة التي تعقد على أرضها للمرة الأولى من الباب الخلفي ترقبًا لبت دول الكتلة الخمسة خلال القمة في طلبات انضمام عدد من الدول الإفريقية متباينة الحجم والقوة والتأثير الإقليمي فيما تصاعدت حظوظ دول غير إفريقية في الانضمام للكتلة بالفعل. وهكذا يترقب الأفارقة الوعود التي تقدمها الكتلة والتي تتجاوز بكثير حجم العائدات المتوقعة بالفعل في ضوء تعقيدات المشهد الدولي الحالي والمشاكل الهيكلية التي تعاني منها اقتصادات أغلب الدول التي تقدمت بطلبات بالفعل.
تناول المقال الأول رؤية “أمريكية” بضرورة انتهاج واشنطن سياسة خارجية تشبه سياسات كتلة بريكس (بناء شراكات اقتصادية دون مشروطيات سياسية تذكر ظاهريًا على الأقل). أما المقال الثاني فقد قدم رؤية “صينية” مكتملة الأدلجة لدور بريكس في تحرير الاقتصادات الأفريقية دون تقديمه لدفوع قوية في هذا المسار سوى فكرة تعزيز الاستثمارات الصينية والنموذج الصيني في القارة كما الحال في العديد من دول إفريقيا حاليًا. وتناول المقال الثالث بشكل اكثر وضحًا الفرص التي يمكن لبريكس تقديمها للدول الإفريقية في قطاعات متنوعة. واختتم المقال الرابع بتناول فرص انضمام دول إفريقية لبريكس معتبرًا أن حظوظ إثيوبيا ونيجيريا هي الأعلى (فيما يتضح أنه تجاهل اعتبار شمال إفريقيا جزءا من القارة).
نحو سياسة “بريكس” أمريكية؟([1])
تمثل دينامية مجموعة بريكس واحتمالات توسعها هاجسًا أمريكيًا أصيلًا. وإلى اليوم فإن السياسة الأمريكية قد تجاهلت بشكل كبير التعامل مع المجموعة ككيان؛ إذ أن جهاز صنع السياسة الخارجية وسياسات الدفاع الأمريكية موجه لتناول القضايا على أسس إقليمية. وفي الأعوام العشرين الماضية انتقل تركيز الاهتمام الأمريكي (السياسة الخارجية الأمريكية) من الشرق الأوسط إلى آسيا إلى إقليم المحيط الهندي- المحيط الهادئ. وعندما يتعلق الأمر بدول “بريكس” فإن واشنطن ركزت بالأساس على تطوير علاقات ثنائية مع البرازيل والهند وجنوب إفريقيا فيما عمدت إلى إدارة توتراتها مع الصين (وتفادي الوقوع في صراع مفتوح معها) وعزل روسيا. ويظل التحدي الماثل أمام إدارة بايدن هو فهم كيف ستؤثر عمليات ومؤسسات بريكس، كمجموعة، على مصالح الولايات المتحدة العالمية.
وفي الوقت ذاته يثير توسع بريكس قضايا جديدة. وعندما سئلت إدارة بايدن عن (موقفها من) حلفاء الولايات المتحدة الأفارقة الذين يريدون الانضمام لبريكس أوضحت الإدارة أنها لا تطلب من الشركاء الاختيار بين الولايات المتحدة ودولًا أخرى. لكن الطلب الدولي على الانضمام لبريكس يستدعي التفاتًا أكبر لكيفية عمل سياسة واشنطن الخارجية. إن تصميم سياسة خارجية (أمريكية) تركز على بريكس تمثل فرصة للولايات المتحدة لابتكار سياسة مشابهة تلبي الحاجات التنموية (للدول الفقيرة). وبدلًا من تقسيم الدول لديمقراطيات صديقة وغيرها فإن سياسة أمريكية على غرار بريكس يمكن أن تشهد قيادة إدارة بايدن لقضايا تنموية عالمية وبناء علاقات قائمة على دعم التنمية التي تشجع علاقات أفضل بين دول الجنوب العالمي والولايات المتحدة.
كما يمكن لمثل تلك السياسة أن تتيح لبايدن تعميق التعاون (القائم بالفعل) مع الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وبعض الدول المرشحة لعضوية بريكس. ويمكن أن تشمل مجالات الاهتمام المشترك قضايا تواجه دول بريكس معضلات في تنسيق جهودها بها مثل تطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة، والأمن الطاقوي والقيود العالمية على الأسلحة الكيمائية والبيولوجية. كما يمكن لسياسة أمريكية على نمط بريكس أن تساعد في إعادة تصور (إيجابي) لسياسة الولايات المتحدة الخارجية وضمان حصول الولايات المتحدة على مكانة أفضل في عالم متعدد الأقطاب.
“بريكس” وتحرر إفريقيا الاقتصادي ([2])
ستعقد قمة بريكس الخامسة عشر في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا في الفترة 22-24 أغسطس، وبريكس BRICS اختصار لمجموعة سوق صاعدة مكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. ويلاحظ أن ظهور بريكس كلاعب عالمي رئيس قد أثار آمال إمكان تعزيز شراكة “الفوز للجميع” لتنمية القارة الإفريقية. وتقاوم دول بريكس عقلية الحرب الباردة وتعارض الهيمنة. وتعلن المجموعة التزامها بتعزيز التعددية (في النظام الدولي)، والاحترام والتعاون المتبادلين، والنزاهة والعدالة عبر دعم بديل عالمي جديد “يمثل الاتجاه الصحيح للتاريخ”.
وتمثل دول بريكس أكثر من 40% من سكان العالم وأكثر من 20% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، وتمثل آلية قوية للتعاون بين الدول النامية ومنصة لتعاون الجنوب- الجنوب، كما حققت تقدمًا كبيرًا ومتماسكًا في التعاون العملي الدولي. وبالمخالفة لدول معينة تستهدف تقسيم العالم وتحاول توسيع التحالفات العسكرية لتحقيق الأمن فإن مجموعة بريكس تسير في مسار متسارع مقارنة بمجموعة السبعة الكبار G7 وتركز على ضخ جهود حقيقية للحفاظ على السلم العالمي، وتعزيز التنمية المشتركة مع الدول الإفريقية، وتعزيز حوار الجنوب- الجنوب ونظام عالمي متعدد الأقطاب. ويتفق كل ما سبق مع رؤية إفريقيا (التي تستهدف تحقيق) مزيد من الاعتماد على الذات والتكامل الإقليمي.
وتشير دراسة اقتصادية إحصائية صادرة عن بنك التنمية الإفريقي (2022) إلى أن بريكس أصبحت الآن أكبر شريك تجاري لأفريقيا مع توقع ان تتجاوز التجارة بين دول المجموعة وإفريقيا حاجز 500 بليون دولار بحلول العام 2030، سيأتي نحو 60% منها من الصين وحدها. كما أن بريكس أصبحت مستثمرًا كبيرًا في إفريقيا ولاسيما في قطاعي التصنيع والخدمات.
ومما سبق فإن الدول الإفريقية باتت ترى في حالة الاعتماد على الغرب دافعًا إلى هشاشة مؤثرة في عملية يشوبها تضارب للمصالح. وعلى وجه الخصوص فإن الحقيقة تؤشر إلى أن الدول الإفريقية تبيع بالأساس طاقتها ومواردها الأخرى إلى الغرب، وتقوم بالتجارة باستخدام الدولار الأمريكي واستخدام نظام سويفت SWIFT الغربي، وترى كل ذلك كضعف رئيس لها. ورأى الفارقة هذا الأمر على النحو السابق لأن الغرب استخدم الدولار كأداة سيطرة اقتصادية وسياسية مصحوبة باستخدام مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
لذلك عندما نرى الدول الإفريقية تقاتل من أجل استقلالها، فإن ما تعنيه أنها تريد الاستقلال الكامل. إن الاستقلال الكامل يعني الانعتاق الاقتصادي حيث يجب أن تعني “الحرية” أن الأفارقة قادرون التجارة بمستويات قائمة على المساواة التي يمكن خلالها للأفارقة إدارة شئونهم دون توجيه الغرب لهم. وهكذا ثمة حاجة لإعادة تهيئة كاملة لبنية الاقتصاد العالمي حيث يكون الاستقلال الكامل أمرًا مؤكدًا.
وفي هذا السياق، ونظرًا لوضوح فكرة معارضة الدول الأفريقية للنظام المتمركز حول الغرب وتبنيها مقاربة مشتركة حتى نقطة تحقيق الدينامية للأبنية الأفريقية القائمة، فإن ظهور مجموعة بريكس – التي تجمع عدة دول خرجت من ربقة الهيمنة (الاقتصادية) الغربية- بدأ يحقق معنً جلي بأن المجموعة تمثل بديلًا للدول الأفريقية تتأكد من خلاله بأن الاقتصادات الأفريقية مستقلة اقتصاديًا.
ما الذي ستقدمه قمة بريكس لتنمية الدول الأفريقية ([3])
يلتقي قادة “بريكس” تحت لافتة موضوع “بريكس وإفريقيا” لمناقشة كيف يمكن للكتلة الدخول في شراكة مع إفريقيا لتحقيق نمو متسارع متبادل بين الشريكين، وكذلك التنمية المستدامة والتعددية الشاملة inclusive multilateralism. ودعت جنوب إفريقيا باعتبارها رئيسًا للمجموعة عن العام 2023 جميع رؤساء دول القارة الإفريقية لقمة البريكس الخامسة عشر بمن في ذلك قادة من الاتحاد الإفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية وقادة الأعمال. وكانت هناك توقعات أن تكون قوة جوهانسبرج 22-24 أغسطس 2023 الأكبر من نوعها لمجموعة بريكس مع تأكد حضور أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة. وتمثل بريكس (التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحوالي 40% من سكان العالم.
وقد قدمت حتى الآن أكثر من 20 دولة رسميًا طلبات عضوية لكتلة بريكس. وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن الانضمام لبريكس سيمكن بلاده من البقاء بعيدة عن الاستقطاب العالمي. وإضافة إلى توسع عضوية بريكس فإن القمة ستركز أيضًا على تقوية الدعم المالي للقارة الأفريقية ومساعدتها للتعامل مع معضلة التغير المناخي.
القضايا الأفريقية في قمة الأجندة
ستتولى جنوب إفريقيا الدفاع عن دمج القارة الأفريقية ومناقشة القضايا الأفريقية في قمة بريكس المقبلة، حسب بيان سابق لوزارة التجارة والصناعة والمنافسة. كما ستناقش القمة سبل تنويع الصادرات نحو تجارة قيمة مضافة وزيادة القدرات الإنتاجية، وفرص شركات الأعمال وعائد المهارات في إفريقيا، وفقًا للبيان. وتشمل الموضوعات الأخرى جهود زيادة تدفقات الاستثمار إلى إفريقيا وتعزيز نقل التكنولوجيا وفرص التوظيف في القارة.
ويلعب بنك التنمية الجديد New Development Bank (الذي افتتح في يوليو 2015) دورًا هامًا في تعزيز استثمارات بريكس في أفريقيا. وقال محللون أنه أسس نموذج تمويل جديد يعزز المشروعات الكبرى التي تنفذ في عدة دول معًا ويمكن أن تسارع من مسار التكامل الإقليمي للدول الإفريقية.
وفي مقابلة مع (وكالة) شينخوا (الصينية) قال ليزلي ماسدورب Lesilie Massdorp، نائب رئيس بنك التنمية الجديد ورئيس القطاع المالي أن البنك الذي يعمل من شنغهاي وافق على 98 مشروعًا بقيمة إجمالية 33.2 بليون دولار تسهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية لدوله الأعضاء. كما عمق البنك الاهتمام بالجوانب البيئية الملحة إذ أن نحو 40% من مشروعاته ركزت على تخفيف العبء على التغير المناخي والمساعدة في التكيف. وقال ماسدورب أن بنك التنمية الجديد سيواصل تعميق الاعتماد على العملات المحلية والتمويل المناخي.
وقال البروفيسور سيفاماندلا زوندي Siphamandla Zondi، أستاذ السياسة والعلاقات الدولية في جامعة جوهانسبرج، أن بنك التنمية الجديد يضيف مصدرًا آخر للتمويل وهو مصدر هام تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي والانتقال الرقمي في أفريقيا. أما عملية الحصول على قرض أو استثمار من بنك التنمية الجديد فقد باتت عملية أكثر يسرًا، دون متطلبات تدخل سياسي وهو امر شائع في مصادر التمويل الأخرى حسب دييجو مارتينز D. Martins، باحث بالمعهد الدولي للجغرافيا السياسية والاستخبارات الاستراتيجية International Institute for Geopolitics and Strategic Intelligence (IIGSI).، ويوقن أن بنك التنمية الجديد يقدم للعالم إمكانات جديدة وبيئة أفضل للتنمية الاقتصادية.
فرص التجارة والاستثمار
تعد الصين أكبر شركاء إفريقيا التجاريون. وبلغ حجم التجارة بين الصين و إفريقيا 282 بليون دولار في العام 2022 مقارنة بـ 10 بليون دولار فقط في العام 2000، حسب بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية General Administration of Customs of China، وذكرت تضاعف حجم التجارة نحو 20 مرة بمتوسط نمو سنوي 17.7%. كما أصبحت الهند، عضو بريكس أيضًا، ثالث أكبر شريك تجاري مع إفريقيا في العام 2021. وبلغت التجارة الثنائية بين الهند وأفريقيا نحو 98 بليون دولار في العام 2022-2023، وهي زيادة كبيرة للغاية مقارنة بسبعة بليون دولار في العام 2001 وفقًا لبيانات من وزارة التجارة والصناعة الهندية.
ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية United Nations Conference on Trade and Development (UNCTAD), فإن حصة “بريكس” من تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي وصلت إلى 20% من التدفقات العالمية في العام 2020. ومثل ذلك ارتفاعًا تاريخيًا في العام 2021 بقيمة 250 بليون دولار. وفي العقد الفائت ظلت تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي للكتلة أكثر من عشرة أضعاف المتوسط العالمي.
وبجذب من ارتفاع الطبقة المتوسطة وصعود طلب المستهلكين وتحسن بيئة الأعمال في إفريقيا فقد أصبحت بريكس أيضًا من المستثمرين الحاسمين في إفريقيا. وعلى سبيل المثال وصلت استثمارات الصين الخارجية المباشرة في مجال التشييد إلى 74 بليون يوان (10.14 بليون دولار) من 2017 إلى 2022، لتكون مسئولة وحدها عن 18% من إجمالي التدفقات العالمية المناظرة، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن Africa’s Dynamic Development Report، الذي يصدره كل من الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD. وقد عززت الشراكة بين بريكس وإفريقيا تنمية العديد من المجالات في القارة مثل خفض الفقر والأمن الغذائي والابتكار وتشييد البنية التحتية والتحول الصناعي.
ما الدول الأفريقية الأقرب للانضمام لبريكس؟([4])
ظهرت مجموعة البريكس في السنوات الأخيرة كقوة كبيرة في الاقتصاد العالمي، ومع تحقيق المجموعة اختراقات ملفتة عبر عدد متزايد من الدول الإفريقية عن اهتمام عميق بأن تكون جزءًا من هذا التحالف النافذ بتقديم طلبات عضوية لقمة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا (22-24 أغسطس الجاري). وترى آراء المحللين منجزات بريكس الملموسة منذ تأسيسها في العام 2009 دافعًا قويًا (لمثل هذا التدافع في تقديم الطلبات). وفيما يرى محللون ضرورة اتباع مقاربة الترقب والانتظار لتقييم إمكانات المجموعة المستقبلية، يرى آخرون أن البريكس قد فاقت بالفعل التوقعات. بأي حال فإن بعض الأصوات تؤكد على الحاجة إلى خريطة طريق أكثر واقعية للمجموعة.
وفي العام 2014 أسست دول “بريكس” بنك التنمية الجديد” New Development Bank (NDB)، وغذته باستثمارات مبدئية بقيمة 50 بليون دولار. ومثلت هذه المؤسسة المالية بديلًا للمؤسسات الغربية المهيمنة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتي واجهت انتقادات لفرضها سياسات اقتصادية تقييدية على الدول النامية. ويقدم بنك التنمية الجديد للدول الأعضاء توازنًا مقابلًا عبر السماح لوصولها لتمويل تنموي دون المشروطيات التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وفيما يتصل بذلك أدخلت دول بريكس ما عرف بـترتيب الاحتياط Contingent Reserve Arrangement المصمم لتقديم مساعدات مالية للدول الأعضاء التي تواجه مشكلة مدفوعات خلال أوقات الفوضى turmoil الاقتصادية.
ويتوقع لقمة بريكس للعام الحالي في جوهانسبرج أن تركز على مناقشة توسيع عضوية المجموعة. بأي حال فإنه ثمة مخاوف تثار حاليًا لاختلاف الدول الأعضاء في مسألة دعم هذا التوسع. وكشفت تقارير صينية مطلعة عن تحفظ البرازيل والهند إزاء هذه العملية بسبب مخاوفهما من تهديد مكانتهما في المجموعة وتراجع نفوذهما الحالي بها. وينتاب الهند على وجه الخصوص حذر في ضوء أن انضمام دولًا جديدة للكتلة يمكن أن يضاعف من مكانة الصين الاستراتيجية لاسيما أن بكين تحافظ على علاقات وثيقة مع الدول المرشحة للانضمام بقوة وأبرزها الجزائر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا ونيجيريا. كما ان ذلك سيعزز استئثار روسيا والصين بتشكيل أجندة التحالف (في افريقيا؟). فكلتا الدولتين تنظر لنفسها على أنها معزولة باستراتيجيات احتواء تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها؛ إذ تواجه الصين تحالفًا معاديًا لها في جوارها فيما تواجه روسيا تحالفًا مناهضًا لها في مجملة أوروبا الشرقية. إضافة إلى ذلك فإن التحركات الاقتصادية الهادفة إلى تقليص نفوذهما، مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات على روسيا، قد أثرت سلبًا على جوهر فكرة البريكس. وبالنسبة لروسيا والصين فإن بريكس أداة مضادة في مواجهة جهود الاحتواء الأمريكية.
وكان الحماس الذي أظهرته الدول الأفريقية، لاسيما نيجيريا وإثيوبيا الأقرب عمليًا لجنوب إفريقيا ويمثلان للأخيرة سوقًا محتملة ضخمة وهامة، مدفوعًا بآفاق الاستفادة الاقتصادية من البيئة التي توفرها بريكس. وهكذا يبدو أن الاعتبارات الاقتصادية تمثل الحافز الأول للدول الأفريقية للانضمام للبريكس بطبيعة الحال.
[1] Mihaela Papa et al, As BRICS cooperation accelerates, is it time for the US to develop a BRICS policy?, The Conversation, August 18, 2023 https://theconversation.com/as-brics-cooperation-accelerates-is-it-time-for-the-us-to-develop-a-brics-policy-210021
[2] Ehizuelen Michael Mitchell Omoruyi, The emergence of BRICS and Africa’s economic emancipation, CGTN, August 19, 2023 https://news.cgtn.com/news/2023-08-19/The-emergence-of-BRICS–Africa-s-economic-emancipation–1mmUgVbM0sE/index.html
[3] What BRICS Summit could off er for the development of African countries, CGTN, August 19, 2023 https://news.cgtn.com/news/2023-08-19/What-BRICS-Summit-could-offer-for-the-development-of-African-countries-1moEUzY59ni/index.html
[4] Zita Zage, Which African countries may join the BRICS group of nations, and why do they want to? Global Voices, August 20, 2023 https://globalvoices.org/2023/08/20/which-african-countries-may-join-the-brics-group-of-nations-and-why-do-they-want-to/