بقلم بيتر مواي وديكا بارو وروز نجوروج([i])
ترجمة : قراءات إفريقية
بعد أن تم العثور على عشرات الجثث من أتباع طائفته؛ من المقرر أن يظل الزعيم المسيحي القس بول ماكينزي في كينيا رهن الاحتجاز لدى الشرطة لمدة شهر آخر، مع استمرار استخراج الجثث التي عُثر عليها في مقابر جماعية على أرضه، بعد أن تم اكتشاف ما لا يقل عن 201 جثة من أتباعه حتى الآن.
وكان القس بول نثينجي ماكينزي قد صرَّح سابقًا أنه أغلق كنيسته Good News International قبل أربع سنوات، بعد ما يقرب من عقدين من العمل. لكنَّ “بي بي سي” كشفت عن المئات من خطبه النارية التي لا تزال متاحة على شبكة الإنترنت، ويبدو أن بعضها قد سُجِّل بعد هذا التاريخ، لذلك الرجل الذي جوَّع أتباع طائفته حتى الموت.
ففي إحدى خُطَبه المصورة التي يبدأها بعبارة: “لا عودة إلى الوراء” بنبرة عاطفية وصوت أجش، فإن القس يقدم عظاته أمام تجمعات هائلة تخضع تمامًا لتعاليمه المروّعة، وقد كتب على الشاشة يحثّ أتباعه على المضي قدمًا قائلاً: “نحن على وشك الفوز بالمعركة، لا عودة إلى الوراء؛ فالرحلة على وشك الانتهاء!”، فيما يبدو أنه تحريض لأتباعه على استمرار الجوع حتى الموت، في خطاباته التي تدور حول الموت الوشيك، وكيف أن ذلك بات قريبًا.
في حين تتحدث خُطَب أخرى له عن عمليات طرد الأرواح الشريرة من داخل أتباعه، الذين معظمهم من النساء، والذين يتجولون حوله فيما يقوم هو بـ “تعذيب” القوى الشيطانية بداخلهم.
والمروّع في تلك الفيديوهات أن آلاف المشتركين يشاهدونها، كما ترتبط بصفحته على الفيسبوك التابعة للكنيسة، وتمتلئ بتلك المقاطع المروعة.
وبالرغم من إبلاغ “بي بي سي” موقع اليوتيوب بعد اعتقال القس ماكينزي عن محتوى تلك القنوات، إلا أنها لا تزال نشطة ويشاهدها البعض، كما أنها لا تزال تبثّ بعض الإعلانات التي تُدِرّ ربحًا لكلا الطرفين، الكنيسة واليوتيوب على حد سواء.
وبالرغم من أن تلك الفيديوهات لا تزال مستمرة في الانتشار، إلا أنه يبدو أنها صُوِّرت في وقتٍ سابقٍ على يناير 2020م، والتي كانت في العاصمة الكينية نيروبي؛ حيث تظهر مجموعة من الأطفال وهم يبكون جوعًا، إلا أن الواعظ يصرخ فيهم: إنهم يبكون لأنهم جائعون! دعوهم يموتون!”، في حين أكد أعضاء سابقون في الكنيسة أن الواعظ بمشاركة الكنيسة يقومان بإجبار أعضائها على الصوم كجزء من تمسكهم بتعاليم الكنيسة.
وبالرغم من أنه لا يوجد دليل مباشر في العشرات من مقاطع الفيديو التي رأيناها عن القس ماكينزي على أنه يأمر الناس مباشرة بالصيام، ولكن هناك العديد من الإشارات إلى متابعين يضحون بأعز ما يمتلكون، بما في ذلك حياتهم، من أجل الكنيسة.
وفي مقابلة سابقة مع صحيفة “الأمة الكينية” نفى القس ماكينزي أنه أجبر أتباعه على الصوم، قائلاً: “هناك أناس لا يريدون حتى أن يعظوا عن يسوع.
يقولون: إنني أقول أن أطفالهم يبكون لأنهم جائعون، دعوهم يموتون؛ هل هناك مشكلة في ذلك؟ هل وجدوا أي منزل أو مكان مسور داخل المزرعة قد حُبِسَ الناس فيه؟ الإجابة هي لا، بل إنهم يفعلون ذلك طواعية بدون إجبار”.
ومن ناحية أخرى هناك خطب للقس ماكينزي يحذر فيها من التعليم الرسمي ويصفه بأنه شيطاني، ويُستخدم لابتزاز الأموال؛ حيث قال في إحدى خطبه: “إنهم يعرفون أن التعليم شرير. لكنهم يستخدمونه لتحقيق مكاسبهم الخاصة”، “أولئك الذين يبيعون الزي الرسمي، يكتبون الكتب … أولئك الذين يصنعون أقلام… كل أنواع القمامة. يستخدمون أموالك لإثراء أنفسهم بعدما تصبح فقيرًا”.
وفي عام 2017م ومرة أخرى في عام 2018م، تم إلقاء القبض على القس ماكينزي لتشجيع الأطفال على عدم الذهاب إلى المدرسة؛ لأنه ادَّعى أن التعليم “غير مُعتَرَف به في الكتاب المقدس”. كما أدان القس ماكينزي التعليم لأنه يُروّج للمثلية الجنسية من خلال برامج التربية الجنسية. وقال لصحيفة “ذي نيشن” الكينية: “أخبرت الناس أن التعليم شرير…. الأطفال يتعلمون الشذوذ فيصبحون من المثليين والمثليات”.
الأطباء يخدمون إلهًا مختلفًا:
كما شجَّع الأمهات على تجنُّب طلب الرعاية الطبية أثناء الولادة وعدم تطعيم أطفالهن. ففي أحد الفيديوهات، تروي امرأة كيف ساعدت في ولادة طفل من خلال الصلاة ودون الحاجة إلى عملية قيصرية، مضيفة أنها تلقت فيما بعد “تحفيزًا” من الروح القدس لتحذير جارتها من تطعيم طفلها.
ثم أكدت الراعية على مشاعرها بأن اللقاحات ليست ضرورية، مدعيةً أن الأطباء “يخدمون إلهًا مختلفًا”. كما أنه يثني النساء عن ضَفْر شعرهن وارتداء الشعر المستعار والزينة. كما يحتوي موقع الكنيسة عبر الإنترنت أيضًا على منشورات حول أن نهاية العالم وشيكة، وتتحدث عن الموت والمخاطر الناتجة عن التعليم الدنيوي، وهناك تحذيرات متكررة من قوة شيطانية مطلقة من المفترض أنها تسللت إلى أعلى مستويات القوة في جميع أنحاء العالم.
ومن ناحية أخرى فلقد أشار مرارًا وتكرارًا إلى “النظام العالمي الجديد” –والذي يعتبره نظرية مؤامرة مِن قِبَل النُّخب العالمية لإيجاد حكومة عالمية استبدادية، لتحل محل الدول القومية-، مدعيًا –زورًا- أن الكنيسة الكاثوليكية والأمم المتحدة والولايات المتحدة وراءها. كما أنه يشكّ بشدة في التكنولوجيا الحديثة؛ حيث زعم في السابق أن خطة الحكومة الكينية لإنشاء رقم هوية خاص لكل مُواطِن للوصول إلى الخدمات الحكومية كانت “علامة الوحش”.
-[i] بي بي سي نيوز، على الرابط التالي: https://www.bbc.com/news/world-africa-65412822