أسماء أحمد عبدالكريم
باحثة ببرنامج ماجستير العلوم السياسية بكلية الدراسات الافريقية العليا – جامعة القاهرة
تتحمَّل المنظمات الإقليمية مسؤولية معاونة الدول الأعضاء على ما تُواجهه من أزمات وصراعات ومشكلات، وخاصةً المشكلات ذات الطابع الأمني وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
من هذا المنطلق سعت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (سادك) إلى مساعدة حكومة موزمبيق في حربها على الإرهاب، وهو ما تمَّ من خلال إرسال بعثتها العسكرية إلى موزمبيق، بالإضافة إلى المساعدات الاجتماعية والإنسانية. ولقد تعدَّدت صور وجهود سادك في مكافحة الإرهاب بموزمبيق، كما تنوعت وتعددت النتائج المترتبة عليها.
وتهدف الورقة إلى تسليط الضوء على جهود سادك على أراضي موزمبيق. والتساؤل الرئيس: ما مدى تأثير تلك الجهود على مواجهة الإرهاب في موزمبيق؟ لذا تم تقسيم الورقة إلى خمس نقاطٍ رئيسة تحقيقًا لهدفها البحثي؛ حيث تناولت (بيئة الإرهاب في موزمبيق، تداول قضية الإرهاب في موزمبيق داخل سادك، أهداف بعثة سادك في موزمبيق، تمويل البعثة، نتائج جهود البعثة).
أولًا: بيئة الإرهاب في موزمبيق
تعد البيئة وخصائصها من أولى العوامل المُشجِّعة أو المحبطة للإرهاب؛ حيث تعاني موزمبيق من أوجه قصور على مناحٍ عدة؛ يأتي في مقدمتها: الهشاشة الأمنية، وذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهو ما يُمثِّل السبب الرئيس لظهور المتمردين (جماعة الشباب). على صعيد الأمن الداخلي فقد شهدت موزمبيق العديد من الصراعات الأهلية بين الحكومة الوطنية ومعارضيها، والتي انتهت مؤخرًا إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق السلام الشامل الذي لم يُؤتِ ثماره، وسقطت بعض بنوده السياسية لعدة أسباب؛ يأتي في مقدمتها عدم ملاءمته لنظام الحكم. أما على صعيد الأمن الخارجي فتعاني موزمبيق من ويلات الإرهاب وأعمال عنف تنفّذها جماعة الشباب([1]).
كما تعاني موزمبيق من انتشار عمليات الاختطاف المنظَّمة على مدار العقدين الماضيين, ويتمثل الهدف الرئيس من تلك العمليات في الحصول على الفدية، وتزداد شدة التعذيب طرديًّا بالتأخر في حصول العصابات على الفدية المطلوبة, وهكذا تزداد معدلات الجريمة بالبلاد، مع تراجع الدور الأمني بها([2]).
من جهة أخرى تتكون جماعة الشباب -المتمردون- من مجموعة شباب مسلحين من تنزانيا وموزمبيق وعدد من الفئات المهمَّشة كالصيادين وصغار التجار والشباب العاطلين عن العمل وعمال التعدين المفتقرين لمزايا حرفتهم لصالح السلطة. ويجمع كل الفئات المكونة لجماعة الشباب عنصر مشترك وهو التهميش والشعور بفقدان الهوية, ويشكل الدافع الرئيس في الانضمام للجماعة دافعًا انتقاميًّا وليس أيديولوجيًّا؛ حيث الرغبة في السيطرة المحلية والحصول على العوائد المادية نتيجة الأعمال التخريبية. ويُلاحظ استمرار تنامي أعداد المنضمين من شباب شمال موزمبيق إلى جماعات العنف، مُعتبرين هذا الانضمام بمثابة مهنة جديدة وعمل يتقاضون منه رواتب.
هذا وقد وبدأ المتمردون عملياتهم الإرهابية أوائل عام 2017م؛ حيث هاجموا ثلاثة مراكز للشرطة في مدينة موكيمبوا دا برايا الساحلية، وهي مدينة استراتيجية تقع في كابو ديلجادو, تلاها إعلان تنظيم الدولة انتماء جماعة الشباب بموزمبيق ((ASWJ إليه. ولقد نتج عن عمليات المتمردين خسائر كبيرة بالمقاطعة؛ حيث بلغ عدد الوفيات ما لا يقل عن 3600، ووصل عدد النازحين إلى 820 ألف نازح، وذلك منذ بداية العمليات الإرهابية عام 2021م حتي بداية عام 2022م([3]).
ثانيًا: الإرهاب في موزمبيق داخل الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (سادك)
حازت قضايا الإرهاب بدول جنوب إفريقيا على اهتمام كبير على طاولة مناقشات اجتماعات التكتل خلال الفترة الأخيرة؛ نتيجة لزيادة أعداد الجماعات الإرهابية بها، وتزايد ما تقوم به من أعمال تخريبية.
في البداية تم تناول قضية الإرهاب الذي تشهده شمال موزمبيق على هامش عدة جلسات عقدتها الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، والتي واجهت مشكلة امتناع موزمبيق عن طلب المساعدة في مواجهة الأعمال التخريبية لحركة الشباب بها, وهو ما دفَع سادك إلى النظر في الأسس القانونية للتدخل العسكري الخاصة بالتكتل؛ من أجل تقديم المساعدة العسكرية لموزمبيق، وجاء ضمن الاقتراحات: اقتراح يستند إلى الأساس القانوني في الاعتماد على الدفاع الجماعي عن النفس؛ حيث ينص ميثاق الدفاع المتبادل لسادك على أن “الهجوم المسلح على دولة عضو يُعتبر تهديدًا للسلام والأمن الإقليميين، ويجب المواجهة الجماعية الفورية, لكن تم رفضه لعدم تطابقه مع حالة موزمبيق؛ حيث إن مصطلح (الهجوم المسلح) يُقصَد به هجوم من دولة ليست عضوًا بالتكتل ولا يُقصَد به جهة غير فاعلة كالجماعات الإرهابية, هذا بالإضافة إلى افتقاده موافقة الدولة المتضررة؛ من حيث استمرار امتناع القيادة السياسية بموزمبيق عن طلب المساعدة، والاعتماد على شركات أمينة خاصة.
وجاءت القمة الاستثنائية المنعقدة في 29 أبريل 2021م للنظر في شأن زيادة نشاط المتمردين بالشمال الموزمبيقي، ونوايا دول الجوار تقديم المساعدة في كَبْح هذا التمرد, وانتهت القمة بالاتفاق على نشر قوة تدخل سريع قوامها ثلاثة آلاف جندي –مبدئيًّا- بالمناطق المضطربة بموزمبيق، مع التركيز على نشر قوات بحرية لمنع الأنشطة غير المشروعة للجماعة التي تستغل الامتداد البحري في الاتجار بالممنوعات الذي يشكل المصدر الرئيس لتمويلها, لذا جاء القرار بنشر القوات بساحل كابو ديلجادو.
عُقدت قمة رؤساء الدول والأعضاء بالمجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي في موبوتو بتاريخ 23 يونيو 2021م، وتم خلالها إعطاء الضوء الأخضر لإنشاء ونشر قوة احتياطية بشمال كابو ديلجادو أخذت اسم SAMIM (SADC Mission in Mozambique) ضمن إطار القوة الإفريقية الجاهزة، سعيًا لاستعادة الأمن والاستقرار ومساعدة النازحين الفارين نتيجة الأعمال التخريبية بالمنطقة. تتكون البعثة من جنود ثماني دول بالسادك، وهي: أنجولا وبوتسوانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليسوتو وملاوي وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزامبيا قوامها 2000 جندي([4]).
بالإضافة إلى فرقة عسكرية رواندية قوامها ألف جندي، وتتلقى القوات الرواندية دعمها من الاتحاد الأوروبي، وقد أرسلت جنوب إفريقيا بعثتها الثانية في الفترة بين 17 و28 من شهر أبريل عام 2023م؛ لتعزيز قوة بعثة SAMIM عسكريًّا؛ من خلال ما زُوِّدَت به تلك البعثة؛ سعيًا للقضاء على الإرهاب بمقاطعة كابو ديلجاو([5])، وذلك بالإضافة إلى قوات الأمم المتحدة وأبرزها القوات الجوية, وهكذا انتشرت على أراضي موزمبيق مجموعة من القوات العسكرية تختلف من حيث المصدر وتتحدد صوب هدف واحد.
وجاء في قمة الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي المنعقدة بمدينة بلانتيري بملاوي في يناير 2022م تعهُّد الرئيس أزاروس شاكويرا –رئيس المجموعة– بالتزام المجموعة بالقيام بكل ما من شأنه مواصلة محاربة الإرهاب في موزمبيق، وخاصةً إقليم كابو ديلجاو([6]).
ومؤخرًا وفي ضوء الاستعدادات الدورية للاجتماع السنوي لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي تم اتخاذ قرار خلال اجتماع لجنة الأركان العسكرية(MSC) التابعة لمجلس السلم والأمن بالموافقة على إنشاء جسر جوي لدعم أهداف عسكرية استراتيجية في موزمبيق وغيرها من مناطق الصراع في إفريقيا, وهو ما ينصبّ عليه تركيز الاتحاد الإفريقي مؤخرًا بهدف وصول المؤن والمساعدات والإمدادات اللوجستية للقوات الإفريقية بمناطق تمركزها, كالقوات في بتسوانا وموزمبيق([7]).
ثالثًا: أهداف بعثة سادك في موزمبيق SAMIM
إن العمل بفعالية في شمال موزمبيق ذات الطبيعة الجغرافية الخاصة؛ حيث الغابات الكثيفة على مساحات شاسعة؛ يُشكِّل تحديًا لأيّ قوة أمنية، وأثبت صعوبة تعامل القوات المسلحة الموزمبيقية معها؛ حيث تفتقر إلى الموارد والتدريب, فجاءت بعثة سادك بأهدافها المتعددة في موزمبيق والتي تذهب إلى ما هو أبعد من الأهداف العسكرية؛ حيث هناك أهداف اقتصادية واجتماعية, ويتمثل الهدف الرئيس للبعثة في إعادة الأمن والاستقرار والسلام في شمال موزمبيق، خاصةً مقاطعة كابو ديلجادو, والذي يتفرع عنه مجموعة من الأهداف تتضمنها خطة لإعادة الإعمار بالمقاطعة؛ حيث عملت البعثة على بناء استراتيجيات لتحقيق النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تمكين المرأة وتشجيع الشباب على إقامة مشروعات للمساهمة في رفع المستوى الاقتصادي بالبلاد, كما تضمنت أهداف البعثة تقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية، والعمل على رفع مستويات المعيشة وإعادة تقديم الخدمات العامة للمواطنين ورفع كفاءة الخدمات الشرطية([8]), ذلك بالإضافة إلى التعاون مع الوكالات الإنسانية لمواصلة تقديم الإغاثة الإنسانية للسكان المتضررين من الأنشطة الإرهابية، بما في ذلك المشردون والنازحون داخليًّا([9]).
تتخطى مهام SAMIM المهام العسكرية إلى مهام متنوعة متعددة الأبعاد؛ حيث تتعرض موزمبيق، وخاصةً مقاطعة كابو ديلجادو إلى عمليات إرهابية منذ عام 2017م؛ عندما بدأ النشاط الإرهابي لجماعة الشباب. تتكون البعثة من أربعة عناصر رئيسة (عسكرية – شرطية – مدنية – إصلاحية)؛ تتَّحد كل العناصر في العمل من أجل تحقيق الهدف الرئيس للبعثة المتمثل في إعادة السلام والأمن والاستقرار إلى كابو ديلجادو، وتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والقضاء على ما خلّفته العمليات الإرهابية بالمنطقة من تدهور متعدد المناحي.
تحددت مدة البعثة بدايةً بثلاثة أشهر، ومع تطور الأحداث أخذت في التجديد وصولًا إلى القمة الثانية والأربعين لمؤتمر رؤساء الدول والأعضاء بتكتل سادك المنعقدة في كينشاسا بجمهورية الكونغو الديمقراطية بتاريخ 17 أغسطس 2022م؛ حيث تمت الموافقة على تجديد ومدّ فترة بعثة SAMIM في موزمبيق([10]).
رابعًا: تمويل قوات سادك في موزامبيقSAMIM :
تعاني سادك من مشكلات مالية كبيرة، وتعاني دولها من أزمات اقتصادية وخيمة، وتكافح جميعها سعيًا للنمو, وفي الآونة الأخيرة واجهت الدول الأعضاء أزمات متتالية ذات تأثير عميق على البِنى الاقتصادية للبلاد مثل كوفيد-19، وارتفاع أسعار الوقود والغذاء بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وغيرها من الأزمات, ورغم تلقي بعثة SAMIM دعمًا ماليًّا من الاتحاد الأوروبي فإن تكاليف نشر القوات تُقدّر بنحو 10 ملايين دولار شهريًّا([11]).
وتتلقى سادك تمويلاً مِن قِبَل الدول الأعضاء, في حين أن اعتماد الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي على التمويل الذاتي أمر يستحق الثناء، إلا أنه يثير مسألة مهمة تتعلق بالاستدامة؛ فهناك فجوة كبيرة بين الميزانية الإجمالية للبعثة (35 مليون دولار أمريكي)، ومبلغ الأموال التي جمعتها الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي تقل عن 13 مليون دولار أمريكي, ومن المتوقع أن يزداد عجز الميزانية اتساعًا مع آخر تمديد للتفويضات وتخصيص مبلغ إضافي قدره 29,5 مليون دولار أمريكي، هذا بالإضافة إلى التحديات اللوجستية التي تواجهها البعثة حاليًّا([12]).
استطاعت الكتلة الإقليمية التواصل مع الهيئات الدولية للحصول على الدعم المال، وتقدم الولايات المتحدة دعمًا كبيرًا لموزمبيق -تقريبًا 536 مليون دولار كمساعدات إنمائية في عام 2021م- وتُصنِّف البلاد مؤخرًا كأحد البلدان المدرَجة في استراتيجية منع الصراع وتعزيز الاستقرار, كما لعبت رواندا دورًا رئيسًا وطلبت تمويلًا من الاتحاد الأوروبي لدعم جهودها.
خامسًا: نتائج جهود بعثة سادك في موزمبيق SAMIM
نجحت بعثة سادك في موزمبيق في تحقيق الكثير من الإنجازات، والتقليل من انتشار الإرهاب -وليس القضاء عليه- بالمنطقة الشمالية، واستعادة الأمن والاستقرار بها، بالإضافة إلى إنجازاتها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي, بعد شهرين من انتشار SAMIM في سبتمبر 2021م استطاعت القضاء على قاعدة إرهابية مهمة لجماعة الشباب ومقتل 17 إرهابيًّا، واستطاعت قتل زعيم المتمردين رجب عوضي ندانجيل المُلقَب بالشيخ نجيل, وهو ما انعكس في مؤشرات التقرير العالمي للإرهاب؛ حيث احتلت موزمبيق المركز 12 مسجلة 7,3 عن عام 2023م([13]), وفي تقرير عام 2022م احتلت المركز الـ13 سجلت موزمبيق 7,4([14]), وهو ما يعكس نجاح القوات الإقليمية في تقليل معدل الإرهاب بموزمبيق وتحقيق أهدافها.
أنشأت البعثة أنشطة توعوية وندوات تعريفية لنشر القيم والثقافة بين الناجين من العنف في شمال موزمبيق، انصبَّ الاهتمام على قضايا عدة؛ أبرزها: المساواة بين الجنسين، وحقوق المرأة، والسياسات الحكومية، والقوانين المتعلقة بالنوع، والمشاركة السياسية، والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية، وغيرها من القضايا التي ساعدت على رفع الوعي الاجتماعي لسكان المقاطعة, تم ذلك بمساعدة آلية الإنذار المبكر التابعة لسادك ERM ضمن سياسات القضاء على العنف القائم على النوع، مع التأكيد المستمر على أهمية دور المرأة في عمليات حفظ السلم والأمن, والإشارة إلى فشل جهود السلام والاستقرار بالمنطقة في حالة إغفال أكثر من نصف القوة العددية بها المتمثلة في النساء.
وفي قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة يوم 20 من شهر فبراير 2023م أشاد رئيس جنوب إفريقيا رامافوزا بما تبذله سادك من جهود في مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى بعثة SAMIM بموزمبيق.
ساعدت SAMIM الحكومة الموزمبيقية على استعادة الأمن والاستقرار بمناطق انتشارها، وتهيئة المناخ لاستعادة الانتعاش الاقتصادي، ورفع الشعور بالمواطنة التي سبب فقدانها تشكيل جماعات متمردة مثل جماعة الشباب, وهكذا سمحت جهود البعثة جنبًا إلى جنب مع الشركاء الدوليين والوكالات متعددة الأطراف التابعة للأمم المتحدة بتقديم الخدمات التي تشتد حاجة الحكومة الموزمبيقية إليها, كما أتاح الانتشار السريع للبعثة والقوات الأخرى التابعة لوكالات المعونة الإنسانية، مساعدة الحكومة في إعادة بناء البنية التحتية وتقديم مساعدات مالية للشباب([15]).
على الرغم من كثرة التقارير الراصدة للنجاح العسكري لبعثة سادك في موزمبيق؛ إلا أن هذا النجاح صحبته نقاط ضعف وإخفاقات ومشكلات عديدة؛ منها: (التمويل، تحفظ واعتراض حكومة موزمبيق، ضعف القدرات اللوجستية والفنية للقوات), لقد نجح المتمردون في هجمات عدة كعملية 1 فبراير2023م، مثل هذه الهجمات توضح أن التمرد الذي يعود إلى عام 2017م لم ينته بعدُ, وتدين الكثير من الكتابات الاقليمية الطبيعة المفككة البطيئة لعملية محاربة الإرهاب بشمال موزمبيق.
وفي بداية شهر فبراير 2023م تم عقد اجتماع القمة الثلاثية لمناقشة السلام والأمن في ناميبيا، وجاءت مجموعة من القضايا الأمنية الأخرى على هامش أجندة الاجتماع، متضمنة قضية محاربة الإرهاب في موزمبيق، وقد سبق انعقاد القمة انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ينقل سوء معاملة جنود بعثة سادك في موزمبيق للإرهابيين بعد القبض عليهم، وقد تناولته هيومن رايتس ووتش، وأكدت على اهتمامها بالتقصي حول تلك الواقعة([16]), وتمت مناقشة أوضاع البعثة، وأعرب المسؤولون عن حرصهم على مواجهة الإرهاب دون انتهاك لحقوق الإنسان وقوانينها الدولية، وانتهى الأمر باتخاذ قرارات لتعزيز الاستجابة السريعة لبعثة SAMiM ومدها بما تحتاج من موارد.
من جهة أخرى يشهد الوضع الحالي استمرار اعتراض الحكومة الموزمبيقية على زيادة قوة البعثة؛ حيث تم الاجتماع الأخير في 19 من شهر مايو 2023م أثناء مناقشات سادك والاتحاد الإفريقي بشأن انتشار قوات عسكرية بشرق جمهورية الكونغو، تم تقديم اقتراح بسيناريو لحالة موزمبيق؛ حيث دعم جميع دول سادك تدخلهم لحل أزمة الإمدادات، وهو ما تم رفضه لتوقع معارضة حكومة موزمبيق؛ لاعتمادها على القوات الرواندية في حربها على الإرهاب، وقد حذَّر كبار الباحثين بالدراسات الأمنية من تدني مستويات القوات والمعدات اللوجستية لمستوى أقل مما هو مطلوب، بالإضافة إلى غياب التواصل والتعاون بين قوات البعثات الموجودة بموزمبيق, هذا بالإضافة إلى نشأة ظاهرة الجماعات الصغيرة بعد محاربة العناصر الإرهابية ومطاردتها؛ حيث تفرقت عن الجماعات الكبيرة جماعات أصغر أكثر نشاطًا توجهوا للقرى وارتكبوا الكثير من أعمال العنف والقتل ضد المدنيين([17]).
ختامًا: أثبتت بعثة سادك في موزمبيق وتلك العملية الإقليمية تفوقها على نموذج قوات الأمن الخاصة في موزمبيق, علاوةً على ذلك فإن موزمبيق بحاجة ماسّة إلى المساعدة؛ حيث يتوقع عدد من المراقبين وقوع كابو ديلجادو، وربما بعض المقاطعات المجاورة، في فوضى يقودها المتمردون؛ في حال عدم توافر مساعدة أمنية خارجية في هذه المرحلة. فقد وفَّرت بعثة SAMIM الوقت لحكومة موزمبيق لاتخاذ نهج أكثر فعالية لتحقيق السلام المطلوب في المقاطعة.
وبناء عليه توجد الآن فرصة سانحة لاتخاذ الخطوات الصعبة لبناء القدرات الأمنية الموزمبيقية، وزيادة الاندماج الاقتصادي والسياسي والازدهار في كابو ديلجادو والمقاطعات المجاورة, هذه خطوات يجب أن تتخذها حكومة موزمبيق على وجه السرعة, وليس من المضمون استمرار مساهمة الدول المجاورة في الوفاء بالتزاماتها تجاه البعثة SAMIM، بالإضافة إلى وجود البعثة التي يتم تمديدها بعدة أشهر فقط, لذا يجب على موزمبيق إعطاء الأولوية لتطوير قدراتها الأمنية, والتركيز على عدة محاور ستسهم في تحسين الأوضاع منها:
– إقامة حكومة مجتمعية قائمة على التشارك لكل فئات المجتمع دون إقصاء, وزيادة فرص تمكين المرأة, ودعم قوانين حقوق المرأة والطفل, وتشجيع القطاع الخاص، والترحيب بالاستثمارات، ودعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر؛ لاحتواء الشباب وخفض معدلات البطالة، والمساهمة في رفع مستويات المعيشة للمواطنين، وبالتالي خفض معدلات جذب الجماعات الإرهابية للمواطنين, وزيادة قدرات القوات المسلحة الموزمبيقية، وزيادة الدعم الفني واللوجستي, لزيادة القدرة الدفاعية عن البلاد ضد الهجمات الإرهابية؛ نظرًا لعدم سلامة الاعتماد الدائم على القوات الإقليمية والدَّعمَيْن الإقليمي والدولي.
__________________
[1]– إيمان عبدالعظيم, “موزمبيق والتحديات الأمنية.. دراسة في سيناريوهات المستقبل”, (أغسطس 2021م) على الرابط التالي: https://pharostudies.com/?p=7580
[2] -“ISS: Cross-border cooperation could curb kidnappings in Mozambique “, https://www.defenceweb.co.za/security/human-security/iss-cross-border-cooperation-could-curb-kidnappings-in-mozambique/
[3] -“Sustaining security in Mozambique a tall task ” , available on https://www.defenceweb.co.za/joint/diplomacy-a-peace/sustaining-security-in-mozambique-a-tall-task/
[4] –Andrew Cheatham; Amanda Long; Thomas P. Sheehy ,” Regional Security Support: A Vital First Step for Peace in Mozambique” , Uniteted States Institute of Peace , (June ,2023 ) , available on https://www.usip.org/publications/2022/06/regional-security-support-vital-first-step-peace-mozambique
[5] -“Second SA combat group arrives in Cabo Delgado” , available on https://www.defenceweb.co.za/featured/second-sa-combat-group-arrives-in-cabo-delgado/
[6]– “مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية تتعهد بمواصلة محاربة الإرهاب في موزمبيق”, (يناير 2022), http://lana.gov.ly/post.php?lang=ar&id=230701
[7]“- Provisional Programme of Work for the Month of April 2023” , (April,2023), https://amaniafrica-et.org/provisional-programme-of-work-for-the-month-of-april-2023/
[8] -” SAMIM now a combined multi-dimensional mission ,African Leading defence NewsPortal ” , (Sep 2022 ),available on https://www.defenceweb.co.za/featured/samim-now-a-combined-multi-dimensional-mission/
[9] -“SADC Mission in Mozambique (SAMIM) in Berief “, (Nov,2021) ,available on
https://www.sadc.int/latest-news/sadc-mission-mozambique-samim-brief
[10] -SADC , COMMUNIQUÉ DU 42E SOMMET DES CHEFS D’ÉTAT ET DE GOUVERNEMENT DE LA SADC , (17 AOÛT 2022) .
[11] –Andrew Cheatham; Amanda Long; Thomas P. Sheehy , op.cit. ,P.2 .
[12]– ” Breifing on the deployment of SADC Mission in Mozambique (SAMIM) ” ,(Jan,2022) , available on https://amaniafrica-et.org/briefing-on-the-deployment-of-sadc-mission-in-mozambique-samim/
[13]– “Global Terrorism Index 2023 ,Institute Foe Economics and Peace” , available on https://reliefweb.int/report/world/global-terrorism-index-2023
[14] -“Global Terrorism Index 2022 ,Institute Foe Economics and Peace” , available on https://reliefweb.int/report/world/global-terrorism-index-2022
[15] -“Experts agree that Foreign Intervention will help Mozambique’s Cabo Delgado to Curb Insurgency ” , (Nov, 2021) , https://www.sadc.int/latest-news/experts-agree-foreign-intervention-will-help-mozambiques-cabo-delgado-curb-insurgency
[16]– “Mozambique Events of 2022 “, available on https://www.hrw.org/world-report/2023/country-chapters/mozambique
[17]– مني قشطة, “المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية :خريطة العمليات الإرهابية في إفريقيا خلال ” 2022م, http://marsad.ecss.com.eg/75555/