ثمة مؤشرات واضحة على بدء عودة الاهتمام الإفريقي بالاقتصاد بالتزامن مع غلبة الأجندات الاقتصادية الراهنة في علاقات القارة بشركائها الدوليين مع تراجع تداعيات أزمات من قبيل وباء كوفيد-19، والأزمة الأوكرانية إلى حدّ كبير منتصف العام الجاري.
ويتضح رغبة الدول الإفريقية في تجاوز الأزمات الأمنية والسياسية ومثيلتها نحو تعميق التنمية الاقتصادية، والشراكة مع العديد من الشركاء والشركات متعددة الجنسيات، لا سيما في قطاع الهيدروجين الأخضر، ويتناول ذلك المقال الأول، ويشير إلى صعوبات هذه الشراكات.
كما تتوجّه العديد من الدول مؤخرًا -في محاولة لتفادي تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية أو تكرارها مستقبلًا- نحو تبنّي وتقنين زراعة المحاصيل المُعدَّلة وراثيًّا، وهي مسألة يحاول المقال الثاني استكشاف جوانبها الإيجابية والسلبية.
ويتناول المقال الثالث الأسباب التي تسهم في تزايد أعداد المستثمرين الصينيين في القارة الإفريقية لا سيما في قطاعات تكنولوجيا الاتصالات والبنية الأساسية والتمويل.
بينما يشير المقال الرابع إلى تهديد جديد يُواجه مساعي الدول الإفريقية للتعافي الاقتصادي، يتمثل في ظاهرة “الإرهاب الاقتصادي” حسب تسمية خبراء في جنوب إفريقيا في وصف عمليات حرق شاحنات النقل في الطرق البرية الرئيسة داخل البلاد، وإن كانت الظاهرة نفسها وُجِدَتْ مِن قبل في العديد من الدول الإفريقية بمسميات مختلفة.
كيف تجذب إفريقيا مزيدًا من استثمارات الهيدروجين الأخضر؟([1])
بات إنتاج الهيدروجين الأخضر واحدًا من تلك الصناعات الجديدة التي أمَّنت -فيما يبدو- مستقبلها في الدول الإفريقية التي تتوفر بها مصادر هائلة للطاقة المتجددة.
وقد اقتُرِحَ -حتى الآن- أكثر من 50 مشروعًا في أرجاء القارة لتلبية الارتفاع المرتقب في الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر والمنتجات التي تقوم عليه. وتقود الطريق في شمال إفريقيا مصر والمغرب وموريتانيا التي تمتلك جميعًا موقعًا متميزًا لخدمة الأسواق الأوروبية.
وفي إفريقيا جنوب الصحراء يمكن الاعتماد على جنوب إفريقيا لتوفير الطلب المحلي، والسعي للتصدير للخارج، مع دول مثل أنجولا وناميبيا وكينيا وجيبوتي، والتي تسعى أيضًا لوضع هيدروجينها الأخضر على طريق التصدير. ومن السهل هنا فهم الضجيج حول الصناعة والاهتمام الذي تُظهره مؤسسات تمويل التنمية DFIs في دعم بعض المشروعات.
ويتَّصف الهيدروجين الأخضر بأنه مورد ملائم لكل شيء من الصناعات المستهلكة بكثافة للكربون، مثل إنتاج الصلب والأمونيا إلى توليد الطاقة، وتوفير الوقود لبعض أشكال النقل وتخزين الطاقة.
لكنَّ مخاوف التغير المناخي تعني أن مستقبله محدود؛ إذا تم استخدام عمليات الإنتاج التقليدية، والتي تتطلب في الغالب غازًا طبيعيًّا وإنتاج الكثير من انبعاثات الكربون. على أيّ حال فإنه عند إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام التحليل الكهربائي electrolysis المُعزّز بالطاقة المتجددة فإن الهيدروجين يصبح وقودًا أخضر ذا انبعاثات منخفضة طوال دورة حياته.
وأشار تقرير صادر في نوفمبر 2022م عن تحالف الهيدروجين الأخضر الإفريقي Africa Green Hydrogen Alliance (AGHA) ، الذي تقوده أكبر ست دول إفريقية منتجة للهيدروجين الأخضر، إلى ارتفاع الطلب العالمي سبعة أضعاف بحلول العام 2050م.
الطاقات المتجددة التنافسية:
ترى الدول الإفريقية أن لديها قدرة على تقديم جزء كبير من احتياجات العالم من الهيدروجين الأخضر؛ لأنها تمتلك بالفعل قدرًا من أرخص موارد الطاقة المتجددة في العالم. وفي ضوء أن 60% من إنتاج الهيدروجين الأخضر يأتي من مدخلات طاقوية؛ فإن إفريقيا تتمتع بميزة تنافسية في هذا الصدد على الأقل.
وبحسب أجاي ماذور Ajay Mathur، المدير العام “للتحالف (الطاقوي) الشمسي الدولي” International Solar Alliance (ISA) في تقرير حول القطاع (ديسمبر 2022م)؛ فإن: “التكنولوجيا الكهروضوئية الشمسية زوَّدتنا بالكهرباء الأرخص من نوعها. وسيتكلف (الهيدروجين الأخضر) ما دون 2 يورو للكيلو في العديد من الدول الإفريقية بحلول العام 2030م، وهو مبلغ أقل بكثير من القيمة الحالية التي تبلغ 5 يورو، وتتباين بشكل هائل عن متوسط 60-70 دولارًا المدفوعة قيمة برميل البترول”.
مصر والمغرب جذبتا استثمارًا مبكرًا:
بات من المتوقع تمامًا رصد أهم المواقع في القارة التي بدأت بالفعل في جذب التدفقات الاستثمارية في القطاع. أبرزها مصر التي تقع عند التقاء ثلاث قارات، وبرهنت بالفعل على جاذبيتها الاستثمارية لشركات تسعى لتوفير الغاز الطبيعي لأوروبا. لذا فإنه ليس مفاجئًا أن دولةً استثمرت بقوة في موارد الطاقة المتجددة، ولديها سجل في توزيع الطاقة؛ تقود أيضًا الطريق في مجال المشروعات ذات الصلة بالهيدروجين الأخضر.
ووفقًا لشركة الأبحاث Rystad Energy فإنه يوجد بمصر 21 مشروعًا متصلًا بإنتاج الهيدروجين الأخضر. ويأتي ضمن مساعي مصر لترسيخ مكانتها كمركز عالمي إنشاء مصنع للهيدروجين الأخضر في ميناء العين السخن في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والذي يوفر منتجاته لمصانع الأسمدة المحلية، وتديره شركة فيرتيجلوب Fertiglobe ضمن مشروعات أخرى.
كما تُعوِّل المغرب على صلتها الوطيدة بالأسواق الأوروبية في تطوير العديد من مشروعات الهيدروجين؛ وأكبرها مجمع أمون Amun الذي تُطوِّره شركتا سي. دبليو. بي جلوبال CWP Global وبيكتيل Bechtel، ومن المقرر أن يكون قادرًا على إنتاج 900 ألف طن سنويًّا من الهيدروجين. فيما تطور توتال إنيريجيز TotalEnergies مشروع “نور” الذي يستهدف إنتاجًا سنويًّا من الهيدروجين الأخضر قدره 710 ألف طن.
جنوب إفريقيا تستثمر الخبرة المحلية:
لجنوب إفريقيا بالفعل خبرة ممتدة في استخدام الهيدروجين -وإن كان مرتفع الانبعاثات نسبيًّا، ومغايرًا عن الهيدروجين الأخضر- في العمليات الصناعية مثل إنتاج وقود الطائرات. وتخطط الآن للانتقال من إنتاج الهيدروجين “الرمادي” إلى الأخضر، ويمكنها استغلال كميات كافية من موارد طاقتها المتجددة. وفي ديسمبر 2022م قال الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا: “إن الحكومة وضعت استثمارات بقيمة 16 بليون دولار لإقامة خط أنابيب للتنمية المتسارعة وفق “البرنامج الوطني للهيدروجين الأخضر Green Hydrogen National Programme الذي تبنته الحكومة”.
المحاصيل المُعدَّلة وراثيًّا قد تكون حلًا للجوع: لماذا يوجد شكّ في إفريقيا؟([2])
يُعدّ الجوع وسوء التغذية مظهرين أساسيين من مظاهر ضعف الأمن الغذائي الذي ضرب إفريقيا لمدة سنوات. ولا يزال هذا الخطر قائمًا. ففي العام 2022م مثَّل الإقليم الإفريقي أعلى مستوى من الجوع وَفْق مؤشر الجوع العالمي Global Hunger Index. وحسب منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 340 مليون إفريقي عانوا من سوء التغذية، وعدم أمن غذائي حادّ في الفترة 2014-2020م. وكان من بين أسباب ذلك تدنّي الإنتاجية الزراعية وخسائر ما بعد الحصاد. وتشير أدلة من العقدين الفائتين إلى أن المحاصيل المعدلة وراثيًّا يمكنها حلّ مشكلة تدني الإنتاجية الزراعية ومعضلة التغذية وعدم الأمن الغذائي في القارة.
وفي المقابل أظهر العلماء أن تكنولوجيا التعديل الوراثي تزيد المحصول، وتطوّر محاصيل مقاومة للأمراض، وتخلق بدائل يمكنها مواجهة الجفاف. لكنَّ هذه التكنولوجيا مثيرة للجدل. ففي إفريقيا وحتى الآن لا تسمح سوى نيجيريا وإيسواتيني وإثيوبيا ومالاوي والسودان وجنوب إفريقيا وكينيا بالإنتاج التجاري واستيراد المنتجات المعدلة وراثيًّا. فيما تعارض الدول الإفريقية الأخرى هذه المنتجات والتقنيات، بالأساس بسبب موقف الاتحاد الأوروبي إزاء المنتجات المعدلة وراثيًّا والقدرة العلمية المحدودة والتكلفة المرتفعة لتنظيم عملها.
وقد أثرت الإجراءات المتشددة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات المعدلة وراثيًّا على تجارة شركائه، بما في ذلك بعض الدول في إفريقيا. وقد تراجعت مصر وبوركينا فاسو -على سبيل المثال- واللتان كانتا قد طبقت إنتاج محصولي الذرة والقطن المعدلين وراثيًّا في العام 2008م، عن المُضي قدمًا في أنشطة المحاصيل المعدلة وراثيًّا جزئيًّا بسبب علاقاتهما التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
دور المحاصيل المعدلة وراثيًّا:
تسهم تكنولوجيا المعالجة الوراثية بالفعل في دعم الأمن الغذائي العالمي. ويؤكد تقرير صادر عن International Service for the Acquisition of Agri-biotech Applications مساهمة تكنولوجيا المعالجة الوراثية في الإنتاج العالمي لنحو 330 مليون طن من فول الصويا و595 مليون طن من الذرة خلال الخمسة والعشرين عامًا الماضية. كما خفّض تبنّي هذه التكنولوجيا بين أُسَر مزارعي القطن في الهند من عدم الأمن الغذائي بنسبة 15-20% في الفترة 2004-2008. وأظهرت بحوث متعلقة بالقيمة المتحققة من زراعة المحاصيل المعدلة وراثيًّا أن 65% من الربح جاء بسبب تحقيق محاصيل وإنتاجية أعلى، و35$ من التكلفة الأقل. كما تمتع المزارعون في الدول النامية بأكثر من نصف مكسب القيمة العالمية بما قيمته 186,1 بليون دولار منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. وفي العام 2019م كانت البرازيل والأرجنتين والهند وباراجواي والصين من الدول العشرة التي زرعت أغلب المحاصيل المعدلة وراثيًّا في العالم.
عقبات أمام المحاصيل المعدلة وراثيًا في إفريقيا:
بالرغم من هذه المكاسب؛ فإن المحاصيل المعدلة وراثيًّا لم يتم تبنّيها على نطاق واسع في إفريقيا. ولا تزال جهود وضع وتسويق المنتجات المُعدَّلة الوراثية بشكل تجاري تُواجه معارضة قوية. وعلى سبيل المثال فإنَّ أوغندا ونيجيريا تُواجهان ضوابط إدارية صارمة، وقدرة بحثية محدودة ومخاوف تتعلق بالسلامة.
وفي أوغندا -على سبيل المثال-؛ فإن أزمة إجراءات السلامة الحيوية، ونقص الوعي والسياسات (غير الداعمة) تُحجِّم تطبيق تكنولوجيا المعالجة الوراثية؛ إذ ظهرت سياسات سلامة حيوية وطنية مختلفة طوال العقد الماضي. وقد أدت المخاطر المحتملة للمحاصيل المعدلة وراثيًّا إلى مراجعة وتعديل قوانين تكنولوجيا المعالجة الوراثية. وتشمل مثل هذه المخاطر المخاوف المتعلقة بالتدفق الجيناتي (انتقال الجينات لجماعات أخرى)، وخسارة التنوع الحيوي، والمسائل الصحية.
وفي العام 2018م فشلت جهود تمرير مشروع قانون لتنظيم هيئات تكنولوجيا المعالجة الوراثية ليصبح قانونًا ساريًا. وكان سبب الفشل عدم الاتفاق بين البرلمان الأوغندي والرئيس. فقد أكَّدت أغلبية البرلمان الأوغندي على المخاطر كسبب لتجريم هيئات المعالجة الوراثية في البلاد. أمَّا في نيجيريا فقد تم تمرير مشروع قانون للسلامة الحيوية وطنيًّا، وصادق عليه الرئيس السابق محمد بخاري في العام 2019م، ثم قامت نيجيريا بإنتاج القطن المعالج وراثيًّا بمستوى تجاري.
ويُوقن الكثير من العلماء وشركات التكنولوجيا الحيوية الزراعية أن المحاصيل المعالجة وراثيًّا يمكن أن تقلل حالة ندرة الغذاء، وتقدم مكاسب مهمة لتغذية المواطنين. ويعتمد قبول هذه التكنولوجيا كثيرًا على الأدلة المحلية القائمة. ويتطلب ذلك خبرات علمية وشراكات مع معاهد البحوث الخاصة.
ما المطلوب القيام به؟
تتطلب نُظُم الغذاء القوية مجموعة واسعة من التكنولوجيات الزراعية القائمة والجديدة، بما في ذلك تكنولوجيات التعديل الوراثي. وهناك عدة سُبُل لتشجيع هذا التوجه:
-زيادة الاستثمارات في البحوث والابتكار في مجال التكنولوجيا الحيوية الزراعية.
-تأهيل المزيد من العلماء وتدريبهم.
-ربط العلماء المحليين بحالة أجندة البحوث القائمة عالميًّا، وتقديم أدلة لتقديمها للسياسيين وصناع القرار.
-تبادل الأفكار والمعلومات عبر مستويات مختلفة مع الحكومات والجهات العامة والخاصة.
-تكوين وعي عبر إعلام علمي مزوّد بالأدلة المحلية عن مكاسب ومخاوف التكنولوجيات الجديدة (لا سيما تكنولوجيا التعديل الوراثي).
وإجمالًا؛ يجب الجمع بين السياسات والبحوث والعلوم، بهدف ضمان أن الأغذية المُعدَّلة وراثيًّا آمِنَة، وتساعد في إنهاء حالتي الجوع وسوء التغذية في إفريقيا.
لماذا يتطلع مزيد من المستثمرين الصينيين إلى الاستثمار في إفريقيا؟([3])
تطلع المستثمرون الصينيون تقليديًّا لقطاعات الطرق والسكك الحديدية والسدود والمناجم في إفريقيا. لكن هذا التوجُّه بدأ في التغير مع تزايد أعداد المستثمرين الصينيين في المجالات التكنولوجية وتكنولوجيات التمويل الإفريقية في السنوات الأخيرة. “ورأت ساندرا هوا ياو S. Hua Yao، نائبة رئيس شركة Thunes، أنَّ “هناك الكثير من المستثمرين الصينيين يتطلعون لاستثمار في المجال التكنولوجي في إفريقيا. فإفريقيا بها 54 دولة ويتجاوز عدد سكانها بليون نسمة، وهناك الكثير من الفرص. وتقوم شركة Thunes، ومقرّها سنغافورة، بتنفيذ العديد من مشروعات البنية الأساسية في 130 دولة (من بينها 35 دولة إفريقية) بالتعاون مع GGV Capital بشكل رئيس.
وكانت “ياو”، التي تعمل في مجالي التمويل والتكنولوجيا في كينيا منذ العام 2005م، تتحدَّث على هامش Inclusive FinTech Forum في كيجالي برواندا في يونيو الماضي. ومن بين شركات المجموعة في إفريقيا شركة أوبرا Opera التي تملك عمليات كبيرة في نيجيريا، والعديد من الدول الإفريقية الأخرى. وهي وحدة تصفح ويب تابعة لـ Beijing Kunlun Tech التي كوَّنها الملياردير الصيني زهو ياهوي وطوَّرت عملياتها في إفريقيا، وركَّزت على التجارة الإلكترونية ومدفوعات OPay الناشئة.
كما ذكرت “ياو” أن نمو مصنّعي الهواتف الذكية الصينيين مثل تشاومي وأوو وترانسيون Transsion (التي حقَّقت أعلى مبيعات في إفريقيا من بيع هواتف تكنو وإيتل وانفينيكس)، وموقع للتجارة الإلكترونية وهو كيليمول Kilimall، وكذا تطبيقات الإقراض الرقمية المملوكة لبعض الصينيين ومنصات المدفوعات عبر الوطنية عزَّز من هذه التطلعات. وقالت: إن حجم النمو السكاني في إفريقيا -60% من سكانها دون عمر الخامسة والعشرين- هو الدافع الأكبر لتطلع هؤلاء المستثمرين؛ “فهناك أفراد وُلِدُوا في العصر الرقمي. ولا يعرفون ما هي شبكات الجيل الثاني؛ فقد وُلِدُوا مع استخدام شبكتي الجيل الرابع والخامس؛ مما يجعلها سوقًا مهمَّة للغاية ليس للصينيين فحسب. وكان من شركات تكنولوجيا التمويل التي وجَّهت اهتمامًا صينيًّا بإفريقيا شركة MFS Africa، وهي مزود للبنية الأساسية للمدفوعات، إضافة إلى قائمة مطولة من الشركات الصينية.
وإجمالًا، فإن الاستثمار في التكنولوجيا وتكنولوجيا التمويل في إفريقيا لا يزال طريقًا ممتدًّا لوصول البلايين التي ضخَّتها حكومة الصين وشركاتها متعددة الجنسيات في سلع مثل البترول والمعادن. لكنَّ شركات مثل هواوي تكنولوجيز، أكبر مزوّد لمعدات الاتصالات في إفريقيا، وترانسيون، التي تبيع حصرًا هواتفها وأجهزتها المنزلية في القارة، تقودان هذه المهمة. وفي رواندا، على سبيل المثال، فإن المستثمرين الصينيين انجذبوا بقوة لقطاعي البنية الأساسية والتعدين بها، كما بدأت شركات التكنولوجيا الصينية في التوجه لها بأعداد كبيرة وملحوظة.
خطر “الإرهاب الاقتصادي” في جنوب إفريقيا([4]):
اشتعلت المزيد من الشاحنات في جمهورية جنوب إفريقيا؛ مما فاقم من مشكلة سلسلة الإمداد في البلاد عقب وقوع أعمال صُنِّفت بأنها “إرهاب اقتصادي”. وكانت الفترة (9-11 يوليو 2023م) قد شهدت حرق 16 شاحنة في كوازولو ناتال، وليمبوبو، ومبومالانجا.
وأكد جافين كيلي، الرئيس التنفيذي لهيئة الشحن البري Road Freight Agency (RFA)، أن هذه الأعمال تُهدِّد سلاسل القيمة والوريد التي تنقل نحو 80% من البضائع في جنوب إفريقيا. ووفقًا لكيلي، ومع توقع تأثر حركة 7000 مركبة في اليوم الواحد بمثل هذه الحوادث، فإن ذلك قد يدفع لخسائر بقيمة 35 مليون راند تتحول بمرور الوقت إلى بلايين عند تراجع الثقة الدولية في الاقتصاد الجنوب إفريقي. مؤكدًا انه بدون الشاحنات تتوقف حركة النقل في جنوب إفريقيا.
وقال حزب التحالف الديمقراطي Democratic Alliance المعارض: إنه يُخطِّط لفتح قضية في بنود “قانون حماية الديمقراطية الدستورية ضد الإرهاب والأنشطة المتعلقة به” POCDATARA Act للمطالبة بتحقيق كامل في الهجمات الأخيرة على شاحنات النقل، “إنها ليست حوادث منفصلة. وتشير دقة تنفيذها إلى مستوى مُقْلِق من التنسيق”.
ووفقًا للقانون المذكور؛ فإنَّ أيّ عمل يتعلق باستخدام منتظم أو متكرر أو مقصود للعنف بأي وسيلة أو طريقة يَحْدُث بها ضرر كبير لأيّ أملاك أو يُحدث أي خسارة اقتصادية كبيرة أو يُزعزع استقرار نشاط اقتصادي ما أو يُلْحِق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الوطني للبلاد يخضع للعقوبات المقررة”؛ وهذا ما حدث بالفعل في حوادث حرق الشاحنات بحسب مراقبين كثيرين.
[1] Ian Lewis, With €1trn at stake, how can Africa attract more green hydrogen investment? African Business, July 4, 2023 https://african.business/2023/07/resources/with-e1trn-at-stake-how-can-africa-attract-green-hydrogen-investment
[2] Ademola Adenle, Genetically modified crops may be a solution to hunger – why there is scepticism in Africa, The Conversation July 5, 2023 https://theconversation.com/genetically-modified-crops-may-be-a-solution-to-hunger-why-there-is-scepticism-in-africa-207364
[3] Jevans Nyabiage, Why a growing number of Chinese investors are looking to Africa’s tech space, South China Morning Post, July 6, 2023 https://www.scmp.com/news/china/diplomacy/article/3226727/why-growing-number-chinese-investors-are-looking-africas-tech-space?module=perpetual_scroll_0&pgtype=article&campaign=3226727
[4] ‘Economic terrorism’ alert in South Africa, BusinessTech, July 12, 2-23 https://businesstech.co.za/news/government/703423/economic-terrorism-alert-in-south-africa/