مقدّمة:
كما قامت علاقات بين بلاد السّودان الغربيّ وعرب الشّمال الإفريقيّ ومصر، فقد قامت بينها وبين الحجاز روابط وصلات ثقافيّة ودينيّة عميقة الجذور وإيجابيّة المسارات ومتينة المعطى- على الرّغم مــمّا بين القطرين من بُعد مسافات السّير في الصّحراء القاحلة والفيافي-، اقتضى تلك الصّلات العامل الدّينيّ المشترك والحاجة البيولوجيّة للبشر، أدّى ذلك كلّه إلى شبه تلاقح وتقارب في الطّباع والفكر والعرف آنذاك.
ويعنينا في هذه الدّراسة من بين أنواع تلك الصّلات التّي كانت قائمــة بين بلاد السّودان الغربيّ والعرب: التّواصل الثّقافي بين القطرين السّوداني والحجازيّ الذّي تمتدّ جذورها – فيمــا يظهر- إلى القرن العاشر الهجريّ/السّادس عشر المــيلادي وصولا إلى القرن الرّابع عشر الهجريّ/ العشرين المــيلادي، وقد تنوّعت مظاهر ذلك التّواصل لتشمل: الرّحلة إلى الحجاز لطلب العلم خاصّة، ورحلات الحجّ، واستدعاء الإجازة مــن مــشايخ الحجاز، والمــراسلة للحصول على الفتاوى الفقهيّة المــختلفة من مشايخ الحجاز.
غير أنّ الملاحظ أنّ عددا كبيرا مــن الدّارسين المــُحْدَثين لم يتنبّهوا إلى دراسة تلك الإجازات والفهارس المــتبادلة بين الحجازيين والسّودانيين لإبراز أهمـّيتها وحدود إسهامــاتها في تاريخ التّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين الطّرفين ومــظاهره؛ وذلك باعتبار أنّ الإجازات – بصفة عامّــة- من الأمــور التي أغفلها كثير مـن المتأخرين والمــعاصرين ولم يعيروها اهتمــا كبيرا في إطار الحركة العلمــيّة، كمــا أنّ المــطلّع لأوّل مــرّة على هذه الإجازات والفهارس قد لا يجد فيها مــا يحرّك لديه الرّغبة في قراءتها فضلا عن دراستها؛ فهي مــادّة عسيرة الاستيعاب تدعو إلى شدّة التّركيز ولا تفصح عن ذاتها إلاّ للمتخصّص وفي مــستويات مــحدودة.
لقد اتّخذت هذه الدّراسة إجازة قطب الدّين النُّهْرَوالي لأهل التّكرور بأبعادها ومعطياتها المــختلفة كمــشكل للدّراسة؛ لتحديد جوانب من التّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان والحجاز مــن خلال رحلة الإجازات والفهارس المتبادلة بينهم، التّي تجسّد نمــوذجا للتّكامــل المـعرفي بين الطّرفين ؛ وذلك بالشّرح والتّحليل والوصف لأبعاد تلك الإجازة ومعطياتها المــختلفة.
استخدم الباحث في هذه الدّراسة المنهج الوصفي التّحليلي؛ وهو منهج يعتمد على تقديم وصف دقيق لمحتوى النّصوص لاستخراج النّتائج وتسجيل المــلاحظات على الظّواهر المــدروسة دون الحاجة إلى الاستعانة بمــصادر مــعلومــات أخرى إلاّ في نطاقات ضيّقة.
تسييرا لتناول الـموضوع بشكل موضوعي منطقيّ فقد قسّمت الدّراسة إلى ثلاثة مباحث هي:
الـمبحث الأوّل: الجذور التّاريخيّة للعلاقات العربية السّودانيّة.
الـمبحث الثّاني: رحلة الإجازات والفهارس وأهميّتها في رسم التّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان الغربيّ وبلاد العرب.
الــمبحث الثّالث: إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور نموذجا للتّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان الغربيّ والحجاز.
الـمبحث الأوّل: الجذور التّاريخيّة للعلاقات العربية السّودانيّة
يقصد بـــ ” العلاقات العربيّة السّودانية” في هذا البحث: التّواصل البشريّ الــمتبادل بين بلاد السّودان الغربيّ – غرب إفريقيا حاليا- وبين العرب في بلاد الــمغرب العربيّ ومصر والحجاز عبر التّاريخ القديم ، وقد شمل ذلك التّواصل أشكالا وميادين ومـجالات عديدة؛ منها: مجال السّياسة والاقتصاد والثّقافة والدّين.
ويـمكن رصد تطوّر العلاقات العربيّة السّودانية خلال ثلاث مـراحل:
1-العلاقات العربيّة السّودانية قبل العهد الاستعماريّ: لقد أدّى ظهور الإسلام في بلاد السّودان الغربيّ في القرن الأوّل الهجريّ/ السّابع الـميلاديّ – على الأرجح – إلى اتّصال مــسلمي هذه الـمنطقة بإخوانهم العرب في بلاد الــمغرب العربيّ ومصر والحجاز عن طريق عدّة قنوات هي: الجوار الجغرافيّ، والتّجارة، والهجرات البشريّة للاستيطان، والرّحلة في طلب العلم، ورحلات الحجّ، والدّعوة والعمــل على نشر الإسلام، والــمصاهرة، والغزو. فبعد استقرار العرب الفاتحين في منطقة الشّمال الإفريقيّ واندماجهم مع أهلها، حملوا – إلى جانب البربر- على كواهلهم مسؤولية نشر الإسلام والثّقافة العربية الإسلامــيّة في أجزاء كبيرة مــن بلاد السّودان الغربيّ بطريقة سلـميّة تمثّلت في التّجارة؛ حيث كان التّجّار ” إذا حلّوا ببلد أقاموا في حيّ مستقلّ عن الحيّ الأصليّ الوثنيّ، وكوّنوا لأنفسهم جالية إسلاميّة تقيم إقامـة دائـمة بالبلد”([1]) أو مؤقّتة، فيـمارسون فيه شعائر دينهم كعادتهم في بلادهم الأصليّة، ويتعاملون مـع أهل البلاد بالخلق الحسن وتأليف قلوبهم بالهدايا والهبّات، فيؤثّر أداؤهم لتلك الشّعائر وحسن تعاملهم ” على عقول الصّغار من غير الـمسلمين، ويلفت أنظار الكبار مـمّن شرح الله صدورهم للإسلام؛ فيدخلون مع المسلمين في دين الله”.([2])
ثمّ استمرّت بعض القبائل العربيّة تتوغل في الجنوب في حركات هجرة مستمرّة للاستيطان أو للإسهام في الإشعاع الثّقافي في السّودان الغربيّ أو لغزو المنطقة كالكونتيين والبرابيش والأنصار والرّماة، وقد تصاهر بعض أفراد تلك القبائل العربية مع القبائل السّودانية.
وكانت رحلات الحجّ إلى مكّة فرصة سانحة لاتّصال السّودانيين بإخوانهم العرب الحجاز، والتّعرّف على أحوال بلادهم.
وباتّساع نطاق التّجارة والهجرة والدّعوة إلى الإسلام ورحلات الحجّ ظهرت كثير من المؤثّرات العربيّة الإسلامية في حياة السّودانيّين، ونتج عن ذلك قيام العديد مـن الـممالك والإمارات السّودانية الإسلامية في السّودان الغربيّ قبل أن يداهم الـمستعمر الـمنطقة.
2- العلاقات العربيّة السّودانية في العهد الاستعماريّ: تركت سيطرة الــمستعمرين على بلاد السّودان الغربيّ منذ القرن السّابع عشر إلى مـطلع القرن العشرين آثارا سلبيّة في مجال العلاقات العربيّة السّودانية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ومـن تلك الآثار:
-حاولت السّياسة الاستعماريّة إقامة الحواجز الـمعنويّة والــماديّة بين مسلمي السّودان الغربي وبين العرب في الشّمال ومصر والحجاز، وقطع كلّ صلة السّودانيّين مع مراكز الإشعاع الثّقافي العربيّ.
-القضاء على حركة القوافل التّجارية عبر الصّحراء التّي كانت مزدهرة بين السّودان الغربيّ وبين مناطق الشّمال الإفريقيّ ومصر، وتحويل مركز الثّقل الاقتصاديّ إلى سواحل الـمحيط الأطلسيّ.
-إبعاد اللّغة العربية – التّي كانت لغة الثّقافة والإدارة – عن الدّواوين ببلاد السّودان الغربي، واستبدالها بلغة الـمستعمر.
-منع التّجّار السّودانيين من استيراد المطبوعات المكتوبة باللّغة العربيّة من مصر وسوريا ولبنان وغيرها.
-تشويه صورة العربيّ من خلال برامج التّعليم الأجنبيّ على أنّه انتهازيّ كان يستغلّ خيرات السّودان الغربيّ، وأنّه متعال يترفّع على السّودانيين؛ وذلك من أجل أن تسقط صورة العربيّ في أعينهم.
3- العلاقات العربيّة السّودانية في فترة مـا بعد الاستقلال: شهدت الخمسينات درجة عالية مـن التّنسيق والتّضامن بين الدّول العربية وإفريقيا – خاصّة غربها – في العديد مـن القضايا، مـن أهمّها: مكافحة الاستعمار والتّخلّص من الاحتلال، والدّعم السّياسيّ الذّي قدّمته الدّول العربيّة لحركات الاستقلال في إفريقيا.
مع نهاية السّبعينات وبداية الثّمانينات ظهرت العديد مـن السّلبيّات في العلاقات العربيّة الإفريقيّة؛ حيث شابت العلاقات في تلك الفترة أزمات ثقة وشكوك متبادلة في نيّات كلّ طرف تجاه الآخر على الـمستوى الجماعيّ، وظهرت آثار ذلك في كثير من اجتماعات منظّمة الوحدة الإفريقيّة([3]).
الـمبحث الثّاني: رحلة الإجازات والفهارس وأهميّتها في رسم التّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان الغربيّ وبلاد العرب
لقد حرص عدد من علماء بلاد السّودان الغربيّ على تحصيل الإجازات العلمــيّة والفهارس مــن بعض أساطين العلم في الحجاز وحفّاظ حديثها؛ الذّين ساهمــوا في الإبقاء على سلسلة السّند متّصلة حتّى لا تنقطع، سواء أكان ذلك التّحصيل عن طريق المــراسلات أم عن طريق رحلات الحجّ، وبذلك انتقلت الإجازات والفهارس إلى الـمنطقة، ومــن ذلك على سبيل المــثال لا الحصر:
1- أثناء تأدية أحمــد بن أحمــد بن عمــر أقيت التّنبكتي السّوداني (ت991هــ) لفريضة الحجّ لقي بركات بن محمد الحطّاب المكّي (ت بعد 980هــ) وحصل منه على إجازة علمــيّة .([4])
2- كما أجاز محمدَ بن أحمد بن أبي محمد التّازختي (ت936هــ) في أثناء رحلة حجّه عددٌ مــن علمــاء مكّة، مــنهم: أبو البركات النّويري (ت حوالي 916هــ)، وابن عمــّه عبدالقادر النّويري، وعليّ بن ناصر الحجازي، وأبو الطّيب البستي. ([5])
3-وكمــا حصل أحمــد بابا التّنبكتي (ت1036هــ) عن طريق المــكاتبة على إجازات اثنين مــن علمــاء الحجاز هما: محمد بن محمد المعروف بحمد فادم الفلاّني، ويحي بن محمد بن محمد بن عبدالرّحمن الحطّاب (ت بعد 993هــ).([6])
4- وأجاز َالمـعمّرَ محمد ابن سِنَّة الفلاّني السّوداني (ت1186هــ) ثلاثة مــن كبار علمــاء الحجاز بإجازاتهم، هم: برهان الدّين إبراهيم بن حسن الكوراني (ت 1101هــ) مــسند المــدينة المنوّرة، وصفيّ الدّين أحمد بن مــحمـد القُشَاشِي المــدني (ت1071هــ)، و أبو الأسرار حسن بن عليّ العُجَيْمــي المــكيّ (ت1113هــ). ([7])
وفي المــقابل اهتمّ بعض علمــاء الحجاز بنيل إجازات علمــاء بلاد السّودان وفهارسهم ، وبذلك انتقلت إجازاتهم وفهارسهم إلى الحجاز، ومــن ذلك على سبيل المــثال لا الحصر:
1- لقد روى محمد بن محمد التّهامي دفين مكّة (ت1244هــ) المــعروف بـــ ” ابن التّهامي بن عمــرو” فهرسة شيوخ عثمــان دان فودي التّي تسمّى بـــ ” أسانيد الفقير” عن طريق الجوال أحمد بن الفغوردوا السّوداني. ([8])
2-كمــا روى فهرسةَ محمد بن سنّة الفلاّني وأسانيده اثنان مــن علمــاء الحجاز وهما: محمد بن أحمد العطوشي المــدني عن طريق محمد السّياح الفاسيّ، ومحمد أمين بن عمر بالي زاده الحنفي (ت1304هــ). ([9])
الواقع أنّ القراءة المـتأنّية لإجازة وفهرسة علمــية مــعيّنة أو لعدد مــن الإجازات والفهارس ستسمــح لنا باكتشاف القيمــة الكبيرة التّي تحمــلها الإجازة والفهرسة أو الإجازات والفهارس، كمــا أنّها تفيدنا بأشكال مــن التّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان الغربيّ وعرب الحجاز تتمثل فيمــا يلي:
1 -برامج المرويّات: هي الكتب الدّراسيّة السّائدة في القرون الماضية، التّي كانت تتقاسمها بلاد العرب–كلّها أو بعضها- مع بلاد السّودان الغربيّ .
2-مناهج تحمل المرويّات: وهي طرق تحمّل الكتب والأحاديث الواردة في أسانيد الإجازات والفهارس عن أهل العلم، فنجد مثلا:(( أجازني بخطّه))، أو(( أجازني قراءة عليه))، أو(( أجازني بلفظه))، أو(( أجازني مــكاتبة )).
3-تفاعل ظرف الزّمن مع ظرف المكان: يُتَحدّدُ في غالب الإجازات المفردة والفهارس مكان تحمّلها وتاريخ ذلك؛ فيستطيع الباحث من خلال هذين العاملين التّعرف على مدى انتشار الحركة العلميّة قوّة وضعفا في الفترة الزّمنية والمكان المنصوص عليهما في الإجازة أو في الفهرسة الحجازية والسّودانية .
4-أنواع الفنون المعرفيّة : التّي اهتمّ طلبة العلم بتحصيلها في مختلف مجالس العلم بالحواضر الثّقافيّة بالقطرين: السّوداني والعربيّ.
5-الآثار العلميّة التّي خلّفتها برامج المرويّات (الكتب التّي في الإجازة أو في الفهرسة) في كلّ مرحلة من مراحل تنقّلها في ازدهار علم معيّن أو في بروز فئة من العلماء الفاعلين.
الــمبحث الثّالث: إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور نموذجا للتّواصل الثّقافي التّاريخيّ بين بلاد السّودان والحجاز
بغضّ النّظر عمــّا تمــثله إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور مــن التّحوّل النّوعيّ في أثر النّهروالي العلمــي، ومــن فاعليّته في حفظ العلوم وتداولها بالرّواية، فإنّ هذه الإجازة تمــثّل في نفس الوقت نمــوذجا حيّا مــن صور التّواصل التّاريخيّ الثّقافيّ وحلقاته بين العلمــاء السّودانيين وبين علمــاء الحجاز خلال القرن العاشر الهجري/ السّادس عشر المــيلادي؛ حيث فترة ازدهار الحركة العلمــيّة والثّقافيّة في مــنطقة السّودان الغربيّ والأوسط، كمــا تبرز هذه الإجازة العلمـيّة مــدى اهتمــام بعض علمــاء تلك المــنطقة بطلب السّند العالي وإحياء رسمــه لنقل العلوم إلى الأجيال اللّاحقة، والاهتمــام بالسّعي إلى تخليد ذكرى مــشايخ علم الحديث النّبويّ في صحائف الزّمــان، وتبرز هذه الإجازة أيضا رغبة علمــاء السّودان الغربيّ في الانتظام في زمــرة فرسان الدّين الإسلاميّ الذّين هم أصحاب الأسانيد.
لقد خلّفت هذه الإجازة القُطُبيّة آثار إيجابيّة في بلاد السّودان الغربيّ؛ بحيث صار علمــاؤها على مــدار ثلاثة قرون تقريبا يتداولونها في أسانيدهم لنقل المــرويّات الحديثيّة وفي إجازاتهم لطلبة الحديث النّبويّ وللرّاغبين في الرّواية والإسناد، مــثل إجازة أحمــد بابا التّنبكتي لأبي زيد عبدالرحمن التّمناري (ت 1060هــ) وللقاضي أبي القاسم ابن محمد ابن أبي النّعيم الغسّاني(ت1032هـ) وللقاضي أبي العبّاس أحمــد بن محمد المــقرّي (ت1041هــ) ، وفهرسة شيوخ ابن سنة الفلاّني لتلميذه صالح بن محمــد العمــريّ الفلاّني (ت 1218هــ) ؛ الذّي بواسطته شدّت أسانيد إجازة النّهروالي الرِّحال إلى الحجاز، فاستقرّت فيها مــنذ مــطلع القرن الثّالث عشر الهجريّ/ التّاسع عشر المــيلاديّ، فحصل بسبب ذلك التّكامــلُ بين القطرين: السّوداني والحجازي لخدمــة الثّقافة الإسلامــيّة، وتمــتين عرى التّقارب بينهما.
بناء على ذلك سأحاول في هذه العجالة تسليط الضّوء على هذه الإجازة العلمــيّة في المــحاور التّالية:
1-التّعريف بصاحب الإجازة.
2- الإطار العام للإجازة.
3-تحليل مــحتوى الإجازة.
4- مــظاهر التّواصل الثّقافي بين الحجاز وبلاد السّودان الغربيّ ومحفّزاته مــن خلال هذه الإجازة.
المحور الأوّل: التّعريف بصاحب الإجازة
- اسمــه ونسبه ومولده:
هو قطب الدّين محمد بن علاء الدين أحمد بن أبي محمد شمس الدّين محمد بن حمــيد قاضي خان بن بهاء الدّين محمد بن يعقوب بن حسن بن علي النّهروالي المــكيّ الحنفيّ القادريّ الخرقانيّ.
هكذا نسب صاحب الإجازة نفسه في مــستهلّها، وكذلك نسبه عدد من أصحاب التّراجم. ([10])
والنّهروالي باللّام نسبة إلى نَهْرَوالَه؛ فهي بلدة من أعمال كُجْرَات بالهند بالقرب مــن فَطَّنُ، ووقع عند بعض المـترجمــين لفظ ” النّهرواني” بالنّون ([11]) نسبة إلى النّهروان بالأردن؛ وهو خطأ واضح نبــّه عليه الزّركلي([12])، و”الخرقاني” – فيمــا يظهر لي- نسبة إلى خِرْقان ؛ وهي الفتحات التّي تكون في الثّوب وغيره، وربّمــا كان صاحب التّرجمــة يكثر مــن لبس هذا النّوع مــن الثّياب زهدًا في الدّنيا حتّى اشتهر به.
ولد قطب الدّين النّهروالي سنة 917هـ /1511م في مــدينة لاهور، ثمّ رحل إلى مــكّة المكرّمــة للإقامــة فيها([13])، ولاشكّ أنّ ضعف الدّولة الكجراتيّة الإسلامــيّة وتوالي الفتن فيها هي مـــن الأسباب التّي دفعت النّهروالي وأقاربه للهجرة إلى تلك البلاد. ([14])
- شيوخه:
رحل صاحب التّرجمة إلى كثير مــن الآفاق بحثا عن العلم، وتلقى تعليمه التّأسيسي والعالي على أيدي نخبة من العلماء، ممّــا أكسبه ألوانا من فنون العلم، فمن أشهرهم:
1-والده أحمــد علاء الدّين بن محمد النّهروالي (ت949هــ).
2- عبدالحقّ بن شمــس الدّين محمد السّنباطي (ت931هــ).
3- ناصر الدّين اللَّقاني (ت958هـ) .([15])
- تلامــيذه:
باستثناء أبي محمد بن علاء الدّين أحمــد النّهروالي (ت979هــ) شقيق قطب الدّين النّهروالي، لم تشر المــصادر التّي بين يدي الباحث إلى أسمــاء الآخذين الذّين تتلمذوا وتخرجوا على يدي العلاّمة قطب الدّين النّهروالي مباشرة، وإنّمــا له عن طريق الإجازة تلامذة كثيرون أصبح لهم شأن عظيم في المستقبل سواء على مستوى التّدريس أو على مستوى التّأليف أو على مستوى تولّي خطّة القضاء والخطابة والإمامة، ويتوزّع تلامذته عن طريق الإجازة على السّودان الغربي والهند والحجاز واليمــن، فمن أشهرهم:
- عبد الله ابن المــنلا سعد الدّين اللاهوري (ت1083هــ).
- نور الدين عليّ بن محمد بن مطير (ت 1084هــ).
- محمد بن الفقيه محمود بغيغ (ت1002هــ).
- أحمــد بابا التّنبكتي([16]).
- مكانته العلمــيّة وثناء أهل العلم عليه:
لقد شهد كثير من أهل العلم في بلاد السّودان والمغرب والمشرق ممّــن عاصر العلاّمة قطب الدّين النّهروالي أو جاء بعده بسيادته في العلم ونبوغه فيه وبصلاحه؛ فمــن ذلك:
-قال مــحي الدّين عبدالقادر بن شيخ العَيْدَرُوس (ت 1038هـــ) في ترجمــته: (( العالم الفاضل المفتي الشيخ قطب الدين الحنفي المكي … وكان من الأعيان المذكورين الفضلاء المشهورين مـِجْلالا محترما)).([17])
-ووصفه نجم الدّين الغزي وابن العمــاد الحنبليّ (ت1089هــ) بقولهما: (( وكان بارعًا مفننًا في الفقه والتّفسير والعربية، ونظم الشّعر)). ([18])
-وأجاد شهاب الدّين الخفاجي (ت1069هــ) في وصفه حيث قال: (( وهو فاضل، جرى في بساتين فضله جداول الآداب، وتمسك الشّعر منه بأعظم الأسباب، فوقف دون مداه ضّده وحسوده)). ([19])
– وقال عنه محمد بن عليّ الشّوكاني (ت1250هــ)([20]): (( العالم الكبير، أحد المدرّسين بالحرم الشّريف في الفقه والتّفسير والأصلين وسائر العلوم … وله فصاحة عظيمة ؛ يعرف ذلك من اطلع على مؤلّفه الذّي سمــّاه “البرق اليماني في الفتح العثمانيّ “)).([21])
- مؤلّفاته:
لقد خلف لنا العلاّمة قطب الدّين النّهروالي المــكيّ تراثا فكريّا ضخما في حقول معرفيّة متنوّعة وجد بعض ذلك التّراث طريقه إلى عالم النّشر، بينما ما يزال بعضه حبيس الرّفوف في المكتبات العامّة والخاصّة في العالم، مــنها:
- الإعلام بأعلام بلد الله الحرام. ([22])
- التمثيل والمحاضرة بالأبيات المفردة النادرة .
- الجامــع في الحديث.
- البرق اليماني، في الفتح العثماني.
- الفوائد السنية، في الرحلة المدنية والرومية .
- المناسك.
- طبقات الحنفية. ([23])
- وفاته:
روى عبدالمــلك العصامــي وغيره ([24]) أنّ وفاة النّهروالي كانت يوم السّبت 26 مــن ربيع الثّاني سنة 990هـ ، وأنّه دفن بمـــقبرة المــعلاة في مكّة المــكرّمــة([25])، الظّاهر أنّ هذه الرّواية هي الرّاجحة؛ لأنّها تتميّز بزيادة علم وهي ذكر يوم الوفاة وشهرها ووقتها وسنتها ومكان دفن المتوفّى، وكمــا أنّ هذه الرّواية هي اختيار جمــهور المــترجمين لحياة النّهروالي، ولأنّ عبدالمــلك العصامــي الذّي اختار هذه الرّواية أعلم بصاحب التّرجمــة مــن غيره.
المحور الثّاني: الإطار العام للإجازة
- تصنيف الإجازة
تصنّف هذه الإجازة ضمــن نوع الفهرسة التّي تعرف بـاسم “فهرسة الإجازة”. وهي فهرسة يكتبها المؤلّف إجازة للرّاغبين في روايته بناء على استدعاء توصّل به من يحمل هذه الرّغبة ([26])، من غير تعريف المؤلّف بشيوخه ولا سرد للغرائب والفوائد العلميّة التّي استفادها منهم.
- أسباب مــنح الإجازة وتاريخ كتابتها
لقد نصّ العلاّمــة قطب الدّين النّهروالي في مــستهلّ هذه الإجازة بعد المــقدّمــة على أسباب كتابته إيّاها لأولئك الأعيان؛ وهي أمــران:
1- الخوف مــن أن تندرس الأسانيد العالية التّي حصّلها قطب الدّين النّهروالي من مــشايخه، والخوف مــن أن تنمــحي أسامي مــشايخه مــن صحائف الزّمــان، أحبّ أن يحي طريق سنده بقدر الإمــكان؛ وذلك مــن خلال تدوين هذه الإجازة .
2- أنّه اجتمع بقطب الدّين النّهروالي في داره بـمكّة بعضُ حجّاج بيت الله الحرام مــن بلاد التّكرور، وذلك بتاريخ: 17/ رمضان من سنة 988ه ، وقدّموا إليه استدعاء للإجازة لهم ولبعض العلماء الكبار ببلاد تنبكت في مرويّاته الحديثيّة؛ ليكون ذلك سببا في نشر علم الحديث في تلك البلاد. ([27])
- القيمـــة العلمــيّة للإجازة
تكتسب هذه الإجازة قيمــتها العلمــيّة مــن أربعة أمــور:
1- المـــكانة العلمــيّة والاجتمــاعيّة التّي يتمتّع بهما قطب الدّين النّهروالي صاحب الإجازة في الأوساط العلمــيّة وعند المــلوك.
2- اهتمــام فقهاء الأمــصار السّودانيّة والحجازيّة والمـغربيّة والهنديّة بهذه الإجازة منذ عصر المــؤلّف إلى القرن الرّابع عشر الهجريّ، حتّى صارت عمــدة؛ بحيث لا تكاد تجد إجازة أو فهرسة في هذه الأمــصار مــنذ عصر قطب الدّين النّهروالي تختصّ بنقل أسانيد أمّهات الكتب الحديثيّة إلاّ وفيها بعض أسانيد هذه الإجازة أو كلّها؛ وذلك نظرا إلى الثّقة التّي حظي بها قطب الدّين النّهروالي في عصره وبعده وعلمــه الواسع، فمــن تلك الفهارس والإجازات على سبيل المــثال:
-تشييد مــنار الإسناد والأثر للعلاّمــة أحمــد بابا التّنبكتي.
-روضة الآسي العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين- مرّاكش وفاس لأحمد بن محمد المقريّ.
– الفوائد الجمّة في إسناد علوم الأمة لأبي زيد عبدالرّحمــن التّمــناري.
– فهرست عبد القادر الفاسي لعبدالقادر الفاسي (ت1091هــ).
-الأمــم لإيقاظ الهمم، وجناح النّجاح بالعوالي الصّحاح، كلاهما لبرهان الدّين إبراهيم بن حسن الكوراني.
– اليانع الجني في أسانيد الشيخ عبد الغني الدهلوي المدني الحنفي لأبي عبدالله محمد يحي التّيمــي المــعروف بــمحسن التِّرهُتي الفُرينِي الهنديّ (ت1296هــ).
– الفهرسة التّي تسمـّى بــ ” سِمــْطُ الجِوْهر في الأسانيد المتصلة بالفنون والأثر ” لأبي التوفيق محمد العربي بن محمد الدّكالي الدَمْنَاتِي (ت1253هــ).
– قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر لصالح بن محمد العمري الفلاّني.
– نزهة رياض الإجازة المــستطابة بذكر مــناقب المــشايخ أهل الرّواية والإصابة، لعبدالخالق بن عليّ المــِزْجاجي (ت1201هــ).
-فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لمحمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني.
– موسوعة الأعمال الكاملة لمحمد الخضر حسين (ت1378هـ).
-معجم الشّيوخ المــسمّى ” رياض الجنّة” أو ” المــدهش المــغرب” لعبدالحفيظ بن محمد الطّاهر بن عبدالكبير الفاسي (ت1383هــ).
3- يزيد مــن قيمــة إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور اشتمــالها على أسانيد عالية لم توجد لها مــثيل في عصر كاتبها، وستأتي الإشارة إليها لاحقا.
4- أطلعتنا هذه الإجازة العلمــيّة على أسمــاء بعض أعلام الحديث النّبويّ الذّين لا نكاد نجد لهم ذكرا في كتب التّراجم والتّاريخ المــطبوعة اليوم، فخلّد بذلك قطب الدّين النّهروالي ذكراهم في صحائف الزّمــان، وهم: زين الدين علي القرماني الحنفي، وعمــاد الدّين عبدالعزيز بن جمــال الدّين العبّاسي الأَفْزَري، وجمال الدين محمد بن نظام الدين محمود الأنصاري السعدي الخزرجي الخرقاني، وخنزا بنت الشيخ شمس الدين محمد بن عمرو الأنصاري السّعدي الخزرجي الشّافعي الباسكندي الخرقانيّ هي والدة صاحب الإجازة.
- أسانيد صاحب الإجازة فيها
تتّصل مــرويّات قطب الدّين النّهروالي إلى أصحابها في هذه الإجازة بواسطة أربع طرق هي:
الطّريق الأول: عن أبيه علاء الدّين أحمــد النّهروالي عن الحافظ شمــس الدّين محمد بن عبدالرّحمــن السّخاوي.
الطّريق الثّاني: عن زين الدّين عبد الحق السّنباطي المصري الشافعيّ عاليا عن الحافظ ابن حجر.
الطّريق الثّالث: عن خمــسة من المحدّثين هم: والده، ووالدته خنزا بنت الشيخ شمس الدين محمد بن عمرو الأنصاري السّعدي الخزرجي الشافعي، و عمــاد الدّين عبدالعزيز بن جمــال الدّين العبّاسي الأَفْزَري، وجمال الدين محمد بن نظام الدين محمود الأنصاري السعدي الخزرجي الخرقاني، وزين الدّين علي القرماني الحنفي، وكلّهم عن الشيخ قطب الدين أبي يزيد بن محيي الدين بن نظام الدين محمود الأنصاري الشافعي، عن نور الدّين أبي الفُتُوح أحمد بن عبدالله ابن أبي الفتوح الطَّاوُسيّ.
الطّريق الرّابع: عن وجيه الدّين عبدالرّحمــن بن عليّ ابن الدَّيْبَع اليمــاني (ت 944هــ) صاحب كتاب ” تيسير الوصول إلى جامــع الأصول مــن حديث الرّسول” مــكاتبة وبالإجازة العامّــة عنه.
المــحور الثّالث: تحليل مــحتوى الإجازة
يمــكن تحليل محتوى إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور على ضوء العناصر التّالية:
- ديباجة الإجازة (المــقدّمــة):
استهلّ قطب الدّين النّهروالي هذه الإجازة بعدّة أمــور، هي:
1-لفت الأنظار إلى أنّ اتّصال السّند بين راوي الحديث وبين النّبي ﷺ مــعدود مــن أشرف الكرامــة وأعلى الرّتب.
2-صوّر لنا النّهروالي جزء يسيرا مــن حرصه على الرّحلة في طلب الحديث وسائر العلوم الشّرعيّة في مــختلف أقطار الدّنيا واستجازته للعلمــاء، وأشار إلى أنّ ذلك التّحصيل العلمــي و تلك الإجازات هي التّي جعلته أعلى سندا مــن جمــيع أهل عصره مــمّن لم يدركوا كبار العلمــاء.
3- وفاء النّهروالي لذكرى مــشايخه، واعترافه بالجمــيل لهم، وإبداؤه الرغبة في التّشبّه بهم.
4-أوضح النّهروالي أسباب كتابته هذه الإجازة لأولئك الأعيان مــن بلاد التّكرور على مــا تقدّم بيانها.
5-النّص على إجازته لأصحاب الاستدعاء بأن يرووا عنه الأحاديث والكتب المــذكورة بأسانيدها في أوراق الإجازة، و النّص على أنّه أجاز لهم أيضا أن يرووا عنه جميع ما له من نظم ونثر ورسالة وتأليف لم يذكر في هذه الإجازة وجميع ما يرويه عن مشايخه مما لم يرد في هذه الإجازة، وكذلك النّصّ على أنّه أجاز لجميع أهل تنبكت وجميع أهل التّكرور ممّن أدرك حياتي أن يرووا عنه هذه الإجازة وجمــيع مــا يجوز له.
6-توصية المــجاز لهم بمــلازمــة تقوى الله وطاعته وعبادته، واجتناب مــعاصيه، والتّوبة إلى الله والاستغفار خلف كلّ صلاة.
7- طلب مــن المــجاز لهم إشراكهم له في الدّعاء الصّالح.
لقد صاغ قطب الدّين النّهروالي عناصر هذه المــقدّمــة بعناية تامـــّة؛ حيث صاغها بأسلوب بديع؛ يتألّف مــن جمــل متوازنة مــتناسبة المــعاني، تروق أسمــاع قارئ إجازته، وتستهوي طباعه، فأكثر مــن السّجع والكنايات والإشارات اللّطيفة، وأورد الأحاديث النّبويّة لتحلية الإجازة بها ولشحن قارئها بالفيض النّبوي.
- برامــــج المــــرويّات ( الأحاديث الـمفردة وأسمــاء الكتب) التّي وردت في الإجازة
بعد ديباجة الإجازة أخذ النّهروالي يسرد لنا بعض الأحاديث وبعض أسمــاء الكتب التّي سمــح للسّودانيين بروايتها عنه مــع أسانيده في نقلها عن مــؤلّفيها وأصحابها، وهي على النّحو التّالي:
ا- الحديث المــسلسلّ بالأوّلية وسند صاحب الإجازة به:
-على مــا جرت به عادة علمــاء الحديث مــن أن يرووا لطالب الإجازة في أوّل مــا يلقون إليه شيئا مــن الحديث النّبوي؛ ليكون ذلك أوّل مــا يطرق سمــعه عن شيخه، على وفق هذه العادة ألقى النّهروالي إلى علمــاء التّكرور حديث الرّحمـة لعبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه- ” الرّاحمــون يرحمــهم الرّحمــن، ارحمــوا مــن في الأرض ، يرحمــكم مــن في السّمــاء ” ([28]) المـــسلسلّ بالأوّلية عن طريق شيخه عبدالحقّ السّنباطي بأسانيده المــتّصلة إلى سفيان بن عيينة.
2-حديثان عشاريان وسند صاحب الإجازة بهمــا:
الحديث الأوّل: هو أنّ النّبي ﷺ لمـــّا سمــع شعرا مــن زُهير صُرَد – رضي الله عنه- يوم حنين أعجبه فقال:
(( مــا كان لـــي ولــبني عبدالمـــطلّب فهو لكم )). ([29])
والحديث الثّاني: هو أنّ عمــر بن أبان بن المــفضل المـــديني ذكر أنّ الصّحابيّ أنسا بن مــالك – رضي الله عنه – أراه كيفيّة الوضوء، إلى أن وصل إلى موضع مــسح الأذنين فأخذ مــاء جديدا غير المــاء الذّي مـــسح به رأسه ثمّ قال: (( يا غلام، إنّهمــا مــن الرّأس، ليس همــا مــن الوجه… هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضّأ)).([30])
يروي قطب الدّين النّهروالي هذين الحديثين العشاريّين عن طريق العلاّمــة المــحدّث عبدالحقّ السّنباطي الذّي حدّثه بهما بأسانيده المــتّصلة إلى الحافظ أبي القاسم سليمــان بن أحمد الطّبراني صاحب المــعاجم الثّلاثة، فيكون بين السّنباطي وبين النّبي ﷺ عشرة أنفس، وتكون عين قطب الدّين النّهروالي حادية عشر عين رأت مــن رأى النّبي ﷺ وروى عنه.
ثمّ أخذ قطب الدّين النّهروالي يفتخر بأنّ هذين الحديثين العشاريين حازا علوّ السّند في عصره.
كمــا افتخر بحديث عشاريّ آخر يرويه عن طريق والده علاء الدّين أحمــد النّهروالي ووالدته خنزا بنت الشيخ شمس الدين، وعمــاد الدّين عبدالعزيز بن جمــال الدّين العبّاسي الأَفْزَري، وجمال الدين محمد بن نظام الدين محمود الأنصاريّ الخرقانيّ، وزين الدّين علي القرماني الحنفي، وكلّهم عن الشيخ قطب الدين أبي يزيد بن محيي الدين بن نظام الدين محمود الأنصاري الشافعي عن نور الدّين أبي الفتوح الطّاوسي بأسانيده المــتّصلة، فيكون فيه بين قطب الدّين النّهروالي وبين النّبي ﷺ عشرة أنفس فقط ، وتكون عينه هي العاشرة؛ وذلك الحديث العشاريّ هو عن أبي عمــر عثمــان بن خطّاب المــغربيّ عن عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه- قال سمــعت رسول الله ﷺ يقول: (( إذا أعرض الله عن العبد ورّثه الإنكار على أهل الدّيانات)) ([31])، ثمّ ذكر أنّه جاز له أن يفتخر بذلك؛ لأنّ الإمـــام ابن الجزري (ت833هــ) افتخر قبله بنحو مــائة وخمــسين سنة في كتابه ” النّشر في القراءات العشر” ([32]) بحديث ساق سنده إلى النّبي ﷺ بينه وبينه عشرة أنفس عدول فقط وعينه هي العاشرة، وكان ذلك السّند في عصره أعلى الأسانيد على الإطلاق لنقل ذلك الحديث النّبوي.
وافتخر قطب الدّين النّهرواليّ بحديث تُساعيّ عن والده علاء الدّين أحمــد النّهروالي بأسانيده المــتّصلة إلى نور الدّين أبي الفتوح الطّاوسي، يكون فيه بين قطب الدين النّهرواليّ وبين النّبيّ ﷺ تسعة أنفس فقط، فتكون عينه هي تاسعة عين رأت مــن رأى النّبي ﷺ وروى عنه، قال: (( ولا أعلم الآن في عصري سندا أعلى مــن ذلك )) ([33])؛ وذلك الحديث التّساعي هو عن عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه- قال سمــعت رسول الله ﷺ يقول: (( كلمــة الحكمــة ضالّة المــؤمــن، حيث وجدها فهو أحقّ بها)).([34])
3- ” الذّهب الإبريز” وسند صاحب الإجازة به:
يعرف أيضا بـــ ” الأربعين المـــسلسلة بالأشراف”؛ فهو عبارة عن أربعين حديثا تتضمــن حِكمـًـا مــختصرة ، ((غالب رواته مــن أهل البيت النّبويّ الشّريف)) ([35]) ، يروونه مــتّصل السّند والدا عن والد إلى عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه- . وقد شرحه صالح بن صديق النّمــازي اليمــني (ت 975هــ) في كتابه (القول الوجيز في شرح سلسلة الإبريز). ([36])
يروي النّهروالي هذه السّلسلة عن طريق زين الدّين عبدالحقّ السّنباطي عن الحافظ ابن حجر بأسانيده المــتّصلة إلى السّيد حسن بن جعفر.
4-صحيح الإمــام البخاريّ وسند صاحب الإجازة به:
يروي قطب الدّين النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ شمــس الدّين محمد بن عبدالرّحمــن السّخاوي عن الحافظ ابن حجر العسقلانيّ بأسانيده إلى مؤلّفه.
5-صحيح الإمــام مــسلم وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن جمــاعة يزيد عددها على العشرين بأسانيدهم إلى مؤلّفه.
6-السّنن لأبي داود وسند صاحب الإجازة به:
يروي قطب الدّين النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن جمــاعة كثيرين.
7- الجامــع للتّرمــذي وسند صاحب الإجازة به:
يروي النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن جمــاعة كثيرين بأسانيدهم إلى مؤلّفه.
8- السّنن الصّغرى للنّسائي وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن عبدالواحد بن صدفة الحرّاني وحليمــة ابنة شهاب الدّين الإسحاقيّ بأسانيدهمــا إلى مؤلّفه.
9-السّنن الكبرى للنّسائي أيضا وسند صاحب الإجازة به:
يروي قطب الدّين النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن الحافظ ابن حجر العسقلانيّ عن الحافظ عبدالرّحيم العراقيّ بأسانيده إلى مــؤلّفه.
10-السّنن لابن مــاجه وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن ثلاثة مــنهم القاضي والمؤرّخ عزّ الدّين ابن الفُرات بأسانيدهم إلى مــؤلّفه.
- المــوطأ للإمـــام مــالك وسند صاحب الإجازة به:
يروي قطب الدّين النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي عن القاضي ابن الفُرات وأبي إسحاق الزّمــزي بأسانيدهما إلى مــؤلّفه.
- جامــع الأصول لابن الأثير وسند صاحب الإجازة به:
يروي قطب الدّين النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي بأسانيده إلى مــؤلّفه.
- تيسير الوصول إلى جامــع الأصول مــن حديث الرّسول لابن الدَّيْبَع وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق مــؤلّفه وجيه الدّين عبدالرّحمــن بن عليّ ابن الدَّيْبَع اليمــاني مــباشرة مــكاتبة وبالإجازة العامّــة عنه .
- التّرغيب والتّرهيب للمــنذري وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي بأسانيده إلى مــؤلّفه.
- الشّمـــائل النّبويّة للتّرمــذي وسند صاحب الإجازة به:
يروي النّهروالي هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي بأسانيده إلى مــؤلّفه.
- الشّفا للقاضي عياض اليحصبي وسند صاحب الإجازة به:
يروي صاحب الإجازة هذا الكتاب عن طريق والده عن الحافظ السّخاوي بأسانيده إلى مــؤلّفه.
- لائحة الاستدعاء (أسماء الطّلبة الذّين تمّ منح هذه الإجازة لهم):
لقد نصّ قطب الدين النّهروالي في ديباجة هذه الإجازة على الطّلبة الذّين كتبها لهم تلبية لرغبتهم، و يمــكننا أن نقسّم أولئك الطّلبة إلى ثلاث طوائف:
الطّائفة الأولى: هي الذين حضروا مجلس استدعاء الإجازة مــن العلاّمــة قطب الدّين النّهروالي وهم:
– الشّيخ عبدالكريم بن محمّد بن عليّ الجناوي.
– وابنه الشّيخ عبدالله بن عبدالكريم.
– والشّيخ عبدالرّحمن بن إبراهيم بن عبدالرّحمن الجناوي.
– وابنه الشّيخ إبراهيم بن عبدالرّحمن.
-والفقيه أحمــد بن عمــر بن محمد الجنوي.
– والشّيخ أبوبكر بن عمــر بن خطّاب الجنوي.
– وهارون بن داود بن دنبا بن أحمــد القرشيّ التّشوردونكي.
الطّائفة الثّانية: هي التّي لم تحضر مجلس استدعاء الإجازة، ولكن تشفع لهم الحاضرون بغية إدراجهم في قائمــة المجاز لهم، وهم: العاقب بن محمود بن عمر بن محمّد أقيت، وأحمد بن الحاج أحمد بن عمر بن محمّد أقيت، ومحمّد بن محمود بن عمر بن محمّد أقيت، ومحمّد بن محمود بغيغ.
الطّائفة الثّالثة: هي التّي لم تحضر مجلس استدعاء الإجازة ولم يُتشفع لهم، ولكن تبّرع النّهروالي مــن تلقاء نفسه بإدراجهم في قائمــة المجاز لهم، وهم: جميع أهل تنبكت وبلاد التّكرور ممّــن أدرك حياته بصفة عامّة.
المــحور الرّابع: مــظاهر التّواصل الثّقافي بين الحجاز وبلاد السّودان ومحفزاته مــن خلال هذه الإجازة
بغضّ النّظر عن الفكرة الأساسيّة التّي قامت عليها هذه الإجازة وهي حفظ العلوم وتداولها بالرّواية، فإنّها تتضمــن إشارات تاريخيّة وتنبيهات مــوضوعيّة يستخلص مــنها الباحث مــدى التّواصل والرّباط الثّقافي التّاريخيّ بين الحجاز و بين بلاد السودان الغربيّ بمــظاهره المــختلفة مــنذ عهد قديم، بناء على ذلك سأحاول تحديد تلك المــحفزات والمــظاهر فيمــا يلي:
1-محفّزات التّفاعل الثّقافي بين الحجاز وبين بلاد السّودان الغربيّ: انتصبت عدّة محفزات مــمــّا أوجد التّربة الخصبة لقيام تواصل ثقافيّ بين بعض علمــاء الحجاز وبين بلاد السّودان مــنها:
أ-الرّابطة الطّرقيّة: سعت المــمـارسة الصّوفية المشتركة إلى إيجاد مــناخ ملائم لقيام تفاعل تاريخيّ ثقافي بين القطرين؛ فمــنطقة السّودان كانت في القرن العاشر الهجريّ/ السّادس عشر المــيلادي تأخذ بالطّريقة القادريّة، وفي المــقابل كان يعيش في مــنطقة الحجاز عدد كبير مــن أنصار هذه الطّريقة، ومنهم: قطب الدّين النّهروالي الذّي قال محمد عبدالحيّ الكتّاني في ترجمــته: (( القادريّ طريقة )) ([37])، ولعلّ لهذا الاتّجاه الصّوفي المــشترك اتّجه أهل التّكرور إلى النّهروالي لاستجازته دون غيره مــن كبار علمــاء الحجاز آنذاك.
ب-وحدة لغة الثّقافة الإسلامــية: إنّ شيوع اللّغة العربيّة في حواضر السّودان الغربيّ في مــجال دواوين الدّول والمــمــالك، وفي مجال الدّين ، وفي مجال توثيق المــعامــلات التّجاريّة في القرون الوسطى ، جعل ذلك الفقهاء يتّخذونها لغة الثّقافة وينفتحون بسببها على المــثقّفين الآخرين النّاطقين بها في أطراف أخرى مــن العالم الإسلامــي في تلك الفترة الزّمــنيّة، وأقرب مــثال لذلك: أنّنا وجدنا إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور قد كتبت بلغة عربيّة رصينة لا بلغة تركيّة، ولا بلغة سودانيّة محليّة.
ج-بعثات الحجيج إلى الدّيار المــقدّسة: دأب مــسلمــو السّودان الغربيّ في قديم الزّمــان على تنظيم رحلات جماعية إلى الحجاز عبر القوافل لأداء مــناسك الحجّ وزيارة الرّوضة الشّريفة، غير مكترثين بالصّعاب والمـــتاعب، ويظهر أنّ العلمــاء الذّين كانوا ضمــن وفود الحجّاج السّودانيّين كانوا يستغلّون فترة إقامــتهم بالحجاز للإفادة والاستفادة مــن علمــائها، وخير دليل على ذلك قول النّهروالي في إجازته لأهل التّكرور: (( وقد اجتمــع بي في السّابع عشر مــن رمــضان المــبارك أحد شهور سنة ثمــان وثمــانين وتسعمــائة جمــاعة مــن حجّاج بيت الله الحرام مــن بلاد التّكرور… وطلبوا مــنّي إجازة هذه الأسانيد العالية والكتب الحديثيّة …)). ([38])
2-مــن أشهر حواضر الثّقافة الإسلامــيّة في بلاد السّودان: إنّ النّاظر بتمــعن في أنساب الطّلبة السّودانيّين “الجنويّ” و ” التّشوردنكي” الآخذين عن قطب الدّين النّهروالي، وكذلك قوله في هذه الإجازة: (( وذكروا لي أنّ في تنبكت علمــــاء كبار يطلبون الحديث الشّريف)) ([39])، يحسّ النّاظر بأنّ كلاّ مــن جــنّي وتنبكت وتشوردنك ببلاد السّودان غدت في عصر قطب الدّين النّهروالي مــراكز علمــيّة تشهد حركة علميّة قوّة، وتهوي إليها أفئدة العلمــاء وطلاّب العلم مــن كلّ صوب وحدب، فمــنها تخرّج أولئك العلمــاء الذّين استقبلهم قطب الدّين النّهروالي في مــكّة وقدّموا إليه استدعاء لإجازته لهم في مــرويّاته.
3-فنّ الحديث مــن أنواع الفنون المــتداولة ببلاد السّودان الغربيّ والحجاز: يعدّ علم الحديث النّبوي مــن الفنون المعرفيّة التّي اهتمّ بتحصيلها طلبة العلم والرّحلة في طلبه في الآفاق مــثل الحجاز، واهتمّ العلمــاء أيضا بنشرها في مــختلف مــجلس العلم بالحواضر الثّقافيّة ببلاد السّودان، ويدلّ على ذلك: قول قطب الدّين النّهروالي في الإجازة : (( وذكروا لي أنّ في تنبكت علمــــاء كبار يطلبون الحديث الشّريف، ولو حصلت لهم الإجازة بهذه الأسانيد العالية، لفرحوا بذلك، وصاروا سببا لنشر هذه الأحاديث الشّريفة وهذه الأسانيد العالية في بلاد التّكرور)). ([40])
4-وحدة برامج الحديث بين الحجاز وبلاد التّكرور: يلاحظ القارئ السّوداني أنّ المرويّات الحديثيّة التّي وردت في إجازة النّهروالي لأهل التّكرور هي نفس كتب الحديث التّي يتداولها العلمــاء السّودانيّون – في الغالب- في مجالس علمــهم في عصر قطب الدّين النّهروالي وبعده، وهي: صحيح البخاريّ، وصحيح مــسلم، وسنن أبي داود، وجامــع التّرمــذي، والسّنن الصّغرى والسّنن الكبرى كلاهمــا للنّسائي، وسنن ابن مــاجه، ومــوطأ الإمــام مــالك، وجامــع الأصول لبن الأثير، وتيسير الوصول إلى جامــع الأصول لابن الدّيبع، والتّرغيب والتّرهيب للمــنذري.
ويضاف إلى هذه الكتب الحديثيّة كتابان لم يرد لهمــا ذكر في هذه الإجازة هما: الجامــع الصّغير والمــعجزات الكبرى كلاهمــا للسّيوطي (ت911هــ).
5- وحدة مناهج تحمل المرويّات: إنّ النّاظر في هذه الإجازة وكذلك في عدد مــن إجازات السّودانيين المــتقدّمــين مــثل إجازة العلاّمــة أحمــد بابا التّنبكتيّ لبعض المغاربة يلاحظ وجود ترابط ووحدة بين طرق تحمّل الكتب الحديثيّة فيها كقولهم: ” أمّا صحيح مسلم فحدّثني به …” و” أمّا صحيح البخاري فأخبرني مكاتبة…” ونحوهما، ولعلّ مــنشأ هذه الوحدة في المــناهج يرجع إلى شدّة تأثّر السّودانيين بالحجازيين وبالمــشارقة في درس الحديث النّبوي؛ وذلك نظرا إلى سبق الحجازيين والمــشارقة قبلهم في مجال الحضارة العلمـيّة، ولكنّ ذلك التّأثر لم يكن قوامه التّقليد الأعمــى، وإنّمــا كانت له خصوصيّاته التّي تميّز بها.
الخاتمــة
لقد أبرزت هذه الدّراسة أنّ رحلة الإجازات والفهارس كانت مــظهرا مــن مــظاهر التّواصل الثّقافي بين الحجاز وبين بلاد السّودان الغربيّ، و أنّها ساعدت على تنشيط الحركة العلميّة فيهمــا، وناقشت الدّراسة إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور بأبعادها ومعطياتها المــختلفة كنموذج حيّ لذلك التّواصل الثّقافي.
أوّلا: نتائج البحث
كان من أهمّ النّتائج التّي توصّلت إليه هذه الدّراسة:
1- إنّ العلاقات العربية السّودانية ليست وليدة العصر الحديث، بل تمــتدّ جذورها – حسب بعض الرّوايات التّاريخيّة- إلى القرن الأوّل الهجري/السّابع المــيلادي.
2-انتصبت عدّة محفزات مــمــّا أوجد التّربة الخصبة لقيام تواصل ثقافيّ تاريخيّ بين علمــاء الحجاز وبين بلاد السّودان مــنها: الرّابطة الصّوفية، ووحدة لغة الثّقافة الإسلامــية، وبعثات الحجيج إلى الدّيار المقدّسة.
3- لقد حرص عدد من علماء بلاد السّودان الغربيّ والحجاز على تحصيل الإجازات العلمــيّة والفهارس مــن بعض أساطين العلم، وبذلك انتقلت الإجازات والفهارس إلى هاتين الـمنطقتين.
4-تعتبر إجازة قطب الدّين النّهروالي صورة واضحة مــن صور عناية العلماء الأفارقة بالإسناد، ومثالا جليّا على اهتمامهم به.
5-استنتج من خلال نصّ إجازة قطب الدّين النّهروالي لأهل التّكرور ما يلي: أنّ فنّ الحديث مــن أنواع الفنون المــتداولة ببلاد السّودان والحجاز، ووحدة برامج الحديث ومناهج تحمّلها بين الحجاز وبلاد التّكرور، وأنّ مــن أشهر حواضر الثّقافة الإسلامــيّة في بلاد السّودان في زمن النهروالي: تنبكت وجنّي وتشوردنك.
ثانيا: توصيات البحث
امــتدادا لتاريخ الصّلات الثّقافية المــشتركة بين القطرين، وتطلّعا إلى المــستقبل المــنشود مــن خلال تحقيق المــصالح المــشتركة، وتبادل الخبرات التّي تنعم بنتاجها الشّعوب السّودانية والحجازيّة مــعا، يناشد الباحث أصحاب القرار ورجال السّياسة الحرصَ والاهتمــام باستمــرارية مــظاهر تلك الوحدة الثّقافية، ومنحها دفعا جديدا وقويّا إلى الأمــام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) آدم عبدالله الإلوري، الإسلام في نيجيريا والشّيخ عثمان دان فودي الفلاّني، مـكتبة وهبة، ط/1، 1433هـ/2012م، صـ46.
([3]) راوية توفيق، الجذور التّاريخيّة للعلاقات العربيّة الإفريقيّة، موقع قناة الجزيرة: www.aljazeera.net تاريخ النّشر: 3/10/2004م، تاريخ الاقتباس: 5/2/2022م .
([4]) أحمــد بابا التّنبكتيّ، نيل الابتهاج بتطريز الدّيباج ، إشراف وتقديم: عبدالحميد عبدالله الهرامة، منشورات كليّة الدّعوة الإسلاميّة، طرابلس، ط/2، 1398هـ-1989م، صــ150.
([6]) أحمد بن محمد المقريّ، روضة الآسي العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين مراكش وفاس، المطبعة الملكيّة، الرّباط،1403هـ /1983م، صـــــ311.
([7]) محمد عبدالحي بن عبدالكبير الكتّاني، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي – بيروت، ط/2، 1982، 2/ 1027.
([10]) النّسخة (أ) مــن المــخطوط: [ورقة: 2]؛ ونجم الدين محمد بن محمد الغزي، الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة، حقّقه: خليل المنصور، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط/1، 1418 هـ / 1997 م، 3/40؛ وأبو زيد عبدالرّحمــن التّمــناري، الفوائد الجمّة في إسناد علوم الأمة، تحقيق: اليزيد الرّاضي، دار الكتب العلمــيّة، بيروت- لبنان، ط/2، 1428هــ/2007م، صصــ402- 403؛ وعبدالله مرداد أبو الخير، المــختصر من كتاب نشر النّور والزّهر في تراجم أفاضل علمــاء مــكّة مــن القرن العاشر إلى القرن الرّابع عشر، اختصار وترتيب وتحقيق: محمد سعيد العامــودي وأحمــد علي، عالم المــعرفة للنّشر والتّوزيع، (د.ت) ، صــ395-396.
([11]) انظر: نجم الدين محمد بن محمد الغزي، مــصدر سابق ، 3/40؛ وابن العمــاد الحنبلي، شذرات الذّهب في أخبار مــن ذهب، حققه: محمود الأرناؤوط، وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، ط/1، 1406 هـ / 1986 م،، 10/617؛ ومحمد بن علي الشّوكاني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، دار المــعرفة، بيروت، (د.ت) ، 2/57؛ وحاجي خليفة، كشف الظّنون عن أسامــي الكتب والفنون، مكتبة المثنى – بغداد، 1941م ، 2/1298؛ و وعمر رضا كحالة، معجم المــؤلّفين، مكتبة المثنى – بيروت، ودار إحياء التراث العربي بيروت، (د.ت) ، 9/17.
([12]) خير الدّين الزّركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، ط/15،- أيار / مايو 2002 م ، 6/6، حاشية رقم: 1.
([13]) عبدالحي بن فخر الدّين الحسني الطّالبي، نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، دار ابن حزم ، بيروت، لبنان، ط/1، 1420 هـ، 1999م ، 4/405.
([14]) المــصدر نفسه، قسم الدّراسة، صــ 17.
([15]) محمد بن يحي البكري التّيميّ التِّرهتيّ، اليانع الجنيّ مــن أسانيد الشّيخ عبدالغنيّ، دراسة وتحقيق: د. وليّ الدّين تقيّ الدّين النّدوي، أروقة للدّراسات والنّشر ، عمــان- الأردن ، صـــ60؛ و ابن العمــاد الحنبلي، مــصدر سابق، 10/248؛ و عمــر رضا كحالة، مــصدر سابق، 11/167.
([16]) محمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي – بيروت، ط/2، 1982،2/948.
([17]) محي الدّين العيدروس، النّور السّافر عن أخبار القرن العاشر، دار الكتب العلمية ، بيروت، ط/1، 1405هــ ، 342.
([18]) نجم الدين محمد بن محمد الغزي، مــصدر سابق ، 3/41.وابن العمــاد الحنبلي، مــصدر سابق، 10/617.
([19]) شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي، ريحانة الألبّا وزهرة الحياة الدنيا، تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو، مطبعة عيسى البابى الحلبي وشركاه، ط/1، 1386 هـ / 1967 م ، صــ407.
([20]) محمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني، مــصدر سابق، 2/1082-1086.
([21]) محمد بن علي الشّوكاني، مــصدر سابق ، 2/57.
([22]) حاجي خليفة، مــصدر سابق، 1/1، 81،. وانظر: مــحمد بن علي الشّوكاني، مــصدر سابق، 2/57.
([23]) نجم الدين محمد بن محمد الغزي، مــصدر سابق ، 3/40. وانظر: ابن العمــاد الحنبلي، مــصدر سابق، 10/617؛ وعبدالفتّاح محمد الحلو، تراجم الفقهاء، مجلة البحوث الإسلامية ؛ مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، العدد:1، رجب-رمــضان 1395هــ، صــ257.
([24]) ابن العمــاد الحنبلي، مــصدر سابق، 10/617؛ والطّيب محمد بن عمــر بافقيه، مــصدر سابق، صــ 432؛ وعبدالمــلك العصامــي، مــصدر سابق، 4/347؛ وشمس الدّين محمد بن عبدالرّحمــن الغزي، مــصدر سابق، 4/15؛ وعبدالحي بن فخر الدّين الحسني الطّالبي، مــصدر سابق، 4/406؛ ومحمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني، مــصدر سابق2/948؛ وعبدالله مِرداد أبو الخير، مــصدر سابق، صـــ 397.
([25]) قيل: إنّ النهروالي توفي سنة 988هــ، وقيل: سنة 991هـ. محمد بن عليّ الشّوكاني، مــصدر سابق، 2/57. وإسمــاعيل باشا الباباني البغدادي، هدية العارفين، طبع بعناية: وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استانبول 1951، وأعادت طبعه بالأوفست: دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان ، 2/256؛ و عبدالمــلك العصامــي، مــصدر سابق، 4/347.
([26]) عبدالقادر الفاسي، مــصدر سابق ، صـــ9.
([27]) النّسخة (أ) مــن المــخطوط: [ورقة: 6-7]. وانظر: الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة، صــصـ 406-412.
([28]) أخرجه أبوداود في سننه، من حديث عبدالله بن عمرو، كتاب الأدب، باب في الرّحمــة، رقمه: 4941، 7/298، قال محقّق السّنن: حديث صحيح لغيره. وأمــّا إسناد هذا الحديث المسلسل بالأوليّة فقد قال عنه قطب الدّين النّهروالي نقلا عن الحافظ السّخاوي: ” هذا الحديث مــن أصح المــسلسلات إسنادا”. النّسخة (ب) من المخطوط: [ ورقة: 13].
([29]) أخرجه الطّبراني في معجمه الكبير، من حديث زهير بن صرد الجشمي، كتاب الأدب، باب في الرّحمــة، رقمه: 5303، 5/ 269. قال السّيوطي في ” تدريب الرّاوي” (2/609): ” وأخرجه الضّياء في المــختارة من حديث زهير، واستشهد له بحديث عمــرو بن شعيب، فهو عنده على شرط الحسن”.
([30]) أخرجه الطّبراني في مــعجمه الصّغير ، مــن حديث جعفر بن حمــيد، ورقمه: 322، 1/201. قال قطب الدّين النّهروالي عن هذا الحديث: “حديث غريب مــن هذا الوجه، أخرجه الطّبراني في مــعجمه الصّغير والأوسط، وقال: لم يرو عمــر بن أبان عن أنس حديثا غير هذا “. نسخة (أ): [ورقة: 10].
([31]) لم يخرّج هذا الحديث بهذا السّياق إلاّ ابن خير الإشبيليّ في فهرسته (ص: 143-144), ومــدار إسناده على أبي عمــر عثمــان بن خطّاب المــغربيّ المعروف بـــ ” أبي الدّنيا الأشجّ”، قال عنه الحافظ ابن حجر العسقلانيّ في ” لسان الميزان” (7/47): ” كذّاب طُرُقِيٌّ كان بعد الثّلاث مائة وادّعى السّماع من عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه- “.
([32]) انظر: محمد بن محمد ابن الجزري، النّشر في القراءات العشر، حقّقه: علي محمد الضباع ، المطبعة التجارية الكبرى، (د.ت)، 1/197.
([33]) النّسخة (أ) مــن المــخطوط: [ ورقة: 12].
([34]) أخرجه التّرمــذي في سننه، باب مــا جاء في فضل العلم على العبادة، ورقمــه: 2687، وقال التّرمــذي: ” هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ مــن هذا الوجه”.
([35]) النّسخة (أ) مــن المخطوط، [ ورقة: 23].
([36]) محمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني، مــصدر سابق، 3/978.
([37]) محمد عبدالحيّ بن عبدالكبير الكتّاني، مــصدر سابق، 2/944.
([38]) النّسخة (أ) مــن المخطوط: [ورقة:5].
([39]) النّسخة (أ): [ورقة: 6].
([40]) النّسخة (أ) مــن المخطوط: [ورقة: 6].