د. حسان سيسي
أستاذ في جامعة الفرقان الإسلامية- أبيدجان
أُجريت انتخابات رئاسة الجمهورية في كوت ديفوار في يوم السبت 31 أكتوبر 2020م؛ رغم التحدِّيات الأمنيَّة والاجتماعيَّة وأعمال العنف التي صاحبَتْها، ومازالت مستمرة؛ خاصةً في قواعد المعارضة، وقد أعلنت المفوضية المستقلة CEI النتائج الأولية يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2020م، وأمَّا النتائج النهائية فسوف تعلنها المحكمة الدستورية، وفي ظل ذلك الظرف السياسي العصيب عقدت المعارضة مؤتمرًا صحفيًّا أكَّدت فيه عدم اعترافها بالانتخابات ونتائجها، ومِن ثَمَّ تنادي بتشكيل حكومة انتقالية، فيما عقد الحزب الحاكم مؤتمرًا صحفيًّا داعيًا الحكومة إلى وَضْع نهاية للعنف الذي تُمارسه المعارضة.
إذن في ظل تصاعُد وتضارُب هذه المواقف المتشاكسة، واستنادًا إلى تجربة السوابق التاريخية والسياسية ما هي السيناريوهات المحتملة؟
المشاكسة السياسية بين الحكومة والمعارضة:
في يوم الاثنين 14سبتمبر 2020م أجازت وصدَّقت المحكمة الدستورية على ترشيح 4 من بين المرشحين البالغ عددهم 44 تقريبًا، وتم قبول ترشيح كلّ من الرئيس حسن وترا، وهانري كونان بيديه، وأفينغيسان، وKKB، فاحتجَّت الأحزاب بوجود إقصاء سياسيّ ودعت إلى تكوين جبهة للمعارضة والإعلان عن العصيان المدني في 20 سبتمبر2020م، ولما افتتحت الحملة الانتخابية رسميًّا يوم الخميس 15 أكتوبر 2020م رفضت المعارضة المشاركة في الانتخابات، بل ذهبت أبعد من ذلك؛ حيث أكَّد بعض قياداتها بأن الانتخابات لن تُجْرَى، وأنه ستكون هناك كارثة في 1 نوفمبر 2020م، ومنذ الحملة الانتخابية شهدت البلاد مواجهات عِرْقِيَّة في مدينة بونغوانو BONGOUANOU حيث سقط 3 قتلى، وفي مدينة دابو DABOUوقع 16 قتيلًا.
وبالفعل أُجريت انتخابات رئاسة الجمهورية في 31 أكتوبر 2020م، وقد شاركت المؤسسات الدولية في الانتخابات بمراقبيها مثل: الاتحاد الإفريقي، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، مركز كارتر، والمؤسسات الحقوقية والإعلامية الوطنية بأعداد كثيرة.
أما المعارضة فقد قاطعت الانتخابات تحت شعار: “المقاطعة الفعّالة LE BOYCOTT ACTIF“، ومنذ عصر يوم الأحد 1 نوفمبر 2020م أخذت المفوضية المستقلة للانتخابات CEI بتقديم النتائج الأولية للولايات، واحدة تلو الأخرى، ويبدو من تلك النتائج فوز حسن وترا، لهذا ولغيره عقدت المعارضة مؤتمرًا صحفيًّا أكَّدت فيه عدم اعترافها بالانتخابات ولا بنتائجها، وأن أغلب الإيفواريين استجابوا لنداء المقاطعة الفعَّالة، وعليه تدعو إلى تشكيل “حكومة انتقالية UN GOUVERNEMENT DU TRANSITION“، وفي اليوم نفسه عقد الحزب الحاكم مؤتمرًا صحفيًّا يدعو الحكومة إلى وضع نهاية للعنف الذي جرى خلال أيام الانتخابات، وما تلاها من أيام، وحتى هذه اللحظة (وقت كتابة هذه السطور يوم 3 نوفمبر 2020م صباحًا) كان كل طرف متمسكًا بموقفه.
السيناريوهات المحتملة:
يرى عددٌ من الباحثين والمحللين السياسيين والصحفيين أنَّ هناك عدة سيناريوهات يمكن أن تتّجه إليها الأمور، ولو في المستقبل البعيد؛ طبقًا للسوابق السياسية والتجارب التاريخية، وهي كالتالي:
أولاً: سيناريو السِّلْم والتسوية (تجربة عام1995م):
لقد أكملت المفوضية المستقلة للانتخابات CEI تقديم النتائج الأولية كلها؛ وهي كالتالي: فوز حسن وترا برئاسة الجمهورية بالجولة الأولى بنسبة 27,94% من أصوات الناخبين، ووصلت نسبة المشاركة إلى 90,53%، والمحكمة الدستورية هي المسؤولة عن الإعلان عن النتائج النهائية، فعلى المعارضة أن تهدأ وتُراجع خطواتها، وتُرتب أوراقها في اتجاهين:
الاتجاه الأول: قبول التسوية السلمية والجلوس في الحوارات والمفاوضات السياسية مع الحكومة بعد أداء الرئيس حسن وترا اليمين الدستوري؛ من أجل انتزاع حقوقها، والمشاركة السياسية مستقبلاً، وتحسين صورتها كمعارضة وطنية، وجبرًا للخلل واستدراكًا للخسائر التي تكبّدتها سياسيًّا وإعلاميًّا، فإنها في بداية الأمر أعلنت العصيان المدني فلم يستجبْ لها المجتمع، ثم طالبتْ بتأجيل الانتخابات فلم تستجبْ لها الحكومة، ثم هدَّدت بأن الانتخابات لن تُجْرَى في 31 أكتوبر2020م؛ فتم إجراء الانتخابات في يوم السبت 31 أكتوبر2020م في أجواء السلام والهدوء إلا في مناطق معدودة، وهدَّدت بأن يوم الأحد 1 نوفمبر 2020م ستحدث كارثة فبات الإيفواريون في أمن وسلام.
فهذه الهزائم السياسية واحدة تِلْوَ الأخرى تدعو المعارضة -حفاظًا على مكتسبات الاستقرار السياسي والتعايش السلمي والإنجازات الاقتصادية والتنموية- أن تقبل الحوار والتسوية السلمية، ويترتب على ذلك الاعتراف بفوز حسن وترا، ولعل أسلوبها في رفع سقف المطالب يوم الأحد 1 نوفمبر 2020م بتكوين حكومة انتقالية دعوة من طرف خفيّ بأنها مستعدَّة للحوار والجلوس على طاولة المفاوضات.
الاتجاه الثاني: ترتيب الأوراق من أجل خوض الانتخابات التشريعية القادمة، وهي فرصة ومدخل سياسيّ ودستوريّ؛ لإعادة التوازن السياسي في الحكم، وآلية مهمَّة لتأكيد أغلبيتها وتغلغلها اجتماعيًّا، ثم إن المعطيات السياسية والميدانية تؤكِّد أنَّها قادرة على إحراز تقدُّم ونجاح في هذا الاتجاه، خصوصًا وأن قواعدها الانتخابية استجابت لدعوات “المقاطعة الفعّالة”؛ فماذا يمنعها أن تعطي التعليمات للمشاركة في الانتخابات التشريعية؟
خصوصًا إذا علمنا أن هذه الأفكار تخرج من مشكاة واحدة، وتتطابق مع تجربة 1995م؛ حين كان هانري كونان بيديه رئيسًا للبلاد فقاطع الانتخابات الرئاسية كلٌّ من حسن وترا RDR (الحزب الحاكم اليوم 2020م) وغباعبو FPI، وكان شعار المقاطعة هي نفس شعار اليوم: “المقاطعة الفعّالة LE BOYCOTT ACTIF“، لكنَّ المعارضة يومَئِذٍ شاركت في الانتخابات التشريعية، فأحرزت انتصارات في مناطق عدة، فكانت الانتخابات التشريعية أول تجربة سياسية لحزب حسن وترا RDR لتعرف مدى تأييدها السياسي وتغلغلها الاجتماعي.
إذن على المعارضة ترتيب الأوراق ومراجعة الخطط والاستراتيجيات من أجل المشاركة في الانتخابات التشريعية من شأنها الهدوء النسبيّ سياسيًّا، وتخفيف الاحتقان السياسي، ومِن ثَمَّ فتح قنوات الحوارات والمفاوضات ولو عبر وسطاء محليين أو إقليميين أو دوليين؛ حفاظًا على المسار الديمقراطي الإيفواري، وتبادل الثقة والتداول السلمي للسلطة.
غير أنه يُلَاحَظ أنَّ هذه السيناريو وتلك التجربة لم تمكثْ طويلاً؛ حيثُ طُوِيَتْ بانقلابٍ عسكريّ في 24 ديسمبر1999م، لذلك على الحكومة بعد التنصيب أن تكون لديها خطة سياسية لنزع فتيل النزاع وأزمة الثقة؛ لأن المسؤولية مشتركة بين الحكومة والمعارضة، وتتحمّل الحكومة قدرًا كبيرًا منها.
هذا السيناريو على ما تُحيطه من تحديات وصعوبات؛ فإن جوانبه الإيجابية هي الأقرب للقبول والتوافق، ويباركها عددٌ غير قليل من المحللين ونشطاء السلام، فهل يمكن أن يُطلق على الرئيس وترا أنه رجل رشيد قادر على تجاوز المرحلة بأمن وسلامة دون انقلاب عسكري ولا ثورة شعبية؟
ثانيًا: سيناريو الرفض والمقاطعة (تجربة 2000م):
هذه سيناريو متشائِم ومُنغلِق سياسيًّا، بمعنى أن تظل المعارضة على منطق الرفض والمقاطعة والتعويل على العصيان المدني، والتهديدات… فترفض الحوار، وتعترض على التسوية السلمية، وتقاطع المشاركة في جميع الاستحقاقات السياسية (التشريعية، المقاطعة، البلدية) في المرحلة القادمة، هذا الرفض والمقاطعة من شأنها اضطراب الوضع السياسي، ومزيد من التصعيد في المطالب قد لا تكون واقعية، فيطول أمد الصراع دون مكاسب سياسية واقعية، فيقلّ صبر قواعدها وتتزعزع ثقتها في قيادة المعارضة، وتتقطع الظروف بين الهدنة والهدوء وبين الاحتقان والغليان السياسي.
خصوصًا إذا علمنا أن المعارضة -وفي خطوة تصعيدية حادَّة- عقدت يوم الاثنين 2 نوفمبر 2020م مساءً مؤتمرًا صحفيًّا أكَّدت فيه تأسيسها لما أسمته بــ”المجلس الوطني للفترة الانتقالية LE CONSEIL NATIONAL DE TRANSITION“، وقدمت مجموعة من المبرِّرات والمطالب، الذي يهمنا هنا مطلب: “غياب السلطة التنفيذية LA VACANCE DU POUVOIRE EXECUTIF، وأن بقاء السيد حسن وترا رئيسًا يُعرِّض البلاد لحرب أهلية، وتدعو الإيفواريين والإيفواريات للخروج إلى الشوارع للتعبير عن فرحهم وسعادتهم”.
إنَّ القراءة المتأنية لتلكم المطالب وحمولتها من المفردات المستخدَمة؛ مثل: “غياب السلطة”، “حرب أهلية”، “الخروج إلى الشوارع”؛ هي تقريبًا نفس المطالب في تجربة انتخابات الرئاسة الجمهورية 2000م؛ حيث استخدمت مفردة “السلطة على الشارع LE POUVOIRE EST DANS LA RUE“، “الخروج إلى الشارع”؛ فكانت النتيجة كارثية في 25 أكتوبر2000م، ومِن ثَمَّ حُفِرَتْ المقابر الجماعية في 26 أكتوبر2000م، هذه الحلول الأمنية والعنف السياسي الذي صاحَبها كان حدثًا تاريخيًّا فاصلًا انطلقت منه شرارة كل الأزمات الإيفوارية المتعاقبة.
هذا السيناريو يخرج من مشكاة واحدة مع تجربة 2000م؛ حيث كان غباغبو FPI رئيسًا للبلاد فقاطع حسن وترا الانتخابات التشريعية، ثم نظمت الحكومة الملتقى الوطني للمصالحة LE FORUM DE LA RECONCILIATION NATIONAL في سنة 2001م، ومع كل ذلك، طُوِيَتْ التجربة بقيام حركة الكفاح المسلَّح في الشمال في 19 سبتمبر2002م وتقسيم الدولة إلى قُطْرَيْنِ؛ مناطق تحت سيطرة الحكومة، ومناطق تحت سيطرة الحركات، واستمر الوضع على ذلك ميدانيًّا -رغم توقيع مجموعة من اتفاقيات السلام والخروج من الأزمة- حتى انتخابات الرئاسة الجمهورية 2010م.
إذن جميع الأطراف السياسية اليوم تعرف أن كوت ديفوار لا تتحمّل أيامًا نحسات كتلك التي سبقت في سنة 2002م أو حتى 2010-2011م، لذلك فإن هذا السيناريو بعيد المنال، لكنَّه محتمَل، طالما طغت المصالح الشخصية الضيّقة على المصالح الوطنية العامَّة، وطالما تراجعت دور مؤسسات المجتمع المدنيّ في التوعية والتأثير. وطالما ضعفت التنمية السياسية، فهل كوت ديفوار أمام انقسام يؤدِّي إلى قيام حركات مسلَّحة في الوسط أو الشرق أو الغرب؟ وما تأثير ذلك على مكتسبات التعايش السلمي والاستقرار السياسي والإنجازات الاقتصادية والتنموية؟
ثالثا: سيناريو الفوضى العارمة:
هذه السيناريو متشائم، وتترتب عليه نتائج تهدّد الأمن والسِّلم ليس في كوت ديفوار فحسب، بل في غرب إفريقيا قاطبة، ولها اتجاهان:
الاتجاه الأول: أن تتمكّن المعارضة من الثبات وطول النَّفَس وتحريض قواعدها على مواصلة المقاطعة والعصيان المدنيّ مصاحبةً بأعمال عنف والتحريض على المواجهات العِرْقِيَّة، خاصةً استهداف عرقية جولا والشماليين -وهي قبيلة وترا خاصة في قرى وأرياف المدن الجنوبية- في أنفسهم وممتلكاتهم، ولعل خطاب قيادات حزب وترا يوم الأحد 1 نوفمبر 2020م إلى الحكومة بوضع نهاية لأعمال العنف قد يُوحي بأن المستهدفين من أعمال العنف هم آباؤهم وإخوانهم، وقد تؤدِّي إلى فوضى ورَدّ فِعْل لا تُحْمَد عقباه، إذن ماذا عسى أن يفعل وترا وحكومته حيال ذلك؟
إما أن تتدخل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية؛ لتأمين الناس وممتلكاتهم بمهنية عالية، مع العلم أنه المدخل الأحسن تأويلًا للحفاظ على الأمن والسِّلم، وحَصْر الفوضى بقوة السلاح والقانون، غير أنه قد تُؤَوَّل وتُسَيَّس بأن تدخُّل عناصر الجيش من جولا ضد الجنوبيين فيه إثارة للفوضى العارمة، وجعل الدولة فوق صفيح ساخن.
ومصداقًا لهذا التوجُّه فقد شهدت مدينة العاصمة السياسية ياموسوكورو YAMOUSSOUKRO انفلاتًا أمنيًّا وفوضى، وإغلاق الشوارع حتى الشوارع الدولية منها، فذهب رئيس الدرك الجنرال توري إلى ياموسوكرو يوم الاثنين 2 نوفمبر 2020م، وخاطب جميع الأطراف المعنية بضبط النفس وأخذ الحذر، وأنَّ كلّ مَن تُسوِّل له نفسه إثارة الفوضى وتهديد الأمن؛ فسوف يجد جزاءً رادعًا. وقامت الشرطة بفتح الشوارع بمهنية ومسؤولية وطنية، وهو أمرٌ غير معهود في تعامل الدرك مع المواطنين في وقت الأزمات.
الاتجاه الثاني: مع إدراك أن قبيلة “جولا” قوم شُجْعان، وهم أحفاد مانسا سونجاتا كيتا، ولهم تجارب سابقة في المواجهات في العهود السابقة، وحتى قبل أن يصل وترا إلى سُدَّة الحكم، فتصور كيف يكون جأشهم حين يكون ابنهم في السلطة، إذن بإمكان الحكومة أن تقوم بتسليح بني جولا في قرى وأرياف المدن الجنوبية بطريقة غير قانونية نَأْيًا بنفسها وهروبًا من تهمة التحريض والتطهير العِرْقِيّ وانتقاد المنظمات الحقوقية، وملاحقات قضائية، بَيْدَ أنَّ هذه الطريقة تُضْعِف الدولة، كما أنها بمثابة انسلاخ من المسؤولية الوطنية في الحفاظ على الأمن والسِّلْم، وإشعال لجذوة فتنة قد تُدْخِل البلد في نفقٍ مظلمٍ. مع العلم بأنها تجربة سبَقت إليها الحكومات من قبل؛ إلا أن المسؤولية الوطنية لا تُشجِّع على الانزلاق لهذه الطريقة.
لذلك حتى اللحظة؛ فإن الحكومة أعلنت عن عمليات تأمين الانتخابات باسم “صوت الفيل LE BARRISSEMENT DE L’ELEPHANT“، ونشرت 35000 عنصر من الشرطة مُعزَّزِينَ بقوات من الجيش، غير أنَّ هذه القوات لم تَستخدم القوة إلا في حدود معينة وبطريقة مهنية، وهي خطوة مباركة تُشجّع عليها الحكومة، وهو مدخلٌ لقبول الحلول الوسط.
لذلك فإنه يبدو من خطوات المعارضة وأسلوب تصعيدها أنَّها أعدَّت العُدَّة لهذا اليوم، وتُحرِّض الجماهير على النزول إلى الشوارع باسم “التعبير عن الفرح والسعادة” في وقتٍ يخرج فيه أنصار حسن وترا إلى الشوارع للتعبير عن فوز مرشحهم، وهو أمرٌ معتادٌ، فمن يدري فقد يوجد أفراد غير منضبطين من كلا الطرفين، وقد يدخل على الخط طرف ثالث لإثارة المشكلة بين الفريقين؟ فهل المعارضة بقياداتها مستعدَّة للحفاظ على شعرة معاوية، وتحمُّل مسؤوليات خروج الناس إلى الشوارع في هذا الظرف الانتخابي؟
الخاتمة:
أُجْرِيَتْ الانتخابات الرئاسية في 31 أكتوبر 2020م، شارك فيه الإيفواريون في أجواء من الهدوء والسلام والمصداقية، وقاطعتها المعارضة، وقامت المؤسسات الدولية بمراقبتها, ومِن ثَمَّ فإن كوت ديفوار اجتماعيًّا أمام امتحان عسير لمعرفة مدى تمسُّكها بمبادئ التعايش السلميّ، وسياسيًّا في مرحلة التحوُّل الديمقراطيّ لإدراك مدَى قيمة الأمن والسلام في الاستقرار السياسي، لذلك فإن السيناريو الأول؛ وهو سيناريو السِّلْم والتسوية هو الأقل تكلفةً والأفضل حاليًا، وبالتالي فلا بد من تدخُّل الوسطاء؛ لتقريب وجهات النظر بين الفُرَقَاء، ويبدو أن إنشاء المجلس الوطني للملوك وشيوخ القبائل كان من أجل التدخُّل والوساطة في مثل هذه الأزمات.
وعلى الحكومة أن تفتح قنوات الحوار والمفاوضات، وعلى المعارضة كذلك أن تقبل الحوار بمسؤولية؛ على أن يُقدِّم كِلا الطرفين قدرًا من التنازلات، أما دعوة الناس للخروج إلى الشوارع فعلى المعارضة أن تتراجع عنها؛ حقنًا للدماء وإقامةً للحُجَّة على الحكومة. لكن بحسب المعطيات الميدانية يبدو أن الأزمة سيطول أمدها.